تشهد العاصمة الليبية طرابلس منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي اشتباكات عنيفة بين الجيش الوطني الليبي وقوات حكومة الوفاق،وذلك ضمن عملية عسكرية أطلقتها القيادة العامة وتهدف إلى تحرير المنشآت الحيوية في طرابلس وإعادتها إلى سلطة الدولة وتأمين المدينة وانهاء نفوذ المليشيات ودحر العناصر الارهابية التي تشكل خطرا على كامل ربوع البلاد.

وشكل مطار طرابلس الدولي ساحة المعارك الرئيسية خلال الأيام الأخيرة،حيث تحاول المليشيات المسلحة التقدم نحو استعادة السيطرة على المطار لكن قوات الجيش الوطني الليبي تواصل بسط سيطرتها عليه بعد أن نجحت في صد الهجمات التي استهدفتها بحسب ما نقلت "العربية نت".

وكانت مصادر عسكرية من حكومة الوفاق، أفادت مساء الجمعة أن قواتها دخلت الجزء الجنوبي من مطار طرابلس الدولي، بعد نحو أسبوع من بدء هجوم واسع لاستعادته. وأوضحت أن "المواجهات اندلعت بعد بدء القوات التابعة للوفاق عملية عسكرية للسيطرة على المطار".إلا أنها أشارت إلى أن "قوات حفتر، لا تزال تسيطر على الجزء الأكبر للمطار"، مؤكدة أن "فصائل الوفاق ستواصل مهمتها حتى تعيد سيطرتها على كل أجزاء المطار".

وفي المقابل نشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي،مساء الجمعة، عبر صفحتها على فيسبوك، فيديو لمطار طرابلس، بعد تصدي الجيش لهجوم الوفاق. وفي منشور آخر، أشارت إلى تصدي الجيش الليبي لأكثر من 20 هجوما على المطار القديم.

وأكّدت  شعبة الاعلام، أنّ هذه المحاولات مماثلة لما تعرّض له مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي، عام 2014 حين تحالفت الجماعات المسلّحة مع بعضها بهدف السيطرة على المطار، لافتا إلى أنّ كلّ تلك المحاولات، باءت  بالفشل، وتسببت بخسارة المليشيات المهاجمة  70% من رجالها وعتادها على أسوار المطار.

وقال آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية اللواء عبدالسلام الحاسي إن المليشيات فشلت في استرجاع مطار طرابلس الدولي من قبضة الجيش في خمس وعشرين محاولة من دون جدوى،مضيفا أن الجيش يسيطر على مواقعه الاستراتيجية وتمركزاته في مختلف المحاور؛ وأنه يتقدم إلى قلب العاصمة ببطء متعمد حفاظا على المدنيين.

كما أكد الحاسي في تصريحات صحفية يوم أمس أن المليشيات فقدت الجانب الأكبر من إمكانياتها، وبات لديها يقين بأنها مهزومة لا محالة؛ مضيفا أن الجيش يواصل خطته العسكرية لتحرير العاصمة، وأن العالم يدرك أن القوات المسلحة تحارب إرهابيين ومرتزقة اختطفوا العاصمة ونهبوا المال العام، وتلاعبوا بالمصلحة العليا للوطن، حسب قوله.

وتسيطر قوات الجيش الوطني الليبي على مطار طرابلس، منذ بضعة أسابيع، بينما يطالب قادة عسكريون بحكومة الوفاق بضرورة السيطرة على المطار.ويرجع مراقبون هذا الى الأهمية لاستراتيجية للمطار كونه يقع بالقرب من مدينتي ترهونة وغريان، ويعد محورا رئيسيا لإمدادات الجيش من المدينتين، لذا تسعى المليشيات لقطع ذلك المحور على الجيش.

وتصاعدت حدة المواجهات بعد أن أعلنت قيادات عسكرية في حكومة الوفاق، في وقت سابق، عن إطلاق عملية عسكرية جديدة ضد قوات الجيش الوطني الليبي، لدفعها إلى الانسحاب خارج مناطق العاصمة الليبية.وبحسب تقارير اعلامية تدور المواجهات المسلحة في محور مطار طرابلس العالمي المغلق منذ سنوات جنوب العاصمة، وفي مناطق السواني وطريق الرملة وفي محيط معسكر اليرموك جنوب المدينة.

وقال العميد خالد المحجوب آمر إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية، والناطق باسم غرفة عمليات الكرامة،الجمعة،إن الجيش الليبي صد محاولة يائسة للجماعات والكتائب على مطار طرابلس،يوم الخميس.وأضاف، أن المحاولة اليائسة التي قامت بها الجماعات، جاءت للتأكيد على أنهم لديهم القدرة على القتال، بعد تأكيد الجيش بأن صفوفهم بدأت في الانهيار، إلا أن محاولتهم فشلت وقتل العديد من "المرتزقة" في صفوفهم، حسب ما نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية.

وما تزال اشتباكات عنيفة تدور على تخوم العاصمة الليبية تستخدم فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وسط تراجع ملحوظ للميليشيات مع تواصل سقوط قياداتها حيث أصيب القائد الميداني في ميليشيات حكومة الوفاق الليبية، لطفي الحراري،الجمعة، في معارك طريق المطار جنوبي العاصمة طرابلس.

وقال بيان للواء 73 مشاة التابع للجيش الوطني الليبي: إنّ "إصابة الحراري بليغة وتم بتر رجله".وأشار اللواء إلى أنّ "القوات المسلحة تمكنت من صد هجوم لميليشيات الوفاق على نقطتي المطار، وكوبري المطار، ومنطقة الأحياء البرية"، مؤكدًا "تكبد الجماعات المسلحة خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد".

وأوضح أنّ "قوة كبيرة معادية دخلت باتجاه جسر المطار، محاولة السيطرة عليه، ومن ثم الهجوم على المطار بشكل مباشر".وأشار إلى أنّ "وحداته قامت باستدراج العدو للجسر ومن ثم استهدافه بواسطة سلاح الجو والمدفعية الثقيلة والالتفاف السريع، الأمر الذي نتج عنه تأمين جسر المطار بالكامل وتدمير عدد من الآليات".

يأتي هذا فيما يواصل الجيش الليبي الدفع بالتعزيزات لحسم المعركة.حيث أعلنت شعبة الإعلام الحربي التحاق سرية المدرعات بالقوات التي تقاتل في العاصمة الليبية طرابلس.وبينت شعبة الإعلام الحربي عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" أن سرية المدرعات التحقت بمحاور القتال بعد سيطرة قوات الجيش على مواقع جديدة بمختلف المحاور ضمن عمليات طوفان الكرامة.

وكان الجيش الوطني الليبي أعلن، الخميس، إسقاط طائرة تابعة للمليشيات قرب منطقة الدافنية بمصراتة، ومقتل قائدها.كما استهدف الجيش الليبي طائرتين تركيتين مسيرتين دون طيار من نوع درون بعد ملاحقتهما إثر قصفهما مواقع مدنية في المناطق المنتشر فيها الجيش الليبي بالعاصمة وما حولها.

وفي مايو/أيار الماضي، أسقطت دفاعات الجيش الليبي طائرة تابعة للمليشيات في منطقة الهيرة جنوب طرابلس من طراز ميراج كانت تغير على وحدات تابعة للجيش الوطني في منطقة وادي الهيرة وأسرت قائدها الذي يحمل الجنسية البرتغالية، وكشفت التحقيقات عن عمله لصالح المليشيات التابعة للوفاق بأجر شهري 100 ألف دولار.

