نددت منظمات من المجتمع المدني بتونس بالاعتداءات الجسيمة التي طالت المتظاهرين بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة يوم 14 يناير الجاري.

وطالبت هذه المنظمات، خلال مؤتمر صحفي عقدته اليوم الثلاثاء، رئيس الجمهورية قيس سعيد بالاعتذار العلني عن الاعتداءات الجسيمة التي طالت المتظاهرين يوم 14 يناير 2022 وبمحاسبة كل المعتدين الذين انتهكوا حقوق المواطنين في التظاهر والتنقل والاحتجاج والإفراج الفوري عمن تبقى من الموقوفين.

وشددت هذه المنظمات، وهي كلا من نقابة الصحفيين التونسيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وجمعية النساء الديمقراطيات ومحامون بلا حدود، على أن حرية التعبير والتظاهر والحريات بشكل عام خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

وأكدت أن التظاهر حق دستوري لا يمكن المساس به تحت أي مبرر وأنه لا سبيل إلى العودة بتونس إلى مربع الدكتاتورية والاستبداد.

وفي هذا الصدد، قال نقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي إن ما حدث يوم 14 يناير الجاري "لم يكن مجرد تدخل أمني عنيف، بل كان قرارا سياسيا، لحرمان المواطنين من حقهم في التظاهر بالاعتداء عليهم بالعنف في كل أماكن الاحتجاج مع غلق شارع الحبيب بورقيبة، مثلما حدث في العام الماضي، مما يؤكد تواصل العقلية البوليسية ذاتها التي تحكم الدولة التي تحل مشاكلها السياسية والأزمات بقوة البوليس".

ووصف الجلاصي تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى المظاهرات، دون الحديث عن الاعتداءات والانتهاكات الجسيمة، ب"الخطير"، معتبرا أن سعيد "بات اليوم يستعمل البوليس ولا يندد بعنفه".

وأكد الجلاصي أن المنظمات المجتمعة اليوم، تطالب سعيد بالاعتذار العلني وباحترام تعهداته التي أطلقها في علاقة بضمانه للحقوق والحريات كما تدعو إلى محاسبة المعتدين والافراج عما تبقى من الموقوفين.

كما أكد نقيب الصحفيين التونسيين أن منظمات المجتمع المدني ستظل تدافع عن الحقوق والحريات، مهما كانت السلطة الحاكمة.

وشدد الجلاصي على أن الحريات في تونس أصبحت "في خطر دائم" وأن "المكانة التي كانت تتميز بها تونس في مجال الديمقراطية والحرية "باتت مهددة"، خاصة وأن السلطة السياسية "لا تفعل أي شيء إزاء ذلك".

بدوره اعتبر ممثل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية علاء الطالبي أن ما حصل يوم 14 يناير 2022 "حلقة جديدة من حلقات العنف البوليسي الذي عهده المواطنون بعد الثورة في عدة مناسبات ونددت به الجمعيات الحقوقية".

وانتقد الطالبي "العودة إلى مربع قمع الصحفيين وانتهاك حقوق وحريات المواطنين وكذلك مربع سطوة النقابات الأمنية وتحريضها على المواطنين والصحفيين"، منتقدا ما أسماه "التذرع بالوضع الصحي، لحرمان المواطنين من حقهم في التظاهر".

كما طالب رئيس الجمهورية بالاعتذار، "لوجود مسؤولية سياسية يتحملها كرئيس للدولة وكذلك بالتحقيق الفوري في الاعتداءات الحاصلة يوم 14 يناير" وبأن "يقوم القضاء بدوره وكذلك بأن تفتح وزارة الداخلية تحقيقا في الانتهاكات، "وليس ترك المسألة للنقابات الأمنية".

أما رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي فأشارت إلى أن مكونات المجتمع المدني "خط ثالث" وأن هذه المنظمات "لن تقف إلى جانب الأمر 117 وقرارات 13 ديسمبر ولا مع حركة النهضة التي قامت سابقا بقمع المتظاهرين وإنما ستقف إلى جانب حرية التعبير وقبول الاختلاف".

وأكدت أن الجمعيات الحقوقية ستكون "صمام أمان للحريات وللدولة المدنية والجندرة ونبذ العنف المسلط على المرأة".

من جهته قال خيام الشملي، عن منظمة "محامون بلا حدود" إن وضعية الحقوق والحريات في تونس ما بعد 25 يوليو 2021، أصبحت "مقلقة"، مذكرا في هذا الجانب ب "المحاكمات العسكرية للمدنيين والتضييق على المعارضين وتخوينهم من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية".

وأضاف أن هذه المسائل تجعل ما حصل يوم 14 يناير 2022 "ليس مثيرا للاستغراب"، منتقدا أن "يعمل رئيس الجمهورية الذي ساند المتظاهرين السنة الماضية ودعاهم إلى التظاهر والاحتجاج (فترة حكومة المشيشي) على ضرب المتظاهرين اليوم.