سألت سائق التاكسي ما إسمك ؟ فأجابني : إسمي  مبارك إن شاء الله 

سألته : هل أنت متزوج ؟ فردّ عليّ : متزوّج إن شاء الله 

قلت له : هل لك أولاد، فقال : لي ولدان وبنت إن شاء الله 

حاولت أن أجادله بالتي هي أحسن ، وقلت له يا أخ  مبارك يفترض أن تقول إن شاء الله للطلب والتمني ،ولكن في حالتك قدّر الله وما شاء فعل ، وقد تزوجت بمشيئة الله وأنجبت ، ويفضلّ أن تقول أنك متزوج بحمد الله ، فقل لي : لقد فهمت كلامك إن شاء الله ، وسأعمل به بحمد الله 

ومن يتابع مواقع التواصل الإجتماعي والأشرطة الدوارة الخاصة برسائل المشاهدين على قنوات « منكر من نكير » من جهة و« هشّك بشّك » من جهة أخرى سيرى أن « إن شاء الله » تحوّلت الى « إنشاء الله » فتحولت المشيئة الى منشأة ،، بفعل حالة  من الجهل المستشري التي تدّعي فهم النص الديني من خارج الوعي بمفردات اللغة ، ما يجعلني أستغرب وأسأل نفسي : كيف لمن لا يفرّق بين المشيئة والإنشاء والمنشأة أن يتعمق في الدين ويتحدث عن الحلال والحرام ويفتي بالكفر والإيمان ، ويستشهد بالقرآن والسنّة 

خلال الأعوام الماضية سيطرت على عامّة الأمّة حالة من التكرار الببغائي للمفردات دون فهم  بسبب سيطرة وسائل الإعلام الموجهة وخطب الدعاة على البسطاء من القوم ، ومنذ أيام سمعت في قناة تليفزيونية مصرية أكثر من رجل وأمرأة يتحدثون عن جرائم الإخوان ، وفوجئت بهم يقولون « حزب الله ونعم الوكيل » بدل « حسبي الله ونعم الوكيل » 

ولم أستغرب ذلك ، فقبل « الربيع العربي » والأزمة السورية كان هناك من يرى أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني هو المذكور بالإسم في سورة الفتح ، ووصل بأحد الأمر بأحد رجال الدين الى القول أن « من يريد أن يعرف ملامح الملائكة يمكنه ذلك من خلال التأمل في ملامح نصر الله » 

ومن الكلمات التي باتت تؤرق أغلب الناس ، كلمة « الجهاد» ومعها « الجهادي » التي تطلق على كل من قتل وفجّر وذبح وأرهب الآمنين ، ولم نعد نعرف ماهو الجهاد أصلا ، ولمّا إختلط الجهاد بالأرهاب بات البعض ينعت من يسمون أنفسهم جهاديين بالإرهابيين ، فإبتهج الإرهابيون وقالوا : وأننا أرهابيون فعلا ، نرهب عدو الله وعدونا ، كما ورد في القرأن الكريم 

وعندما يقتل الإرهابيون الأمنين من المواطنين ،أو من يحافظون على الأمن من رجال الأمن والشرطة ، ستجد كل القنوات الفضائية والصحف تتحدث عن « سقوط قتلى من المدنيين » أو « من العسكريين والأمنيين » في حين إذا قتل الإسرائيلون جهاديا ، ستجد وسائل الإعلام ذاتها تتحدث عن « سقوط شهيد فلسطيني » ،فالفلسطيني مهما كان وضعه وموقعه هو شهيد بصورة آلية ، أما العربي أو المسلم غير الفلسطيني و حيثما كان فهو قتيل ولا يقال له شهيد حتى وإن قتل في محراب مسجد وهو ينادي للصلاة و المحبة  ، وأمّا الإرهابي فهو على الأقل شهيد عند داعميه ومسانديه ومن يعدون له حفل زفافه على حور العين ،،، أن شاء الله