تعد نبتة الجاتروفا أهم نبتة صحراوية و التي تنبت بشكل سريع في المناطق الاستوائية الجافة نظرا للخصائص و المزايا المتعددة التي تتوفر فيها بحيث يمكن مقارنتها بالذهب الأسود. 

المكان الأم لنبتة الجاتروفا

أولا, المكان الأم لنبتة الجاتروفا هي دولة المكسيك و بعض دول أمريكا اللاتينية نظرا لتوفر المناخ الاستوائي الجاف بها. بالإضافة إلي ذلك تتمثل ثمرة الجاتروفا في حبات تشبه المشمش و التي تنبت في شجيرات صغيرة تشبه كثيرا نبتة الفول. إلا أنها تنتشر بسرعة في المناطق الصحراوية القاحلة و بإرتفاع متوسط و بجذور عميقة في التربة الصحراوية. إن الجاتروفا تعد شجرة مباركة لأنها تشكل تغطية زراعية للمناطق الصحراوية و يمكن الإستفادة من مزاياها الخاصة و الهامة. كما تعد هذه النبتة ثروة في مجال التنمية الزراعية و لإنتاج الطاقات البديلة الصديقة للبيئة. و للتذكير يشكل المناخ الإفريقي أفضل مناخ استوائي جاف لإنتاج هذه النبتة و ذلك عبر إستغلال الأراضي الصحراوية الشاسعة التي تعتبر في مجملها مهملة.



تجربة دولة السودان في زراعة الجاتروفا

ثانيا, نذكر تجربة دولة السودان في هذا المجال الزراعي لنبتة الجاتروفا, بحيث تحول هذا البلد الإفريقي لأكبر منتج للبترول الحيوي تحت شعار "زراعة البترول بالسودان". إذ في هذا الإطار تم زرع قرابة مليار شجرة جاتروفا و ذلك بإستغلال قرابة مليون فدان من الأراضي الزراعية التي خصصت لإنتاج هذه النبتة المباركة و التي يمكن مقارنتها ببراميل النفط التي تنتجها بعض الدول النفطية الخليجية. بالتحديد تنتج هذه النبتة زيت طبيعي بكميات ضخمة و بعد معالجتها يتم الإستخراج منها البيوديزال و المعروف بالبترول البيوطبيعي, بحيث ينتج 100 لتر من ثمرة الجاتروفا 100 لتر بيوديزال و هذه الكمية تعد ممتازة جدا من حيث الإنتاج. كما يعد هذا النوع من البترول الحيوي الطبيعي صديق للبيئة لأنه لا يحتوي علي ثاني أكسيد الكربون المتسبب في التلوث البيئي و الإحتباس الحراري. أيضا يساهم هذا الديزال الحيوي في المحافظة علي محركات السيارات و الآلات التي تشتغل بهذا النوع من الطاقة الحيوية. إن دولة السودان من خلال زراعة هذه الكميات الكبري من نبتة الجاتروفا تراهن علي تحقيق إكتفائها الذاتي و التوجه نحو الأسواق الأوروبية لتصدير هذا النوع من الديزال الطبيعي الذي يحظي بإهتمام كبير لدي دول الإتحاد الأوروبي نظرا لمحافظته علي سلامة و نظافة البيئة بحيث يقلل من نسبة إنبعاثات الغازات السامة الملوثة للطبيعة مع أداء مهامه بطريقة فعالة و ذات جودة عالية. أما من ناحية كلفة إنتاج هذا النوع من البيوبترول يعد ذات تكلفة منخفضة جدا مقارنة مع حفر آبار نفط أو عملية إستخراج النفط الصخري أو تجهيز محولات تكرير للنفط. إذ تختصر عملية الإنتاج في إيجاد مناطق صحراوية جافة تتلاءم مع نمو نبتة الجاتروفا و التي تعد مناطق زراعية مهملة غير صالحة للزراعة الغذائية نظرا لطبيعتها الاستوائية الجافة ثم إيجاد قنوات مياه صرف صحي يتم تصفيتها و معالجتها, لأن هذه النبتة تحبذ هذا النوع من المياه أو أيضا توفير قنوات مياه بحار يقع تحليتها نظرا لعملية إمتصاص هذه النبتة لكميات كبيرة من الأملاح. 


