تمثّل مسألة العائدين من بؤر ملفا مزعجا لمختلف صانعي القرار في المنطقة خاصة بعد الحشد الرهيب للجهاديين إبان الحرب السورية و مع قرب حسم المعركة هناك بتكبد العناصر المتطرفة لهزيمة نكراء فإن وضع "المجاهدين الأجانب" أصبح يطرح أكثر من إشكال خاصة لبعض الدول المجاورة لسوريا التي من المرجح أن ينتقل إليها المتطرفين هروبا.

من ذلك،تزايدت التقارير والتصريحات الليبية التي تحذر من احتمال نقل تركيا لمتشددين "إرهابيين" من سوريا إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق وميليشيات طرابلس التي تدعمها أنقرة في القتال ضد الجيش الليبي.

وتشير مصادر ليبية إلى أن تركيا كانت طريق عبور آلاف المتشددين "الإرهابيين"الذين وصلوا إليها من أنحاء العالم ليتم نقلهم خلال السنوات الماضية إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة التي تدعمها أنقرة؛ ما يثير المخاوف من أنها قد تبدأ عملية جديدة من هذا النوع تستهدف ليبيا خاصة أنها أعلنت الاتفاق مع حكومة الوفاق على تقديم "كل ما يلزم"لوقف هجوم الجيش الليبي على الميليشيات المسيطرة على طرابلس.

في نفس الإطار،حذر السياسي الليبي ياسين عبدالقادر الزوي في حديث مع "إرم نيوز"من أن الرحلات الجوية بين طرابلس وتركيا تصل إلى 5  رحلات يومية وهذا أمر مثير للشكوك على حد قوله بالنسبة لدولة مثل ليبيا في حالة حرب، واعتبر أن هذا الأمر دليل على أن هذا الطيران يستخدم لـ"أغراض غير سليمة".

وكان المحلل الأمريكي البارز جيم هانسون رئيس مجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن قال في تصريح لقناة فوكس الأمريكية إن عددًا من مقاتلي داعش وتنظيم القاعدة انتقلوا بالفعل إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات حكومة الوفاق، معتبرًا أن ذلك دفع ترامب لتبني موقف مؤيد لقوات حفتر.

في السياق نفسه،نقل موسى إبراهيم آخر ناطق باسم النظام الليبي السابق عن مصادر وصفها بالمطلعة، أخباراً عن وجود تنسيق ثلاثي بين المخابرات البريطانية والمخابرات التركية، وحكومة الوفاق لنقل نحو ستة آلاف إرهابي متعددي الجنسيات من إدلب السورية إلى مصراتة وطرابلس عبر مطاري المدينتين.

وأشار إبراهيم إلى أن ذلك التنسيق يأتي تحسباً للهجوم الكاسح المتوقع من قبل الجيش السوري على إدلب، فضلاً عن الرغبة في إدخال ليبيا في دوامة إرهاب جديد، ومواجهة النتيجة الحتمية لانتصار الجيش الوطني، وهزيمة المشروع الإخواني في المنطقة.

الإندبندنت بدورها أكدت أن التقارير الاستخباراتية كشفت عن حركة طيران مريبة، تنطلق من تركيا إلى غرب ليبيا، وعلى إثرها تحرك الجيش الليبي نحو طرابلس، مستغلا انشغال حكومة رجب إردوغان بالانتخابات البلدية، وكذلك عملية الانتقال من مطار أتاتورك إلى مطار إسطنبول الجديد.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبير عسكري، تعليقه على تحرك حفتر أثناء انشغال تركيا بنقل حركة طيرانها إلى المطار الجديد، حيث قال "بصفتي خبير استراتيجي عسكري، أنت تريد الاستفادة من هذا النوع من الأوضاع، حتى وإن كانت المدة 10 ساعات فقط".

ورجّحت مصادر عسكرية ليبية أن يكون أغلب المسلحين الذين سيتم نقلهم من إدلب إلى ليبيا، من جنسيات مغاربية فضلاً عن بعض الجنسيات الأوروبية، وأغلبهم من المنتمين لهيئة تحرير الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وألمح وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان، في حوار مع صحيفة لوفيغارو  لهذا الدور التركي بالقول، إن فتحي باشاغا، وزير داخلية السراج، لا يتردد في (قضاء بعض الوقت في تركيا).

وأوضح الوزير الفرنسي، أن انخراط بلاده في الملفّ الليبي يدخل في اطار عملية (مكافحة الإرهاب)، والحؤول دون (انتقال العدوى)، إلى الدول المجاورة التي تعد أساسية لاستقرار فرنسا.

في هذا الصدد،يرى مراقبونإن الدعم التركي للإرهابيين في ليبيا، ومساندة حكومة طرابلس، في الجزء الغربي من البلاد، كان سببا في اشتعال الأوضاع، وتحولت العاصمة التي تسيطر عليها حكومة الوفاق إلى وكر للميليشيات الإرهابية التي نقلتها حكومة إردوغان من سورية.