بعد أن انحسرت الحروب التقليدية والتي تعرف بحروب الجيلين الثاني والثالث ظهرفي نهاية القرن الماضي مفهوم جديد في الحروب وهو حروب الجيل الرابع والذي بدأ تطبيقه في بعض الدول مطلع القرن الحالي ، وهو بأختصار حرب يقودها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتدار من خارج الحدودغالباً لغرض تفكيك الدول من الداخل وعلى يد ابنائها ، وبمناسبة الحديث عن هذا النوع من الحروب فإنه وحتى تاريخ كتابة هذه الاسطر فإن كل حروب الجيل الرابع انحسرت في دول الجنوب (والتي كانت مستعمرة)، أما الدول المتقدمة والدول الاستعمارية فقد ظهر بينها صراع او حروب من نوع آخر وهو حروب التقنية (أي بسبب التقنية وتغذيها التقنية) ولعل الولايات المتحدة التي تملك كل ادوات القوة والمعرفة هي اول من تفطن لذلك ، ويمثل الصراع الامريكي الصيني حول تقنية الجيل الخامس لشبكة الاتصالات باكورة هذا النوع من الحروب او مايعرف بالعقوبات الامريكية على شركة هاواوي الصينية العملاقة وحتى قبل اطلاق هذه الخدمة ، لانه في عالمنا اليوم لم يعد الاتصال و البيانات شيئاً يذكر مقارنة بالتطبيقات وتشعبها في عالم الاتصالات ، لذلك تسعي امريكا لحرمان الصين من هذه الصناعة والتي ستدر عليها تريليونات الدولارات ، وفي المقابل فإنه هناك سبب آخر للحرب الامريكية على الصين وإن كان خفي وهو التمدد الصيني في كل قارات العالم مدعوماً باليد العاملة الصينية المهرة والرخيصة والمتسلحة بتقنيتها الوطنية المتطورة ، وبالمناسبة فمع تسارع نمو الاقتصاد الصيني مطلع التسعينات فقد تحول من اقتصاد التقليد الى اقتصاد الابداع والاختراع في السنوات الاخيرة.

بدون اي مبالغة فإن المستقبل للاتصالات والبيانات والمعرفة فمن يمتلكها سيتحكم بكثيرمن الاشياء حول العالم ، وبمناسبة الكلام عن شبكات الجيل الخامس الـ 5G  للاتصالات فانها ستتيح تطوير حالات استخدام جديدة في عدد من التقنيات منها الواقع الافتراضي VR و المعزّز و الذكاء الاصطناعي و البيانات الضخمة و إنترنت الأشياء ...الخ ، فضلاً عن دعمها لتطبيقات الثورة الصناعة الرابعة 4.0IR المتمثلة في وسائل النقل الذكية ، والموانئ الذكية ، والطابعات ثلاثية الابعاد ، والمدينة الذكية ، و الجراحة عن بعد (فلقد نجحت عملية جراحة قلب مفتوح عن بعد باستخدام تقنية 5G نجاحا باهراً )......الخ ، وبتقنية 5G سنصبح مجتمعا يتّصل فيه الاشخاص والتجهيزات (الالات) مع بعضهم البعض بشكل سلس وسرعات مذهلة تفوق بمئة مرة السرعات التي توفرها الـ4G الحالية.

فهل ستكون المعرفة هي من ستقود العالم ، ومن يمتلكها هو من سيتحكم بالعالم ؟ وهل ستكون الدول ملزمة بتغيير مناهجها الدراسية وادواتها التعليمية بما يتناسب وروح العصر؟

إخصائي اقتصاديات النقل


الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة