يحتفي مهرجان فاس للثقافة الصوفية دورته الثامنة التي ستحتضنها العاصمة العلمية للمملكة ما بين 12 و 19 ابريل المقبل بفكر وأعمال محيي الدين ابن عربي الذي يعد أحد المتصوفة الكبار .

ويشكل مهرجان فاس للثقافة الصوفية الذي يستقطب العديد من عشاق الموسيقى الصوفية من المغرب والخارج إحدى المحطات الثقافية والفنية الكبرى التي تحتضنها مدينة فاس العريقة والتي تستهوي عشاق هذه الأنماط الفنية .

ويتضمن برنامج هذه الدورة العديد من الأنشطة واللقاءات الفكرية والأمسيات الموسيقية والفنية التي تهدف إلى الاحتفاء بمحيي الدين ابن عربي الذي يعد أحد المتصوفة الكبار الذين أثروا الفكر الصوفي في الثقافة الإسلامية وشكلوا على امتداد قرون أحد رموزه باعتباره خلف أزيد من 400 عمل من بينها ( الفتوحات المكية ) التي تتضمن 37 جزء وغيرها .

وقال فوزي الصقلي مدير المهرجان إن اقتفاء أثر الشيخ الصوفي الكبير محيي الدين ابن عربي يستهدف بالخصوص فهم موروث أحد أنواع الفكر الأكثر خصوبة وأهمية في علوم التصوف والحكمة الكونية باعتباره من أكثر المنتجين والمبدعين شمولية وعمقا في عالم التصوف .

وأوضح فوزي الصقلي خلال لقاء صحفي عقده بفاس خصص لتقديم المهرجان أن الدورة الثامنة للمهرجان التي تنظم تحت شعار " على خطى ابن عربي " ستحاول أن ترسم عبر ملامح فكر هذا المتصوف الكبير ورحلاته إلى الأندلس التي ولد فيها مرورا بالمغرب ومكة المكرمة ومصر والأناضول وسوريا الحدود للتجارب الروحية والتلاقح والحكمة الحاتمية التي لا يزال انتشارها وتأثيرها حاضرا إلى اليوم في الثقافة الإسلامية بشكل خاص ومختلف مدارس الحكمة عبر العالم .

وأضاف أن فقرات هذا المهرجان ولقاءاته الفكرية وجلساته الفنية لا تقتصر فقط على الكشف عن الإرث الروحي والفني الغني للثقافة الصوفية وإنما تسعى إلى استنهاض التأمل في مدى إسهام هذا الإرث في التأثير على المجتمع المغربي في الوقت الحاضر، مشيرا إلى الأهمية التي تكتسيها عملية إبراز الكيفية التي تتحول بمقتضاها القيم الروحية الصوفية من خلال صيغ العمل الاجتماعي والمقاولاتي إلى عمل مثمر في التنمية البشرية .

وانطلاقا من هذا التوجه فإن الدورة الثامنة لهذا المهرجان الذي تشرف على تنظيمه " جمعية مهرجان فاس للثقافة الصوفية " تشكل مناسبة لدراسة مختلف المواضيع والقضايا التي لها ارتباط بالبعد الروحي للثقافة الصوفية وتمظهراتها الفنية والثقافية والاجتماعية إلى جانب إظهار غنى وتنوع هذا المكون وأهميته في التنمية المستدامة .

ومن شأن أعمال ابن عربي الذي أقام بمدينة فاس في العديد من المناسبات أن تكشف للمشاركين في المهرجان عن مختلف الإشكالات التي يطرحها موضوع التصوف في تقاطعاته مع الفلسفة والشعر والتراث والفكر .

ويتضمن برنامج هذا المهرجان تقديم العديد من الحفلات الموسيقية التي تحتفي بفن السماع والموسيقى الصوفية العربية والأندلسية إلى جانب تنظيم فقرات تزاوج ما بين الأمسيات الصوفية وحلقات الذكر واللقاءات والندوات الفكرية التي ستتخذ من شعار هذه الدورة موضوعا لها .

وستعرف دورة هذه السنة من المهرجان مشاركة مجموعة من الفنانين المغاربة كعبد الرحيم الصويري ومحمد باجدوب ومروان حاجي ومحمد وعبد الفتاح بنيس وسعيد الشرايبي بالإضافة إلى مجموعة محمد بريول لموسيقى الآلة إلى جانب فنانين ينتمون لعدة بلدان كالبوسنة والهرسك وتركيا وغيرها .

كما ستشارك في المهرجان أهم الطرق الصوفية بالمغرب كالتيجانية والشاذلية والقادرية والوزانية والشرقاوية بالإضافة إلى بعض الطرق المدعوة من مختلف البلدان خاصة الطريقة النقشبندية من تركيا والطريقة القادرية من البوسنة والهرسك .

وموازاة مع هذه الأمسيات الموسيقية والفنية سيعرف المهرجان تنظيم عدة لقاءات يؤطرها باحثون ومختصون في قضايا التصوف ستبحث فكر وأعمال محيي الدين بن عربي والتعريف بتراثه الروحي في مختلف مظاهره .

وكانت الدورة السابعة لمهرجان فاس للثقافة الصوفية قد نظمت خلال السنة الماضية تحت شعار " قوت القلوب .. التصوف والإبداع " وعرفت مشاركة مجموعة من الفرق الفنية من المغرب والخارج .

ويروم مهرجان فاس للثقافة الصوفية الذي نظمت دورته الأولى سنة 2007 إلى التعريف على المستوى العالمي بالصورة الإيجابية للإسلام من خلال إبراز عمق ومقاصد ثقافة الانفتاح والتسامح التي اعتمدها المتصوفة في تجاربهم إضافة إلى تكريس ثقافة مشتركة ترتكز على قيم التعايش والإخاء والتسامح .