في الوقت الذي يدوّن فيه بعض الشباب الطائش أرقام هواتفه على جدران الشوارع، وكراسي الحافلات، وطاولات المقاهي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بعبارات تفوح منها رائحة المكر والخداع والرغبة في التسلية، يقوم صنف آخر من الشباب شقّ الإيمان طريقا إلى قلبه بنشر أرقام هواتفه ضمن إعلانات تدعو كل من يرغب في الاستيقاظ لصلاة الفجر أو قيام الليل إلى ترك رقمه لديه لإعانته على أداء الصلاة في وقتها والتقرب إلى الله في دجى الليل، في وقت يتراخى الكثير من الناس ليس عن صلاة الفجر وحسب، وإنما عن الصلوات المفروضة في رابعة النهار.
 
رنّة برنة 

فكرة استحسنها الكثير من الناس، وهللوا لها ودعوا إلى العمل على نشرها، تلك التي يوجه فيها بعض الخيريين دعوة للراغبين في صلاة الفجر وقيام الليل مع تحديد التوقيت الذي يرغب فيه الشخص إن كان ساعة أو نصفها أو ربعها قبل الفجر مع الاستشهاد في الإعلان الذي نشر في أحد صفحات التواصل الاجتماعي بأحاديث نبوية تبيّن منزلة صلاة الفجر وقيام الليل، مع الإشارة إلى أن الاستجابة لهذا الإعلان من شأنه أن يكسب صاحبه الأجر والثواب. ولا تبدو الفكرة جديدة بالنسبة للأشخاص الذين تربطهم علاقة صداقة أو قرابة، حيث يقومون بإنشاء مجموعة يتولى أفرادُها إيقاظ بعضهم لصلاة الفجر برنة الجوال ليرد الطرف الآخر برنة مماثلة تأكيدا على أنه استيقظ، وحول هذا الموضوع تقول "عتيقة. م" مرشدة دينية بأحد مساجد العلمة إن الأخوات المواظبات على الصلاة في المساجد وحضور حلقات الدروس اتفقن على الاتصال ببعضهن البعض لأداء صلاة الفجر والاستيقاظ لمراجعة دروس الفقه والحديث والقرآن بالنسبة للطالبات بالمعاهد الدينية، وحتى الطالبات في الثانويات والجامعات خاصة في ليالي الشتاء الطويلة، أما في شهر رمضان فتتولى الأخت التي تستيقظ أولا الاتصال بصديقاتها لقيام الليل، وغالبا ما يزداد عدد أفراد المجموعة عندما تخرج هذه العملية عن نطاق المسجد وتشمل أفراد العائلة والأقارب وأصدقاء الأصدقاء. 
 
حبل في القدم 

وفي هذا السياق أيضا، يقول الأستاذ يوسف سعدودي إن بعض الأشخاص يطلبون من المؤذن أن يوقظهم عن طريق رنة الهاتف، وهذه من الأفكار الشائعة بين المواظبين على الصلاة والراغبين في عدم تأخيرها لما لها من فضل كبير، فيما يتفق بعض الأصدقاء على أن يقوم من يستيقظ مع الأذان الأول بإرسال رنة للجميع، وحسب يوسف، فإن بعض طلبة العلم الشرعي ببرج الكيفان ينتهجون طريقة عملية للاستيقاظ للفجر، ألا وهي ربط حبل في الأقدام قبل النوم وتمرريها تحت الباب ليقوم الشخص الذي يستيقظ أولا بإمساك طرف الحبل ليستيقظ الجميع. 
 
"أحباب الفجر"

ولا تقتصر هذه الطريقة على طلبة العلوم الشرعية والمواظبين على الصلاة في المساجد وحسب، بل تتبناها فتيات في عمر الزهور لم يشغلهن "فايس بوك" وأخبار الموضة عن صلاة الفجر، حيث شكّلن مجموعة أطلقن عليها "أحباب الفجر"، وعن هذه المجموعة تقول "إنصاف. ر"، طالبة في السنة النهائية بإحدى ثانويات الرغاية: "أنا وثلاث من زميلاتي في القسم ننحدر من أسر متدينة، ربت أبناءها على الصلاة والأخلاق الحميدة، لم نأت بشيء جديد من عندنا، بل قمنا بتطبيق ما تعلَّمناه من أهلنا، وهي أن نعرض فكرة الاتصال بزميلاتنا في صلاة الفجر، هناك من لم تهضم الفكرة خاصة من طرف تاركات الصلاة، بينما استحسنتها فتيات أخريات لم تكن علاقتهن بالدين وطيدة". وتضيف: "تبدّدت مخاوفنا من انسحاب هؤلاء الفتيات من هذا المشروع، عندما ازداد عدد المشاركات من أقسام أخرى، بل من خارج الوسط الدراسي، وهذا ما يحفزنا على العمل على نشر هذه الفكرة على أوسع نطاق".

 

جريــــدة الشـــروق اليـومـي