ويشير مسؤولون في الجيش الليبي الى قرب انهيار المليشيات المسلحة وحسم معركة تحرير العاصمة.وكشف العميد خالد المحجوب آمر إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية،في حديث لوكالة "سبوتنيك" عن معلومات متوافرة تفيد باستعدادات وزارة الداخلية في حكومة الوفاق للانتقال إلى مدينة مصراته لمباشرة العمل من هناك، وأن حكومة الوفاق تبحث عن مقرات في مصراته أيضا، خشية قطع الطريق عليه بعدما فقدت " العصابات" القدرة على المواجهة.

وأوضح أن بعض المظاهر تشير إلى أن بعض التجار بدأوا في بيع أملاكهم بمصراته والخروج منها، وأن الأمر سبب صدمة كبيرة في تركيا، خاصة في ظل استعداد الكثير من القيادات للهروب، ونقص الأسلحة والذخائر بعد تضييق الخناق من كل الاتجاهات على المجموعات الإرهابية.وأكد أن القوات التي تقاتل في صفوف الوفاق تعمل على تجميع أخر ما لديهم من آليات في الزاوية للدفع بها نحو الجبهات، وهو ما يؤكد أن الجيش وصل إلى مرحلة هامة في العملية وهي القضاء على قدرات "العصابات".

ومع تراجعها في الميدان اتجهت حكومة الوفاق الى محاولة العودة للمفاوضات وهو ما عكس تحولا كبيرا في مواقفها الرافضة لذلك ما عزاه مراقبون الى خسائرها على الارض.وبحث وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد طاهر سيالة مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، تحضير مبادرات جديدة لتسوية الأزمة في ليبيا.

وقال بيان لوزارة الخارجية الروسية "خلال المباحثات أبلغ سيالة، بوغدانوف عن تحضير مبادرات جديدة من قبل حكومة الوفاق لتسوية الأزمة الليبية". وأوضح البيان أن "المحادثات جاءت بمبادرة الجانب الليبي".

وتعكس هذه الخطوة محاولات حكومة الوفاق التمسك بالخيار السياسي، بعدما رفضت في بداية المعركة مطالب دولية بضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات،وهو ما أكدته تصريحات إعلامية الخميس تراجع خلالها رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج عن موقف التصعيد الذي روّج له في بداية المعارك، حيث أكد أن "الحل الوحيد سياسي، لا يوجد حل عسكري.

وقال في لقاء مع قناة "سكاي نيوز24" الإيطالية "ما زلنا نؤمن بأنه يجب على جميع الليبيين، بمن فيهم حفتر، الجلوس على طاولة الحوار والاستماع إلى الطرف الآخر، دون استبعاد أي شخص".وسبق أن عبر السراج عن رفضه الجلوس مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.

وفي المقابل يشير مسؤولون في شرق البلاد الى أن التفاوض يرتبط بانهاء نفوذ المليشيات وهو ما أكده عضو مجلس النواب محمد العباني،الذي قال إن المجموعات التي تحمل السلاح في طرابلس ليست محاورة ولا إمكانية للوصول معها إلى سلام.فيما قال رئيس البرلمان عقيلة صالح إنه لا يمكن إجراء محادثات سلام قبل السيطرة على العاصمة. وأضاف "الجيش كان بإمكانه أن يقوم بعملية قوية واستعمال كل أنواع الأسلحة ولكن هؤلاء ليبيون ونحافظ على أي قطرة دم مهما كان".

ورفض أي اقتراح بانسحاب الجيش الوطني الليبي أو الموافقة على وقف إطلاق النار. وقال "العملية (العسكرية) يجب أن تحسم. الحل السياسي يجب في كل الأحوال أن يأتي حتى بعد تحرير العاصمة الليبية".وتابع "إذا كان أحد يستطيع أن يخرج هذه الجماعات بسلام، الجيش يرجع إلى ثكناته وتشكل حكومة وحدة وطنية وكل شيء لكن لن يستطيع السراج أن يأمر هذه الجماعات بالخروج من العاصمة"