بعيداً عن العاصمة تونس بمسافة 520 كلم في اتجاه جنوب خليج قابس ، تقع جزيرة جربة كبرى جزر السواحل التونسية، الناعمة بدفء شمسها الطالعة على امتداد 330 يوماً في العام، والتي ارتبطت بأساطير الإنسان الأولى إذ تقول إحداها إن البطل الإغريقي أوليس اكتشف الجزيرة المتظللة بسعف النخيل الممتد على طول الساحل، وما إن ذاق ورفاقه ثمار اللوتس . . . حتى غمرتهم سعادة النسيان فاستقروا في الجزيرة رافضين الرحيل عنها.

وفي جربة يمكن للزائر أن يكتشف الفصل الخامس كما قال أحد الكتاب الفرنسيين، وهو الفصل الذي يجمع بين كفيه العابرين تحت خيمته ويضفي على المكان سحر الزمان وهو الفصل الذي شكل المانع الطبيعي للجزيرة ضد كل ما يعكر صفو أيامها وعذوبة مفاتنها.
تتميز جربة، إضافة إلى طابعها العمراني الفريد وإرثها التاريخي الخالد، وسحرها الطبيعي، بما يمكن تسميته بالتسامح المتوسطي، وللاندماج بين الأديان والمذاهب والأعراق، حيث يحافظ سكانها الأصليون من ذوي الجذور الأمازيغية (البربرية) على عاداتهم وتقاليدهم، وهم مسلمون، ينتمون إلى المذهب الأباضي في غالبهم، تزاوجوا مع العرب فتعربوا، كما اختلطت الأنساب الأخرى سواء كانت أفريقية (زنجية) أو أوروبية في بوتقة الانتماء الواحد لتبدو جربة على ماهي عليه اليوم، مدينة للاندماج الإنساني تستقطب مئات الاَلاف سنوياً، من السياح القادمين من مشارق الأرض ومغاربها.
إلى ذلك، توجد طائفة يهودية تونسية تعيش في الجزيرة منذ عشرات القرون، تمتلك إرثاً تاريخياً متميزاً، فهي وارثة أقدم كنيس يهودي خارج أرض فلسطين، ووارثة أقدم نسخة من التوراة في العالم.
(الغريبة) قبلة يهود العالم

اسمها (الغريبة)، وهي قبلة ليهود العالم، تلك هي القلعة المحصنة بسرها التوراتي المشحون بعبق الأزمنة، يقول عنها حاخامها الأكبر (عندما غادر اليهود القدس حملوا معهم بعضاً من حجارة هيكل سليمان وبنوا معبدهم هنا، كانت رحلتهم طويلة ومرهقة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أن انفتحت أمامهم أبواب المستحيل بوصولهم إلى شاطىء بكر، فارتموا على رماله الصفراء النقية، وبدأوا في اكتشاف مأواهم الجديد) كان ذلك سنة 580 قبل الميلاد، عندما كانت جحافل الإمبراطور نبوخذ نصر تدك مدينة القدس وتسبي اليهود لتعود بهم مقيدين إلى بابل. ثم أصبحت الجزيرة مقصد طوائف يهودية أخرى بعضها قادم من الشرق والبعض الاَخر من الغرب، يتكلمون فيما بينهم لغة عبرية قديمة، وفي محلاتهم وداخل مؤسسة المجتمع يتحدثون بلغة عربية دارجة مصحوبة بلكنتهم الخاصة التي تبقى وحدها مفتاح التمايز بين العرب/العرب والعرب اليهود في الجزيرة الخضراء.
عيد سنوي. . ومجمع للحاخامات

 في أواسط مايو من كل عام، يحج الاَلاف من اليهود القادمين من مختلف أرجاء العالم، إلى ((الغريبة)) ليقضوا أياماً في أداء مناسكهم الدينية يختمونها بليلة الحج الكبيرة التي عادة ماتكون حفلا فنياً بهيجاً يؤدي فيه الفنانون أغاني شعبية من الفولكلور اليهودي في المنطقة. وفي هذه المناسبة يتعرف الحجيج إلى بعضهم فيقومون بإعلان الخطوبات والوصايا وجمع التبرعات لأبناء الطائفة من المحتاجين حتى لا يكاد يكون بينهم محتاج واحد. وأغلب زوار ((الغريبة)) من اليهود العرب وخاصة من ذوي الجذور التونسية والليبية والمغربية والجزائرية الذين يقيمون في بلدان أمريكا وأوروبا (وخاصة فرنسا) وكثيراً ما تأتي رسائل حزينة باكية من أفراد المجموعات اليهودية المغاربية والعربية التي وقع التغرير بها في عقود ماضية فسافرت إلى فلسطين المحتلة لتقيم داخل إسرائيل. والتي ظلت تشتاق الى معبد(الغريبة). . ذلك الفضاء المهيب عند أهله، بقاعته الفسيحة المزخرفة بشتى أنواع التزويق والفوانيس ، وبمجمع الحاخامات والشيوخ وهم يرددون فقرات من التوراة في نسخته الموسمية الأولى على امتداد ساعات اليوم، وبطقوس الدخول إلى المعبد حيث لا يسمح بالدخول إلى (بيت المنارة) إلا لمن وضع خرقة قماش على رأسه وخلع حذاءه. . . وهزته قشعريرة الانتماء إلى سر المكان وقدسيته.
قبعة داود على رؤوسهم

يقطن يهود جربة في مناطقهم الخاصة حيث (الحارة الكبيرة) و(الحارة الصغيرة) ليس بسبب التفرقة، وإنما حفاظا منهم على خصوصياتهم الثقافية والحضارية والاجتماعية، وهو شأن معمول به لدى كل الأقليات العرقية أو الدينية في العالم.
ومن يدخل جربة لأول مرة يسهل عليه تمييز اليهود سواء بواسطة لكنتهم الخاصة، أو من خلال عاداتهم وتقاليدهم الموروثة مثل وضع قبعة داود على الرأس ، إضافة إلى اعتمادهم اللون الأسود في ملابسهم وخاصة في الطرف الأسفل من السروال، في حين ترتدي اليهوديات اللباس الشرقي، وتحافظ الأمهات والجدات على علاقة وثيقة بالأزياء التقليدية المطرزة وبالحلي التونسية الأصيلة.
ويحتفظ اليهود في جربة بعدة أساطير وقصص وحكايات مازالت في حاجة للدراسة والبحث والاستقراء.
أعياد يهودية

 أعياد اليهود كثيرة ومتنوعة، حيث لا يكاد يمر شهر واحد من دون أن يحتفلوا بعيد أو مناسبة في طقوس خاصة عادة ما تستمر طويلاً، ومن ذلك عيد رأس السنة (دروش العام) وعيد الغفران(كيبور) وعيد الصمت (العشايش ) و (حنوكان) (القنديل) وعيد الفصح وغيرها من المناسبات التي يمتنعون فيها عن العمل فلا يتعاطون البيع والشراء، وفي أغلب هذه الأعياد يصومون عن الأطعمة، ويتجنبون التدخين عند صيام (كيبور) ويمكنهم التدخين عند صيام عيد (حزن الجدود) الذي ينقطعون فيه عن الأكل والشراب لمدة 24 ساعة متتالية.
كما يحتفل يهود جربة ببعض الأعياد المرتبطة بأصناف من الطعام مثل عيد التمر وعيد الدجاج وعيد الفطير.
لا زفاف إلا يوم الأربعاء

الزفاف عند اليهود مهرجان متكامل يستمر 12 يوماً، لكن أبرز سمة لديهم هي أن الدخلة لاتتم إلا يوم الأربعاء، وتنطلق احتفالات الزواج قبل تسعة أيام من الدخلة وتستمر إلى السبت الذي يليها. . .
في مساء الخميس وليلة الأحد تقام سهرات في منزل أهل العروس ، وللعريس الحق في إقامة حفلة موسيقية في بيته ليلة الثلاثاء، وفي يوم الأربعاء يتم نقل العروس إلى بيت زوجها، وبعد القيام بالمناسك الدينية الضرورية يقدم الزوج لزوجته (الخاتومة) أو الخاتم الذي عادة ما يكون من الذهب أو الفضة، كما يحتفل الأهل قبل الزفاف بيوم (التطريفة) وهي عادة يشتركون فيها مع مسلمي الجزيرة، وتتمثل في وضع الحناء باطراف اليد والأصابع. ومن عادات الزفاف طهي (الكسكسي) بكميات كبيرة، ووضع قصاع منه تسمى (تصبني) مغمورة بلحم الخرفان تحت أشجار الزيتون ليتناولها الفقراء وأبناء السبيل.
هذا عن الزفاف، فماذا عن عقد القران عند يهود جربة؟ قديماً كان العدول اليهود هم الذين يقومون بتوثيق العقد، لكن في ظل النظام القانوني والاجتماعي التونسي الحديث، واعتباراً لمدنية الزواج، أصبح الكاهن اليهودي (الربي) يتولى كتابة عقد القران ثم يسلمه إلى كاتب عدل مسلم يقوم بتوثيقه ليصبح قانونياً، ويقول السيد (وزيفة) إن مباركة الكاهن للزيجة من الناحية الدينية ضرورية لذلك فهو الذي يتعهد بإعداد الصيغة الأولية للعقد.
« العوادة » والفن
ويهود جربة (مثلهم مثل يهود تونس والمغرب العربي) يحيون سهراتهم من خلال (العوادة) أي التخت الموسيقي اليهودي المتميز، وهو تخت شرقي يعتمد اَلات العود والقانون والإيقاع والكمنجة، وقد عرفت تونس خلال القرن الماضي عدداً هاماً من الفنانين المتميزين المنتمين إلى الطائفة اليهودية والذين كانوا مطربين لكل التونسيين من المسلمين واليهود، مثل المطربة حبيبة مسيكة، والمطرب الشيخ العفريت، ورؤول جورنو، وهناء راشد وغيرهم، وفي جربة لمع نجم الفنان يعقوب بشيري بعوده وفرقته ما دفع بالمخرج التونسي نوري بوزيد إلى إعطائه دوراً مؤثراً في فيلمه الشهير (ريح السد) (1984). 
وتجدر الإشارة، إلى أن الطائفة اليهودية في تونس أثرت تأثيراً بالغاً في الحياة الفنية والفكرية والثقافية عموماً بإنجابها لكتاب وملحنين وممثلين مثل الممثل ميشيل بوجناح والكاتب ألبير ممي والإعلامي الكبير سارج عدة والكاتب والناشط الحقوقي ضد الصهيونية جورج عدة ورجل الاقتصاد وزيفة الطرابلسي.
المتشبثون بالأرض

 توجد في تونس حالياً طائفة يهودية لا يتجاوز عدد أفرادها الثلاثة اَلاف نسمة، يقطن أغلبهم في جزيرة جربة وتتوزع بعض العائلات الأخرى في مدن مثل تونس العاصمة وصفاقس وقابس وجرجيس ، ويتشبث يهود تونس بأرضهم رافضين الانسلاخ عنها، إلا أنهم يشتكون من هجرة أغلب الشباب اليهودي المتعلم والمثقف إلى أوروبا وخاصة إلى فرنسا حيث يمثلون حضوراً لافتاً يعمل في أغلب الأحيان على خدمة المصالح الوطنية لبلدهم الأصلي تونس ، 
وإذا كان يهود جربة يتحدثون عن جذورهم العائدة إلى القدس قبل السبي البابلي، فإن في تونس يهوداً ذوي أصول أندلسية وهناك من جاؤوا من البلاد المجاورة ومن الضفة الشمالية للمتوسط.

