مع اقتراب موعدي الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس تتزايد المخاوف من تجاوزات تخل بشفافية العملية الانتخابية وتتضاعف التوجس من استعمال المال لشراء الأصوات، إلا أن منظمات مدنية لمراقبة الانتخابات قللت من إمكانية حدوث تزوير رغم إقرارهم بـ"صعوبة ودقة" عملية مراقبة "المال السياسي".وتواجه تونس تحدي تنظيم انتخابات ديمقراطية وحرة ونزيهة وشفافة لإثبات جدارتها أن تكون الاستثناء في تجارب "الربيع العربي" التي فشل أغلبها أو انتكس.

وفي تصريح للأناضول، قال رئيس منظمة "أنا يقظ (مستقلة/ تأسست في مارس/ أذار 2011)"، مهاب القروي، إن "هناك تحسنًا بالنسبة إلى القانون الانتخابي مقارنة بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 على مستوى شفافية تمويل الحملات الانتخابية وإعطاء صلاحيات لدائرة المحاسبة لمعاقبة المتجاوزين ومحاسبتهم وكذلك سحب مقاعد من المرشحين في حال ثبتت مخالفتهم".وأضاف القروي أنه "خلال هذه الانتخابات تم تجاوز مسألة اكتظاظ مكاتب الاقتراع فقد تم الرفع من عددها إلى أكثر من 10 آلاف مكتب، والتقليص من عدد الناخبين في كل مكتب من 800 ناخب إلى 600".وعن المخاوف من إمكانية أن تعرف الانتخابات التونسية تزويرًا أو عمليات غش، جزم القروي أنه "من المستحيل أن يكون هناك تزوير في ظل تركيز كبير لمنظمات المجتمع المدني والمراقبين الدوليين".

من جانبه، قال رئيس جمعية "عتيد" (مستقلة/ تأسست في مارس/ أذار 2011)" لمراقبة الانتخابات، معز بوراوي، إن "تم تركيز (تخصيص) أكثر من 700 ملاحظ (مراقب) عبر 26 مكتبًا جهويا (محليا) فضلا عن تعيين 12 فريق عمل لمراقبة العملية الانتخابية في دوائر الخارج حتى تتم العملية على أكمل وجه".وانتقد رئيس الجمعية، نظام تزكية المرشحين للانتخابات الرئاسية، وقال هناك "ثغرات فسحت المجال أمام استعمال المال السياسي للاستيلاء على تزكية المواطنين بمقابل مالي".وأشار بوراوي في تصريحات للأناضول إلى أن "مهمة عتيد تتمثل أساسا في متابعة برامج هيئة الانتخابات وعملها وتسجيل كل ما يتم ملاحظته من خروق أو تجاوزات وتدوينها، وأنها ستلجأ إن لزم الأمر إلى التدخل المباشر والاتصال بالهيئات المعنية وإن وجب الأمر اللجوء إلى السلطات القضائية".ولفت إلى أن جمعيتهم خصصت 1000 ملاحظ (مراقب) وقع تدريبهم لمراقبة الحملات الانتخابية للأحزاب والمرشحين.

وتتم تزكية المترشّح للانتخابات الرئاسية من 10 نواب من مجلس نواب الشعب (المجلس التأسيسي حاليا)، أو من 40 من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو من 10 آلاف من الناخبين الموزعين على الأقل على 10 دوائر انتخابية على أن لا يقلّ عددهم عن 500 ناخب بكل دائرة منها.

من جهتها، قال رئيسة مرصد "شاهد (مستقل / تأسس في أغسطس/آب 2011)" لمراقبة الانتخابات، ليلى بحرية، إن "منظمتها تعمل اليوم على قدم وساق مع قرب انطلاق الحملة الانتخابية وفق خطة لمراقبة وسائل الإعلام السمعية والبصرية والصحافة المكتوبة في إطار الشراكة مع مرصد المواطن والإعلام (مستقل) لرصد مختلف الاختراقات ومدى تقيّدها بما جاء في القانون الانتخابي وإصدار بيانات تنبيه للهيئة العليا المستقلة للانتخابات".وأضافت، في تصريح للأناضول، أن المرصد قام بتدريب 270 ملاحظًا على المدى الطويل انطلق عملهم منذ عملية التسجيل، إلى جانب ذلك فإنها ستعتمد على 5000 ملاحظ في مراكز الاقتراع.وبيّنت أنه "سيكون هناك تركيز على الحملة الانتخابية والدعائية في جميع الجهات لمتابعة أكثر ما يمكن من الاجتماعات الحزبية من حيث الخطاب ومدى احترامه للضوابط القانونية خلوه من الدعوات للكراهية والتعصب أو التعرض للمعطيات الشخصية، إضافة إلى الملصقات ومدى احترامها لقرارات الهيئة وتقيدها بالأماكن المخصصة لها وكذلك مراقبة مسألة التمويل السياسي بالشراكة مع جمعية الشفافية أولا وهو ما اعتبرته رئيسة المنظمة عملية معقدة جدا وصعبة".

وأوضحت في السياق ذاته أن "عملية مراقبة المال السياسي دقيقة وصعبة ولا يمكن إثبات الخروقات بشأنها إلا بصعوبة، فسوق المزايدات وشراء التزكيات والتوقيعات بالنسبة إلى المرشحين للرئاسيات موجودة".وأشارت إلى أن "المرصد طلب من الهيئة نشر مختلف القوائم الاسمية لمن قاموا بتزكية المرشحين لا فقط على موقع الهيئة وإنما في كافة القرى والبلديات حتى يتثبت الجميع منها".

وتستعد تونس لإجراء انتخابات تشريعية يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تليها للانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في خطوة تعزز الديمقراطية الناشئة، وفق مراقبين.وتونس بها 24 محافظة؛ كل محافظة تمثل دائرة انتخابية ما عدا محافظات تونس العاصمة ونابل، وصفاقص (جنوب)؛ فلكل منها دائرتان ليبلغ إجمالي عدد الدوائر 27 داخليا، و6 دوائر خارج البلاد للجاليات التونسية.

وتنطلق الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل ليكون يوم الصمت الانتخابي الخاص بهذه الانتخابات بالنسبة الى المقيمين بالخارج موافقا ليوم 23 من الشهر نفسه وبالنسبة الى التونسيين بالداخل يوم 25 أكتوبر/ تشرين أول أي قبل يوم من الاقتراع المقرر يوم 26 من الشهر نفسه على أن يتم التصريح بالنتائج الأولية يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول.أما بخصوص الانتخابات الرئاسية فسيتم الإعلان عن القائمة الأولية للمرشحين للرئاسة يوم 3 أكتوبر/ تشرين أول 2014 والقائمة النهائية يوم 25 من الشهر نفسه.

وستنطلق الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية يوم 1 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل ليكون يوم الصمت الانتخابي 22 من الشهر نفسه ويوم اقتراع التونسيين المقيمين بالخارج أيام 21 و22 و23 نوفمبر/ تشرين الثاني.أما الانتخابات الرئاسية داخل تونس فستكون يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني ليتم التصريح بالنتائج الأولية يوم 26 من الشهر نفسه والنتائج النهائية يوم 21 ديسمبر/كانون أول 2014.