بعدما ضاعت كل فرص حلحلة الأزمة الليبية والوصول إلى اتفاقات تفضي إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين منذ العام 2015، يزداد المأزق السياسي الذي تعيشه ليبيا منذ سنوات تعقيدا في ظل أجواء التصعيد بين أطراف الصراع  والتي تنذر بالعودة الى مربع الاقتتال من جديد.

وظهرت بوادر التصعيد في منطقة الجنوب الليبي بعد أن دفع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس،بقوات تابعة له وذلك في محاولة لمواجهة عملية التحرير والتطهير الذي تنفذها القوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر،وهو ما اعتبره الكثير من المراقبين خدمة لمصالح المليشيات المسيطرة على العاصمة وتنفيذا لضغوط تيار الاسلام السياسي الذي يسيطر على حكومة الوفاق.

وزادت حدة التصعيد،مع تقديم مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، السفير المهدي المجربي، شكوى رسمية من حكومة الوفاق الوطني إلى مجلس الأمن، ضد القيادة العامة للجيش الوطني بالمنطقة الشرقية.وقال المهدي، في رسالة إلى مجلس الأمن، إن "طائرة حربية تابعة للجيش الوطني نفذت غارة جوية على أحد المهابط بحقل الفيل النفطي، في الوقت الذي كانت فيه طائرة مدنية تابعة للخطوط الليبية تحمل عددا من الجرحى للعلاج في طرابلس".

وأثار طلب التدخل الخارجي ضد الجيش الليبي غضبا في الأوساط الليبية،ووصفت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب شكوى المجربي بـ”"الاستهتار"، بل ووصفت الأخير بـ"المتمرد والعميل"، معتبرة أن شكواه لمجلس الأمن "تعتبر حماية لمجموعات أجنبية وإرهابية مسلحة محتلة لرقعة جغرافية في ليبيا، وعارا لن ترتضيه للبلاد وخيانة غير مقبولة للوطن".

ويثير هذا التوتر المتصاعد مخاوف من عودة البلاد الى حالة الفوضى التي مكنت التنظيمات الارهابية من اتخاذها مركزا لتجميع عناصرها مستغلة صراع الفرقاء وهو ما يمثل خطرا على ليبيا ودول المنطقة عموما.

ونتيجة لهذه الأوضاع المتفجرة في البلاد،سارع الاتحاد الافريقي للدعوة إلى تنظيم مؤتمر حول ليبيا مطلع تموز/يوليو؛ لمحاولة دفع الليبيين إلى الحوار والتوافق حول نقاط الاختلاف بما يسّهل الوصول إلى تسوية شاملة، مطالبًا بإجراء انتخابات في هذا البلد في تشرين الأول/أكتوبر.

وجاء في بيان أصدره الاتحاد الإفريقي في ختام قمة عُقدت يومي الأحد والاثنين في العاصمة الإثيوبية أن الجمعية العامة كلّفت رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي بذل جهود "من أجل الدعوة لمؤتمر دولي في أديس أبابا في تمور/يوليو 2019، حول المصالحة في ليبيا بإشراف الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة".

وطلبت الجمعية العامة من المفوضية اتّخاذ "كافة الإجراءات اللازمة" مع الأمم المتحدة والحكومة الليبية "من أجل إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في تشرين الأول/أكتوبر 2019".

وقال مفوض السلم والأمن الإفريقى إسماعيل شرقى، إنه تم التوصل لاتفاق مع الأمم المتحدة للترويج لعقد مؤتمر مصالحة فى ليبيا وتنظيم إجراء الانتخابات المقبلة، داعيا لوقف التدخلات الخارجية فى ليبيا فورا.وأكد مفوض السلم والأمن الإفريقى، فى مؤتمر صحفى على هامش القمة الإفريقية، الإثنين، إن التدخلات الخارجية فى ليبيا تعقد الوضع وتكرس لعدم الاستقرار، موضحا أن القمة ناقشت الوضع الأمنى فى ليبيا وخاصة انتشار الميليشيات المسلحة والجماعات الأخرى.

