تستعد عروس الواحات الليبية مدينة هون لتنظيم الدورة الخامسة والعشرين من مهرجان الخريف السياحي في الفترة ما بين 28 و31 أكتوبر الجاري ،وذلك تحت شعار « خريفنا ينشد سلاما للوطن »

ولم يخلف مهرجان الخريف السياحي بهون موعده السنوي مع جمهوره وضيوفه طيلة ربع قرن رغم الحروب والأزمات المتلاحقة خلال السنوات العشر الماضي ، وهو ما يرده أهالى المدينة الى طبيعتهم المسالمة وتمسكهم بالوئام والسلام  وبعلاقاتهم الجيدة مع أبناء مدن منطقة الجفرة وهي سوكنة وودان وزلّة والفقهاء ،

وتتضمن الدورة الجديدة برنامجا حافلا بالعروض الفنية والتراثية والمسابقات الثقافية والرياضية بمشاركات واسعة من مختلف مناطق ليبيا ، على أن يتميز حفل الافتتاح باستعراض الفرق الفولكلورية التي ستقدم رقصات شعبية وعددا من الإلعاب التقليدية المعروفة بمنطقة الجفرة خاصة وإقليم فزان عامة ، يليها عرض للابتكارات في المقتنيات التقليدية ، وقصائد شعرية ، قبل الانتقال الى الفقرة الرئيسية وهي مغناة من تأليف الدكتورة خديجة محمد السنوسي العطشان وألحان الفنان عبد القادر الدبري وأداء نخبة من الأصوات المعروفة  في مقدمتها المطرب خالد الزواوي الذي أعرب ل« البيان » عن سعادته بالمشاركة في مهرجان خريف هون السياحي ، معتبرا أن هذا المهرجان استطاع الصمود والبقاء منذ دورته الأولى المنعقدة في العام 1996 تأكيدا على تعلق المدينة بالحياة والسلام والفن والجمال ونبذها للصراعات

وفي شارع النخلة بوسط هون ، سيكون جمهور المهرجان وزائروه من مختلف أرجاء ليبيا مع معارض فنية مختلفة للفنون التشكيلة كالرسم والنحت وكذلك مع سوق التمور ومعرض السعفة وهو مخصص للصناعات الحرفية التقليدية المعتمدة على مشتقات النخيل والتي تنتشر في منطقة الجمهور وعاصمتها هون ، وفي عدد من مناطق ليبيا الأخرى مثل تاورغاء شمالا وغدامس غربا

كما يتضمن برنامج المهرجان فقرة ثابتة تجسّد الحياة اليومية في إحدى المزارع بضواحي المدينة ، وعرضا للمقتنيات التقليدية في « دار بركوس » وهو فضاء خاص فتحه صاحبه للمشاركة في تأمين التظاهرة ، بالإضافة الى ملتقى الخريف الثقافي الذي أسسه الشاعر الراحل السنوسي حبيب عام 2004 ليجمع من خلال الكتاب والأدباء والشعراء في رحلة مع الإبداع والحوار النقدي ورصد مستجدات الحياة الأدبية في البلاد

ومن فقرات المهرجان كذلك عروض الفروسية ورالي هون لسباق السيارات وعرض الأزياء التقليدية والبرامج الخاصة بالأطفال ، فيما قالت إدارة الدورة إن « الأماكن التي ترتبط بالحياة هي تلك التي لا تتوقف قلوب أهلها عن الحب والأمل والإبحار في الجمال، ولا تنضب فيها عيون الخصوبة، ولا تأفل نجوم الإبداع، وهي تلك التي تعرف كيف تقاوم الحزن والألم وتنتصر على الموت، وتعيد مع صباح كل يوم جديد عزف سمفونية التحدي بأحلام الأطفال وزغاريد الأمهات وحكمة الشيوخ والعجائز، وبعزائم الرجال والنساء.»

واستعدادا للمهرجان انطلق عدد من الفنانين جداريات في إنجاز جداريات في شوارع المدينة تتحدث عن السلام والمحبة والمصالحة بين الليبيين ، وتوثق للموروث المشترك والقيم التي تربط مناطق البلاد

وتقع مدينة هون في جنوب شرق العاصمة طرابلس وتبعد عنها بمسافة 541 كلم ، وهي تابعة تاريخيا لإقليم فزان ،وتعتبر عاصمة إقليم الجفرة ، وجاء في كتاب معجم البلدان الليبية للشيخ الطاهر الزاوي إن « هون واحة كبيرة وعند أهلها شيء من رفاهة العيش، لهم مهارة في دبغ الجلود وتطريزها بالحرير، بها زراعة محلية تسقى بالقواديس »، ويضيف عن إثمها « جاءنا من بنى الهون وهي قبيلة عربية تنتمي إلى الهون بن خزيمة بن مدركة»

كما ورد ذكر المدينة في كتاب المؤرخ جاك تيري «تاريخ الصحراء الليبية في العصور الوسطى» وقال أبو عبيد البكري في كتابة «المسالك والممالك» الذي ألفه في القرن الحادي عشر الميلادي «..(هول) (هُـل) مدينة سكانها كثيرون ولها مساحات شاسعة من النخيل وعيون ماء عديدة..»، ويحدد البكري موقع هذه الواحة على مسافة يوم من ودان غربا وهو تقدير صحيح (25 كم) وعلى مسافة خمسة أيام من سبها شمالا وهو ما يتطلب سرعة كبيرة في التفكير في عبور جبال الهروج السوداء»