قالت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية إن أحد كبار قادة حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً صرح بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يجب أن تبذل المزيد من الجهد لممارسة الضغط الأمريكي، وتستخدم نفوذها الدبلوماسي من أجل إنهاء الحرب الأهلية الوحشية والمزعزعة لاستقرار بلاده.

وأضاف أحمد معيتيق، في حوار لصحيفة واشنطن تايمز الأمريكية ترجمته بوابة افريقيا الإخبارية، بأن الولايات المتحدة وحدها القادرة على الضغط على الفصائل المتحاربة في الدولة الأفريقية الغنية بالنفط ومؤيديها الأجانب المنقسمين - بما في ذلك عدة دول عربية- إلى طاولة المفاوضات.

وأعرب معيتيق، عن أسفه خلال مقابلة مطولة أجريت أمس الثلاثاء على أن إدارة ترامب بدت وكأنها تميل نحو قائد لاجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، الذي وصفه معيتيق بقائد المتمردين. ويسيطر حفتر على معظم الجزء الشرقي من البلاد وشن هجومًا هذا العام ضد الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، بدعوى  ارتباط الحكومة بجماعات إرهابية.

يحذر المحللون الأمريكيون والغربيون من أنه إذا انهارت ليبيا أوأصبحت دولة فاشلة ، فقد توفر مرة أخرى ملاذاً لتنظيم داعش الإرهابي وغيره من الجماعات الإرهابية وتفاقم من سحق المهاجرين الذين يعبرون البلاد في طريقهم إلى أوروبا.

وقال معيتيق "أعتقد أن الرئيس ترامب قد تلقى رسالة خاطئة من الحلفاء أو المستشارين حول حفتر"، مضيفا "أن حكومتنا في طرابلس وليس حفتر هي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة كقوة لمحاربة الإرهاب في ليبيا وشمال أفريقيا".

وتابع "ما نحتاج إليه الآن هو قيادة الولايات المتحدة لإظهار أن الحل السياسي هو الحل الوحيد في ليبيا".

وأدلى معيتيق بهذه التعليقات وسط عنف جديد في ليبيا. وذكرت وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية أن القتال حول طرابلس قد استؤنف ليلة الاثنين بعد هدنة قصيرة خلال عطلة عيد الأضحى. وكان وقف إطلاق النار الذي اقترحته الأمم المتحدة لمدة يومين هو الأول منذ أن شنت قوات الجيش الوطني الليبي التي يقودها حفتر هجومًا في أبريل للإطاحة بحكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس.

وقاومت إدارة ترامب الجهود الرامية إلى الانخراط مباشرة في المعارك من خلال تقديم الدعم الخطابي لكل من الحكومة في طرابلس والجيش الوطني بقيادة حفتر.

لكن الإدارة أظهرت علامات على أنها قد تفكر في خط قوي لإنهاء القتال. وفي منتصف يوليو وقّع المسؤولون الأمريكيون بيانًا مشتركًا مع فرنسا وبريطانيا ومصر وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة لدعم وقف فوري لإطلاق النار.

وصدر البيان الذي جاء فيه "لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في ليبيا" وحذر من الجماعات الإرهابية التي تستغل الفراغ السياسي ، بعد أشهر قليلة من اتصال الرئيس ترامب بشكل غير متوقع بحفتر في مكالمة هاتفية من المكتب البيضاوي للثناء عليه كقائد عسكري وقوة رئيسية ضد الإرهاب.

وقال مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته مؤخراً إن الإدارة تدعم وقف إطلاق النار لكنه يعتقد أن حفتر يجب أن يكون جزءًا من مستقبل ليبيا.

وكان العقيد السابق البالغ من العمر 75 عامًا شخصية مبهمة، وكان قريبًا من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ولعب دورًا رئيسيًا في الثورة التي أوصلت القذافي إلى السلطة في عام 1969. وبعد خلاف مع القذافي انتقل إلى الولايات المتحدة وكان موضوع تقارير إعلامية غير مؤكدة أنه أقام علاقات مع وكالة المخابرات المركزية.

مأزق!!

واقترح معيتيق أن واشنطن قد خدعت لدعم حفتر وأن الدعم العلني من الرئيس الأمريكي قد شجع حفتر الذي أصر معيتيق على وصفه بزعيم المتمردين.

وقال معيتيق "منذ الاتصال الهاتفي -مع السيد ترامب-، وعد حفتر أنه سيسيطر على طرابلس في غضون يومين"، وأضاف  "لكن يمكننا أن نرى الآن بعد خمسة أشهر، أن حفتر لا يمكنه التحرك مسافة كيلومتر واحد".

كما ادعى معيتيق أن القوى الموالية لحكومة الوفاق وليس لحفتر ، هي التي قضت على تنظيم داعش في معقله في سرت في ليبيا في عام 2016.

