في الوقت الذي تتواصل فيه المعارك على أسوار طرابلس،بعد أسبوعين على اطلاق الجيش الوطني الليبي عمليةَ تحرير العاصمة الليبية من الميليشيات المسلحة والعناصر الارهابية المتمركزة فيها،تتسارع تحركات المجموعات المسلحة في الجنوب الليبي في مؤشر على نوايا فتح جبهة قتال جديدة لتخفيف الضغط على العاصمة.

إلى ذلك، تعرضت قوات الجيش الليبي في قاعدة تمنهنت صباح اليوم الخميس  18 أبريل 2019 لهجوم من طرف مسلحين مجهولين، بحسب وكالة "رويترز". لكن سرعان ما أعلنت قوة تابعة لحكومة الوفاق تحت مسمى "قوة حماية الجنوب"، مسؤوليتها عن الهجوم على القاعدة والذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

وقالت قوة حماية الجنوب في بيان أصدرته، "إنه تنفيذاً لتعليمات القائد الأعلى للجيش الليبي وفي اطار عملية بركان الغضب لتطهير المدن الليبية، قامت قوة حماية الجنوب التابعة لمنطقة سبها العسكرية بالسيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية، وتحريرها من مجموعات الفوضى التابعة للانقلابين وإعادتها لشرعية حكومة الوفاق".

ولم يتأخر تعليق حكومة الوفاق على الهجوم حيث أعلنت على لسان المتحدث باسم عملية بركان الغضب محمد المجعي،سيطرة قوات تابعة لها على قاعدة تمنهنت الجوية التي تقع على بعد 30 كيلومترا عن مدينة سبها أكبر مدن الجنوب الليبي. وأوضح المجعي، أن هذا التقدم الميداني لقوات الوفاق يتيح التقدم نحو سبها ومطارها، كما ان الاستيلاء على هذه القاعدة الاستراتيجية يعد مبادرة مضادة من قوات الوفاق خارج محيط العاصمة، فيما يبدو لتوسيع لدائرة المواجهة وتكتيك استنزاف لقوات الجيش التي وصفها بقوات "المتمرد حفتر".

وسرعان ما تمكن الجيش الليبي من استعادة السيطرة على قاعدة تمنهنت وطرد المجموعات المسلحة،وذلك بعد وصول دعم عسكري من مدينة سبها ومناطق أخرى، وتدخل سلاح الجو حيث تراجعت المجموعات المهاجمة، وتسللت إلى المناطق الصحراوية المجاورة.بحسب ما نقلت تقارير اعلامية عن مصادر عسكرية.

يشار على أن قاعدة تمنهنت الجوية تقع في جنوب ليبيا قرب مدينة سبها ومدينة سمنو، وهي على خط مواجهة رئيسي بين القوات التي تحالف مع حكومة الوفاق والأخرى التي تدعم الجيش الليبي، وتعد من أكبر القواعد العسكرية في ليبيا.

وشيدت قاعدة تمنهنت عام 1984، أثناء حكم الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، وتبعد نحو 30 كيلومترا شمال شرقي سبها.وتتميز القاعدة بأهمية استراتيجية، إذ تشرف على الطريق الواصل بين سبها ومنطق الجفرة في وسط ليبيا، ومناطق شمالي ليبيا وجنوبيها.وتعرضت القاعدة في عام 2018، إلى هجوم من قبل عصابات إرهابية وجماعات مسلحة من المعارضة التشادية، لكن الجيش الوطني الليبي تمكن من صد الهجوم.

وأثار الهجوم تساؤلات حول هوية المنفذين،وسط حديث عن عناصر ارهابية ومليشيات المعارضة التشادية المتحالفة مع إبراهيم الجضران.وأظهر مقطع فيديو، مسلحين من المعارضة التشادية، وهم يشاركون في الهجوم،بحسب ما أكدت "سكاي نيوز" عربية.

ونقلت وكالة "روسيا اليوم"،المستشار السابق للجيش الليبي رمزي الرميحي،تأكيده أنه ومن خلال تواصله مع القيادات العسكرية الليبية في الجنوب يستطيع أن يؤكد أن المجموعة المهاجمة لقاعدة تمنهنت تم طردها بعد أن تكبدت خسائر فادحة، مشيرا إلى أن تلك المجموعة تضم عناصر إرهابية من المعارضة التشادية، ومن أتباع الجضران المسؤول المقال عن حرس المنشآت النفطية.

وأشار إلى أن العناصر المطرودة تضم قوات تابعة لحكومة الوفاق لكن القوات المسلحة الليبية المنتشرة بشكل مخطط على مساحة مليون و800 ألف كيلومتر مستعدة جيدا لكافة الاحتمالات.وتوقع الرميحي حوادث مشابهة للهجوم على قاعدة تمنهنت في مناطق أخرى لكن الجيش سيكون لها بالمرصاد بحسب قوله.

وتشير هذه التطورات الى تحالف حكومة الوفاق مع الجضران والعصابات التشادية خاصة وأن المطلوب للنائب العام إبراهيم جضران والمدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن والولايات المتحدة،أعلن في وقت سابق عن دعمه لقوات حكومة الوفاق في المنطقة الغربية ضد القوات المسلحة في محيط طرابلس. وطالب الجضران في بيان له الليبيين بالوقوف معه ضد القيادة العامة للقوات المسلحة، والعملية التي أطلقتها باتجاه العاصمة طرابلس.

.وجاء تبني حكومة الوفاق للهجوم على قاعدة تمنهنت ليؤكد الشكوك حول تحالفها مع المليشيات والمطلوبين،ودفع ذلك عضو مجلس النواب سعيد امغيب، في تصريح لـ"بوابة أفريقيا الإخبارية"، لوصف حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، بأنها "حكومة الإرهاب".

وقال امغيب،"تمنهنت تسقط آخر ورقة توت عن حكومة الإرهاب حكومة العميل السراج، بعد هجوم مليشيات المرتزقة التشادية ومن انضم إليهم من الارهابيين أتباع المجرم الجضران وبقايا الهاربين من بنغازي على قاعدة تمنهنت، وتصريحهم أنهم يقاتلون بأوامر من وصفوه بالقائد الأعلى (السراج)، بهذا تكون الصورة قد اكتملت وبهذا عرف الليبيون خصوصاً اهل الجنوب الشرقي والغربي أن الذي يدعم ويسلح قطاع الطرق هو السراج"، بحسب وصفه.

ويأتي هذا الهجوم، في وقت يشن الجيش الليبي عملية عسكرية أطلق عليها "طوفان الكرامة" من أجل تخليص العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات االمسلحة.وقال مسؤول المركز الإعلامي باللواء 73 مشاة التابع للقوات المسلحة الليبية المنذر الخرطوش، في تصريح لـ"بوابة أفريقيا الإخبارية"،أن الهجوم الذي شنته مجموعات مسلحة اليوم الخميس على القاعدة هو محاوله لفتح خط اقتتال لإبعاد القوات المسلحة عن تخوم طرابلس.

وفي ذات السياق،أكد محمد حسن عامر الصحفي المتخصص في الشؤون العربية والليبية إن "الهجوم على قاعدة تمنهنت في جنوب ليبيا كان متوقعا، ويأتي في إطار محاولات متوقعة للقوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني لقلب الطاولة على الجيش الوطني الليبي بعد أن باغتهم في غريان ومن ثم طرابلس".

ونقلت "روسيا اليوم" عن عامر قوله أنه من المتوقع كذلك أن تحدث هجمات مماثلة حتى لو محدودة في الشرق وتحديدا في بنغازي، وهي هجمات ستحمل كثيرا من الرسائل أبرزها أن قوات حكومة الوفاق تريد أن تثبت أنها قادرة على مقارعة الجيش الليبي، وأنها انتقلت من مرحلة الدفاع عن طرابلس أو معاقلها في المنطقة الغربية إلى مرحلة الهجوم في مناطق نفوذ الجيش الليبي.

وتابع: "هذه الهجمات تكون لهدفين،الأول محاولة تشتيت انتباه قوات الجيش الوطني الليبي عن عملياته في المنطقة الغربية، لأن الجيش الليبي في هذه الحالة مطالب بحماية مناطق نفوذه وفي نفس الوقت عدم التراجع في عمليات العاصمة، والثاني تحقيق انتصار معنوي على الأقل".

وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، ليل الرابع من نيسان/أبريل الجاري، إطلاق عملية عسكرية للقضاء على ما وصفته بالإرهاب في العاصمة طرابلس، والتي تتواجد بها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا برئاسة فائز السراج، ودعا الأخير قواته لمواجهة تحركات قوات حفتر بالقوة، متهما إياه بالانقلاب على الاتفاق السياسي للعام 2015.

ويصر الجيش الليبي على مواصلة عملياته العسكرية لتحرير العاصمة الليبية والتي تأتي بحسب مراقبين بسبب استمرار مشهد الانفلات الامني وسيطرة الميليشيات المسلحة على مؤسسات الدولة، وضعف حكومة الوفاق وتعويلها على هذه الميليشيات.ويأمل االليبيون في انتهاء نفوذ المجموعات المسلحة وارساء سلطة موحدة في البلاد قادرة على مواجهة التحديات القائمة أمنيا واقتصاديا.