يتواصل العد التنازلي لعقد المؤتمر الوطني الجامع حول ليبيا،الذي من المتوقع تنظيمه في الأسابيع الأولى من عام 2019،والذي سيمهد لانتخابات رئاسية وتشريعية ربيع العام المقبل.ويأمل الليبيون من خلال عقد هذا المؤتمر في تحقيق مصالحة وطنية شاملة وإيجاد مخرج لأزمة معقدة وشائكة.

والمؤتمر جزء من خطة المبعوث الأممي غسان سلامة لسنة 2018، لكنه لم ينجح في تنفيذها بسبب تواصل الانقسام والتوترات الأمنية التي شهدتها عدة مناطق وخاصة العاصمة الليبية.وفي ظل تواصل الإنسداد السياسي،عاد الحديث عن "الملتقى الوطني الجامع لليبيا"،بوصفه مرحلة تمهيدية لإجراء انتخابات عامة تنبثق عنها سلطة شرعية تعترف بها جميع الأطراف.

إستعدادات

وقال الناطق باسم رئيس المجلس الرئاسي محمد السلاك،الاثنين،أن "رئيس المجلس الرئاسي، يجدد دعمه للملتقى الجامع المزمع عقده برعاية الأمم المتحدة، مطلع العام القادم، باعتباره حدثا مهما يسهم في إنجاز الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والبرلمانية، والتي كان من المفترض أن تنطلق هذا اليوم العاشر من ديسمبر، إلاّ أن عدم التزام أحد الأطراف السياسية المعنية بتعهداته السابقة، حال دون ذلك".

ومؤخرا،بحث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة،مع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، ورئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، الاستعدادات للمؤتمر الوطني الليبي الجامع، المنوي عقده في شهر كانون الثاني/ يناير المقبل.

والتقى سلامة برفقة نائبته للشؤون السياسية ستيفاني وليامز،الأحد الماضي، بالسراج، في العاصمة الليبية طرابلس،وتناول الاجتماع مستجدات الوضع السياسي، وخطوات تنفيذ ما جاء في افادة سلامة امام مجلس الامن الدولي واقره مؤتمر باليرمو في 13 نوفمبر الماضي ومنها عقد المؤتمر الوطني الجامع في الأسابيع الأولى من العام الجديد.بحسب المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي.

ونقل موقع "إرم نيوز"،عن مصادر،أن السراج،"تعهد بتوفير كل الظروف من أجل إنجاح المؤتمر الوطني الجامع، واستكمال ما وصفه بمسار بناء الثقة والمصالحة الشاملة بين الليبيين".ووصف السراج المؤتمر الليبي الجامع بأنه "محطة مهمة"، داعيًا "كل القوى الليبية إلى استغلالها لتجاوز هذه المرحلة الصعبة".

وقبل ذلك، بحث غسان سلامة وخالد المشري،"المشاركين في المؤتمر والأطراف الممثلة، إضافة إلى الملفات التي جمعتها بعثة الأمم المتحدة خلال زيارتها مُدنًا ليبية، من المفترض طرح حلول لها في المؤتمر الوطني"، بحسب ما ذكر المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الليبي على حسابه في فيسبوك.

وكانت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، ستيفاني ويليامز، عقدت في وقت سابق، اجتماعا مع شخصيات من المجتمع المدني في بنغازي،حيث قامت باطلاعهم على آخر المستجدات الخاصة بتحضير الملتقى الوطني.

من جديد

وعاد الحديث من جديد عن المؤتمر الوطني الجامع،خلال إحاطة المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة،أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي،التي أكد خلالها على ضرورة إحياء الفكرة، على الرغم من تأخرها بسبب استمرار القتال والانقسامات بين القادة الليبيين.