الهجرة الى إسرائيل
حتى العام 1951 قدر عدد اليهود في تونس بنحو 135 ألف نسمة كان ثلثهم على الأقل يحمل الجنسية الفرنسية وتطبق عليهم قوانين فرنسا إبان احتلالها لتونس أما البقية فكانوا يحملون الجنسية التونسية ويخضعون للقانون المدني التونسي في ظل المملكة الحسينية، في حين كانوا يخضعون في مجالات الأصول الشخصية لقانونهم الطائفي الخاص وقد عاش يهود تونس في أمن وسلام مع مواطنيهم المسلمين ونظرائهم في الوطن، حتى أن قادة حركة التحرير الوطني التونسية سعوا جاهدين لحمايتهم من الزحف النازي خلال الحرب العالمية الثانية التي كانت تونس إحدى مواقعها الكبرى.
 بدأت هجرة يهود تونس إلى فلسطين المحتلة بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل (15/5/1948) ثم زادت هجرتهم خلال السنوات من 1950-1952 تحت تأثير حملة نفسية واجتماعية قامت بها المنظمات اليهودية والصهيونية على امتداد البلاد العربية، فانتقل أكثر من عشرة اَلاف يهودي أغلبهم من حاملي الجنسية الفرنسية إلى الكيان الوليد، ومع تطور حركة المطالبة بالاستقلال وقيام الثورة التونسية (18/1/1952) ووقوع حوادث عنف ضد اليهود الفرنسيين بدأ بعضهم في إعداد العدة لمغادرة البلاد، على رغم أن حكومة (الاستقلال الداخلي) في العام 1955 عيّنت اليهودي البير بسيّس وزيراً للتخطيط والبناء، وعلى رغم انتخاب عضوين يهوديين في أول مجلس نواب (برلمان) في تونس المستقلة سنة 1956.
وحسب الإحصائيات المتوفّرة، فإنّ حوالي 40% من اليهود التونسيين غادروا البلاد في ما بين العامين 1948 و1957 حيث اتجه أغلبهم إلى إسرائيل واختار الباقون الاستيطان في فرنسا، وفي عام 1961 وعلى إثر معركة بنزرت ضد بقايا الوجود الفرنسي، هاجر أكثر من 20 ألف يهودي، ثمّ استمرت حركة هجرة يهود تونس بعد حركة التأميم واتساع دائرة التجربة الاشتراكية على يد رئيس الحكومة التونسية الأسبق أحمد بن صالح الذي سعى إلى تطبيق تجربة التعاونيات بمصادرة أملاك التونسيين من المسلمين واليهود حيث اضطرت النسبة الكبرى منهم إلى المغادرة نحو بلدان تحترم سياسة الاقتصاد الحر والملكية الفردية وتعتمد المبدأ الرأسمالي مثل إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
تونسيون في إسرائيل 
وتقول بعض الأرقام إن هناك حوالي 50 ألف يهودي من أصول تونسية يقيمون في مناطق وقرى داخل إسرائيل وهم يمثلون حالة اجتماعية وثقافية داخل المجتمع الإسرائيلي حيث يحافظون على نفس عادات وتقاليد ابائهم وأجدادهم التونسيين، فيأكلون (الكسكسي) ويقيمون (الحضرة) ويشربون الشاي الأخضر ويستمعون إلى (المالوف) الأندلسي والموسيقى التونسية الأصيلة، ومن أشهر هؤلاء المهاجرين، وزير خارجية إسرائيل السابق سيلفان شالوم الذي غادر تونس مع عائلته سنة 1962 وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره، ومازالت أسرته تحن إلى مراتع الصبا وموطن الجذور في مدينة قابس الجنوبية الغافيّة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وفي أحضان واحات النخيل الباسق وبساتين الرمان والحناء وقد صرّح بأن أمه تتمنى زيارة قابس قبل وفاتها، وهو ما حققته لها الحكومة التونسية في شهر نوفمبر 2005.
ملوك الذهب

يعمل أغلب يهود تونس في ميادين التجارة، وخاصة تجارة المصوغات، وكاد سوق الذهب في جزيرة جربة يكون حكراً عليهم حيث كان يوجد أكثر من خمسين محلاً يعمل بها تجار يهود عرفوا بإتقانهم لأشغالهم وبقدرتهم الفائقة على اكتساب ثقة الحرفيين. إلا أن أسرار هذه الحرفة انتقلت إلى المسلمين بفضل دعم حكومي لمن يود تعلم المهنة لكي لا تتعرض إلى انقراض في ظل تناقص أعداد اليهود، وقد تأثر المسلمون في عدة مناطق تونسية بثقافة اليهود الاقتصادية حيث تعلموا منهم الكثير من أسرار البيع والشراء والادخار والتحكم في السوق واختيار الوقت المناسب لعرض البضاعة، ويعرف عند التونسيين أن الجرابة (سكان جربة) والصفاقسية (سكان صفاقس ) أكثر أهل تونس دهاء وتفوّقا في ميادين التجارة بسبب المعارف التي حصدوها من علاقاتهم بالطائفة اليهودية.

