يثير صمت روسيا إزاء التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الموانئ النفطية في ليبيا تساؤلات المراقبين حول دوافع هذا الصمت وما إذا كان مقدمة للتنازل عن القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، الذي لا تخفي رهانها عليه في محاربة الإرهاب.

وعلى خلاف الدول الغربية التي أصدرت بيانا دعت فيه للتهدئة وتجنب التصعيد عقب سيطرة ميليشيات ما يسمى بـ"سرايا الدفاع عن بنغازي" على ميناءي السدر ورأس لانوف، فضلت روسيا الصمت.

ورغم دعم موسكو المعلن للمشير خليفة حفتر إلا أن موقفها المتذبذب إزاء ما يحدث في ليبيا يشير بحسب مراقبين إلا وجود انقسام بالخصوص لدى المسؤولين الروس.

وبحسب هؤلاء فإن وزارة الخارجية الروسية تدعم المفاوضات الرامية للتوصل إلى حل بين حفتر والمجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج، في حين يدعم شق آخر في وزارة الدفاع والكرملين مقترحا بدعم حفتر لبسط كامل سيطرته على ليبيا. 

ورغم هذا الانقسام، إلا أن ما كشف عنه رئيس مجموعة "آر إ سبي الأمنية الروسية"  أوليج كرينيتسين، يشير إلى أن الغلبة للتيار الداعم لحفتر.

وقال كرينيتسين في تصريحات نقلتها عنه وكالة رويترز للأنباء إن قوة من بضع عشرات من المتعاقدين الأمنيين المسلحين من روسيا عملوا حتى الشهر الماضي في جزء من ليبيا تحت سيطرة الجيش الوطني.

ويرى متابعون أن هذه إشارة على استعداد موسكو لتعزيز الدعم الدبلوماسي العلني لحفتر حتى وإن هدد ذلك بإثارة قلق الحكومات الغربية الغاضبة بالفعل من تدخل روسيا في سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد.

ويقول رئيس الشركة إن وجود المتعاقدين العسكريين ترتيب تجاري. لكن أشخاصا يعملون في مجال الأمن في روسيا يقولون إن ذلك ما كان ليحدث على الأرجح من دون موافقة موسكو.

وأضاف كرينيتسين إنه بعث المتعاقدين إلى شرق ليبيا الشهر الماضي وتم سحبهم في فبراير شباط بعد إنجاز مهمتهم.

وتابع أن مهمتهم كانت إزالة الألغام من منشأة صناعية قرب مدينة بنغازي بشرق ليبيا في منطقة كانت قوات حفتر قد حررتها من قبضة مسلحين إسلاميين.

ورفض الإفصاح عن الجهة التي استأجرت الشركة لتوفير المتعاقدين أو الكشف عن اسم المنشأة الصناعية. ولم يقل ما إذا كانت العملية حصلت على موافقة الحكومة التي تساندها الأمم المتحدة والتي يعتبرها معظم الدول الحاكم الشرعي لليبيا.

وسئل كرينيتسين عما إذا كانت المهمة حصلت على مباركة رسمية من موسكو فقال إن شركته لم تعمل مع وزارة الدفاع الروسية لكنها "تتشاور" مع وزارة الخارجية الروسية.

وقال إن المتعاقدين لم يشاركوا في القتال لكنهم كانوا مسلحين بأسلحة حصلوا عليها في ليبيا. ورفض تحديد نوع الأسلحة. ويمنع حظر للأمم المتحدة ليبيا من استيراد السلاح ما لم يكن ذلك تحت سيطرة الحكومة التي تساندها المنظمة الدولية.

وقال كرينيتسين إن المتعاقدين كانوا على استعداد للرد إذا تعرضوا للهجوم.

وأضاف "إذا كنا قد تعرضنا لاعتداء لكنا دخلنا المعركة بالطبع لحماية أرواحنا وأرواح عملائنا. ووفقا للعلوم العسكرية فإن الهجوم المضاد لا بد وأنه يعقب هجوما. هذا يعني أنه كان سيتعين علينا تدمير العدو."

ونقلت رويترز عن مسؤولين  عسكريين وحكومييين في شرق ليبيا إنهم لم يعلموا بوجود المتعاقدين في حين لم يرد حفتر على طلب للتعليق.

ولروسيا سجل من استخدام المتعاقدين العسكريين الخاصين كامتداد لجيشها. ففي سوريا قال عدة أشخاص شاركوا في العمليات القتالية لرويترز أن المتعاقدين العسكريين استُخدموا على نطاق واسع في أدوار قتالية إلى جانب القوات النظامية الروسية والقوات السورية المتحالفة معها. ولم تعترف موسكو باستخدام المتعاقدين الخاصين في سوريا.