لم يكن من حظ كحظ الضبع التركي الجائع أن تأتيه نعجة عجفاء ليبية  لكي ينصرها من كبش ليبي كان الأولى بالنعجة التفاهم مع كبشها وحصر الصراع بينهما لتجد هذه النعجة العجفاء نفسها بين أنياب الضبع التركي فهى عجفاء هزيلة فلن تستطيع مقاومة فكي الضبع التركي أو مقاومة لهيب جوع الضبع التركي .

هرع حكام طرابلس هروع اللهفان الظمآن إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد أن بدأ جيش الكرامة يضيق الخناق على سلطاتهم في جنوب طرابلس والذي زحف من شرق ليبيا لتسوية الأوضاع المعقدة السائدة في ليبيا وأما كان لهم أن يصلحوا حال البلاد والعباد حتى لايزحف عليهم جيش الكرامة وحتى يتداركوا أي احتلال وشيك لليبيا من تركيا ومن غيرها .. عجبا لهكذا عقول ولهكذا تفكير ، وقد استطاع الرئيس التركي استغلال لهفة حكام طرابلس استغلال الطامع الجشع وقبل أن يأويهم في أمان تركيا بمنحهم التغطية العسكرية التركية قام بتوريطهم بمذكرة تفاهم تمنح السيادة البحرية لتركيا في شرق البحر المتوسط عبر توقيع حكام طرابلس على مذكرة ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا مما يمنح الحق لتركيا في استغلال ثروات شرق البحر المتوسط وكان مقابل هذه المذكرة البحرية مذكرة تفاهم أخرى تمنح فيها تركيا مساعدات أمنية وعسكرية لليبيا وفي عمقها الحقيقي هو تدخل عسكري تركي في ليبيا بدأ بإرسال جنود أتراك ومقاتلين سوريين موالين لتركيا وهى مذكرة فيها دهاء قد تبدو في ظاهرها أنها تعاون أمني وعسكري ومساعدات ممنوحة لليبيا ولكنها في الحقيقة هى شرعنة للتدخل التركي في ليبيا وبذلك استطاع الضبع التركي الفوز بمناطق سيادة في البحر المتوسط واستطاع شرعنة تدخله في ليبيا بمذكرة تفاهم يبدو في ظاهرها أنها تعاون عسكري وأمني وكانت البداية التى منحت فيها ليبيا كل شيء وماقدمت تركيا شيء بل فازت بكل شيء فخرجت الضباع التركية بأساطيلها البحرية على منطقة السيادة البحرية الممنوحة لها من ليبيا لترفع عويلها على بلدان شرق البحر المتوسط وبدأت السلطات التركية بعرض معداتها العسكرية على حكام طرابلس ليس على سبيل الهبة والمساعدات أو التعاون بل على سبيل بيع وشراء فبدأت بكب معداتها العسكرية ولايملك حكام طرابلس إلا شراء الأسلحة التركية من الأموال العامة  في بلد مدمر ولم ينجز فيه أي إنجاز من سنة 2011 م وأمام أنظار  شعب انحدر خلال سنوات فبراير إلى حالة دنيا من الفقر وحرم من أغلب الخدمات التى يتمتع بها شعوب أدنى بلدان العالم . 

ولم تكتف تركيا بذلك بل حركت عملاء لها من قادة فبراير ذوي التوجهات الإسلامية وغير الإسلامية  في الداخل الليبي والخارج لحث حكومة طرابلس  على منح منافع اقتصادية لتركيا في التعاقد مع مختلف شركاتها ومصانعها وحدث هذا المنح بالفعل مما بدأ فعلا إحكاما لتبعية ليبيا لتركيا اقتصاديا وعسكريا . 

لم تكتف تركيا بإرسال مقاتلين سوريين موالين لها بعدد محسوب لمواجهة جيش الكرامة بل نقلت إلى ليبيا أعدادا كبيرة تجاوز مايمكن أن تواجه به جيش الكرامة وقد بلغت أعداد المقاتلين السوريين في حدود عشرة آلاف مقاتل بما يبدو واضحا أن حشد هذا العدد الكبير من القتلة المأجورين حتى يكون لها ثقلا عسكريا في ليبيا تحكم به سيطرتها وليس لمواجهة جيش الكرامة الذي لايحتاج لكل هذه الأعداد وبدأت قطع بحرية من الأسطول البحري التركي تمخر عباب المياه الإقليمية الليبية وترسو في بعض الموانئ الليبية بما بدأ فعليا بروزا للسيادة التركية على المياه الليبية ولا سيادة لليبيا على مياهها بسبب ضعف وهشاشة حكومتي الشرق والغرب .  

هذه الخطوات التركية هى بداية لاحتلال وشيك لليبيا ولم يبق له إلا خطوات أخرى ليتمم احتلاله لليبيا ومن هذه الخطوات إذا استدرجت تركيا حكومة طرابلس لمنحها قواعد جوية ومرجح أن تمنحها قواعد جوية ومنها قاعدة الوطية الجوية في غرب ليبيا فلاتملك حكومة طرابلس إلا أن تمنح حتى تمنح ليبيا كاملة . 

لقد بات واضحا في الشهور الأخيرة أن الواجهة السياسية لليبيا تتصدرها تركيا أمام بلدان وحكومات العالم وما حال الحكومتين في شرق وغرب ليبيا إلا صورتين فارغتين من أي محتوى وظيفي حكومي حيث أن أغلب حكومات العالم ورؤساء الدول بدأوا بالتعامل فعليا مع تركيا فيما يتعلق بالشأن الليبي وأمر ذلك معلن إخباريا وإعلاميا وسياسيا وقد عرف عن الرئيس الأمريكي أنه يتصل بالرئيس التركي فيما يتعلق بالشأن الليبي ولايتصل بحكومة الغرب أو حكومة الشرق وكأن الرئيس التركي هو الرئيس الفعلي لليبيا والذي بدأ فعليا في تحقيق طموحه بإعادة النفوذ العثماني ووجده متاحا براحا في ليبيا التى يحكمها ساسة ضعفاء تحولوا إلى عملاء بقصد أو دون قصد وبما يبدو أنه عن جهالة وغفلة بتقديم بلادهم على طبق من ذهب وماكان للجهلة والغافلين أن يديروا بلدانا ولكنها الفوضى التى تسمح بالقفز على إعناق البلدان لأي من كان ، الأمر في النهاية بيد الشعب الليبي أما أن ينهض لإنقاذ بلاده من الضباع ومن عملاء الضباع أو يترك بلاده فريسة للضباع ويكون هو معها فريسة .


محمد علي المبروك خلف الله 

[email protected]

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة