واقع القطاع الصحي في ليبيا ينبئ بالخطر،حيث يشكل توفير الرعاية الصحية اللازمة للمواطنين أكبر التحديات التي تعترض المؤسسات الحكومية، وقد زادت الاضطرابات الأمنية التي تشهدها البلاد الوضع سوءا،بسبب الصراعات والانقسامات بين الفرقاء الليبيين من حدة الأزمة التي تنذر بكارثة إنسانية خطيرة.

ويواجه القطاع الصحي في ليبيا أزمات خانقة، جراء الحرب الأهلية، والانقسام السياسي المتواصل، في البلاد منذ سنوات،حيث تعاني المستشفيات الليبية، من نقص حاد في الأطقم الطبية، والأدوية، والمستلزمات التشغيلية الأساسية، إضافة إلى استمرار عمليات استهداف العاملين في القطاع الصحي في المناطق التي تشهد معارك مسلحة.

ففي العاصمة الليبية طرابلس التي تشهد معارك مسلحة منذ أكثر من شهر،أصيب ثلاثة من العاملين في القطاع الصحي في هجوم استهدف سيارة اسعاف،وفق بيان نشرته منظمة الصحة العالمية عبر موقعها الرسمي، وتغريدة للبعثة الأممية عبر حسابها الرسمي بموقع "تويتر".

ونقل بيان "الصحة العالمية"، عن ممثلها في ليبيا، سيد جعفر حسين، قوله إن "الهجوم الذي استهدف، الأربعاء سيارة إسعاف تحمل شعارات مرئية، يعد انتهاكًا مروعًا لا يطاق للقانون الإنساني الدولي".وأضاف: "لم يقتصر الأمر على إصابة أفراد مهمين في هذا الهجوم فحسب، بل تم تخريب سيارة الإسعاف نفسها، ما يحرم المرضى من الرعاية المستقبلية".

من جانبها،عبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن "صدمتها" من الهجوم الذي استهدف سيارة الإسعاف المدرعة في منطقة قصر بن غشير، في طرابلس.وأوضحت البعثة، أن الهجوم أسفر عن "إصابة مدير خدمات الإسعاف والطوارئ الطبية، وعامِليْن طبّيين اثنين بجروح خطيرة".ورأت في "الهجمات على العاملين في القطاع الصحي انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي".

ولا يزال العنف فى ليبيا يؤثر تأثيرا مدمرا على الرعاية الصحية فى البلاد حيث تتعرض المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى إلى التفجير والقصف والنهب.وكما يتم استهداف العاملين فى المجال الطبى أو الاعتداء عليهم أو حتى أخذهم كرهائن أو احتجازهم تعسفيا وهو ما يمثل مزيدا من العراقيل أمام لقطاع الصحي.

ومطلع مايو/ أيار الجاري،أعلنت الأمم المتحدة،أن تصاعد حدة القتال في العاصمة الليبية طرابلس بات يعيق عملياتها الإنسانية، ويؤثر على سلامة العاملين في المجالي الصحي.وقال استيفان دوغريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي؛ إن 4 على الأقل من العاملين في المجال الصحي قتلوا منذ اندلاع القتال، مطلع أبريل الماضي، وأصيبت 11 سيارة إسعاف بأضرار أو دُمرت بالكامل.

ومنذ 4 أبريل/ نيسان الماضي،تشهد العاصمة الليبية معارك عنيفة في أعقاب اطلاق الجيش الوطني الليبي لعملية "طوفان الكرامة" بهدف تحرير المدينة من سيطرة المليشيات المسلحة والعناصر الارهابية.ومع تزايد حدة الاشتباكات تتصاعد المخاوف من تأثيراتها الخطيرة على الوضع اصحي في البلاد.

وكانت منظمة الصحة العالمية،أعربت الأربعاء، عن مخاوفها من أن تؤدي المعركة الدائرة منذ شهر للسيطرة على العاصمة الليبية، طرابلس، إلى زيادة هائلة في أعداد القتلى والمصابين المدنيين فضلاً عن تفشي الأمراض الفتاكة، بما فيها الكوليرا.

وكشفت الأحداث المسلحة الأخيرة في مدينة طرابلس نقصا حادا يعانيه القطاع الصحي، سواء العمومي أو الخاص، وأظهرت ضعف طاقة الاستيعاب لهذه المؤسسات وعجزها عن توفير الأدوية اللازمة، إضافة إلى ضعف الموارد البشرية.

وقال ممثل منظمة الصحة في ليبيا، الدكتور سيد جعفر حسين، في مقابلة مع وكالة "رويترز" للأنباء، إن الصراع يستنزف الإمدادات الحيوية في المستشفيات بالقرب من خطوط القتال الأمامية، وهي إمدادات لن تصمد إلا لبضعة أسابيع أخرى.وذكر:أن "هناك الآن احتمال للإصابة بالكوليرا، على سبيل المثال، مع نقص المياه والصرف الصحي في مساكن الأشخاص النازحين"، مشيراً أيضاً إلى مخاطر الإصابة بالالتهاب الكبدي، والتيفوئيد، والحصبة، والسلّ.

وأضاف أن ما لا يقل عن 60 ألف شخص فروا من القتال في الضواحي الجنوبية يعيشون حالياً في ملاجئ مؤقتة، مما زاد عدد سكان وسط المدينة الذي يبلغ قرابة نصف مليون نسمة.وتابع:"في الوقت الحالي بالنظر إلى عدد الجرحى وعدد من تأثروا فإن هذه الإمدادات يمكن أن تكفي لفترة ثلاثة إلى أربعة أسابيع".

وبسبب الأزمة تسعى منظمة الصحة للحصول على 12 مليون دولار إضافية، من الجهات المانحة، إضافة إلى مبلغ 42 مليون دولار تسعى لجمعه سنوياً من أجل ليبيا.وقال حسين:"نناشد جميع المانحين، فحتى لو لم تكن أعداد (الإصابات / النازحين) مرتفعة في الوقت الحالي فستزداد هذه الأرقام بشكل كبير في الأسابيع المقبلة".

تجدر الإشارة إلى أن القطاع الصحي الليبي يعاني منذ سنوات من العديد من الإشكاليات أهمها ضعف الموارد البشرية المحلية من أطباء وممرضين ومساعدين وغيرهم، ونقص شديد في المعدات والأدوية وضعف البنية التحتية للمؤسسات الصحية العمومية كما ان معظم المستشفيات تفتقر للصيانة وللمعدات الصحية الضرورية وللأدوية، ناهيك إلى ذلك تردي الأوضاع الأمنية في السنوات الماضية ما أدى إلى هروب الطواقم الصحية وعودتها لبلدانهم وايضاً هجرة الأطباء الليبيين للدول المجاورة نتيجة للأوضاع الأمنية المتردية.

ويشتكي الليبيون منذ سنوات من ضعف الخدمات الصحية في بلادهم ما يجعلهم يسافرون إلى الدول المجاورة لتلقي العلاج والرعاية الصحية التي يستحقونها وهو ما يرفع تكاليف التغطية الصحية ويعرض حياة وسلامة الكثيرين للخطر خاصة بالنسبة للحالات الصحية المستعجلة والإصابات بسبب الظروف الأمنية المتردية.