على تخوم العاصمة الليبية طرابلس تدور منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي رحى معركة مصيرية بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق.معركة بات ينتج عنها تضعضع نفوذ المليشيات وتفككها في ظل انشقاقات متواصلة وتصاعد الخلافات،فيما تتواصل وتيرة التقدم الميداني للقوات المسلحة الليبية في معركتها نحو استعادة سلطة الدولة وتحقيق الاستقرار في البلاد.

إلى ذلك،شهدت العاصمة الليبية اشتباكات عنيفة، اليوم الأربعاء، في محاور العاصمة طرابلس، بالأسلحة الثقيلة، بالتزامن مع عمليات جوية نفذها سلاح الطيران في الجيش الليبي.ونقلت وكالة "سوتنيك" الروسية عن مصدر في غرفة الإعلام بالجيش الليبي،قوله إن قوات الجيش الليبي تقدمت في بعض المحاور بالعاصمة طرابلس، فيما صدت هجوما في محاور أخرى، وكبدت قوات "الوفاق" خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.

وأوضح المصدر أن تقدم القوات البرية تزامن مع عمليات قصف جوي على تمركزات ما وصفها بـ"الميليشيات" في العاصمة الليبية، وكذلك على المجموعات المتواجدة في مدينة مرزق في الجنوب الليبي، وأن الضربات حققت الأهداف بدقة.وأكد المصدر أن قوات الجيش الليبي ألحقت خسائر فادحة بالقوات التي كانت في "منطقة السبيعة"، وأن تلك العمليات جاءت في إطار تطوير خطة الهجوم على الأرض تحت غطاء جوي من سلاح الجو التابع للقوات المسلحة العربية الليبية.

ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية نجحت القوات المسلحة العربية الليبية في بسط سيطرتها علي بوابة الشقيقه جنوب مدينة غريان،فيما تواصل الحفاظ على مواقعها جنوب العاصمة طرابلس.وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة ،إن قوات الجيش المتمركزة بمنطقة السبيعة صدّت هجوما لقوات تابعة للوفاق ،وكبدتها خسائر بشرية كبيرة و أخرى في اعتاد.وأضافت إنه تم ضرب تمركزات العدو في الخطوط الأمامية بمحور العزيزية ؛ وحالة من الفوضى والهلع في صفوف قوات الوفاق ،كما شنّت مقاتلات السلاح الحربي ،غارات جوية ووجّهت ضربات دقيقة.

وتجددت،الثلاثاء،الاشتباكات بين قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي جنوبي العاصمة الليبية. ودفع الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر،بتعزيزات عسكرية جديدة إلى محاور المعارك في العاصمة طرابلس، وذلك لمساندة الوحدات العسكرية الموجودة هناك والمشاركة في العمليات القتالية.

وأظهر مقطع فيديو، نشرته صفحة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش، تحرك عشرات الآليات العسكرية التابعة "للكتيبة 166 مشاة"، بكامل عتادها وأفرادها نحو العاصمة طرابلس، للمشاركة في عملية تحريرها.وذكرت قناة "العربية" أن هذه "التعزيزات الجديدة تضاف إلى الوجود العسكري القوي الذي يمتلكه الجيش الليبي في ضواحي طرابلس، بعدما سجلت قواته تقدمات هامة وسيطرت على مواقع مهمة خاصة جنوب العاصمة، لكن يتوقع من وراء هذه الخطوة، أن يقوم بتوسيع رقعة القتال وفتح جبهات جديدة خلال الأيام المقبلة، من أجل حسم المعركة في أسرع وقت ممكن".

ويأتي هذا في وقت تصاعدت فيه الخلافات في صفوف قوات حكومة الوفاق،حيث اندلعت مساء الثلاثاء ،اشتباكات عنيفة عند البوابة المعروفة ببوابة الـ17 على الطريق الساحلي الرابط مدينتي طرابلس والزاوية ،بين "كتيبة معمر الضاوي" التابعة لوزارة دفاع حكومة الوفاق و "كتيبة فرسان جنزور" التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق 

وأصدرت غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الوطني ،تحذيرا لكل أهالي الزاوية بعدم استخدام الطريق الساحلي نحو بوابة 17 ،فيما  ذكرت مصادر متطابقة ،وقوع خلافات واحتقانات كبيرة بين التشكيلات المسلحة المختلفة التابعة لقوات حكومة الوفاق.

وقال المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة"، التابع للجيش الوطني، إن ما وصفه بصراع الميليشيات وعبثها "أدى إلى إغلاق الطريق الساحلي ببوابة منطقة الدافنية، وذلك على خلفية مخالفات وصراعات النفوذ، وسيطرة ميليشيا السويحلي على مقر ما يعرف بمبنى المخابرات بالعاصمة طرابلس.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر عسكرية في الجيش قولها إن ما وصفته ب"خلافات مكتومة بين الميلشيات الموالية لحكومة السراج بدأت تطفو على السطح، في ظل ما سمته الخسائر البشرية والمادية الفادحة، التي منيت بها هذه الميليشيات في مواجهاتها الأخيرة ضد قوات الجيش الوطني الليبي".