وقال إن محاولات رئيس وزراء حكومة الوفاق  فايز السراج لجذب حفتر إلى مفاوضات السلام لم تسفر عن شيء. وأضاف "لقد حاولنا الجلوس مع حفتر عدة مرات"، موضحا "المشكلة هي أنه لا يبدو أنه يفهم أن البلاد لا يمكن أن تحصل على السلام دون مصالحة بين جميع الليبيين".

وتابع معيتيق "الأشخاص الرئيسيون حول حفتر هم نفس الأشخاص الذين كانوا مع القذافي ذات يوم"، مشددا "لا يريدون أن يروا التغيير أو الديمقراطية في ليبيا".

وإضافة إلى الغموض المحيط بسياسة الولايات المتحدة تجاه ليبيا هو حقيقة أن الفصائل المتحاربة قد وقعت مع جماعات الضغط الأمريكية القوية ، وبعضهم يعمل لصالح   حفتر.

قال معيتيق -رجل الأعمال السابق البالغ من العمر 46 عامًا- الذي تم تعيينه نائباً لرئيس الوزراء في سنة 2016  إن قوات حفتر تزرع الفوضى والخراب من خلال مهاجمة المستشفيات والمدارس والمطار ومراكز اللاجئين في طرابلس في محاولة لتقويض حكومة الوفاق الوطني.

فوضى جيوسياسية

ويمكن أن يكون للأزمة الليبية آثار كبيرة على أسواق النفط العالمية. تمتلك البلاد أحد أكبر الاحتياطيات المؤكدة في العالم ، لكن الإنتاج انخفض منذ الإطاحة بالقذافي وقتله في عام 2011. تسعى القوى الخارجية إلى البحث عن أصدقاء والتأثير داخل ليبيا منذ ذلك الحين.

واعتبرت الصحيفة أن قوى دولية بقيادة تركيا وقطر تدعم حكومة الوفاق، ويتمثل أحد خطوط الانقسام في التسامح النسبي للحكومة الوطنية مع الحركات السياسية الإسلامية مثل حركة الإخوان المسلمين . وقال المسؤول الأمريكي الذي تحدث مع صحيفة التايمز دون الكشف عن هويته إن تركيا وقطر "أكثر دعما للأخوان المسلمين  وبالتالي فهما أكثر ارتباطًا" بحكومة الوفاق.

قال مصدر من خارج الحكومة الأمريكية ولكن يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالفصائل السياسية الليبية إن عامل الإخوان المسلمين قد لعب دورًا في نظر المسؤولين الأميركيين الرئيسيين بمن فيهم السيد ترامب ومستشار الأمن القومي جون ر. بولتون إلى الوضع.

وقال المصدر "هناك انفصال بين الطريقة التي ينظر بها الرئيس ترامب والمستشار بولتون إلى هذا والطريقة التي يرى بها آخرون ، بمن فيهم أشخاص من عهد أوباما في وزارة الخارجية". وقال المصدر إن وجهة نظر ترامب وبولتون هي أن حكومة طرابلس دعمت بالفعل من قبل الإدارة الامريكية السابقة دون نتائج تذكر.

وقال المصدر إن الفكرة تكمن في أن السراج وحكومته يشبهان مصر تحت قيادة محمد مرسي وهو مرشح تدعمه جماعة الإخوان المسلمين وتولى الرئاسة في أعقاب الربيع العربي.   وحفتر  -في هذه القراءة- يشبه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  الذي أطاح بمرسي في عام 2013 ، وصنف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية وأقام فيما بعد علاقة أمنية قوية مع واشنطن.

وقال المصدر "هكذا يرى ترامب ليبيا".

ويختلف معيتيق بشكل كامل مع هذه الرؤية وقال ضاحكا "لسنا حكومة الإخوان المسلمين"، مضيفا "الكل يعلم ذلك. مجموعة الأشخاص الذين يبقون الحكومة سوية لا ينتمون إلى ذلك على الإطلاق. هذا واضح جدا. يمكنك إلقاء اللوم علينا على شيء آخر ، ولكن ليس هذا ".

وعلاوة على ذلك  قال معيتيق إن الولايات المتحدة لديها تحالفات وثيقة مع دول من جميع الأطراف في الأزمة الليبية، بما في ذلك قطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر. وأضاف أن هذا هو السبب في أن إدارة ترامب لديها نفوذ غير عادي في الدفع باتجاه حل سياسي.

وأضاف "الأشخاص الذين يساعدون حفتر والأشخاص الذين يعملون عن قرب معنا هم جميعًا حلفاء الولايات المتحدة". موضحا "يجب أن تتمتع الولايات المتحدة بالقدرة على ممارسة الضغط على جميع هذه البلدان، من أجل احتواء حفتر وإجراء محادثات سلام".