وسط هدوء حذر، انتهى الاجتماع الثاني برعاية الأمم المتحدة إلى تثبيت وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس  وبناءً على الاجتماع الأول، الذي عُقد الثلاثاء في الرابع من الشهر الجاري، خرج المتقاتلون  بالاتفاق على «تجميد حركة القوات، واستحداث آلية مراقبة وتحقّق لتثبيت وقف إطلاق النار، ووضع خطة لانسحاب التشكيلات المسلحة من المواقع السيادية والمنشآت الحيوية، وإحلال قوات نظامية» مكانها، بحسب ما جاء في بيان بعثة الأمم المتحدة.

تتحرّك البعثة الأممية خاصة في الفترة الأخيرة في إتجاه إقرار هذا التمشي بعد فشل كل المحاولات السياسية لإيجاد خطة لإرساء الإستقرار بالبلاد.

ترتيبات أممية

أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، يوم أمس الخميس، عن بدء الاجتماع الفني بالترتيبات الأمنية في طرابلس بحضور نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية ستيفاني وليامز ووزير الداخلية بحكومة الوفاق عبد السلام عاشور.

وأضافت البعثة، خلال بيان لها يوم الخميس "إن الاجتماع ضم أيضا كلا من عبد الرحمن الطويل ومحمد حداد وأسامة الجويلي ومحمد زين وحسين عبد الله وقادة عسكريين آخرين".

وكانت البعثة الأممية قد عقدت عدة اجتماعات للترتيبات الأمنية بعد عقد اتفاق على وقف إطلاق النار بعد اشتباكات مسلحة في طرابلس.

قال المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، أن الترتيبات الأمنية الخاصة بالعاصمة طرابلس، والتي تمت مناقشتها خلال اجتماع جمعه ونائبته، ستيفاني ويليامز، برئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، ووزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق، عبد السلام عاشور، وعدد من القادة العسكريين، ستكون مفاجئة بجذريتها وفاعليتها، مضيفاً أن بعض من هذه الترتيبات قد بدأ بالفعل.

وتابع،  "تحدثنا مع كافة الأطراف باستثناء هؤلاء الذين يدعمون الإرهابيين، وثمة استعداد من كافة الأطراف لتقديم التضحيات اللازمة لإنجاح الترتيبات الأمنية"

وأضاف سلامة خلال مؤتمر صحفي ، أنه "يعلم من قام بقصف مطار معيتيقة في المرتين، الثلاثاء الماضي ومنذ ٤ أيام"، بحسب قوله، محذرا إياه من أنه سيقوم بتسميته، إذا أقدم على تكرار قصف المطار.

يرى مراقبون أن كلام سلامة يكشف عن المنهج الذي تتبعه الأمم المتحدة، ومن ورائها الدول الكبرى، في التعامل مع أزمة طرابلس، وهو وقف القتال أولاً تمهيداً للبحث عن حل وسط. ولكن بقدر ما لهذا المنهج من إيجابية لقدرته على توفير السلم، إلا أنه يحمل سلبيات بالنسبة إلى حكومة فائز السراج ،فجلوس أطراف الاشتباكات على طاولة مستديرة يضعف موقف حكومة «الوفاق الوطني» المُعترَف بها دولياً، ويضفي «شرعية» على وجود تلك الميليشيات، بل قد يفتح الباب أمام ميليشيات أخرى غير راضية بنصيبها من الموارد الاقتصادية للعبث بأمن العاصمة، طمعاً بمفاوضات تحفظ لها مكانتها على الطاولة.

اللواء السابع يتفاعل

رحب اللواء السابع مشاة فى ترهونة بكافة الحلول  ومنها الحلول السلمية التي تفضي إلى تحقيق مطلب الشعب الليبي وهو حل المليشيات بالعاصمة طرابلس.

وطمأن اللواء السابع مشاة في ليبيا كل الليبيين بأنه لن يترك طرابلس وليبيا تعاني الويلات نتيجة سيطرة المليشيات عليها, مؤكدا أنه مستمر في عملية تطهير طرابلس من هذه المليشيات.

وقال المتحدث الرسمى باسم اللواء السابع سعد الهمالى انه يسعى جاهدا لتحقيق هذه العملية بالجلوس على طاولة المباحثات مع هذه المليشيات وغيرها من الأطراف، موضحا ان هدف العملية الخروج بأقل الخسائر.

واتفقت الأطراف الليبية المشاركة في اجتماع بمدينة الزاوية على بحث الترتيبات الأمنية في طرابلس، على تجميد حركة القوات واستحداث آلية مراقبة وتحقق لتثبيت وقف إطلاق النار ووضع خطة لانسحاب التشكيلات المسلحة من المواقع السيادية والمنشآت الحيوية وإحلال قوات نظامية في طرابلس.

يشير متابعون أن اللهجة التي جاء بها بيان «اللواء السابع» تشي بأن الأخير لم يتراجع بعد عن هدفه الذي أطلق الهجوم لأجله، وهو «تخليص العاصمة من دواعش الأموال العامة»، قاصداً الميليشيات الطرابلسية التي تضخمت في الأعوام القليلة الماضية إثر خروج أغلب قوات مدينتَي مصراتة والزنتان من العاصمة، وصارت تتبع وزارتَي الداخلية والدفاع في حكومة «الوفاق الوطني»، وتتلقّى إضافة إلى الاعتمادات الرسمية (رواتب وأموال تسليح) إتاوات من الشركات والمحال التجارية، وتنخرط في تجارة العملة الصعبة.

في المقابل، لا يقلّ موقف ميليشيات العاصمة حدة عن «اللواء السابع». وعلى رغم عدم إصدارها بيانات في الأيام الماضية، إلا أن الأنباء المسربة تشير إلى عقدها اجتماعات تنسيقية في ما بينها لتوحيد الجهود في حال عودة القتال، مع الإشارة إلى أن الميليشيات الطرابلسية الكبرى، على غرار «كتيبة ثوار طرابلس» و«قوة الردع الخاصة» و«النواصي» و«الإدارة العامة للأمن المركزي ـــ فرع أبو سليم»، لن تتنازل بسهولة عمّا راكمته من مكتسبات، وفق ما تبين التصريحات وعمليات التعبئة خلال فترة القتال.

دور المؤسسة العسكرية

 قالت مصادر مطلعة لجريدة العرب اللندنية إن أي ترتيبات لحفظ السلام في العاصمة طرابلس لا بد أن تنزع سلاح الميليشيات أولا، وإن هذه القناعة صارت جزءا من مبادرة تتبناها إيطاليا وتراهن على دور أساس للجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر.

وقالت إن المشير حفتر لن يدخل العاصمة إلا في حال استدعائه كمنقذ وقائد عسكري يملك قوات منظمة، تستطيع بعد التوصل إلى تفاهمات مع قيادة اللواء السابع وجميع العناصر العسكرية الوطنية الموجودة في الغرب الليبي، حماية طرابلس وعودة الهيبة لمؤسسات الدولة.

وأوضحت المصادر التي تحدثت من مدينة ترهونة (جنوب طرابلس) أن فشل سيناريو التفاهم مع قيادات الميليشيات على صيغة للخروج الآمن يعني أن الخيار الوحيد سيكون اللجوء إلى ضربات تقضي على القوة الرئيسية لعناصرها المتمركزة في أماكن محددة ومعروفة.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، الأحد، أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية تعتزم شن ضربات جوية عن طريق طائرات مسيرة من قاعدة بمطار صغير في بلدة ديركو بالنيجر ضد إرهابيين، من القاعدة وداعش، يتمركزون في ليبيا.

و رجحت المصادر الليبية المطلعة أن سيناريو الضربات هو المرجح لأن العناصر الوطنية في المؤسسة العسكرية الليبية لن تستطيع بمفردها إحكام السيطرة على طرابلس في ظل احتفاظ الميليشيات بجزء كبير من قوتها، كما أن اللواء السابع لم يخض معارك حقيقية على الأرض، ويسيطر حاليا على أماكن مفتوحة، ويخشى دخول أماكن مكتظة بالسكان خوفا من وقوع ضحايا، ما يؤثر على شعبيته التي اكتسبها من إعلاء الخطاب الوطني وعودة الاستقرار للبلاد والحفاظ على أرواح المدنيين.

ويستعد الجيش الوطني بقيادة حفتر القيام بعملية عسكرية كبيرة في الجنوب الليبي لتنظيفه من الإرهابيين الذين فروا إليه، بعد معارك الهلال النفطي ودرنة في الشرق، ليضمن السيطرة على جزء كبير من الأراضي، وتبقى المعركة الحاسمة في طرابلس.