وبالتزامن مع ذلك،يتواصل مسلسل الانهيار في صفوف المليشيات المسلحة،حيث قالت مصادر عسكرية ليبية إن مجموعة من مليشيا قوة الردع الخاصة سلّمت نفسها إلى الجيش الوطني الليبي.وذكر بيان لغرفة عمليات الكرامة الثلاثاء أن المجموعة وهي الثانية، سلّمت نفسها بكامل عتادها، وقد استقبل عناصرها وعوملوا بحسب تعليمات القائد العام للجيش الوطني الليبي، واعتبروا من ضمن الذين رفعوا الراية البيضاء وانحازوا للوطن.كما أفادت الغرفة بأن ثلاثة أفراد من مليشيا غنيوة الككلي "قوة الردع والتدخل المشتركة- بوسليم" قتلوا الثلاثاء بسقوط قذيفة هاون، وجرح 9 آخرين.

وفي غضون ذلك،تتواصل مؤشرات تعويل حكومة الوفاق على العناصر الارهابية والمطلوبين في حربها ضد الجيش الليبي.حيث نشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني الليبي إصدارًا جديدًا تحت مسمى "كشف اللثام عن حقيقة حشد اللئام" أظهرت فيه مقاطع مصورة بثها متطرفون يقاتلون في صفوف مليشيات حكومة الوفاق، ومن بينهم عناصر مطلوبة لدى الأجهزة الأمنية لتورطها في جرائم اغتيالات داخل مدينة بنغازي في السنوات الماضية.

وأظهر الإصدار عددًا من المقاتلين المتطرفين الذين جرى رصدهم ومنهم: يوسف بن زبلح- مجلس شورى بنغازي، أحمد المعداني- مجلس شورى بنغازي ومن ثم سرايا الدفاع عن بنغازي، مفتاح المنفي- مجلس شورى بنغازي، محمد البرعصي- مجلس شورى بنغازي ومن ثم سرايا الدفاع عن بنغازي، أحمد الغرياني- درع ليبيا 2 ومن ثم سرايا الدفاع عن بنغازي.

ومنذ انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أعلنها الجيش الليبي في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،تقدمت العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الصفوف الأمامية للمليشيات التي تتصدى للقوات المسلحة،على غرار قوات أبو عبيدة الزاوية، والتي تتمركز بشكل أساسي في مدينة الزاوية الليبية، ويقودها شعبان هدية المكني بأبو عبيدة الزاوي، والذي سبق أن اعتقل في القاهرة لانتمائه لتيارات جهادية وعلى إثر ذلك اختطف 5 دبلوماسيين مصريين تمت مقايضتهم به، وينسب لهذه المليشيات حرق 10 طائرات بمطار طرابلس قبل سنوات.

وكشف اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي عبر مؤتمراته الاستثنائية اليومية منذ انطلاق العلمية أسماء عدد من الإرهابيين والمطلوبين دوليا يقاتلون في صفوف قوات الوفاق.كما كشف المسماري أن مليشيات مصراتة تمكنت بقيادة الإرهابي خالد الشريف من استقدام عناصر داعش من سوريا والعراق عبر مطارات المدينة للمشاركة في الحرب ضد الجيش الوطني الليبي.

وكشفت معركة طرابلس عن انتشار العديد من العناصر الارهابية الفارة من مناطق في شرق وجنوب البلاد وانضمامها للقتال في صفوف المليشيات ضد الجيش الليبي على غرار فلول مجالس شورى بنغازي وإجدابيا ودرنة الفارة من المنطقة الشرقية وبقايا تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة الفارة من صبراتة وسرت ومناطق الجنوب.

ودخلت العمليات العسكرية في طرابلس شهرها الخامس، وأسفرت عن مقتل نحو 1048 شخصا، بينهم 106 مدنيين وإصابة 5558 شخصا، حسب الإحصائيات الأخيرة من عدة جهات ليبية ودولية.وبالرغم من الدعوات المتكررة لوقف القتال فان الجيش الليبي يصر على دخول العاصمة وانهاء نفوذ المليشيات وهو ما يعتبره مراقبون ضرورة ملحة  بسبب استمرار مشهد الانفلات الامني وسيطرة الميليشيات المسلحة على طرابلس، وضعف حكومة الوفاق على الأرض في مواجهة هذا الخليط من الميليشيات وتعويلها عليها ما أدخل البلاد في أزمة خانقة تستمر تداعياتها منذ ثماني سنوات.