أسدل الستار على المؤتمر الذي أقيم في باليرمو لعقد المصالحة الليبية،أفرز المؤتمر ردود فعل متباينة بين الدّاخل و الخارج بين مستبشر بأنه نجح في تخطيط أهدافه و بين من يراه إمتداد لمسيرة فشل دولية لحلحلة الملف الليبي.

الملفت في الأمر أن هذا المؤتمر خلّف معادلة دولية جديدة بين مختلف المتدخلين في الملف الليبي يمكن رصد هذا من خلال خارطة المشاركين.

حضور باهت للكبار

أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الحكومة ديمتري ميدفيديف وهو  الأعضاد التي يعوّل عليها كثيرا الرئيس بوتين، فيما تُقرّر الولايات المتحدة الأميركية أن ترسل مستوى دبلوماسياً ثالثاً إلى مؤتمر باليرمو تمثّل بديفيد ساترفيلد أحد مساعدي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إذ يقرّ متابعين للسياسة الأمريكية إن واشنطن أرسلت رجلاً دبلوماسياً خبيراً بأزمات الشرق الأوسط.

وأصدرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، (هيذر نويرت)، اليوم الأربعاء، بيانا أعلنت فيه الموقف الأمريكي من نتائج مؤتمر (باليرمو).

وجاء في البيان أن أمريكا ترحب بنتائج مؤتمر باليرمو، التي أعلنتها حكومة إيطاليا.

وأكد البيان أن أمريكا تريد مساعدة المؤسسات الليبية، على كسر الجمود السياسي، وضمان مستقبل آمن ومزدهر لكافة الليبيين.

وأعلنت أمريكا أنها تدعم بقوة (غسان سلامة)، وخطته التي أعيد تقويمها، وقدمت لمجلس الأمن في نوفمبر.

وأكدت أنها تدعم عقد مؤتمر وطني، تقوده ليبيا في الأسابيع الأولى من العام 2019، لتبدأ العملية الانتخابية اللاحقة في ربيع العام 2019.

وطلبت أمريكا من كافة الليبيين على العمل، بشكل بناء، مع (غسان سلامة)، لإجراء انتخابات موثوقة وسلمية، ومعدة بشكل جيد.

في قراءة لحصيلة هذه المشاركة يشير مراقبون أنه من الملاحظ أن الولايات المتحدة ليست متحمسة لمسار باليرمو أي أنها ليست في عملية تقاطع مع الرؤية الإيطالية للملف الليبي .

أما في الجانب الروسي،أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لقناة آرتي، أن موسكو تولي اهتماما خاصا للأزمة في ليبيا والجهود الدولية المبذولة لتسويتها بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وقال بوغدانوف في مقابلة خاصة، إن المؤتمر حضره أربعة زعماء ليبيين يتنازعون حاليا النفوذ السياسي في البلد – اثنان منهم استقرا في طرابلس في حين ينشط الاثنان الآخران في شرق البلاد.

و أضاف بأن المؤتمر حظي  باهتمام كبير من جانب المجتمع الدولي ما أدّى إلى وصول عدد كبير من الوفود الممثّلة على مستوى رؤساء الدول أو رؤساء الوزراء أو وزراء الخارجية، فترأس رئيس الوزراء دميتري مدفيديف الوفد الروسي وهذا يشير إلى الاهتمام الذي توليه روسيا للأزمة الليبية والجهود الموجّهة إلى تسوية الأمور في هذه البلاد بالتعاون مع الأمم متحدة، التي أوفدت إلى هذا المؤتمر مبعوثها الخاص إلى ليبيا السيد غسان سلامة.

وئام فرنسي إيطالي

إثر مؤتمر و على عكس التوقعات التي أكّدت على تفاقم الخلاف الفرنسي الإيطالي فإنه إستجدّ تقارب في وجهات النظر بين الطرفين حول الملف الليبي حيث قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبّي كونتي، إن هناك إنسجاماً في المواقف مع فرنسا بشأن ليبيا.

وأضاف رئيس الحكومة في مقابلة مع صحيفة  "لا ستامباالإيطالية، الإثنين، "تحدثت مرارًا مع الرئيس (الفرنسي إيمانويلماكرون"، بشأن قمة باليرمو، وقد "تبادلنا يوم السبت آخر التحديثات حول ليبيا"، موضحاً أن "هناك انسجاماً في وجهات النظر من ناحية الجوانب الأساسية والأهداف المشتركة"، وفق وكالة "آكيالإيطالية.

فيماقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إنَّ تسوية الأزمة الليبية وتداعياتها الاقتصادية والأمنية وأزمة الهجرة، أولوية من أولويات فرنسا وإيطاليا وجميع الدول المجاورة.

ودعا لودريان، المجتمع الدولي بضرورة أن يتحد ويعقد العزم على دعم مساعي الجهات الفاعلة الليبية ونشاط بعثة الأمم المتحدة لحل المشاكل التي تعاني منها ليبيا وصولاً إلى تسوية جذرية واستقرار دائم.

ولفت لودريان، إلى أنَّ فرنسا أكدت التزامها بِالوعود التي قطعتها خلال لقاء باريس في مايو الماضي، الذي تمَّ بناء على دعوة من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.

يرى مراقبون أن دوافع هذا الإنسجام الفرنسي الإيطالي مردّه هو حتمية العمل المشترك خاصة حول مخاطر الهجرة التي تأتي من ليبيا و تستهدف الطرفين بنفس الدرجة فضلا عن يقين الجانبين بأن المغالبة لا يمكن أن تكون في مصلحة أحد.