يهود تونس . . . في السينما

 شهدت السينما التونسية خلال السنوات الثلاثين الماضية موجة جديدة تعتمد بالأساس على مفهوم سينما المؤلف. . . وقد حضر العنصر اليهودي في بعض هذه الأفلام، فالمخرجة سلمى بكار قدمت شريطها الطويل الأول عن المطربة اليهودية التونسية حبيبة مسيكة وتجربتها الفنية والعاطفية وعلاقتها بالمطرب العراقي محمد القبانجي ثم وفاتها محترقة وهي في ريعان الشباب.
وخصص المخرج نوري بوزيد حيزاً مهمّاً من فيلمه (ريح السد) لشخصية الفنان اليهودي المحب للحياة والنغم مستوحياً ذلك من معايشته ليهود صفاقس ودورهم الثقافي والحضاري فيها، كما خصص المخرج فريد بوغدير موقعاً لشخصية يهودية في شريطه (صيف حلق الوادي) الذي تدور أحداثه في عقد الستينيات حيث كانت تتعايش الطوائف والأقليات اليهودية والإيطالية واليونانية والفرنسية وغيرها مع الأغلبية العربية المسلمة.
مطبعة من العام 1912

 توجد في منطقة (حومة السوق) بجزيرة جربة مطبعة قديمة تأسست سنة 1912 فكانت أول مطبعة في الجنوب التونسي، وكان مؤسّسها الأول قد فشل في إدارتها فباعها إلى عائلة حدّاد، وأدارها (شوعا حداد) ثم ابنه (حاي حدّاد) فأصبحت أهم مطابع المنطقة يقصدها الحرفيون من المغرب والجزائر وليبيا، وقد كانت تطبع باللغتين العبرية والفرنسية، وبعد استقلال تونس أضيفت إليها اللغة العربية. . . أمّا اليوم فإنها تقتصر في عملها على طبع الفواتير وبطاقات الدعوات والزيارات.
السبت. . . راحة إجبارية

مثل كل يهود العالم، فإن يوم السبت هو يوم مقدس لدى يهود جربة من مغيب شمس الجمعة إلى مغيب شمس السبت، حيث يدخل كل يهودي في فاصلة زمنية لا يبيع فيها ولا يشتري ولا يعمل. . . ولا يخرج فيها أي نقود من جيبه ولو كان ذلك لتناول فنجان قهوة في أحد المقاهي، وهم عادة ما يدفعون المقابل مسبقا ويقتطعون تذاكر السينما قبل يوم ليتمكنوا من تقضية عشية السبت في مشاهدة أحد الأفلام. وإذا احتاج أحدهم إلى دواء أو أيّة بضاعة فإنه يقتنيها دون تسديد ثمنها ويؤجل الدفع إلى اليوم التالي. . . كما أن الطبخ ممنوع في يوم السبت وعلى ربّات البيوت إحضار ما يلزمهن من طعام قبل مغيب شمس الجمعة.
ألغاز. . . جربية

تعتبر جربة ملجأً للفارين، حيث هرب إليها الكثيرون عند هجوم البيزنطيين على تونس وزحف بني هلال وغيرهما من الأحداث التاريخية الكبرى. . . ويقول يهود جربة إن منطقتي (حومة ترب الله) و(القنطرة) تضمان مقبرة لليهود فيها قبران طول الواحد منهما أربعة أمتار ولا يعرف أحد من المدفونان فيهما؟ فظلا لغزين مجهولين إلى اليوم. ولم يحاول أحد حرث هذه المقبرة أو هدمها اعتقاداً بأن من يحرثها يموت أو يموت جمله في نفس العام، وهكذا بقيت المقبرة أرضاً مهملة بوراً إلى اليوم.
أما في منطقة (حومة الحدادة) جهة ميدون فتوجد مقبرة يهودية أخرى لها أيضاً أسطورتها الخاصة اذ لم يجرؤ أي شخص على حرث أرضها المهملة منذ قرون لظن الناس أن من يقدم على ذلك يصاب بالجنون.
يهود في أوروبا يتعلمون العربية

 يصر اليهود التونسيون المقيمون في أوروبا على تعليم أبنائهم اللغة العربية إلى جانب اللغة العبرية ولغة البلد الذي يقيمون فيه. كما يقومون باحياء حفلات الزفاف حسب التقاليد التونسية و يستدعون الفنانين التونسيين لذلك، ولعل الطريف أكثر من غيره أن التونسي الذي يريد أن يعيش الأجواء التونسية الأصيلة في فرنسا ما عليه إلاّ أن يزور أحياء اليهود التونسيين حيث الأكلات و(المازات) والمشروبات والموسيقى والكلمات التونسية.