وتأتي دعوة الاتحاد الافريقي في وقت تصاعد فيه الحديث حول صعوبة عقد المؤتمر الليبي الجامع أو تنظيم انتخابات في ظل التوترات المتتالية بين الأطراف السياسية والعسكرية وتواصل التدخل الخارجي الذي يؤجج الصراع في ليبيا ويحول دون الوصول لتسوية في هذا البلد الممزق.

وفي هذا السياق، قال مفوض السلم والأمن الإفريقى إسماعيل شرقى، إنه تم التوصل لاتفاق مع الأمم المتحدة للترويج لعقد مؤتمر مصالحة فى ليبيا وتنظيم إجراء الانتخابات المقبلة، داعيا لوقف التدخلات الخارجية فى ليبيا فورا.

وأكد مفوض السلم والأمن الإفريقى، فى مؤتمر صحفى على هامش القمة الإفريقية، الإثنين، إن التدخلات الخارجية فى ليبيا تعقد الوضع وتكرس لعدم الاستقرار، موضحا أن القمة ناقشت الوضع الأمنى فى ليبيا وخاصة انتشار الميليشيات المسلحة والجماعات الأخرى.

وتدعم دول إقليمية ودولية فى مقدمتها تركيا وقطر جماعات إرهابية ومتشددة بالمال والسلاح فى البلاد، وذلك لمواجهة الجيش الوطنى الليبى وإفشال مشروع الدولة الوطنية لإقامة مؤسسات قادرة على دحر الإرهاب ودعم مؤسسات الدولة أمام مشروع جماعات الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الاخوان.

وأوضح إسماعيل شرقى، أن تأثيرات الوضع فى ليبيا تمتد إلى دول الجوار، موضحا أن الهجوم الإرهابى الأخير فى تشاد دليل على ذلك، موضحا أنه سيتم اتخاذ قرار بشأن عقد المصالحة الليبية فى ختام القمة، مؤكدا أنه حان الوقت لدعم المجتمع الدولى لتحديات الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة بشأن ليبيا لوقف التدخلات الأجنبية فورا ومعالجة الوضع الأمنى.

الجدير بالذكر أن الاتحاد الأفريقي قد شكّل العام 2011 في قمته بأديس أبابا، لجنة للوساطة في أزمة ليبيا، تتكون من 5 رؤساء دول هم رؤساء مالي السابق، أمادو توماني توري وجنوب أفريقيا جاكوب زوما وموريتانيا محمد ولد عبد العزيز والكونغو دنيس ساسو نغيسو وأوغندا يويري موسيفيني.وبعد رفض وساطته فى فبراير/شباط 2011،إعتزل الاتحاد الإفريقى التدخل فى الأزمة الليبية.

وفي الوقت الذي تم فيه تهميش دوره من قبل فاعلين آخرين دوليين مثل ايطاليا وفرنسا، قرر الاتحاد الأفريقي، في قمته التاسعة والعشرين بأديس أبابا في يوليو 2017،تسريع جهوده في المساعدة على التفاوض للوصول إلى تحقيق السلام والإستقرر في ليبيا،حيث أعادت جمعية الاتحاد الأفريقي التأكيد على نيتها في الدعوة إلى حوار مصالحة وطني.ومنذ مؤتمر يوليو 2016 في كيغالي أعرب الاتحاد الأفريقي عن اهتمامه بإطلاق مثل هذا الحوار، إلا أنه لم يكن بإمكانه فعل ذلك،فيما تعددت المبادرات غلى غرار الفرنسية والايطالية.

وتعول الأطراف الليبية على الاتحاد الافريقي لتحقيق تسوية في البلاد ومنع أى تدخلات خارجية تخدم أجندة إقليمية بعينها وتضر مصالح الشعب الليبى.وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يتولى رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي،على أهمية إيجاد "حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية".

ويرى مراقبون،أن جهود الاتحاد الافريقي قد تنجح في انقاذ الاستحقاقات الليبية القادمة من خلال تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين وانهاء الصراعات المتجددة في هذا البلد الافريقي.ويستدل هؤلاء بنجاح وساطة الاتحاد الأفريقي في أزمة أفريقيا الوسطى والتي أثمرت الأربعاء توقيع اتفاق سلام في بانغي.