العشرات من الآباء والأمهات والأطفال النازحين من ديارهم، بولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، بفعل هجمات جماعة "بوكو حرام" المسلحة، غير متأكدين أنهم بحاجة للمدرسة الخاصة التي وعدت بها حكومة الولاية.

ويقول محمد الحاج (43 عاماً) أحد سكان باما الذين فروا إلى مدينة مايدوغوري عاصمة بورنو المكتظة بالسكان، "المدرسة الخاصة التي وعدت الحكومة بإنشائها ليست مشكلتي الآن".

ويضيف الحاج في حديثه لوكالة الأناضول "همنا الوحيد هو أن تعمل الحكومة على هزيمة هؤلاء المتمردين (مسلحي بوكو حرام)، وأن تعيد لم شملنا من جديد". 

وبنبرة يعلوها الغضب قال "والدي ووالدتي، وزوجتي وأربعة من أطفالي ما زالوا مفقودين، شخص ما قال لي إن المسلحين قتلوا والدي، وأنا لا أصدق ذلك، أحتاج أن أعود إلى باما لمعرفة ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا".

وعلى الرغم من أنه وغيره من النازحين يحصلون على الطعام الجيد من قبل المسؤولين الحكوميين منذ وصولهم إلى المخيم، إلا أن "الحياة بدون والديه وزوجته وأطفاله غير مكتملة"، يقول محمد.

أما، لادامو مصطفى موسى، البالغ من العمر 50 عاماً، فلا شيئ يمكن أن يسعد قلبه  إلا "العودة بسلام إلى بلدته، والعثور على أطفاله الـ 12 المفقودين".

ويقول موسى للأناضول، باكياً "منذ اليوم الأول لمهاجمة بوكو حرام، لبلدتنا في الأول من الشهر الجاري، فقدت 12 من أبنائي، سبعة أولاد، وخمس بنات".

ويشرح موسى الذي وصل إلى مايدوغوري بعد 5 أيام قضاها في الأدغال دون ماء أو طعام، كيف فر إلى ثكنة عسكرية مع عائلته وسط إطلاق نار عشوائي من قبل المسلحين والمحاولات العسكرية لصدهم، قائلاً : "الارتباك الذي أعقب إطلاق النار، ووصول الطائرات العسكرية، أجبر الكثيرين على ترك الثكنة، وحينها فقدت أبنائي".

أبرام ياكوبي (13 عاماً)، يريد العودة إلى بلدته جوزا بالولاية، وهو غير حريص على الذهاب إلى المدرسة في مايدوجوري.

وفي حديث مع الأناضول، يقول  ياكوبي "أحب بلدتي جوزا، ولكنها دُمرت من قبل مسلحي بوكو حرام، يجب على الحكومة أن تضع حداً لهذه المشكلة حتى نتمكن من العودة إلى بيوتنا.. أنا تعبت من البقاء في المدينة لأن الحياة هنا مختلفة عن البلدة".

عائشة عمارة (34 عاماً) واحدة من الضحايا النازحين الذين لم يعلقوا آمالاً على المدرسة الخاصة التي تخطط لها الحكومة، وتقول بعد عدة محاولات للحديث "بوكو حرام مزقت حياتي، فأنا أعيش كأنني في الظلام".

عائشة التي فقدت زوجها وطفلاها، ولا تعرف شيئاً عن مكانهم، أكملت حديثها مع "الأناضول" بنبرة غاضبة "أنت تسألني عن المدرسة، وأنا لا أعرف ما إذا كانت عائلتي على قيد الحياة، لندع الحكومة أولاً أن تنتهي من بوكو حرام".

وكان حاكم ولاية بورنو، قاسم شاتيما، أعلن عن إنشاء مدرسة خاصة للأطفال من مختلف الطوائف، نزحوا إلى مراكز إيواء في مايدوغوري ومدن أخرى.

وفي هذا الصدد، قال مسؤول حكومي، للأناضول، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، "لقد بدأت بالفعل عملية  إنشاء هذه المدرسة"، مشيراً إلى أن "عدم وجود مكان محدد لهؤلاء النازحين ربما يؤثر على عملية التعليم الخاصة بأطفالهم".

ونزح أكثر من 27 ألف شخص من بلدة جوزا (على بعد 135 كم جنوب شرقي مايدوغوري)، ومن باما (على بعد 78 كم من مايدوغوري) ومن دامبوا (على بعد 85 كم من الجزء الغربي للولاية).

وأعلن زعيم بوكو حرام، أبو بكر شيكاو، مؤخراً أن الأراضي الواقعة تحت سيطرة الجماعة ستكون جزءا من "الخلافة الإسلامية" في شمال نيجيريا.

ومنذ مايو/آيار من العام الماضي، أعلنت الحكومة النيجيرية حالة الطوارئ في ولايات بورنو، ويوبي، وأداماوا في شمال شرقي البلاد، بهدف الحد من خطر "بوكو حرام".

وقتل وجرح آلاف النيجيريين منذ بدأت "بوكو حرام" حملتها العنيفة في عام 2009 بعد وفاة زعيمها محمد يوسف، أثناء احتجازه لدى الشرطة.

ويلقى باللائمة على الجماعة في تدمير البنية التحتية ومرافق عامة وخاصة، إلى جانب تشريد 6 ملايين نيجيري على الأقل منذ ذلك التاريخ.

وبلغة قبائل "الهوسا" المنتشرة في شمالي نيجيريا، تعني "بوكو حرام"، "التعليم الغربي حرام"، وهي جماعة نيجيرية مسلحة، تأسست في يناير/ كانون الثاني 2002، على يد محمد يوسف ، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.