كان لأحداث 2011 تأثير بالغ السلبية على نشاط  القطاع النفطي في ليبيا حيث تم إغلاق الموانئ وخطوط الأنابيب من قبل المجموعات  المسلحة لأسباب مختلفة فضلا عن استهداف المنشآت النفطية جراء الاشتباكات المسلحة والهجمات الإرهابية، وهو ما أدى إلى خسائر كبيرة ساهمت في تردي الأوضاع الاقتصادية في بلد تمثل العائدات النفطية فيه العماد الرئيسي للاقتصاد.

وشهدت البلاد خلال السنوات الماضية أزمة اقتصادية تاريخية، ترنحت فيها عائدات النفط وتناقصت بشكل مخيف ومتسارع لتشهد هبوطا بنحو307 مليار دينار في عام 2016 بعد أن كانت 770 مليار دينار في عام 2011 وقفزت فيها معدلات التضخم من 9.5% إلى 24% خلال الفترة نفسها، وكل هذه العوامل أسهمت بشكل أساسي في تدهور الوضع الاقتصادي وتوقف معظم الأنشطة الاقتصادية وبخاصة الصناعة التحويلية وقطاع الزراعة والبناء والتشييد وقطاع السياحة وتدهور قطاع التعليم والصحة فضلا عن انخفاض حاد في إجمالي الصادرات وتآكل الاحتياطي الأجنبي. إلا أنها مؤخرا، قفزت إيرادات المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، بنسبة 78%، خلال العام الماضي 2018، لتصل إلى 24.4 مليار دولار، رغم ما أسمته المؤسسة بالظروف الصعبة التي يعشيها العاملون في قطاع النفط جراء الاعتداءات المتكررة على حقول إنتاج الخام.

وقالت المؤسسة في بيان على موقعها الإلكتروني، إنها سجلت متوسط انتاج يومي بلغ 1.107 مليون برميل خلال عام 2018، وهو ما جمع ايرادات بقيمة 24.4 مليار دولار خلال العام، محققة بذلك أعلى إيرادات منذ خمس سنوات، حيث تقدر قيمة الزيادة بحوالي 78% مقارنة بعام 2017.

وقدم رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، البيانات المالية لعام 2018 وخطط الشركات التابعة للمؤسسة لعام 2019، خلال مؤتمر صحفي عقد في بنغازي الأحد، بعد اجتماعات الجمعيات العمومية السنوية بين مجلس إدارة المؤسسة وشركات القطاع، والتي استمرت لمدة اسبوعين.

وقال صنع الله، "لقد تمكنت المؤسسة الوطنية للنفط من تحقيق أعلى مستويات إنتاج وأعلى إيرادات منذ عام 2013، ولكن لم يكن ذلك بالأمر الهين، فقد ضحى بعض الزملاء بأرواحهم في سبيل ذلك، كما تعرّض بعض الموظفين للخطف والضرب والإهانة، وهناك من يعمل في هذه اللحظة بالذات في ظلّ ظروف صعبة للغاية".

ويبدو أن التحسن القياسي في إنتاج النفط ليس كافيا لإنقاذ الاقتصاد الليبي حيث تطرق تقرير البنك الدولي بعنوان "آفاق اقتصادية" إلى أنه على الرغم من العائدات النفطية فإن المالية العامة ظلت تحت الضغط بسبب زيادة وجمود المصروفات الجارية بفعل دوافع سياسية، وتضاعفت إيرادات الموازنة لثلاثة أمثالها عام 2017، وبنسبة تصل إلى 31.8% من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي، مقارنة بعام 2016، غير أن هذه الإيرادات لم تكن تكفي حتى لتغطية أجور الموظفين العموميين.

ويعتبر مراقبون أن القضاء على الاقتصاد الموازي هو أهم أولويات هذه المرحلة حتى يتحسن الوضع الاقتصادي العام وتستفيد البلاد من زيادة أسعار النفط وارتفاع الإنتاج، فلا يمكن الحديث عن اقتصاد حقيقي في ليبيا في ظل تضخم عمليات التهريب بأنواعها سواء تهريب البشر أو الوقود والسلع المدعمة وكذلك تهريب المخدرات.

حيث كشف رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في البلاد أن خسارة ليبيا من عمليات التهريب المنظم للوقود تصل إلى 750 مليون دولار سنويًا، إذ تهرب سفن ليبية الديزل إلى سفن دولية في البحر، بينما يتم تهريب البنزين عبر حدود ليبيا البرية، وتشير تقديرات المؤسسة إلى أن ما بين 30 و40% من الوقود المكرر في ليبيا أو المستورد من الخارج يتعرض للسرقة أو التهريب.