تعتبر منطقة واد كاراكور التابعة لمقاطعة "ولد ينجه" جنوب شرق موريتانيا من أهم المناطق الزراعية في البلد من حيث خصوبة الأرض ووفرة المياه الجوفية في حوض الوادي والتى تغذيها سيول وفيضانات روافده وشعابه المتعددة، حيث تشهد المنطقة اعلى معدل امطار فى البلد بمعدل يتجاوز 600 مم فى السنة، لذا نجد أن النشاط الزراعي في هذه المنطقة من أهم الأنشطة لسكان الوادى وتجمعاته الريفية، يمارسون الزراعة فى فصلي الخريف والشتاء، ففى فصل الخريف تكون الزراعة فى اعالى الوادى، واهم محاصيلها الدخن بمختلف انواعه (تقليت، بشنه، ارحيه، مترى) و الفاصوليا (ادلكان) والفستق (كرته)، وفى الشتاء تكون الزراعة فى وسط الوادى و فى "التيشلاتن" و "اتيومرن" القريبة منه وتعرف محليا ب"الكله" ولعل من أشهر محاصيل هذه الزراعة الذرة الصفراء " مكه" والفاصوليا " ادلكان" والخضروات بمختلف انواعها.

كما ان واد كاراكور الذى تمتد مساحته عشرات الكيلومترات من غابو شرقا الى ولدينج غربا، يتدفق باتجاهه وعبره خلال مواسم الأمطار مئات ملايين الأمتار المكعبة من مياه السيول، بإمكانها ان تغطى حاجة ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية وتغذية مخزوناتها الجوفية من المياه وتجديد خصوبة التربة بما تحمله اليه روافده من اسمدة طبيعية، ومن أشهر الأودية الكبيرة التى تشكل روافد مباشرة لكاراكور: واد ولدينج"اودي اجريد" ، واد احسي لحجار، واد التقادة، واد انحيل، واد كالينيورو، واد لعبلى، واد لميلحة، واد لمخينزه، واد دوبل سيدو، واد شلخة الهيدنى، واد بايجم، واد اشكاطة، واد الملكة، واد آرقاو، واد المسلم، واد غابو، اضافة الى مئات الروافد الاخرى.

 

سلة البلد الغذائية الضائعة

على الرغم من غياب أي شكل من اشكال الدعم للمزارعين، ورغم بدائية وسائلهم الانتاجية، إلا ان المحاصيل الزراعة لواد كاراكور لا تزال تغذي السوق المحلية لولاية كيديماغا بمعظم حاجياتها من الحبوب، بل و يصدر الفائض إلى الأسواق المجاورة كما ان ثنائى لمسيلة وواد كاراكور يشكلان امانا غذائيا لمئات الالاف من المواشى بولايات لعصابة، كوركل وكيديماغا. إلا ان المساحات العذراء المهملة بواد كاراكور وما تتمتع به من مقومات زراعية قابلة للتطوير وموارد بشرية مرابطة فى الميدان، تؤهلها لأن تصبح سلة غذاء موريتانيا، فبتوجيه بعض الاستثمارات الى هذه المنطقة، و دراسة حاجيات الناس انطلاقا من نمط انتاجهم وعيشهم وإنشاء السدود وتوفير امكانيات الري الحديثة والآلات الزراعية المتطورة، وخلق مشاريع حيويه حقيقة لساكنة كاراكور ستتحقق حتما طفرة هائلة فى المنطقة والبلد بشكل عام، حيث سيتضاعف الانتاج الزراعي للحقول اضافة الى تكوين مجتمعات زراعية مستقرة وتحسين دخول المزراعين المرابطين بهذا المجال منذ الازل، والاستفادة من استخدامات الموارد سواءً كانت بشرية أو انتاجية والحد من استيراد المنتجات الزراعية وتحديث وسائل الإنتاج المتبعة وتطويرها، وكذا تطوير مهارات المرأة الكاراكورية العصامية بطبعها، كوحدة منتجة وتمكينها من الاستغلال الأمثل لخامات بيئتها الريفية اضافة الى حماية الاراضي الزراعية من زحف الرمال.

كما ان الاستثمار فى الوادى لا يعنى فقط المنطقة التى تخزن المياه من الوادى، وإنما ايضا الاراضي الزراعية بأعالي الوادي لأنها اراضى خصبة هي الاخرى ورغم كونها محرومة من الاستفادة من سيول وفيضانات الوادي إلا ان مزارعها لا تزال تجود بالعديد من المحاصيل الزراعية كالدخن والفاصوليا والفستق والبطيخ.

 

وجهة سياحية مهملة

تمثل روافد كاراكور من الأودية و"اتيومرن" المنتشرة في ربوع كيديماغا - فى فصل الخريف- وجهات سياحية هامة بإمكانها ان تسهم في تنشيط حركة السياحة فى البلد، حيث توفر هذه الأودية مساحات كبيرة من الظلال الواسعة ومواقع ترفيه وتخييم بين ربوعها الخضراء ومياهها الجارية، حيث تشكل مختلف بلداتها (التكتاكة، اندوملى، التغادة، احسي لحجار) وجهات سياحية بسحر طبيعتها وأشجارها المتلاحمة .. ممرات الوديان وجريان المياه فيها .. الامتزاج بين ظلال الأشجار والتكوينات الصخرية .. سكون وهدوء.. راحة واستجمام استرخاء واستمتاع.. حيث تقوم الكثير من الأسر و السكان المحليين بزيارة هذه الأودية لقضاء أوقات الفراغ وسط مجاريها والاستمتاع بما أوجدته الطبيعة من مناظر خلابة ومياه جارية وظلال وارفة، تعكس جمالية التنوع الطبيعي، لذا فإن انتشار هذه الأودية في مختلف مناطق كيديماغا بإمكانه ان يسهم في تشجيع حركة السياحة ، إضافة إلى تميز مجارى اوديتها بوجود شلالات جميلة يتردد صدى خرير مياهها خاصة في موسم الأمطار.