وقال سلامة خلال إحاطته، أن "تقرير مركز الحوار الإنساني المكلف بالإعداد للمؤتمر كشف أن 80 في المائة من الليبيين يريدون الانتخابات، وإن الإعداد للملتقى تم في 77 مدينة ومنطقة ليبية"، مشيراً إلى أن "المؤتمر، الذي حدد له مطلع العام المقبل موعداً لعقده، سيكون قادراً على تمثيل الليبيين ورسم المستقبل السياسي لليبيا من خلال التجهيز لمرحلة الانتخابات"، التي توقع أن تكون في سبتمبر/أيلول المقبل.

وأكد المبعوث الأممي إلى ليبيا، أن "الدعوة لعقد المؤتمر تأتي بعد اتفاق الأطراف الليبية المشاركة في مؤتمر باليرمو على ضرورة عقد المؤتمر كمرحلة للإعداد للانتخابات".

وتعود فكرة المؤتمر إلى 20 سبتمبر 2017،حين أعلن مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة،عن خطة العمل من أجل ليبيا تتضمن ثلاث مراحل،يمثل عقد المؤتمر الجامع مرحلتها الثانية والذي اعتبره المبعوث اللأممي غسان سلامة "حدث للمصالحة، وليس مؤسسة".

ومن المقرر أن يجمع الملتقى شرائح وأطيافًا ليبية واسعة، من الأحزاب والممثلين الاجتماعيين والقبليين والسياسيين، لا سيما غير الممثلين في الجهات السياسية الحالية، كخطوة لسد الفراغ الذي قد يتركه عدم توافق الأطراف السياسية الحالية، على صيغة للحل السياسي، قبيل وصول ليبيا إلى مرحلة انتخابات رئاسية وبرلمانية.

دعم دولي

وفي 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن اجتماع "باليرمو" الإيطالية، عن ترحيبه بدعوة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، لعقد مؤتمر وطني جامع، واستغلاله من أجل التخلي عن استخدام القوة، واعتماد جدول زمني لتحقيق تقدم في توحيد المؤسسات.

وطالب اجتماع "باليرمو"، بالتعهد بدعم نتائج الملتقى الوطني، وممارسة الضغط على القادة المعنيين ومؤسساتهم، من أجل تنفيذها دون تأخير، والتشديد على أن المؤتمر الوطني لا ينبغي أن يكون مؤسسة جديدة، ولا بديلًا عن المؤسسات التشريعية القائمة.

وخلال الأيام الماضية، سجل الملتقى الوطني الليبي دعما دولياً ملحوظاً،حيث جددت الولايات المتحدة دعمها المؤتمر الجامع، كجزء من خطة المبعوث الأممي غسان سلامة لسنة 2018، وذلك خلال لقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج في بروكسل.

وبالتزامن مع ذلك، أكدت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية فريدريكا موغيريني،خلال لقاء جمعها مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج،دعم الاتحاد الأوروبي خطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، التي تقضي بعقد الملتقى الوطني الجامع في الأسابيع الأولى من العام الجديد.

ويرى مراقبون، أنّ هناك رهاناً دوليا على عقد المؤتمر،نظرا لتشابك الأزمة وتعقيداتها التي تقتضي إرساء مصالحة شاملة.ويسعى غسان سلامة إلى دفع الليبيين نحو تحديد موعد الانتخابات، وإطار العمل الدستوري، وآلية لحسن توزيع الموارد خلال المؤتمر المقبل، على أن يتولى بعدها رفع "هذه التوصيات لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، الذي بدوره سيضغط من أجل تنفيذها".

والمؤتمر الوطني الجامع المرتقب،بحسب المسؤوين يستهدف إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وإصدار التشريعات اللازمة لإجراء الاستفتاء والانتخابات العامة والرئاسية.ويرى مراقبون أن هذا الملتقى، في حال نجاح تنظيمه،سيكون محاولة جديدة لحل الأزمة الليبية عقب سلسلة من الملتقيات آخرها مؤتمر باليرمو في إيطاليا الذي طبعه استمرار الخلاف بين الفرقاء الليبيين.