نشر موقع أحوال التركي المعارض تقريرا رصد فيه قصص بعض قادة الميليشيات السورية الذين أرسلتهم تركيا لكي يحاربوا ضمن صفوف الميليشيات المؤيدة لحكومة الوفقا الوطني في ليبيا. 

وقال موقع أحوال إن عدنان -قائد عسكري في فصيل معارض سوري- قدم نفسه على الحدود التركية في كيليس في 10 يناير  برفقة 30 من رجاله. وجرى نقلهم بين عشية وضحاها إلى مطار غازي عنتاب حيث استقلوا طائرة تجارية تركية. وقال عدنان وهو قائد في فرقة الحمزة –التابع للجيش السوري الحر-  "كان هناك –يقصد على متن الطائرة التي أوصلتهم إلى ليبيا- مضيفيين ووجبات".

وقال وهو يبتسم "كانت المرة الأولى التي استقل فيها طائرة، كانت مرعبة"، وبعد ثلاث ساعات في العاصمة الليبية طرابلس وصل عدنان ومقاتليه الذين حملوا أمتعة والكثير من الأسلحة  وهم جزء من فرقة أكثر من ثلاثة الاف من رجال الميليشيات وفقًا لثلاثة مقاتلين سوريين من الجيش الوطني السوري  الذي تدعمه تركيا وجرى نشرهم في ليبيا في الأسابيع الأخيرة.

وقرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا – التي يرى أنها جزء من الأرث العثماني-لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة التي تخوض منذ أشهر حربًا مع الجيش الوطني لاليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي تدعمه مصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وروسيا.

ومهد اتفاق تعاون عسكري في نوفمبر بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الطريق إلى نشر المرتزقة السوريين. وتنوي تركيا أن تلعب دورًا مستقرًا في الصراع الليبي وحققت مع حليفتها روسيا -التي تدعم حفتر- وضعًا محفوفًا بالمخاطر في الدولة التي مزقتها الحرب.

ولقد أرسلت تركيا بالفعل بضع عشرات من المدربين العسكريين لتدريب قوات الجيش الوطني على استخدام الأسلحة المضادة للطائرات وطائرات بدون طيار، كما تعتمد أيضًا على عناصر الميليشيات السورية . ومنذ عام 2013 كانت شركة الأمن الخاصة "سادات SADAT" التي أسسها عدنان تانفيردي المستشار العسكري السابق لأردوغان موجودة في العاصمة الليبية. لكن تركيا تعتمد بشكل أساسي على المرتزقة السوريين لدعم حكومة الوفاق الوطني.

وفي أوائل شهر ديسمبر استدعت السلطات التركية أمراء الحرب الرئيسيين للجيش السوري الحر لحضور اجتماع في غازي عنتاب وفقًا لمقاتلين كانا في الاجتماع. وكان عدنان وفرقة الحمزة التابع له وهم في الأصل من منطقة حمص متمركزين في مدينة رأس العين السورية التي استولت عليها تركيا ومعاونوها في أكتوبر.

ومنذ عام 2016 كان هذا الجيش المتباين من الجماعات السورية على كشوف المرتبات التركية في طليعة العمليات التي نفذت ضد الأكراد في شمالي سوريا. ونفذت جميع عمليات تركيا الثلاث العابرة للحدود في سوريا بمساعدتهم.

أوضح أحد ضباط جيش الإسلام  -جماعة سلفية متطرفة تدعمها تركيا- يطلق على نفسها اسم محمد عبر الهاتف أن الاجتماع في تركيا "لم يكن مجلسًا عسكريًا للحديث عن الوضع في سوريا".

وقال إن جميع قادة المتمردين شعروا بالذهول عندما "لم يسمح لنا الأتراك بمحاربة النظام السوري في منطقة إدلب، وطلبوا منا بدلاً من ذلك أن نذهب ونقاتل في ليبيا".

وقد نظمت وكالة الاستخبارات التركية العديد من هذه الاجتماعات مع القادة القبليين أو العسكريين. لكن حملة التجنيد أثارت ضجة بين حلفاء تركيا في سوريا. وفي إدلب  -آخر محافظة يسيطر عليها المتمردون في سوريا- شجب المتظاهرون المدنيون ما أسموه خيانة للثورة السورية.

ومع ذلك استجابت عدة فصائل سورية بحماس لدعوة تركيا. بالإضافة إلى فرقة الحمزة أرسلت فرقة المعتصم وفرقة صقر لاشام وفرقة السلطان مراد -معظمهم من التركمان السوريين- قوات. ومنذ ذلك الحين كان هناك تدفق من الطائرات المدنية والشحن الجوي بين تركيا وليبيا.

وانتهى بممحمد ورجاله من جيش الإسلام بالاستسلام للمطالب التركية ووصلوا إلى طرابلس في أوائل يناير.

وعرف القادة كيف يقنعون المجندين  بدءاً من وعود الأجور التي تعتبر مرتفعة للغاية بالنسبة للسوريين. وفقًا لنصف دزينة من المقاتلين والقادة الذين تحدثوا إلى موقع أحوال  من ثلاث مجموعات معارضة سورية مختلفة ، يتلقى كل مقاتل أجرًا شهريًا يبلغ حوالي ألفي  دولار لوجوده في ليبيا.

وفي المقابل دفعت تركيا للقوات نفسها حوالي 90 دولارًا في الشهر في سوريا. كما يتلقى كل متطوع في ليبيا إجازة سنوية لمدة شهر وتعويض قدره 3300 دولار عن إصابته، 10 الاف دولار بالإضافة إلى منزل لعائلته إذا قُتل. كما تم عرض احتمال منحه الجنسية التركية.

وقبل ركوب الطائرة لم يكن عدنان ورجاله متأكدين من مكان وجود ليبيا على الخريطة. في سوريا قابلوا بعض الجهاديين الليبيين الذين جاءوا للقتال، لكنهم كانوا يعرفون القليل عن النزاع في ليبيا وقت وصولهم.

وبمجرد وصولهم إلى طرابلس  قال المقاتلون إنهم كانوا في منازل مدنية وتم تدريبهم في معسكر في شمال العاصمة تحت إشراف عملاء المخابرات التركية. ثم تم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية شرقي وجنوبي طرابلس، كما أخبر المقاتلون موقع احوال عبر الهاتف.

وتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار تحت رعاية تركيا وروسيا وتم تأكيده في مؤتمر عقد في برلين في 19 يناير، وظل القتال محدودا.

وقال محمد "إنهم سيحضرون الناس. طلبوا مني أن أقترح عليهم المزيد من الأسماء".

وقال عدنان "نحن نعامل مثل الجنود الأتراك"،مضيفا "لدينا نفس الطعام ونفس الزي الرسمي ونفس المعدات".

لكن عندما يُقتل المقاتلون السوريون في ليبيا تكون تركيا قادرة على تجنب ردود الفعل السياسية في الداخل التي ستنجم عن مقتل القوات التركية في عملية تفتقر إلى الدعم الشعبي.

ودفع بعض المرتزقة السوريين بالفعل الثمن الأقصى، إذا أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي عن مقتل 28 مقاتلاً سورياً في ليبيا.