احتضن بيت الثقافة بمدينة الزاوية، الاثنين، ندوة علمية بعنوان ( مستقبل المياه في ليبيا وذلك تحت شعار " معا من أجل مياه صالحة للاستعمال الحضري في ليبيا" .  

ونظم هذه الندوة  كلية هندسة النفط والغاز بجامعة الزاوية بمشاركة مختصون واساتذة ومحاضرون قدموا خلالها أفكار مهمة ورؤى مستقبلية لمشكلة المياه في ليبيا .

كما بين المشاركون في الندوة بالأرقام  عن منسوب المياه وكمية الاستهلاك اليومي لكل فرد مع حجم تدفق المياه لمناطق الساحل أو الجهة الغربية المتضرر الأكبر من شح المياه الجوفية . 

وتركزت أبرز محاور الندوة حول الوضع المائي في ليبيا ونصيب الفرد من الموارد المائية والهبوط المستمر في مناسيب المياه الجوفية  في المناطق ذات الكثافة السكانية والأنشطة الزراعية الكبيرة اضافة الى التقدم الكبير لمياه البحر نحو الخزانات الساحلية وزيادة ظواهر التلوث المباشر والغير مباشر الناتج عن مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى جانب بعض حالات التلوث الصناعي والزراعي بمعظم الخزانات الجوفية .

واجمع البحاث والاساتذة والمختصين بان كل هذه العوامل قد تهدد مصادر الإمداد التقليدية لمياه الشرب بتوقف الآبار عن الخدمة وارتفاع نسبة الملوحة في الآبار المخصصة لإمداد تحلية مياه البحر كأحد الموارد المائية لتغذية المنطقة بالمياه العذبة. بالاضافة الى التحديات التي تواجه المنطقة نتيجة الصرف الصحي غير المعالج ، وكذلك الأثر الصحي لمياه الشرب المخالفة للمواصفات القياسية

وأكدت الهيئة العامة للموارد المائية خلال كلمتها في اعمال الندوة بأن الوضع الراهن للموارد المائية في ليبيا ليس بالجيد حيث يتم الاعتماد في بدرجة كبيرة على المياه التقليدية خاصة المياه الجوفية منها والتي تزيد نسبة الاعتماد عليها أكثر من 95% وهي مياه غير متجددة علاوة على المخاطر الأخرى التي تهدد الخزانات منذ تداخل مياه البحر وتلوث البعض منها مع قلة الاعتماد على مصادر غير تقليدية كتحلية المياه رغم تركز اغلب المدن وقربها من ماء البحر. (

وأشارت الهيئة في كلمتها بالندوة الى أن منظومة غدامس زوارة الزاوية  تهدف لإنتاج مايقارب عن  90 مليون متر مكعب من المياه سنويا بمعدل 2500000 متر مكعب يوميا من حقل الآبار الواقعة لمنطقة غدامس عبر خط أنابيب النقل الرئيسي المصنعة من الأنابيب الخرسانية سابقة الإجهاد ابتداء من حقل أبار غدامس مرورا بسناون ونالوت وانحدارا إلى باطن الجبل عند منطقة الزرير ومن ثم الاتجاه شرقا إلى الزاوية. 

وتتكون هذه المنظومة من 106 بئر إنتاجية كل بئر منها ينتج حوالي 30 لتر في الثانية وبمجموع طول خط نقل مياه 5950 كيلو متر. (

وبحسب تقارير نشرتها عدة مواقع إلكترونية عن الشركة العامة للمياه والصرف الصحي في ليبيا فإنّ هذا البلد يعتمد على المياه الجوفية بنسبة 95 في المائة، مع كمية استهلاك سنوي يُقدّر بنحو مليار متر مكعب. 

وبحسب التقرير الذي أحيل  إلى وزارة الموارد المائية في حكومة الوفاق يؤكد أنّه تبعاً لذلك أصبحت البلاد تواجه فقراً مائياً منذ عام 2015، ومن المتوقع تفاقمه بتوالي السنين مع تزايد عدد السكان. ويشير إلى أنّ 76 % من الإمداد المائي من مجمل نسبة المياه الجوفية تصل إلى المدن عبر مشروع النهر الصناعي الذي يعاني بدوره إنهاكاً كبيراً في بنيته التحتية بسبب الإهمال وعدم صيانة محطاته، لا سيّما بعد تعرّض العشرات منها لاعتداءات مسلحة أوقفتها عن العمل

وذكرت إدارة جهاز النهر الصناعي الذي يُعَدّ الشريان الوحيد الذي يمدّ مدن الشمال الشرقي والغربي بالمياه الجوفية عبر أنابيب ضخمة تحت الأرض تنطلق من آبار جوفية عميقة في الجنوب إلى مناطق الشمال الغربي والشرقي بمعظمها، فإنّ 27 بئراً توقّفت عن العمل بسبب الاعتداءات حتى إبريل الماضي، وفي شهر مايو ارتفع عدد الآبار الخارجة عن العمل بسبب التخريب إلى 37 بئراًواضطر الليبيون في عدد من المدن كالعاصمة طرابلس، من خلال حفر آبار جوفية كمصدر ثابت للمياه لتعويض انقطاعها على مدى أسابيع على يد المجموعات المسلحة، فإنّ سكان مدن أخرى باتوا مهددين بالفعل بالعطش. 

