اختار خليفة حفتر،القائد السابق للجيش الليبي،الرابع عشر من فبراير ،أياما قليلة قبل اطفاء الشمعة الثالثة لثورة "17 فبراير2011" تاريخا رمزيا ليعود به الى دائرة الاضواء بعد غياب طويل عن دوائر القرار و السلطة ،في بيان وصفه البعض بالانقلاب ،غير ان صاحبه قد نفى عنه تلك الصفة "المريبة" مشددا على أن تحركه ليس "تمهيداً للحكم العسكري، بل وقوفاً إلى جانب الشعب الليبي" وأعلن خارطة طريق مؤلفة من 5 بنود. (http://bit.ly/1ds2i31)

في بيانه حاول حفتر الظهور بذات الشكل الذي ظهر به وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي عشية 30 يوينو 2013 حين أعلت خارطة طريق أنهت فترة الحكم الاخواني المظلمة،فقد اعتمد حفتر تقريبا نفس العبارات "كحماية الجيش للشعب" و "تعلن القيادة العامه للجيش الوطنى عن مبادرتها لتقديم خريطة طريق ستعلن تفاصيلها خلال ايام، بعد دراستها مع كل القوى الوطنية ومناقشتها مجتمعياً وعبر الاعلام" .

اللواء خليفة حفتر ولد في ليبيا و درس فيها العلوم العسكرية ليتدرج في سلم الرتب داخل الجيش الليبي حتى بلغ رتبة عقيد و قائدا عاما للجيش وحصل على العديد من الدورات العسكرية منها(قيادة الفرق) في الاتحاد السوفياتي سابقا،كما شارك في أكتوبر 1973 في حرب العبور و تحرير سيناء في الفرقة الليبية المعاضدة للقوات المسلحة المصرية،و كان قبلها عضوا في مجلس قيادة الثورة الذي أسسه القذافي سنة 1969 لقيادة البلاد حتى "اعلان قيام سلطة الشعب" في 2 مارس 1977.و مع بداية العام 1978 دخلت العلاقات الليبية – التشادية في نفق صراع عسكري لم ينتهي الا في العام 1987 وخلال هذه الفترة خاض البلدان العديد من المعارك  ليشهد الصراع أربعة تدخلات عسكرية  ليبية منفصلة في تشاد، في 1978، 1979، 1980–1981 و1983–1987.

الحرب الليبية - التشادية 

قاد حفتر خلال حقبات الصراع مع تشاد الجيش الليبي  وانتصر في العديد من المعارك  واحتل منطاق واسعة من اقليم "أوزو" غير أن حفتر و قواته قد منيوا بهزيمة حاسمة في معركة  وادي الدوم التي دارت رحاها يوم 22 مارس 1987 وقتل فيها 1,269 جندياً ليبياً وأسر 438 كان من بينهم العقيد الركن خليفة حفتر والمقدم الركن عبدالله الشيخي. كما قتل  274 جنديا وأسر 16 في معركة (فايا لارجو) يوم 27 مارس 1987 .داخل سجنه في العاصمة التشادية أنجمينا بدأ حفتر يحضر لعملية انشقاق واسعة صحبة عدد من جنوده و رفاقه في قيادة الجيش عن "القذافي" معتبرا أن "القيادة قد خانت جيشها و تركته فريسة للاعداء" ،نقاشات بدأت في العام 1987 و انتهت  أواخر 1987،حين شكل حفتر ما عرف "بالجبهة الوطنية للانقاذ"  و أعلن في 21 يونيو 1988 عن إنشاء الجيش الوطني الليبي ،ذراعا عسكريا تابعا لها يقاتل من أجل افتكاك السلطة من "قائد ثورة سبتمبر".

بعد وصول الرئيس ادريس ديبي الى سدة الحكم في التشاد في الأوَّل من ديسمبر 1990 دخلت العلاقات التشادية الليبية طورا جديدا من التحسن مما أدى الى الافراج عن المعتقلين من أبناء الجيش الليبي لينفرص عقد "الجيش الوطني الليبي المعارض" بعد أن قرر العديد من أعضائه العودة الى الوطن فيما قررت القيادات اللجوء الى المنافي الباردة في الولايات المتحدة و أروروبا و من بينها قائده "خليفة حفتر" الذي رحلته طائرة عسكرية أمريكية الى مدينة كاليفورنيا الامريكية حيث سيقضي عشرين سنة بعيدا عن الاضواء في منفاه البعيد.

و مع انطلاقة ثورة 17 فبراير 2011 عاد اسم حفتر الى التدوال في وكالات الانباء و الفضائيات محللا للشأن الليبي و فاعلا على الارض بعد العودة الى الوطن في مارس 2011 مع دخول قرار مجلس الامن بالسماح للحلف الاطلسي بضرب ليبيا،خلال إعادة تشكيل الجيش الوطني الليبي في نوفمبر 2011، توافق نحو 150 من الضباط وضباط الصف على تسمية خليفة حفتر رئيساً لأركان الجيش، معتبرين أنّه الأحقّ بالمنصب نظراً لـ"أقدميته وخبرته وتقديراً لجهوده من أجل الثورة" على حد قولهم ،غير أنم جهات سياسية عديدة في البلاد تعتبره "أمريكي الهوى" بعد أن قضى أزيد من عشرين سنة في الولايات المتحدة فيما أكدت جهات أخرى ان الرجل ذي "أجندة أجنبية لاوطنية"،كما يحسب حفتر على القوى الليبرالية المضادة للتيار جماعة الاخوان المسلمين و حلفائهم من بقايا الجماعة الليبية المقاتلة و القوى السلفية .

أثارت تصريحات حفتر الصحافية و لقالءاته بالاعلام الكثير من الجدل في ليبيا و ليس أقله تصريحه الشهير حول دوافع بناء الجيش الوطني الليبي و هي أن "مصر و تونس أعداء لليبيا لانهم فقراء و محتاجين لليبيا و طامعين في الثروة الليبية "حتى أن البعض قد ذهب الى أن سنوات المنفى الطويلة في الولايات المتحدة جعلت من الرجل "انعزاليا" في السياسة(http://bit.ly/1eVFKcD)،كما أنه ادعى في أكثر من مرة نجاته من محاولات اغتيال كان أخرها في 31 ديسمبر 2013 ،حين أكدت مصادر مقربة من حفتر انه قد نجا من محاولة اغتيال بعد ان تم إطلاق الرصاص على منزله بالعاصمة الليبية طرابلس، يذكر ان هذه هي المرة الثانية التي ينجوا منها اللواء حفتر حيث ايضا تم استهداف موكبه أثناء رجوعه الى منزله ببنغازي في يونيو 2012.فهل ينجح حفتر في السير على خطى السيسي في تشكيل هئة حكم انتقالية و حماية الشعب من تجاوزات المليشيات و تغول التيارات الاخوانية في الدولة أم ان حركته التصحيحية لن تدوم طويلا أمام تصلب القوى الحاكمة اليوم في البلاد خاصة اذ ما قارنا قوة الجيش الليبي بالجيش المصري و موازين القوى العام في البلاد اليوم.