يعتبر ملف الهجرة الغير نظامية من أكثر الملفات التي تثير قلق الأوروبيين خاصة بعد حالة الفوضى  التي تشهدها ليبيا من إسقاط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي سنة 2011 حيث أمست البلد أرض عبور للضفة الأخرى من المتوسط.

حيث اتهم وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، الأحد، هولندا والاتحاد الأوروبي بعدم الاكتراث بمصير 42 مهاجرًا عالقين في المياه الإقليمية الإيطالية منذ 11 شهرًا على متن سفينة إنقاذ هولندية.

وقال سالفيني زعيم حزب الرابطة (يمين متشدد) والرجل القوي في الحكومة الإيطالية في بيان أوردته "فرانس برس":"كتبت شخصيًا لزميلي الهولندي: أنا مذهول لعدم اكتراثهم بسفينة تحمل علمهم وتطوف في عرض البحر منذ 11 يومً".

وأنقذت سفية "سي ووتش 3" الإنسانية في 12 يونيو 53 مهاجرًا من قارب مطاطي في بحر ليبيا. ورفض قبطان السفينة، التي تحمل علم هولندا لكن تستأجرها منظمة ألمانية غير حكومية، إعادة المهاجرين إلى ليبيا التي لا تعدّ مكانًا آمنًا وتوجه بهم نحو السواحل الإيطالية.

وسمح لعشرة مهاجرين ممن كانوا على متن السفينة، بينهم امرأة حامل، بالنزول قبل ثمانية أيام في لامبيدوسا. وسمح لرجل مريض السبت أيضًا بالنزول في هذه الجزيرة الإيطالية.

لكن المهاجرين الـ42 المتبقين على السفينة لا يمكنهم الدخول إلى الأراضي الإيطالية حيث يواجهون خطر التوقيف.

وقال سالفيني الذي منع دخول سفن الإنقاذ الانسانية الى الموانئ الايطالية "نعتبر الحكومة الهولندية والاتحاد الأوروبي الغائب والبعيد كما دائمًا، مسؤولين عن كل ما يمكن أن يصيب الرجال والنساء الموجودين على متن سي ووتش 3".

وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة المالطية الأحد أن بحريتها أنقذت 37 مهاجرًا كانوا يواجهون صعوبات في البحر المتوسط ومن المقرر نقلهم إلى الجزيرة خلال اليوم.

ولم تتوقف المحاولات الأوروبية في إتجاه معالجة هذه المعضلة رغم الصراع الأوروبي الداخلي، فقد منح الاتحاد مبلغ 50 مليون يورو لدعم الخدمات الأساسية في كافة أرجاء ليبيا، ويتزامن ذلك مع قمة الضفتين التي دعت إليها باريس بمشاركة ليبيا وإيطاليا وإسبانيا ومالطا والبرتغال.

وكان لافتا تصريح طبيب المهاجرين كما تصفه أوروبا، الإيطالي بيترو بارتولو الذي يوشك على تولي منصب عضو في البرلمان الأوروبي، حيث أدان تعاقد وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماركو مينيتي، مع حكومة الوفاق لخفض تدفق المهاجرين إلى إيطاليا، كونه سيعزز إنشاء معسكرات اعتقال في ليبيا، وفق وصفه.

في نفس السياق،لقي ما لا يقل عن 65 من طالبي اللجوء مصرعهم قبالة السواحل التونسية عندما غرق القارب الذي كان يقلهم إلى سواحل إيطاليا في الشهر الماضي.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لرعاية شؤون اللاجئين في بيان لها إن فرق الإنقاذ تمكنت من إدراك 16 شخصا وانتشالهم من مياه البحر المتوسط قبل أن يغرقوا.

وقال الناجون إن القارب انطلق من مدينة زوارة الليبية صباح الخميس التاسع من الشهر الماضي لكنهم واجهوا أمواجا عاتية أغرقت القارب بعد ساعات من تحركه.

وحسب إحصاءات الأمم المتحدة لقي ما لا يقل عن 164 مهاجرا مصرعهم أثناء محاولة الإبحار عبر مياه المتوسط من سواحل ليبيا إلى السواحل الجنوبية لأوروبا خلال الأشهر الأربعة الاولى من العام الجاري. ويعد هذا الحادث الأفدح من نوعه منذ بداية العام.

وعلى مدار 8 سنوات، بذلت إيطاليا بدعم من الاتحاد الأوروبي جهودا مضنية للتقليل من أعداد المهاجرين غير الشرعيين، واستنزفت تلك الجهود عشرات المليارات، حتى سجلت انخفاضا إجماليا بنسبة 34.27 في المئة مع نهاية عام 2017، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، بحسب وزارة الداخلية الإيطالية.

حيث وانزلقت ليبيا إلى الفوضى بعد الإطاحة بمعمر القذافي في 2011 مما مكن عصابات التهريب من تكوين شبكات أرسلت أكثر من 160 ألف مهاجر إلى إيطاليا العام 2016. وهلك أكثر من 4500 في البحر المتوسط.

ومن جهة أخرى وهي الأخطر، يتعرض المهاجرون الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا للاغتصاب الروتيني والتعذيب الجنسي طوال رحلتهم وخاصة في ليبيا، حتى في السجون الحكومية، حيث يتعرض الرجال كذلك لهذه الإساءات بشكل روتيني مثل النساء، وفقاً لدراسة تستند إلى عشرات المقابلات مع عمال الإغاثة والمهاجرين.

بحسب الدراسة التي أصدرتها لجنة اللاجئين النساء يقوم المهربون بتعذيب المهاجرين وتصويرهم للحصول على فدية من عائلاتهم ولتقليل عدد الأشخاص في سجونهم غير الرسمية.

دراسات سابقة كانت قد وجدت أن جميع النساء اللاتي يعبرن من شمال إفريقيا قد تعرضن للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي خلال الرحلة، لتأتي هذه الدراسة الجديدة بنتيجة مفادها أن الخطر سائد بين الرجال أيضاً.

وروى المهاجرون قصصًا مروعة عن الاغتصاب والسفاح القهري والاعتداء الجنسي الجماعي الذي يهدف إلى إذلال المحتجزين الذين أجبروا على التجرد من ملابسهم وأصبحوا إما مغتصبين أو ضحايا.

يرى مراقبون أن كل التحركات الأوروبية هي مجرد محاولات محتشمة  لم تحمل منذ سنوات حلولا جذرية لأزمة هي الأكثر جدلا في التاريخ الحديث، فيما تحاول عبرها أطراف دولية العمل بجدية على إنهاء المأساة وانعكاسها.