لم تكن الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة كسابقاتها حيث مثلت نقطة تحول في موقف الدبلوماسي اللبناني إزاء الأزمة الليبية مما أثار ردود أفعال مختلف سواء في الشارع الليبي أو من قبل المتدخلين الدوليين في الأزمة الليبية.

وأكد مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة، خلال إحاطته سابقة قدّمها، إلى مجلس الأمن، أن للقوى الخارجية المتدخلة في ليبيا دور كبير في تحديد مستقبل البلاد، ورأى أن توافق هذه القوى شرط لبدء مفاوضات جديدة لوضع ترتيبات سياسية وأمنية جديدة بين أطراف الأزمة في ليبيا.

وأدان سلامة خلال إحاطته الدورية حول تطورات الأوضاع في ليبيا، محاولة النواب المؤيدين لحكومة الوفاق تأسيس برلمان موازي في طرابلس، مشيرا إلى أن القوى الخارجية المتدخلة في ليبيا دور كبير في تحديد مستقبل البلاد، ورأى أن توافق هذه القوى شرط لبدء مفاوضات جديدة لوضع ترتيبات سياسية وأمنية جديدة بين أطراف الأزمة في ليبيا.

وقال سلامة "إن حرب طرابلس تسببت في مقتل أكثر من 1000 شخص بينهم 106 مدنيين" داعيًا السلطات في طرابلس إلى وقف الأعمال العسكرية في مطار معيتيقة. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تغيير سياسته بشأن أزمة الهجرة، مؤكدا أن حكومة الوفاق جلبت أكثر من 200 مهاجر إلى مركز احتجاز تاجوراء في الأيام الأخيرة.

وأشار سلامة إلى أن نحو "4500 مهاجر تم إنزالهم في ليبيا منذ بداية العام الحالي"وأن هناك مساعي تبذل لتغيير إدارة الهجرة في البلاد بالتعاون مع المنظمات المعنية بهذا الشأن.

وتحدث عن حالة الانقسام التي ضربت مجلس النواب، مشيرًا إلى أنه لا يحبذ إنشاء برلمان موازٍ في طرابلس، مؤكدًا دعمه اجتماعات القاهرة التي جرت قبل أسبوعين، وجمعت أعضاء من مجلس النواب في طبرق. وأشار سلامة إلى أنه تحدث خلال اجتماعه مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر أمس الأحد، عن خطف عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي، سهام سرقيوه، قبل أسبوعين، مؤكدًا أنه طالب بإطلاقها فورًا.

وقد أحدثت إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، الأخيرة أمام مجلس الأمن، إزعاجًا لحكومة الوفاق في طرابلس وأطراف من مصراتة، في واحدة من المواقف النادرة التي تتباعد فيها رؤى الطرفين، لا سيما أنّ مواقف الدبلوماسي اللبناني تأتي في الغالب لصالح المنطقة الغربية، حيث مقر البعثة الأممية.

لانزعاج الأبرز طرحه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أمام غسان سلامة، عندما التقاه عقب الإحاطة في طرابلس، أفاد بيان لمكتب السراج في حينها بأن الأخير سلّم المبعوث الأممي مذكرة احتجاج رسمية على ما ورد مما وصفها بـ"مغالطات"بإحاطته لمجلس الأمن حول الوضع في ليبيا.

بالإضافة إلى ذلك، عبّرت عدة شخصيات مؤيدة لحكومة الوفاق في طرابلس ومصراتة عن غضبها الشديد من إحاطة سلامة الأخيرة، أبرزها جاء على لسان رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس الدولة السابق عبدالرحمن السويحلي، في تصريحات إعلامية، بأن المبعوث الأممي "فقد حياديته، وأصبح منحازًا للطرف الآخر"خاصة بعد إحاطته الأخيرة المليئة بما وصفه بـ"المغالطات".

ولم تتوقف ردود الأفعال عند المطالبات والاحتجاجات، فقد هددت مجموعة مسلحة تابعة للوفاق تطلق على نفسها "القوة المساندة"بأنها ستتخذ خطوات أكثر قوة ضد المبعوث الأممي إن لم يغادر ليبيا.

هذه الإحاطة تضمنت بشكل صريح اتهامات للمليشيات الداعمة لحكومة "الوفاق"بالتحالف مع مقاتلين متطرفين، وكذلك استخدام مطار معيتيقة لأغراض عسكرية إذ أن مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة رفع الغطاء عن حكومة السراج، وثبّت التهم التي توجهها لها بشكل مستمر مؤسسة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

ومن جهته، رأى عضو مجلس النواب الليبي بشير الأحمر أنه من الخطأ أن يعول كثيرا على إحاطة غسان سلامة أمام مجلس الأمن أو المجتمع الدولي، لإثبات انتهاكات حكومة "اللاوفاق" في استخدام المرتزقة.

وتابع الأحمر، في حديث لـ"العين الإخبارية" أن انتهاكات حكومة المليشيات أصبحت جلية لفاقدي البصر والبصيرة، حسب وصفه.

وأضاف أن حديث غسان سلامة عل حكومة المليشيات لن يغير أو يوقف من استمرار الجيش في مهمته، لاقتلاع هذه الزمرة الفاسد من كل الأراضي الليبية.

وشدد الأحمر على أن الليبيين لا يعولون إلا على المؤسسة العسكرية والقيادة العامة لاسترجاع ليبيا من العصابات والمجموعات الإرهابية والخارجين على القانون والعملاء. ورأى عضو مجلس النواب الليبي أن سلامة ليس إلا موظفا كلف بعمل، وقد فشل فشلا ذريعا في أداء عمله

من ناحية أخرى، ندد المتحدث باسم مليشيا الصمود التي يقودها صلاح بادي، إحميدة الجرو، بإحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بمجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، موضحًا أنها تدعم خليفة حفتر.

الجرو قال في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:"غسان سلامة شاهدناه يجلس مع شخصيات في الدولة وأحزاب من المنطقة الغربية وسط بسمة تغمر وجوه هؤلاء ولم يكن لدينا تعليق علي هذه الجلسات من باب أن يصل صوتنا وقضيتنا إلى المجتمع الدولي عن طريق مبعوثهم الأممي".

وتابع أنه بعد إحاطة سلامة،"غير واقعية"والتي تميل لخليفة حفتر، فمن حقه أن يقول أن الضحكات كانت عليهم وعلى صمتهم، مُختتمًا: من اليوم، الجلوس مع غسان سلامة يعتبر خذلان لتضحيات الشجعان".

من جانب آخر، كرّر الاتحاد الأوروبي، الجمعة 2 أغسطس دعوته كل الأطراف الليبية إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وجدّد دعمه للممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة إثر إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن.

وقالت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، في بيان صدر باسم الاتحاد الأوروبي، إنّ الأخير "ودوله الأعضاء يرحّبون بمقترح الهدنة الذي قدّمه الممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة، غسان سلامة، بمناسبة عيد الأضحى، والذي يمثّل خطوة مهمة في مسار" التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار. أضافت "الاتحاد الأوروبي يدعم بالكامل مقترح الممثل الخاص القائم على ثلاث مراحل ويهدف إلى إحياء المفاوضات السياسية وخصوصاً الهدنة".

في هذا الصدد، يرى مراقبون أنه يمكن قراءة هذا التعديل في موقف سلامة من ناحية أن القوى الغربية بدأت ترفع الدعم بشكل تدريجي عن الميليشيات و من ورائها حكومة السراج بالتالي فإن ذلك يستبطن دعم دولي غير معلن للعملية العسكرية في طرابلس إثر فشل حكومة السراج في التوصل لحل يفضي إلى إستقرار سياسي و تواصل رهانها على سلاح الميليشيات المنفلتة.