التجربة المصرية الرائدة في زراعة الجاتروفا

ثالثا, نذكر التجربة المصرية الرائدة في مجال زراعة نبتة الجاتروفا خاصة في مدينة الأقصر, حيث تتميز هذه الزراعة بإهتمام كبير في تلك المنطقة و التي تعد مصدر رزق و دخل مالي محترم لعديد المزارعين. إذ من أهم منتجات تلك النبتة المباركة هو بالأساس إستخراج الزيوت الطبيعة بكميات هائلة و التي يتم معالجتها في مصانع ضخمة لتكرير البيوديزال الطبيعي و إنتاج منها العديد من البراميل البترولية الطبيعية المستخرجة بعد المعالجة الطبيعية. كذلك تمثل هذه النبتة كنز في مجال إستخراج الأدوية الطبيعية حيث تتحول جذورها إلي زيوت تستخرج منها أدوية طبيعية مضادة للدغة الثعبان السامة و أيضا دواء الروماتيزم و بعض الأدوية البيوطبيعة الأخرى. بالإضافة إلي ذلك يمكن تحويل تلك النبتة إلي أجود أنواع الصابون علي الصعيد العالمي. فالتجريبة المصرية في زراعة البترول الطبيعي و إستخراج من تلك النبتة العديد من المشتقات للمنتجات يعد بمثابة إنجاز عظيم يكرس للتوجه نحو تعزيز مكانة الإقتصاد الأخضر في الإقتصاد الوطني المصري و الذي يعتبر عمود التنمية الإقتصادية العصرية.

تعميم زراعة الجاتروفا في بقية الدول الإفريقية

رابعا, بالتالي يمكن إستغلال المناطق الصحراوية الكبري في إفريقيا خاصة في السودان و الصومال و التشاد و بعض الدول الإفريقية الأخرى لتحويل الصحراء إلي خضراء و مناطق زراعية بترولية شاسعة تساهم في مداخيل مالية محترمة لميزانية الدولة من خلال تصدير الديزال الحيوي نحو الدول الأوروبية. أما بخصوص توفير المياه لهذه النبتة الصحراوية فإن مجاري مياه الصرف الصحي بعد معالجتها تمثل أهم مصدر سقوي لهذه النوعية من الزراعة نظرا لرغبة هذه النبتة في إمتصاص الكثير من الأملاح. فقارة إفريقيا تحتوي علي أراضي شاسعة غير مستغلة للزراعة و نظرا للمناخ الاستوائي الجاف و الصحراوي الذي يمثل عائق أمام الزراعات الغذائية فإن نبتة الجاتروفا المنتجة للبترول الطبيعي يمكن أن تكون البديل للزراعة التقليدية الغذائية و بالتالي تمثل الزراعة العصرية الحديثة و ذلك عبر إنتاج البيوديزال. كما يمكن أن تتحول هذه الدول إلي دول بيوبترولية و أكبر مصدر لهذه الطاقة البديلة الصديقة للبيئة نحو الإتحاد الأوروبي.

الإستثمار في البيوديزال و تصديره نحو دول الإتحاد الأوروبي

خامسا, عموما حسب التجربة في دولة السودان و مصر و بعض الدول الإفريقية الأخرى و الدراسات العلمية الإستراتيجية تعد التكاليف الإنتاجية منخفضة بكثير عن إنتاج البترول عبر التنقيب و التكرير و غيرها. إذ يمكن تحديد المناطق الزراعية المستهدفة خاصة منها الأراضي الصحراوية الجافة و كذلك دراسة العواصف الرملية و غيرها. ثم الإستثمار في زراعة البترول في القارة الإفريقية و إنتاج البيوديزال الحيوي بحيث يمكن النسج علي المنوال السوداني بزراعة ما يقارب مليار شجرة من الجاتروفا. أما بخصوص مصدر المياه السقوية يمكن النسج علي منوال التجربة المصرية بتحويل مياه مجاري الصرف الصحي بعد تصفيتها و معالجتها أو تجربة المملكة العربية السعودية عبر تحويل مياه البحر إلي مياه سقوية بعد تحليتها. فيمكن للمستثمرين الأجانب أو العرب الإستثمار في هذا المجال الزراعي عبر إنشاء مناطق صناعية ضخمة لإنتاج البيوديزال الطبيعي المستخرج من نبتة الجاتروفا ثم معالجته في المخابر البيولوجية و تصديره نحو الأسواق الأوروبية. أيضا يمكن إستغلال هذه النبتة في إنتاج أجود أنواع الصابون و الأدوية البيوطبيعية و التوجه بهذه المنتجات الطبيعية نحو الأسواق العالمية و خاصة منها الأسواق الأوروبية للتصدير. تساهم هذه النبتة في خلق العديد من مواطن الشغل في المناطق النائية كما تشكل دخل مادي هام للمزارعين و عوائد مالية للميزانية من خلال التصدير بالعملة الأجنبية الصعبة مثل اليورو أو الدولار. بالتالي تساهم هذه الزراعة التنموية إيجابيا في رفع نسبة النمو الإقتصادي و تحفيز نسق التنمية الإقتصادية بالبلدان الإفريقية.