ما زالت المعارك تراوح مكانها على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، على الرغم من أن القتال بين قوات الججيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج دخل شهره السادس على التوالي، في غياب قدرة أي منهما على تحقيق الحسم العسكري لصالحه.
وحققت قوات الجيش الليبي تقدّما نسبيا في جنوب العاصمة طرابلس، وتمكّنت من السيطرة على مواقع جديدة بعد شنّ عمليات جوية،لاستهداف مخازن أسلحة الميليشيات المتمركزة في العاصمة طرابلس، وعزّزت تحركاتها الميدانية في عدة مناطق ومحاور، محققة تقدّما في منطقة العزيزية كما شنّت ضربات جوية على أهداف بالكلية الجوية في مصراتة.
وأعلن المركز الإعلامي للجيش الليبي ليلة الأحد عن استمرار الضربات الجوية للجيش الوطني على مواقع معسكرات الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق الوطني بمحور العزيزية والكلية الجوية في مدينة مصراتة وقاعدة القرضابية التي تستخدمها لتخزين الذخائر والآليات ولإنشاء غرفة جديدة لعمليات استطلاع الطائرات التركية المسيّرة.
وفي المقابل،أعلنت غرفة عملية "بركان الغضب"، التابعة لحكومة الوفاق،، مساء أول من أمس، أن قوات الوفاق أحكمت السيطرة الكاملة على المنطقة الممتدة من العزيزية إلى السبيعة جنوب طرابلس، بعدما قالت إن قوات الجيش الوطني فرت منها.وعدّدت الغرفة، في بيان نشرته عبر صفحتها على "فيسبوك"، المكاسب التي تحصلت عليها من "العدو"، ومنها آليات وذخائر، كما أسرت 9 جنود، بعد معارك طاحنة في محور السبيعة والطويشة، ومنطقة "تليس" شرق العزيزية، وفي عين زارة.
وفي غضون ذلك، التقى المشير خليفة حفتر،الاثنين،بقيادات المحاور القتالية لمتابعة سير العمليات العسكرية وإعطاء التعليمات والتوجيهات.وقال مكتب الاعلام التابع للقيادة العامة للجيش الليبى فى بيان صحفى إلى أن حفتر أوصى باستمرارية الانضباط العسكرى داخل المؤسسة،مجددا  تعليماته بخصوص حماية حقوق المدنيين والحفاظ على سلامة أرواحهم، وأيضاً الحفاظ على أرزاق كل الليبيين خصوصاً في الممتلكات العامة للدولة الليبية.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مسؤول عسكري بارز في الجيش الوطني الليبي،حضر الاجتماع،مع أمراء محاور العاصمة طرابلس، التابعين للجيش، أن حفتر أكد خلال هذا الاجتماع سرعة إنجاز الأعمال القتالية، والالتزام بالضبط والربط العسكري، والمحافظة على ممتلكات الدولة والمواطنين".
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه،أن هدف الجيش حاليا هو "قطع خط الإمداد الرئيسي ما بين الغرب والشرق، وعزل الميلشيات التي يقودها أسامة الجويلي، أحد كبار قادة قوات السراج عن مدينتي مصراتة والعاصمة طرابلس"، معتبرا أن السيطرة على العزيزية تعني ما اعتبره "بداية النهاية للميليشيات المسلحة".
وعلى الجانب الآخر، ترأس فائز السراج اجتماعا أول من أمس، ضم وزير داخليته فتحي باش أغا،وأمراء المناطق العسكرية، اللواء أسامة جويلي آمر المنطقة الغربية، واللواء محمد الحداد آمر المنطقة الوسطى، واللواء عبد الباسط مروان آمر منطقة طرابلس.
ووفق المكتب الاعلامي لحكومة الوفاق بحث الاجتماع الذي عقد بمقر المجلس الرئاسي بطرابلس الوضع الأمني والعسكري وآخر تطورات الجبهات، كما تناول تطوير اليات التنسيق بين المناطق العسكرية، ومختلف القطاعات والوحدات الأمنية والعسكرية.كما بحث الاجتماع الترتيبات المتخذة لحماية المدنيين بعد تصعيد المليشيات المعتدية من قصفها الجوي للمنشآت والمرافق المدنية.