وقد أعلنت بلدية غدامس الحدودية مع الجزائر، عن تعطّل أربعة خزانات من أصل خمسة جوفية هي المصدر الوحيد للمياه، بسبب ارتفاع نسب الملوحة فيها. وهي المشكلة ذاتها التي تعانيها طبرق والتي يحيط بها البحر المتوسط من ثلاث جهات وفي الوقت الذي تبذل طبرق جهوداً كبيرة من أجل إعادة تشغيل محطة التحلية لتعويض النقص الكبير، لا يبدو أنّ لدى غدامس الصحراوية حلولاً تمكّنها من مواجهة خطر العطش. 

يُذكر أنّ الظروف ذاتها تعانيها مدينة نالوت الجبلية في الغرب وسيناون المجاورة لغدامس، وعدد من المناطق في الشرق الليبي ما بين البيضاء وطبرق

وبينت الشركة العامة للمياه أن الحلول التي يلجأ إليها المواطن في بعض المدن كالعاصمة طرابلس بحفر آبار خاصة في البيوت والعمارات السكينة مخالف للقانون ويعرّض المخزون الجوفي للخطر، كما أنّ تلك المياه غير صالحة للشرب لوصول تسرّبات مياه الصرف الصحي لتلك الآبار .

وقال رئيس اللجنة التحضيرية للندوة وعميد كلية هندسة النفط والغاز الدكتور عمر سلطان.. ان الهدف من إقامة هذه الندوة جاء من منطلق أهمية وجود مياه صالحة للشرب وآمنة بعد ظهور نتائج الأبحاث والتقارير التي أكدت تلوث مياه الآبار بمياه الصرف الصحي بالذات في مناطق الجهة الغربية .

وأضاف الدكتور " عمر سلطان " انه ومن خلال الاتصالات والمشاورات مع الهيئة العامة للمياه التي أكدت أهمية إقامة مثل هذه الندوات وبحث الحلول المناسبة التي قد تطرح خلال هذه الندوة منها إقامة محطات لتحلية مياه البحر وكذلك الحفاظ على منظومة النهر الصناعي. (

وفي هذا الصدد وبحسب تقارير إحصائية تبين أن محطات المياه في ليبيا تعمل بنصف قدرتها الإنتاجية.

 فقد توجهت الدولة الليبية منذ أكثر من عقدين إلى خيار تحلية المياه للتغلب على النقص المتزايد بالمياه وتدهور جودتها باعتبارها خيار استراتيجي من خلال تقييم الكميات المتاحة في الميزان المائي الليبي لمحاولة سد نسب العجز

وفي عام 2007 صدر قرار بإنشاء الشركة العامة لتحلية المياه من أجل توطين هذه الصناعة داخل البلاد حيث أنشأت الشركة ثمانية شركات موزعة على مختلف المدن بالتوزيع الجغرافي حسب حاجة تلك المدن من المياه بسعة إجمالية 390.000 م3 في اليوم .ومنها (زوارة. زليتن. أبوتربة. سوسة. درنة. خليج البمبة. طبرق) بطموح لزيادة عدة محطات بسعة إنتاجية تصل إلى 1.795.000 م3 يوميا.

كما أن عدم إجراء العمرة ودعم المحطات ونقص في بعض المواد التشغيلية والكيميائية وقطع الغيار وكذلك الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي أدى إلى تلف بعض أدوات المحطات .

وكل هذه العوامل جعلت نسبة الإنتاج للمحطات إلى 50% من الإنتاج المستهدف. (

ونوهت الشركة العامة للمياه والصرف الصحيفي مداخلاتها خلال اعمال الندوة الى ا نه لم تقتصر مياه الصرف الصحي على مياه المجاري المخصصة للاستهلاك البشري اليومي الحضري بل تختلط نسبة كبيرة من صرف مياه الانشطة الاخرى ومنها مياه الامطار ومياه الشوارع وماتحمله من فضلات محترقة ناتجة من عوادم السيارات ووسائل النقل الاخرى التي تستخدم الوقود الأحفوري وكذلك نواتج المصانع وتعليب المواد الغذائية ومواد البناء ومواد التنظيف ومصانع تعبئة المياه والنفط والزيوت ومصدرها محطات الغسيل والوقود وكذلك المستشفيات والمصحات الخاصة ومختبرات التحليل ومراكز غسيل الكلى .

وأوضحت الشركة العامة للمياه والصرف الصحي أن كل هذه الأنشطة تحتاج إلى معالجة أولية قبل ضخها إلى الشبكة العامة.

وأشارت الشركة الى أن شواطئ المدن الليبية ليست آمنة من خطر التلوث نظرا لعدم استيعاب منظومة التقنية لكميات المياه الناتجة عن الاستعمال اليومي وبالتالي فإن صرف مياه المجاري إلى البحر يعتبر أسلم الحلول.