فتتحت أول قنصلية  لدولة الوليدة المسماة (الولايات المتحدة الأمريكية) سنة 1799م بطرابلس ،كنتيجة طبيعية لمعاهدة صداقة وسلام بين الولايات المتحدة وليبيا سنة 1796م .
ومن بنود المعاهدة أن القنصلية الأمريكية عليها مراجعة واستخلاص الرسوم المالية لقاء مرور السفن الامريكية من بحر ليبيا العالي .
في ظل حكم يوسف باشا القرملي والدهاء في إدارة المصالح الليبية بين أساطير البحر الفرنسيين والانجليز وعدم اغضاب الباب العالي وأسرة بني عثمان ، فقد كان باب الآستانة ينظر الى ليبيا الحلقة الاقوى في البحر ويجب استغلالها لوقف زحف نابليون بونابرت ووضع حداً لما يفعله في مصر وتدنيسه للأزهر الشريف ، فلم يكن التحرك من الباب العالي اقرباً إليهم من الطلب من باشا طرابلس بإرسال القوات والجنود والوقوف الى جانب الأزهر الشريف .
لم يسير نابليون الى شواطئ مصر بقواته إلا بعد أن ألقى المال للباشا يوسف  نظير المرور كما ألقى التحية الفخر لاهالي درنة...
قرب الفرنسيين من والي طرابلس أغضب الإنجليز فكانت عروض السلام والصداقة ترسل دائماً الى  والي بحر ليبيا .

الصراع بين الكبار يدور داخل السرايا الحمراء هناك بعيداً عن غرور البلد الرابع الذي يريد ان يكبر سريعاً ....يجاهد قنصل الأمريكي  بأن تكون بلاده أمام التاريخ الكبير والمجيد لهذه الدولة المسماة ليبيا وانه في هذه اللحظة يقف الند للند لها ......يغضب باشا طرابلس ويردد من هذه التي تريد ان تقف امام تاريخ ليبيا وهل تاريخ أمريكيا يشفع لها ان تقف أمام تاريخ مالطا هذه الصخرة التي عندما غضبت ليبيا أنجبتها وألقتها في البحر عقاباً لها ويوماً ما ستكون هذه الصخرة دولة او تختفي عندما تريد شواطئ طرابلس هذا!

لم يشعر جفرسون الرئيس الامريكي الجديد بهذا العار وطلب التفاوض بعد أن قطع ارسال الاموال الى طرابلس ....أرسل والي طرابلس الانذار الاول فمن لم يدفع الجزية فقد تمرد على بحر ليبيا العالي  ،وكانت الخطوة التالية  إنزال العلم من على القنصلية الأمريكية بطرابلس  .

صرح جفرسون حان الان ان نعلن اننا كبار مع بني عثمان وفرنسا والإنجليز فالحرب مع   باشا طرابلس سيجعل منا كذلك .
إرسال أقوى السفن وعلى رأسهم السفينة((فيلادلفيا)) ذات الأربعين مدفعاً و300 جندي كفيل بان نعلن الحرب بين الأقوياء بعيداً عن تاريخ البلدين ....
ولكن سرعة بحر ليبيا في أسر فلادلفيا وكسر أنف الأمريكان على شواطئ طرابلس جعل من رفع علم السفينة فوق السرايا الحمراء درسا كبير وفخراً لأمريكا وطرابلس فكان النشيد الامريكي من ((مونترو إلى شواطئ طرابلس ))وكأنّ العالم ينتهي بنسبة لأمريكا عند طرابلس .

هذا الفخر مازال يمتد في الذهن الأمريكي إلى هذا الْيَوْمَ ،لا يريد عزل أو قهر هذا الشعب العنيد الذي لايقهر ولايقف عن تقديم التضحيات ، يحترم تاريخه بقوة ويقرأ كل معانيه اكثر من قراءة الليبيون أنفسهم .
تقف وسط الساحة لتنظر الى منصة الغناء والرقص والاحتفالات الرسمية  وهناك من ينظر الى اعلى من المنصة حتى يشاهد الاعلام ترفرف والاخرون يشاهدون الى عليا السرايا الحمراء يَرَوْن التاريخ أكبر من مجرد احتفال ممزوج بالرقص والغناء.

كاتب ليبي

[email protected]

الاارء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة