يشن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي عملية عسكرية بهدف تحرير العاصمة الليبية من قبضة المليشيات المسلحة التي تسيطر عليها منذ سنوات.وفي الوقت الذي تستمر في الاشتباكات في عدة محاور في طرابلس،يتصاعد الحديث حول نية الجيش الليبي فتح محور قتال جديد في مدينة سرت الساحلية التي تقع في وسط ليبيا وتسيطر عليها ميليشيات من مدينة مصراتة القريبة منها بغرب البلاد، والمتحالفة مع ميليشيات أخرى في طرابلس.

وأكدت تقارير اعلامية أن الجيش الوطني الليبي يستعد لدخول مدينة سرت،خلال الساعات القادمة لفتح محور الساحل باتجاه طرابلس مرورا بمصراتة.ونقلت "العربية" عن مصادر قولها أن هناك مجموعة من الوحدات على مشارف المدينة.ومن المتوقع، أن تحمل الساعات القادمة في طياتها بدء الاشتباكات في المدينة التي تسيطر عليها قوات تابعة الوفاق.

ومن جهته أكد مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش الليبي، خليفة العبيدي عبر صفحته بموقع "فيسبوك" أن الجيش جاهز لمعركة سرت.

ويبدو أن المجموعات المسلحة المسيطرة على مدينة سرت (قوة حماية سرت) والموالية لحكومة الوفاق قد استشعرت خطر اقتراب الجيش حيث سارعت لاعلان استعدادها للمواجهة.

وأعلن الناطق باسم قوة حماية وتأمين مدينة سرت التابعة لحكومة الوفاق طه حديد، أن القوات مستعدة لصد أي هجوم خلال الأيام المقبلة.مضيفا أن الأوضاع مستقرة في سرت حتى الآن، فيما تقوم الدوريات بعملها في داخل سرت وفي الأودية على أطراف المدينة، وأنه لم يرصد أي تغير عن الأيام الماضية حتى الآن.

وبين حديد في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أنه تم استدعاء كافة التشكيلات الخاصة بقوة حماية المدينة خلال الأيام الماضية، في حين أنه  لم ترصد أي قوات أخرى بالقرب من المدينة. مؤكدا عدم وقوع أي اشتباكات أو مؤشرات على ذلك خلال اليوم السبت.وأشار إلى أن القوات تتوقع شن عناصر تنظيم داعش، هجوما إرهابيا على المدينة، خاصة بعد العملية التي نفذت في الجنوب الأيام الماضية.

وعانت مدينة سرت الليبية،من ويلات الإرهاب بعد سقوطها في قبضة تنظيم "داعش" الارهابي الذي جعل منها أهم معقل له في ليبيا والمنطقة،حيث مارس فيها جرائمه البشعة التي مازالت عالقة في اذهان الليبيين.وعلى الرغم من الاستقرار النسبي الذي تشهده المدينة منذ تحريرها،الا أنها ما زالت تئن من مخلفات الحرب،والمخاوف المتواصلة من مخاطر مازالت قائمة.

وقبيل الإعلان الرسمي عن انطلاق معركة طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، نشر المكتب الإعلامي للجيش الوطني الليبي تسجيلات مصورة لقوات تتحرك على طريق ساحلي من بنغازي، المدينة الرئيسية في شرق البلاد، نحو الغرب.ونقلت وكالة "رويترز" حينها عن أحد سكان رأس لانوف، وهي بلدة نفطية في شرق البلاد تقع على الطريق الساحلي، قوله إنه رأى "دبابات وأرتالا عسكرية مدججة بالأسلحة الثقيلة متجهة نحو غرب ليبيا في اتجاه مدينة سرت".

لكن الجيش الليبي فاجأ ميليشيات العاصمة، وأعلن معركة "طوفان الكرامة" في طرابلس، انطلاقا من الجنوب، بينما ظلت القوافل التي أظهرها تسجيل مصور نشره مكتب الإعلام بالجيش، وتضم مركبات مدرعة وشاحنات عليها أسلحة ثقيلة مرابطة على الحدود مع سرت.