وبالتزامن مع التطورات الميدانية تتواصل الاتهامات المتبادلة بين الطرفين،باستهداف المدنيين.حيث  قتل طبيب وأصيب مسعفان يعملون بالمستشفى الميداني التابع لحكومة الوفاق الوطني في ليبياالإثنين، جراء تعرضهم لضربة جوية جنوب العاصمة طرابلس.وأكد مركز الطب الميداني بوزارة الصحة بحكومة الوفاق في بيان، أن "الطبيب سامر سليمان السباعي قتل وأصيب اثنان من المسعفين الأول تابع لفرقة دعم المستشفيات الميدانية بمنطقة الطويشة والثاني للمستشفى الميداني الزهراء بجروح متوسطة.
واتهمت قوات حكومة الوفاق طيران قوات الجيش الليبي باستهداف الكادر الطبي.لكن قوات الاخير نفت هذه الاتهامات.وتتعرض المستشفيات الميدانية في طرابلس القريبة من مواقع الاشتباكات، لقصف جوي متكرر تحمل حكومة الوفاق طيران الجيش الليبي مسؤوليته.ودعت منظمة الصحة العالمية إلى "تجنب استهداف الطواقم الطبية التي تقدم خدمات الإسعاف لضحايا المعارك".
وفي المقابل، قال المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة"، التابع للجيش الوطني، إن ميليشيات ما يعرف بكتيبة ثوار طرابلس في زناتة ارتكبت جريمة بشعة بعد قتل ستة من العمالة المصرية وجرح عدد آخر.وقال المركز في بيان أول من أمس إن قتل العمال تم على ما يبدو على خلفية رفضهم المشاركة القتال ضمن صفوف الميليشيات المسلحة دون تفاصيل إضافية، لافتا إلى أن قوة الردع الخاصة، الموالية لحكومة السراج، تتكتم على هذه المعلومات.
وتشهد العاصمة الليبية طرابلس تصاعدًا في الجريمة الجنائية والمنظمة، وعمليات التوقيف القسري خارج إطار القانون التي تنفذها مليشيات مسلحة بحق مواطنين.وحذرت اللجنة الليبية لحقوق الإنسان من أن حالة الانهيار الأمني التي تشهدها طرابلس أدت إلى تصاعد مؤشرات الجرائم الجنائية والجريمة المنظمة التي تشمل جرائم السطو المسلح والسرقات والاختطاف والقتل بدوافع إجرامية بأحياء ومناطق عديدة في مدينة طرابلس ومحيط المدينة، من قبل الخارجين عن القانون وعصابات الجريمة والجريمة المنظمة التي باتت تهدد بشكل كبير حياة وسلامة وأمن المواطنين وممتلكاتهم.
وأشارت اللجنة في تقرير نشر مساء الثلاثاء إلى أن ذلك "تزامن مع تصاعد حالات الاحتجاز القسري خارج إطار القانون على أساس الهوية الإجتماعية والمواقف السياسية ، الأمر الذي زاد الأمور تعقيدًا وفاقم من سوء الوضع الإنساني في طرابلس".واعربت اللجنة عن "بالغ قلقها واستيائها حيال عمليات الاعتقال التعسفى العشوائية والواسعة النطاق التي يقوم بها عناصر تشكيلات أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق الوطني، و دونما أي مسوغ قانوني".
وطالبت اللجنة وزارة الداخلية بحكومة الوفاق ومكتب النائب العام بـ“ضرورة وضع حد لهذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،محذرة من مغبة وقوع أي أعمال انتقامية من أي من أطراف النزاع المسلح، مما يفاقم من حجم الجرائم والانتهاكات وتردي حالة حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية وقيم العدالة في ليبيا.
وتاتي هذه التطورات في وقت تتواصل فيه المشاورات باتجاه عقد مؤتمر برلين في محاولة لانهاء الصراع الدائر في ليبيا.ويشير مراقبون الى أن الاختلافات بين القوى الأوروبية في رؤيتها للأزمة الليبية تضعف من نجاح المؤتمر. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، شددت خلال الاجتماع التحضيري لمؤتمر برلين بخصوص ليبيا، على أنه لن يكون هناك اجتماع قمة ما لم يتم الاتفاق على ما سيحدث بعد القمة.
وتعيش العاصمة الليبية منذ مطلع ابريل الماضي على وقع معارك عنيفة تسببت منذ اندلاعها في مقتل 1093 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، إضافة إلى نزوح قرابة 120 ألف شخص من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة.ويشير مراقبون الى أن تواصل غياب الحسم في ظل التصعيد بين الأطراف المتصارعة من شأنه أن يزيد من خطورة الأوضاع في بلد يعيش منذ سنوات حالة من الفوضى وغياب الاستقرار.