لا احد يشكك في وطنية الرئيس بوتفليقة وهويته العربية,فهو احد زعماء جبهة التحرير الوطني الجزائرية ترأس دبلوماسية بلاده لسنوات فكان صوتها المنادي بتحرر الشعوب من مستعمريها, وهو من اوصل عرفات الى المنظمة الاممية للتعريف بمنظمة التحرير الفلسطينية وحضر الدورة 29 للجمعية لعامة,حيث ترأس بوتفليقة عندما كان وزيرا للخارجية الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1974 حيث تخلى عن مسكنه الوظيفي بصفته رئيسا للجمعية إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات،ليكون ضيفا على الجمعية والمشاركة فيها ونقل انشغال الفلسطينيين ومعاناتهم للعالم، حيث كانت هناك إشكالية حول إقامة عرفات. 

لقد جيء بالسيد بوتفليقة الى السلطة في الوقت الحرج,انهى حالة الاقتتال الداخلي التي عرفت بالعشرية السوداء والتي اودت بحياة عشرات الالاف من ابناء الشعب,وأنهكت اقتصاد البلاد,عمل على اصلاح ما امكن وهيأ الظروف الملائمة لإجراء مصالحات وطنية,فاستتب الامن.

الشعب الجزائري قد انتخب رئيسه لأربع دورات متتالية,المنافسون له لم يحظوا بثقة الشعب التي تؤهلهم لقيادة البلاد,لذلك نرى العديد من المترشحين للرئاسة,قد انسحبوا من السباق لإدراكهم التام بشعبية الرئيس.

الحالة الصحية للرئيس اقعدته عن القيام بعمله على اكمل وجه خلال الفترة الرابعة,ونجزم يقينا بان السيد الرئيس زاهد في السلطة,راغب عنها,ربما ارتأى مستشاريه انه من الافضل اعادة ترشيحه لحفظ البلد من التقلبات الجذرية التي تعصف بالمنطقة ,فهو ولا شك رمز الامة واحد مجاهديها,والحالة هذه لابد وان تكون هناك اخطاء ارتكبت بحق الوطن في الشأن الاقتصادي وانتشار الفساد وارتفاع الاسعار ,حيث جاوز التضخم 7%,مضيفا اعدادا جديدة الى شريحة الفقراء,اكثر من ربع السكان يعيشون تحت خط الفقر ويشكل النفط والغاز اكثر من ثلاثة اربع الايرادات,بمعنى ان الحكومات المتعاقبة لم تساهم في ايجاد موارد بديلة.

التحرك الشعبي في الجزائر بغض النظر عما اذا كانت احزاب المعارضة قد ساهمت في تجييشه,ام انه تحرك عفوي,رافضا لاستمرار الفساد المستشري في كافة قطاعات الدولة,مشككا في قدرة الرئيس على ادارة امور البلد وسط خضم التغيرات التي تشهدها المنطقة,موجها رسائل الى المحيطين بالرئيس,الحاكمين بإسمه,الذين افلحوا في التستر على مدى اربع سنوات(دورة رئاسية),بأنه قد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى,وان على هؤلاء مصارحة الجماهير,وتقديم برامجهم الانتخابية لتقول الجماهير كلمتها عبر صناديق الاقتراع.

لم يعد هناك بد من تلبية الرئاسة مطالب المحتجين بعدم الترشح,لكن الانتخابات التي تم تأجيلها الى اجل غير مسمى,ستكون رهنا بمدى جدية الاطراف المختلفة من خلال المؤتمر الجامع!, لتهيئة الظروف بشان إجراء انتخابات حرة ونزيهة,وتأسيس الجمهورية الثانية بعد الاستقلال.

لاشك ان الاسلام السياسي الذي تولى السلطة في كل من ليبيا ومصر وتونس قد اعطى صورة جد سيئة عن ادارتهم لمقاليد الامور من حيث تبذير المال العام واسلمة المؤسسات,ما جعل الاحزاب المعارضة في الجزائر التي هي بمجملها اسلامية,متقوقعة على نفسها,تتحسس الفشل في تحركاتها,تخشى نفس المصير,فالناخب الجزائري يرى بأم عينه ما يحدث في دول الجوار التي ابتليت بالربيع العربي وبالأخص ليبيا,ولن يبصم للتيار الاسلامي ,فقد عض على اصابعه ندما على ما ارتكبه في الانتخابات التي ادت الى العشرية الاليمة,واستخدام الاسلام السياسي العنف المسلح.

الشرفاء الغيورون على الوطن لا يرغبون في تكرار ما حصل,لكن تظل هناك اطراف خارجية تسعى بكل ما اوتيت من خبث سياسي,الى زعزعة امن واستقرار البلد,نتمنى ألا تكون هناك اطراف محلية تستخدم كمطية لتدمير البلد ونهب خيراته وتفاقم ازماته ورهنه لمن استعمروه لما يربو على قرن من الزمن,ومن ثم التنكر لدماء شهداء الاستقلال.

يبقى الجيش الوطني المدافع عن حدود الوطن,والحارس الامين لمقدرات الشعب,ولن يسمح بانزلاق البلد الى الهاوية وسيكون بالمرصاد لكل العابثين,العاملين لحساب انفسهم المنفذين للأجندات الخارجية.حفظ الله الجزائر من كل سوء.