سلطت صحيفة وول ستريت جورنال الضوء على وجود تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا ومخاطر هذا على الدولة والمنطقة.

 وقالت الصحيفة، ينشط تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا الغارقة في الفوضى، وقد تبنى  أكثر من 12 هجوماً إرهابياُ في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا هذا العام ويهدد بتعطيل تدفق النفط من أحد أهم الموردين في العالم.

 ويأتي ظهور التنظيم مرة  أخرى بعد عامين من قيام القوات الليبية المدعومة بغارت لأمريكية بطرد  التنظيم من معقلها في مدينة سرت الساحلية ، وهذا الظهور الجديد أدى إلى تآكل أحد انتصارات الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي.

 وشهد الأسبوع الماضي أحدث هجمات داعش بعدما اقتحم مسلحون يرتدون سترات ناسفة ويحملون بنادق مقر المؤسسة الوطنية للنفط الليبي -واحدة من أهم المؤسسات في البلاد وأكثرها حراسة- وهزت الانفجارات المبنى وتوفي موظفان في الهجوم.

 وقال أحد المسؤولين إنه أغلق على نفسه مكتبه وبدأ في الصلاة، مضيفا "رأيت النعش الخاص بي".

 وحافظت القوات الأمريكية على وابل مستمر من الهجمات التي استهدفت مقاتلي داعش في البلاد ، بما في ذلك غارة بطائرة بدون طيار في أواخر أغسطس الماضي أسفرت عن مقتل عضو في تنظيم داعش في بني وليد  الواقعة جنوب شرق العاصمة  طرابلس بحسب القيادة الأمريكية الإفريقية. وقال عضو بالقيادة إن داعش لديه بين 400 و 750 مقاتلا في ليبيا.

 ولكن الفراغ الأمني المتزايد في ليبيا وتفاقم العنف الداخلي أعطيا مجالاً للمناورة. وليبيا  -موطن أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا- منقسمة بين حكومتين متنافستين ومجموعة معقدة من الجماعات المسلحة، وتفتقر إلى دولة تعمل بشكل كامل.

 وكانت أسوأ الاشتباكات بين الميليشيات تشهدها البلاد منذ أكثر من عام قد استحوذت على طرابلس في الأسابيع القليلة الماضية. وأصاب هجوم صاروخي شنته ميليشيا المطار الوحيد العامل في المدينة في 11 سبتمبر.

 وفي دوامة العنف هذه  أعلن فرع داعش في ليبيا مسؤوليته عن أكثر من 12 هجومًا منذ أوائل هذا العام، بما في ذلك مداهمات على ميليشيات متنافسة وقوات الأمن وتفجير في مايو في مقر لجنة الانتخابات الليبية التي أسفرت عن مقتل 12 شخصًا.

 وقال فريدريك ويري  -خبير الشؤون الليبية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي- "إنهم يستخدمون هذه الهجمات لإظهار أنهم عادوا إلى العمل، وأن يعيدوا تنظيم أنفسهم ، وأن يجذبوا المجندين"، وأضاف "أفضل مجند لداعش  في ليبيا هو الاضطراب والاقتتال السياسي، عندما تنقسم ليبيا  فإن ذلك يمنح مساحة لنمو التنظيم".

 وجاء الهجوم على المؤسسة الوطنية للنفط وسط مخاوف من أن المشاكل في ليبيا التي تزود أوروبا بالنفط الخام عالي الجودة يمكن أن تزيد من اضطرابات امدادات النفط الموجود بفع ما يحدث في  إيران وفنزويلا.

 كما أثار العنف  تساؤلات حول ما إذا كانت مرافق النفط الليبية محمية بشكل كاف، الهجمات على صناعة النفط الليبية - بما في ذلك هجوم على الموانئ النفطية من قبل الميليشيا في يونيو وهجوم سابق من قبل داعش على حقل نفطي في فبراير عرقلت انتعاشاً متواضعاً في قطاع النفط الليبي.

 وارتفع إنتاج النفط إلى ما يقرب من مليون برميل يوميا منذ أن أقنعت المؤسسة الوطنية للنفط الجماعات المسلحة بإعادة فتح المرافق التي كانت قد أغلقتها في السابق. ولم يكن لهجوم الأسبوع الماضي أي تأثير على العرض ، ولكنه ارتفاع  أسعار النفط عالميا لفترة وجيزة.

 وفي بيان يدعي المسؤولية عن الهجوم على المؤسسة الوطنية للنفط، قال داعش "نؤكد أن حقول النفط التي تدعم الصليبيين ومشاريعهم في ليبيا هي أهداف مشروعة للمجاهدين" بحسب تعبير البيان.

 وشنت الولايات المتحدة ما يقرب من 500 غارة جوية في عام 2016 دعما لحملة برية قامت بها القوات الليبية لطرد داعش من سرت ، الأمر الذي حرم المجموعة من أهم موطئ قدم لها خارج قاعدتها في العراق وسوريا. ودفعت عملية منفصلة تدعمها الولايات المتحدة التنظيم الإرهابي  إلى الخروج من معاقلها في العراق وسوريا في العام الماضي.

وفر العديد من مقاتلي التنظيم  إلى مناطق صحراوية نائية في وسط ليبيا وجنوبها، حيث أقاموا مخابئ  وفقا لمسؤولين غربيين.

 والموارد التي كانت ينهبها التنظيم من سرت ساعدتها على العودة من الهزيمة. ويقول مسؤول أمني غربي إن الضرائب والأموال التي تم الاستيلاء عليها من خزينة سرت تعني أن بإمكان المجموعة تقديم أجور أفضل إلى المجندين من الميليشيات المتنافسة. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه وهو يناقش مسائل المخابرات إن المجموعة استقطبت مؤخرا أموالا عبر حماية المتاجرين بالبشر.

 والحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا تعني أن قوات الأمن لن تكن قادرة على توجيه انتباهها للقضاء على داعش هناك. وتهدف هجمات التنظيم إلى إفساد أي جهد لتوحيد البلاد وفقاً لفولف جانج بوشتاي  المحلل العسكري النمساوي والملحق الدفاعي السابق في ليبيا.

 وقال "الهدف هو تقويض أي نوع من جهود الاستقرار في ليبيا من خلال مهاجمة أهداف رفيعة المستوى في طرابلس بوسائل محدودة".