سبع سنوات من الحكم المستبد الذي فاق كل تصور,تارة باسم (المدن المنتصرة-الشرعية الثورية)وتارة أخرى باسم ميليشيات خارجة عن القانون تتخذ من الدين ذريعة لتطبيق شرع الله,وثالثة باسم ميليشيات إجرامية ليس لها مرجعية دينية او سياسية,والنتيجة هي تدمير البلد اقتصاديا واجتماعيا,والتحكم في خيراته وإهدار الأموال الباهظة ما جعل المواطن يفتقر الى ابسط ضروريات الحياة. 

لقد استطاع الجيش تنظيم صفوفه ومحاربة الإرهاب في عقر داره (بنغازي),وتحررت المدينة وكامل المنطقة الشرقية رغم المدد(المادي والبشري)اللا متناهي من قبل المسيطرين على العاصمة وماحولها بإرسال الجرافات,تدعمهم في ذلك تركيا وقد ضبطت بالجرم المشهود في اكثر من مناسبة,بينما اكتفت قطر بالدعم المالي والمشورة. 

تحرير الجنوب الليبي الذي اصبح قاب قوسين او ادنى,وترحيب كافة أطياف المجتمع به,افزع اخوان ليبيا وأسيادهم القطريين,فتم استدعائهم على عجل الى الدوحة لتدارك الموقف,فالأمور يبدو انها خرجت عن سيطرتهم,اصبحوا كاليتامى يستجدون عطف من يعتقدون انه قادر على ذلك,وأضحوا شبه متيقنين من افول نجمهم الذي بزغ بفعل الشحن الخارجي,فالتوصيلات الرديئة تآكلت واهترأت,إضافة الى غياب البيئة الحاضنة لهم بفعل جرائمهم المتعددة.

المؤكد ان الدول الغربية التي نصبت الرئاسي ودعمته بكل الوسائل الممكنة قد ادركت عدم قدرته على ادارة شؤون البلاد وارتهانه لميلشيات العاصمة ما زاد في معاناة المواطن,تريد حلحلة الأمور وإنهاء الفترة الانتقالية التي طال امدها,يبدو انه قد حان الوقت للاستفادة من إيرادات النفط والغاز وإبرام اتفاقيات لإعادة الاعمار واستكمال المشاريع المتوقفة والتي تقدر بمئات المليارات,وقد لا تستطيع خزينة الدولة الليبية تحمل هذه التكاليف بفعل تدهور أسعار النفط,ما يجعل الالتجاء الى الإقراض من الخارج(صندوق النقد والبنك الدوليين)امرا ضروريا, وذاك احد اهداف الغرب لإحكام السيطرة على اقتصاديات الدول النامية وربما لعقود من الزمن. 

رعاة اجتماع أبو ظبي يؤكدون اعترافهم الصريح بدور الجيش في محاربة الإرهاب وتامين منابع النفط وموانئ تصديره,وفشل الرئاسي الذريع في القيام بأي عمل خيّر.لقد انتزع الجيش اعتراف الدول به بفعل تضحياته الجسام رغم قلة امكانياته,والترحيب به وحفاوة الاستقبال من قبل جماهير المناطق التي دخلها محررا لا غازيا.اجتماع أبو ظبي يقر بإشراك القيادة العامة في إدارة شؤون البلاد السياسية والأمنية لما ابدته القيادة من حنكة وحسن تدبير.

كنا نتمنى ان تنتهي الفترة الانتقالية منذ سنوات,فالمجتمع الليبي شبه متجانس,والأحزاب السياسية قد جرمت بفعل القانون منذ استقلال البلاد,فيوضع القطار على السكة,لتستقيم الأمور ويسعد المواطن بخيرات بلاده,وينعم بالأمن والاستقرار,ولكن ما بالبيد حيلة,ابتلينا بعباد الكراسي,المنفذين للأجندات الخارجية,الساعين الى اهدار المال العام,المتلذذين بمآسي الاخرين, الممعنين في احتقار بني جلدتهم,ما يجعلنا نتحفظ على انتمائهم الى الوطن,فهؤلاء لا وطن لهم,وأفعالهم الاجرامية,تضعهم في مرتبة ادنى أنواع البشر.

الحديث عن حرية الرأي والتعبير تظل حبرا على ورق في بلد تتحكم الميليشيات في مصيره, وما قيام مسلحين الجمعة(اول مارس 2019)في العاصمة بتفريق مسيرة سلمية قليلة العدد,مؤيدة للجيش إلا دليلا على مصادرتها لآراء الاخرين,وأنها لا تريد بناء دولة مدنية ولكن الميليشيات لن يطول بها المقام فإما الاندماج في المؤسسات الأمنية والعسكرية وإما القاء السلاح والاتجاه نحو العمل المدني.

المؤكد ان الانتخابات لن تجرى  في القريب العاجل وفي احسن الظروف نهاية العام,ورغم ذلك يظل هناك امل في نهاية النفق مع   يقيننا الذي لا يقبل الشك بان هناك دولا تسعى وبكل جهدها الى إطالة امد الازمة لتحقيق مصالحها,وابقائها ساحة صراع لنفوذهم,ولكن وبفعل الشرفاء من أبناء الوطن سيتم التغلب على كل الصعاب مهما بلغت التضحيات.

كاتب و شاعر ليبي