.

     سأمرر ما سأطرحه في هذا التناول . من خلال مفردة فزان . احد الركائز الجغرافية الثلاثة . التى ينهض عليها بنيان الوطن الليبي . وهى ايضا , الفضاء الجغرافى الاجتماعي . الذى ومن خلال ابجدية معاناته . اتهجى قراءاتي للواقع الليبي المأزُم .   . وليس في هذا انكفأ على الجهوية . بقدر ما هو ذهاب وتوجّه . نحو اعطاء بُعْد معنوى للجغرافية للمكان . الذى ارى في تغّيبه وغيابه . احد العوامل الاساسية . التى دفعة بالبلاد . الى هذا المنزلق الكارثي . الذى يلوح في ظهور علامات لتصدّع وشروخ . تطال مفردة الوطن . قد  تنتهى به الى التداعي والانهيار والتلاشي من الوجود . من خلال تغّيب وغياب . احد ركائزه الجغرافية . التى ينهض بنيانه على ثلاثتها . 

    فهل تغيب فزان وغيابها عن داخل المشهد الليبي . خلال السنين الخمسة الماضية ؟ . جاء نتيجة لوأد مفردة الوطن . وشطبها من داخل القاموس الثقافى الليبي . لهذا الاقليم  عبر عملية ممنهجه دامت على امتداد العقود الماضية . ثمّ خلالها طمر مفهوم مفردة الوطن . تحت ركام هائل من الوافدين . الذين جيئى بجلّهم . من اقاليم جنوب الصحراء . وقد كانوا هؤلاء نتاج جغرافيات ثقافية بعيدة عن ليبيا . اجتهدت تلك العقود المنصرمة . في تمّكنهم بدعم مادى معنوى . لتكون كلمتهم العليا  . بلسانهم ويدهم  ومخّزون الثقافى الدخيل . بالجنوب الليبيى  . 

   ولكن هل جاء تغيب فزان وغيابها خلال السنين الخمسة الماضية . نتيجة لتمكين هؤلاء من جل المقاعد والمواقع . والتى تتيح لمن تكون تحت يده . ان يختصر فزان في شخصه .فى تفاعله  في مداخلاته  في توجهاته الماقبلوطنية . لتنسحب فزان وبكل هذا . الى هامش واطراف المشهد . وبغيابها تتراجع مفردة الوطن وتنكمش عن داخل المشهد الليبي . لتغيب بغياب احد ركائزه الجغرافية الثلاث ؟ . 

    ولكن ايضا . هل جاء هذا التغيب . لخلق البيئة المناسبة .  لثنائية الحرب شرق البلاد غربها . والتى - في تقديرى- جاء مؤتمر الصخيرات وعرّابه . للاشتغال عليها . من خلال مخرجاته . الرئاسى . الأعلاء . النواب . وكانت اداته الرئيسية - الحرب - للوصول الى غايته . في الباس الجغرافية الليبية . مفهوم جديد بعيد عن مفردة الوطن . وان عجز وفشل في ذلك . فلا مانع . ان ذهب الوطن نحو التشظي والانقسام . وللتشظي وجوه عديدة . 

   وبوجه اخر . هل تغيب وغياب فزان عن داخل المشهد . خلال السنين الخمسة الماضية . يرجع الى غياب نخب الجنوب . نخب الشاطى . اوبارى . البوانيس . مرزق , سبها . عن الفعّل والتفاعل مع التأزم الليبي على نحو منتج . يؤهل نخب هذه الجغرافيات المحلية . التى احتضنت رجالات استقلال 1952 م بفزان . من الحضور وبقوة داخل المشهد . وبحضورها  يحضر الوطن بكامل مفرداته الجغرافية .  فيتراجع هذا الشطط والعبث  . الذين يتناوبان على البلاد . 

   ام ان تغيب فزان وغيابها . يرجع الى عجز الامتدادات الاجتماعية . لنخب استقلال 52 م بفزان  . عن ان تكون حاضنة لتلك الجدوة الوطنية . وتجتهد وتعمل على تجديرها في داخل مجتمعاتها المحلية . حتى يشّتد عودها  . فيصعب بذلك . اقتلاعها من تربة جغرافية مجتمعاتها المحلية . 

   امْ ان تكاثف وتساند هذه الاسباب جميعها . جعل من اقليم فزان (كعب آخيل) الوطن . وفى الوقت نفسه . كانت وفي مجّملها النبال . التى استهدفت الوطن في مقّتله . 

   وفى الخاتمة . كنت احاول القول . من خلال هذه الاستفهامات  .  بان تغيب فزان وغيابها عن داخل المشهد الليبي . هو واقع حال كابدته وتكابده فزان . في غياب ضروريات الحياة اليومية  . طاقة . ماء . خبز . كهرباء . الخ . وفى تغيبها وغيابها كان - في تقديرى - يكمن العامل الجوهرى . للذى يعصف بالبلاد . فلا مخرج للبلاد من تأزمها . بدون العمل والاجتهاد . على اعادة تموّضع فزان . كمفردة اساسية داخل المشهد الليبي . ففى ذلك استدراج  لمفردة الوطن الى داخل المشهد المتأزم . من خلال اكتمال المفردات الجغرافية الثلاث . التى تنهض عليها ليبيا . فيُعاد صياغة  المشهد بكل ابعاده . بما يتوافق مع مفردة الوطن . ويُسّتبعد ما سواها . فتتراجع عملية اعادة تدوير وانتاج . هذه الاجسام التى جرّت البلاد الى هذا الخراب . عبر السنين الخمسة الماضية . وتُجهض ثنائية الحرب شرق البلاد غربها . فيتوقف نزيف الدم وفقّد الارواح واشاعة ثقافة الفثحش . 

 ولكن - في تقديرى- يستحيل تحقق هذا . الا من خلال اختيار ممثلي فزان من داخل مجتمعاتها المحلية الواسعة . الشاطى . اوبارى . البوانيس . مرزق . سبها . ليكونوا هم لا سواهم . مندوبى فزان داخل المشهد الليبيى المتأزم . في حلّه وترّحاله في التأماته ومُلتقياته . وفى تقديرى . ان كل خطوة تبّتعد بالتعاطى مع التأزم الليبيى . عن ما تناولته في وجهه الجنوبى . هو لا يزيد في شيئ . عن محاولة  لإعادة تدوير وانتاج للسنين الخمسة الماضية . بكل ما قال عنها الدكتور سلامة . المندوب الاممى السابق بليبيا .    

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة