أكد وزير خارجية دولة جنوب السودان برنابا بنجامين في حوار مع «الشرق الأوسط» أن مباحثاته في القاهرة تؤسس لعلاقة استراتيجية جديدة مع دولة جنوب السودان يتم تتويجها بمباحثات مهمة خلال القمة المرتقبة بين كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، مشيرا إلى أن اتفاق يستهدف العمل المشترك والتعاون في كل المجالات والمحافل الدولية والعربية والأفريقية. ورحب بلقاء كير والرئيس السوداني عمر البشير الذي قد تتزامن زيارتهما للقاهرة، مشيرا إلى وجود تواصل مستمر، مؤكدا أن جوبا تنفذ اتفاقية السلام المشتركة.

وكشف الوزير عن تقديم دولة الجنوب مليار دولار سنويا لدولة السودان لدعم اقتصادها، وقال إنه اتفق على قيام وزيري خارجية دولتي السودان بجولة مشتركة في العواصم العربية والغربية لإسقاط الديون التي تقدر بأكثر من 40 مليار دولار، مؤكدا التزام الأسرة الدولية بتقديم المساعدات لدولة الجنوب. وقال إن حكومة بلاده تسيطر على الوضع الأمني بما في ذلك الولايات الـ3 التي استغلها التمرد «الذي ندعوه للحوار والوصول إلى الحكم عن طريق صندوق الاقتراع، وليس بقوة السلاح». واعتبر بنجامين التفاهم والحوار أساس بين دول حوض النيل لمنع الضرر وصولا إلى مسار روح العائلة الواحدة. وإلى نص الحوار:

 

* ما نتائج زيارتكم إلى مصر ولماذا في هذا التوقيت تحديدا؟

- زيارتي لمصر جاءت تلبية لدعوة وزير الخارجية المصري صديقي سامح شكري لتكون أول زيارة رسمية من خارجية دولة جنوب السودان بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر. ونهدف إلى تقوية العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية، وهذا سيكون حجر الأساس للتعاون معا في كل المجالات على المستوى الثنائي والأفريقي والعربي والدولي.

* هل اتفقتم على آلية عمل للتنسيق والمتابعة والتنفيذ فيما تقررون عمله؟

- زيارتي لمصر تفتح الطريق الرسمي الدبلوماسي، المعروف أن نجلس معا مع وزير الخارجية المصري للإعداد لزيارة جمهورية جنوب السودان بعد اتفاق بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس سلفا كير ميارديت على تطوير وتوثيق التعاون، وذلك خلال لقاءات تمت في غينيا الاستوائية - ملابو وفى الأمم المتحدة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقد وجه الرئيس السيسي الدعوة للرئيس كير لزيارة مصر، ولذلك تأتي زيارتي لمصر في هذا السياق.

* ما أولويات أجندة القمة بين الرئيسين؟

- نعمل حاليا على ترتيب الأولويات وأجندة الزيارة تهتم بوضع أساليب وخطط عمل تخدم مصالح البلدين وسوف تتم الزيارة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

* تتزامن زيارتكم مع وجود مساعد رئيس جمهورية السودان في مصر لترتيب زيارة للرئيس عمر البشير، هل متوقع لقاء رئيسي دولتي السودان في مصر بوجود الرئيس السيسي لدعم البلدين في حل القضايا العالقة؟

- العلاقات بيننا وبين جمهورية السودان تسير بشكل طيب، ورئيسا دولتي السودان على اتصال دائم يوم بعد يوم على الهاتف، ونعمل على تنفيذ اتفاقية السلام المشتركة. وبالتالي إذا تم اللقاء بالصدفة بين رئيسي دولتي السودان نحن نرحب بذلك.

* ماذا تبقى من القضايا العالقة بينكم وبين دولة السودان؟

- نعمل لتنفيذ اتفاقية التعاون المشتركة وفق اتفاقية السلام الشامل، والتي تتضمن بعض البنود التي لم تنفذ بعد، على سبيل المثال مسألة الحدود، فتحها وترسيمها، وموضوع تحرك المواطنين بين الدولتين والتعاون التجاري والعلاقات الاقتصادية بين الدولتين، ومسؤولية والتزام دولة جنوب السودان بدعم اقتصاد دولة السودان من خلال مبيعات نفط الجنوب بملغ يقدر بنحو مليار دولار، وقد تم تنفيذ هذا البند خلال عام 2013، وهذا يؤكد أن نفط الجنوب تستفيد منه دولتا السودان. ونعتزم أيضا أن نتحرك معا خارجيا لإسقاط ديوان السودان، وقد اتفق على أن يقوم وزيرا خارجية الدولتين لزيارة الدول الدائنة للسودان.

* هل بدأ هذا التحرك من قبل وزيري خارجية دولتي السودان، وما الدول التي تعتزمون زيارتها، وكم عددها وكم بلغ حجم الديون؟

- حجم ديون دولتي السودان وصل إلى أكثر من 40 مليار دولار، وقد بدأنا بالفعل الإعداد لزيارة 11 دولة – منها بعض الدول المشتركة في الصندوق العربي – ودول الخليج.

* أنتم وقعتم على قرار الانفصال والاستقلال من أجل السلام في السودان، إلا أن المشكلات ما زالت تطرح نفسها وبقوة في الدولتين؟

- نعترف بوجود المشكلات، ولذلك نحن ندعم حلها بالحوار وليس عبر الحرب مرة أخرى. ونرى أن الحوار هو الأساس لحل المشكلات فيما بيننا، والجوار مسألة أبدية، وبالتالي لا بد وأن نعمل معا لخدمة الشعبين.

* خلال وجود الرئيس كير في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، هل وعدت الأسرة الدولية بتقديم دعم ومساعدات للدولة الوليدة أو بضخ استثمارات للمساهمة في التنمية؟

- دول كثيرة في أوروبا وأميركا وآسيا قدمت مساعدات، خصوصا فيما يتعلق بالكوارث الإنسانية والفيضانات وخلال حرب التمرد، إضافة لتشجيع الاستثمار والذي نعتبره مهما في هذه المرحلة، خصوصا الاستثمار في البنية التحتية. ولذلك دولة جنوب السودان حرصت على السلام حتى تتفرغ للتنمية والاستثمار، لأنه دون سلام يصعب علينا التوصل لكل هذه الأهداف التي تساعدنا على البناء والتنمية والاستثمار والانفتاح على الآخر بنسب تحقق الاستفادة للجميع، وهذا كله يتحقق مع حسن النيات دوليا وإقليميا.

* هل واشنطن تقدم الدعم اللازم لدولة الجنوب، باعتبارها أكثر الدول التي شجعت مسألة استقلال دولة الجنوب؟

- الولايات المتحدة مستمرة في تقديم المساعدات، ومن أكثر الدول التي تقدم لنا المساعدات. وتحفظهم الوحيد ضدنا هو تقارير هيومان رايتس ووتش – والاهتمام بفرض عقوبات على الأطراف المتمردة، وحتى بعض الموجدين في الحكومة.

* ما ردكم على ما ورد في تقارير هيومان رايتس ووتش؟

- هناك ادعاءات تشير إلى أن دولة السودان تدعم المتمردين في دولة الجنوب، ولكن هذا ليس دقيقا لأن الرئيس البشير لن يفعل ذلك، ولكن هناك بعض الأفراد في الأجهزة الأمنية عامة وغيرها يدعمون التمرد في دولة الجنوب، ويمدونهم بالسلاح والمال والذخيرة. لكن هذه الظاهرة فردية وليست مبيتة أو مدعومة من حكومة دولة السودان، خصوصا وأن هجوم المتمردين يأتي عادة من الشمال، وعلى حدودنا مع دولة السودان.. وقد تحدثنا مع الحكومة السودانية والتي أكدت على منع هذه الممارسات التي تعكر صفو العلاقات.

وعلى الجانب الآخر هناك من يغذي فكرة الخلاف وإثارة المشكلات، ومن ثم يروجون أن دولة الجنوب تقدم مساعدات لمتمردي دارفور، وهذا لم يحدث أيضا لأننا نحرص على تشجيع التجارة والتحرك للاستفادة المشتركة، بأكثر من تشجيع التمرد بين الدولتين.

* هل انتهت تداعيات التمرد، وهل تسمح الأوضاع بإجراء الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل في دولة جنوب السودان؟

- نعمل على إنجاح اتفاقية السلام برعاية دول الإيقاد، ونطالب بتحقيق السلام الفوري في كل ربوع دولة الجنوب حتى نتمكن من التقدم نحو التنمية المنشودة، والتي تحقق مصالح الشعب. كما تسعى الحكومة لدعم الحل السياسي مع جماعة التمرد وتعد لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الدستور العام المقبل 2015 حتى ينتخب الشعب رئيسه الجديد.

ولهذا قلنا للمتمردين «لن تصلوا للحكم إلا من خلال الانتخابات، وليس العمليات العسكرية أو القوة»، ولذلك الحكومة مستمرة في عملها والوضع الأمني بكل تأكيد مستقر في 7 ولايات. والتوتر كان موجودا في 3 ولايات، وهى غونغلي وأعالي النيل والوحدة، وحتى هذه الولايات الـ3 الحكومة تسيطر على الأوضاع بها.

* ماذا عن علاقات دولة جنوب السودان بدول الجوار ومنطقة القرن الأفريقي؟

- علاقاتنا طيبة وطبيعية مع دول الجوار الـ6 (إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى ودولة السودان)، ونتعاون بشكل جيد في مجال التبادل التجاري والتعليم. وحتى الآن ليس لدينا مشكلات مع دول الجوار، ونعرف أن مستقبل الدولة سياسيا واقتصاديا يعتمد على العلاقة الطيبة مع دول الجوار.

* ما موقفكم من سد النهضة في ظل علاقاتكم الطيبة مع إثيوبيا؟

- موقفنا وأسلوبنا كأفارقة أن المياه مهمة للحياة.. ولدي مثال بسيط، وهو عندما يدخل أي إنسان مكتب أو منزل أول شيء يقدم له المياه، حتى قبل أن يتحدث معه. وبالتالي لا يمكن منع المياه عن الإنسان لأنها أساس الحياة. ونرى أيضا أن احتياجات الدول الـ11 (دول حوض النيل) حدث لديها تقدم وتحتاج للطاقة والكهرباء وتوسيع رقعة المساحات الزراعية، وهذا الأمر يطلب الحوار بين دول حوض النيل للتفاهم حول تقاسم المصالح ومنع الأضرار.

* هل ترى أهمية وضع خطة عمل شاملة بين دول حوض النيل وعقد لقاءات دورية على مستوى القمة للتغلب على المشكلات التي تعترض العمل المشترك بين هذه الدول؟

- هذا هو المفروض، أن يجتمع قادة دول حوض النيل ويتم مناقشة كل القضايا والأفكار والرؤى بروح عائلية، ولا يوجد طريق آخر عن مسار العائلة الوحدة لدول حوض النيل.

* ما الوقت المناسب لانضمام دولة جنوب السودان إلى جامعة الدول العربية؟

- مسألة الانضمام للجامعة العربية يقررها شعب دولة جنوب السودان. ولدينا ولايات عشر، ونريد أولا أن نرتب البيت الداخلي. وسوف تأتي الظروف المناسبة اجتماعيا واقتصاديا؛ لكن علاقاتنا مع كل الدول العربية قوية وطيبة، وفى مقدمتها مع مصر.

* كيف تنظرون لما يقوم به التحالف الدولي للحرب على الإرهاب وتنظيم «داعش»؟

- هذه المشكلة خطيرة للغاية، ولا بد أن تجتمع كل دول العالم لمحاربتها لأن الإرهاب يضر بكل الشعوب وبالأبرياء المدنيين، ويؤثر على حياة الشعوب والأطفال، وبالتالي لا مفر من الحرب على الإرهاب.

* هل ترون أن تكون المعالجة في الإطار العسكري أم ماذا؟

- لا يوجد طريق للقضاء على الإرهاب سوى الحرب العسكرية أولا، ثم الحديث والحوار مع هذه الجماعات التي تنشر العنف والفوضى في ربوع الأرض وتتجاوز قوتها كل الأساليب المعتادة إلى مخاطر غير مسبوقة.

 

*نقلا عن الشرق الأوسط