أصبح إنشاء مفوضية للمصالحة الوطنية في ليبيا في حكم الحاصل ، بعد أن تحول الى أولوية مهمة سواء بالنسبة للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية أو بالنسبة للبعثة الأممية، في ظل تنامي الوعي بأن لا حل سياسيا ، ولا انتخابات شرعية ونزيهة ، ولا توحيد فعليا للمؤسسات ، دون تكريس مصالحة اجتماعية ناجزة تشكل الخطوة الأبرز لطي صفحة الصراع المحتدم منذ عشر سنوات

والإثنين الماضي، بحث رئيس المجلس الرئاسي الدكتور محمد المنفي، مع نائبيه عبد الله اللافي وموسى الكوني، خلال اجتماع تشاوري آلية إنشاء مفوضية للمصالحة الوطنية.

ووفق بيان للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، شدد المنفي على ضرورة الإسراع في إنشاء المفوضية، من أجل وضع أسس وركائز لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تجمع كل الليبيين ،فيما  قدم فريق العمل الخطوط العريضة لعمل المفوضية، وهيكلها التنظيمي والأهداف والاختصاصات المنوطة بها.

وأكد أعضاء المجلس الرئاسي، خلال الاجتماع، أن تحقيق مصالحة وطنية شاملة تجمع كافة الليبيين، يوجد في أعلى سلم أولويات المجلس، لكونه حجر الأساس لبناء دولة مدنية موحدة.

وكان المنفي أكد في كلمته للشعب الليبي ، إن أولوية المجلس الرئاسي ستنصب على إنجاز ملف المصالحة الوطنية، من خلال توفير كل الشروط لتحقيق ذلك، من أجل تحقيق العيش المشترك بين الليبيين ، وأضاف أنه سيعمل المجلس على تعزيز السلم واستدامته ،مشددا على ضرورة ترسيخ قيم العفو والصفح وإعلاء المصلحة الوطنية ،معتبرا أن الجهد الأكبر سينصب على التأسيس لعملية المصالحة الوطنية، مشددا على ضرورة ترسيخ قيم العفو والصفح والتسامح وإعلاء المصلحة الوطنية العليا، دون الإخلال بمبدأ الإفلات من العقاب لكل من أجرم في حق بنات وأبناء الشعب الليبي.

كما أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، أن حكومته ستعمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع الليبيين نواب وشعب وحكومة، قائلا إن «ليبيا واحدة ولا يمكن أن نقول إلا ليبيا واحدة» ،وأضاف " إن حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة كل الليبيين "، موضحا أن هناك الكثير من الاستحقاقات تنتظر مجلس النواب الليبي، داعيا إلى إنهاء فترة الانقسام التي شهدتها ليبيا.

وناشد الدبيبة، الليبيين الالتئام وتعويض ما فاتهم خلال فترة الانقسام، مؤكدا أن الأمة الليبية مازالت بحاجة إلى نوابها لأن الكثير من الاستحقاقات التي لازالت تنتظرهم بداية من إقرار الموازنة الموحدة وقانون الاستفتاء أولا، ووصولا إلى قانون فعال للحكم المحلي ومن ثم الانتخابات.

والسبت الماضي ، أكد المبعوث الأممي يان كوبيتش خلال اجتماع عن بعد مع لجنة الحوار السياسي أن ملف المصالحة الوطنية يتميز بأهمية بالغة، مقترحا أن تتولى امرأة رئاسة هذه اللجنة المكلفة بمتابعته ،ولافتا الى أن رئيسي المجلس الرئاسي والحكومة اعتبرا المصالحة إحدى أولى أولوياتهما ،

ويشير المراقبون الى أن المصالحة الوطنية تحتل صدارة التحديات التي تواجه السلطات الجديدة ، وتمثل شرطا أساسيا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في موعدها المقرر للرابع والعشرين من ديسمبر القادم ، مشيرين الى أن هناك مصالحات عدة يجب أن تتم من داخل المصالحة الوطنية ، من بينها ما هو سياسي وما هو اجتماعي وثقافي ، وما يتصل بالعلاقة بين أنصار النظام السابق وأنصار الثورة التي أطاحت به ، وبين أنصار الجيش والموالين لسلطة الميلشيات ، وبين القبائل والمدن التي واجهت صراعات دموية ، وهي مصالحة ذات بعد اجتماعي ، لا تتجسد على الأرض إلا بعودة المهجرين الى خارج البلاد والنازحين داخلها ، والذين يصل  عددهم مجتمعين الى حوالي مليون ليبي ،

وتراهن أطراف سياسية ليبية على ضرورة الاتفاق على التنفيذ الفعلي لقانون العفو العام الصادر عن مجلس النواب في ابريل 2015 ، وتم تنفيذه على نطاق واسع في المناطق التي كانت خاضعة للحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني ، بينما رفضته حكومة الوفاق تحت ضغط مباشر من الميلشيات وقوى الإسلام السياسي