ومع انطلاق عملية تحرير العاصمة،أكد الناطق باسم الجيش الوطني الليبي أن معركة طرابلس تتم عبر 7 محاور حدودية إدارية.وبعد أسبوع من المعارك توقع المسماري،فتح محور ثامن "خلال الأيام المقبلة"، قد يحرر العاصمة من قبضة الميليشيات والجماعات الإرهابية والمتطرفين.

ويبدو أن المحور الثامن قد يكون هو مدينة سرت الساحلية التي تقع في وسط ليبيا وتسيطر عليها ميليشيات من مدينة مصراتة القريبة منها بغرب البلاد، والمتحالفة مع ميليشيات أخرى في طرابلس كما تنتشر فيها عناصر "سرايا بنغازي" الهاربة من المدينة منذ 2014،وبعض العناصر الارهابية الفارة من مدينة درنة بعد تحريرها.

وفي أواخر أبريل الماضي،وجهت غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة للجيش الوطني الليبي تحذيرًا شديد اللهجة إلى قوات حكومة الوفاق المتواجدة داخل مدينة سرت.وأمهلت الغرفة التي يقودها اللواء سالم ذرياق الفرجاني، مليشيات ما يسمى "قوات البنيان المرصوص وقوات حماية سرت" 48 ساعة لتسليم أسلحتها للجيش ومغادرة المدينة.

ونقل موقع "ارم نيوز" عن المتحدث باسم غرفة الخليج العسكرية التابعة للجيش الليبي حسن بن طاهر تأكيده صدور التحذير، مشيرًا إلى أن كل من يخالف الأوامر من المليشيات ولا يمتثل لها يتحمل مسؤولية ما سيحدث.فيما قالت مصادر إعلامية محلية إن أرتالا مسلحة شوهدت تخرج من مدينة مصراته باتجاه مدينة سرت، التي تعد البوابة الشرقية لمدينة مصراته، تحسبًا من هجوم وشيك للجيش الوطني الليبي.

ويرى مراقبون أن الجيش الليبي لا ينظر إلى سرت على أنها معقل للإرهابيين فحسب، بل لأهميتها الاقتصادية أيضًا؛ حيث تطل المدينة على البحر المتوسط شمالا، من ثم تسمح السيطرة عليها بتضييق الخناق على الإرهابيين وتغلق أمامهم أهم أبواب ومنافذ التمويل والدعم، يضاف إلى ذلك قربها الجغرافي من الهلال النفطي، وهو ما يقلق الجيش الليبي من احتمالية تنفيذ هجمات مرتدة منطلقةً من المدينة على الهلال.

وخلال الأيام الماضية، كثف الجيش الوطني الليبي هجماته الجوية، في إطار العملية التي سماها "طوفان الكرامة"، وتهدف إلى تخليص العاصمة الليبية من سيطرة الميليشيات.وقال العميد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية،في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية،الجمعة،أن تحرير العاصمة دخل مرحلته الثالثة وأن عملية التحرير اقتربت جدا.

وأطلق الجيش الليبي،مطلع رمضان، المرحلة الثانية من عملية "طوفان الكرامة"، لتحرير طرابلس من الجماعات الإرهابية، وفق بيان صادر عن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابعة للقيادة العامة، جاء فيه أن القوات المسلحة تواصل عملياتها العسكرية للقضاء على الإرهاب والإرهابيين والعابثين في البلاد، مؤكداً مضي القوات في استكمال مهمتها.

ودعا قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الأحد الماضي، إلى استمرار القتال في العاصمة طرابلس، وقال في بيان مصور ألقاه الناطق باسم الجيش الوطني، أحمد المسماري، موجه إلى آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية،أن "المعارك التي خاضها الجيش في السابق في شهر رمضان، لم تتوقف عند مدينتي بنغازي ودرنة، بل زادته عزماً وقوة"، مشددًا على ضرورة أن "تطارد قواته العدو، باندفاع قوي في حالة انسحابه والقضاء عليه".