إن دعوة الشيخ القرضاوي في 27 يوليو سنة 2013 مسلمي العالم للجهاد في مصر، وهو ما يعني تحولها دار كفر  أو دار ردة يجب الجهاد فيها، وهو ما تؤمن به تنظيمات كبيت المقدس وفروع القاعدة في عدد من بلدان العالم الإٍسلامي، ولعله في هذا الاتجاه أيضا يأتي نقده العابر لدولة الإمارات العربية المتحدة في 31 يناير سنة 2014 بأنها تحارب كل ما هو إسلامي، وهو الهجوم الذي تكرر عليها، ليتحول الشيخ داعي الوسطية القديم والسابق لمنظر للعنف وداع و مبرر له، متناسيا أوناسيا ما سبق أن شهد به في حق هذه الدولة من خدمة للإسلام حين حصل على جائزة دبي للقرآن الكريم سنة 2001، وهو من كان مع شيخ الأزهر في مؤتمر بمكة المكرم حين حدثت القضية المعروف بميليشيات الأزهر ثم اتهم الشيخ بأنه من أبلغ عنهم! كما جاء في رد الشيخ الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية والمكتب الفني للأزهر عليه في العام 2012! ولكن التهمة- رغم عبورها- لا شك خطيرة وأشد خطرا حين تأتي من داعية لطالما دعا للجهاد في ديار الإسلام والكفر!

ومن تناقضات و تقلبات القرضاوي كذلك موقفه من إيران وحزب الله، فهو هو من سبق أن دعم حزب الله في حرب تموز 2006، ودافع بشراسة عن مواقفه وعن زعيمه السيد حسن نصر الله، حتى انتشر في العالم السني حينئذ ما عرف بالتشيع السياسي وليس المذهبي، إعجابا وتقديرا بحزب الله وزعيمه، كان القرضاوي أول مروجيه وداعميه، وجعل ذلك واجبا شرعيا على مختلف المسلمين، كما احتفظ  بتحالف وثيق مع المراجع الايرانية منذ أن زار طهران عام 1988 وحمل على عاتقه دعوى التقريب بين السنة والشيعة من أجل الوحدة الإٍسلامية، وأثنى على الخوميني والثورة الإيرانية واعتبرها الإنجاز والتأثير الكبير على الصحوة الإسلامية في العالم، كما دافع بشراسة عن حزب الله الذي وصفه "إسرائيل كسرت على يد حزب الله ومن يساند حزب الله" في إشارة لنظام بشار الأسد وإيران! التي نالهما جام غضبه منذ عام 2008 مع قضية التبشير الشيعي وهو ما زادت هوته بقوة بعد عام 2011 والثورة السورية، وقد رفض القرضاوي الحرب على أفغانستان 2001  والعراق 2003 ودعى للجهاد فيهما، وهو ما أنفذته القاعدة فيما بعد، وبرر ودفع الكثير من الشباب للحاق بها في الخليج وأفغانستان، كما كان تفريقه بين العمليات الانتحارية في فلسطين أو العراق أو أفغانستان، بعد ذلك غير مقنع لهم! وقد أثنى على بن لادن مرة وتوقف عن القول فيه مرة أخرى وفي تصريح له بتاريخ 11 أكتوبر 2001 عن بن لادن يقول: " ربما يكون الرجل مخطئا أو منحرفا في بعض أفكاره ولكن الأمر يتعلق بنيته ولا أستطيع أن أكفره أو أفسقه كما يفعل بعض الناس، لكننا نخطئه إذا كان فعل مثل هذه الأمور، وأقول إن أميركا هي التي صنعت منه بطلا للمسلمين لأنه أصبح رمزا للمقاومة في العالم ضد الهيمنة الأميركية" جمع القرضاوي في ثناءاته على الحكم الإسلامي في إيران والسودان بعد انقلاب البشير الذي عانى منه مسلمو دارفور وانقسمت البلاد بسبب سياساته، وانفرد بالحكم وأقصى من أتوا به، لكن لم ينل من نقد القرضاوي شيئا! حتى الآن

 هو القرضاوي الذي رفض ممارسات جماعة الإخوان المسلمين بحق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وإقالته من الجماعة في أبريل سنة 2011 وكذلك رفض القرضاوي قرارات مكتب إرشادها بطرد شباب منها مالوا لأبو الفتوح حينئذ أو انضموا لحملة مرشح إسلامي آخر كحازم أبو إسماعيل،  واتهمها بالتصلب والجمود كما أيد عبد المنعم أبو الفتوح في الجولة الأولى للرئاسة منذ يناير سنة 2012 ولم يؤيد أيا من مرشحيها الأساسي أو الاحتياطي الذي صار أساسيا في الجولة الأولى، وأيده فقط في جولة الإعادة بعد خروج مرشحه الرئيس الدكتور أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية! ولكن نجد الشيخ يوجه نقده كل نقده لمؤسسة الأزهر ولدول الخليج دون مرشحه السابق الذي شارك وأيد هو وحزبه في الثورة الشعبية في 30 يونيو ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي! أو كثير من المنشقين عن هذه الجماعة، وهم من كبارها، الذين شاركوا في الثورة ضد حكم مرسي وشارك بعضهم في لجنة الخمسين التي وضعت التعديلات الأخيرة على دستور 2012 المعطل!

عزل مرسي.. أم القضايا وبوصلتها:

جعل الشيخ القرضاوي من قضية عزل الرئيس السابق محمد مرسي وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين  أم القضايا وبوصلتها، رغم أن الموقف الثابت لأهل السنة والجماعة، هو درء الفتنة والقبول بإمامة المتغلب والاستيلاء، وكراهة الخروج على الحاكم أو المتغلب، ويذكر في هذا أن الخلافة العباسية التي تولاها سبعة وثلاثون خليفة عزل منهم أكثر من الثلثين، نيف وعشرين منهم،  سملت عين أحدهم الخليفة القاهر بالله الذي خلف  المقتدر بالله، وصار يتسول الناس في طرقات بغداد، جزاء على سوء سيرته توفي سنة 322 هجرية، كما عزل بعضهم الآخر مقتولا شأن سلفه المتوكل و المقتدر بالله أو محبوسا شأن المكتفي والطائع بالله، ويقول إمام الحرمين الجويني عن عزل الحاكم في الشريعة الإسلامية أنه قد يكون واجبا في شروط، فيقول في الباب الرابع من كتابه" غياث الأمم والتياث الظلم عن الطوارئ التي توجب الخلع والانخلاع وعزل الحاكم المسلم فيقول: " الإسلام هو الأصل، والعصام فلو فرض انسلال الإمام عن الدين، لم يخف انخلاعه، وارتفاع منصبه، وانقطاعه فلو جدد إسلاما لم يعد إماما إلا أن يجدد اختياره، ولو جن جنونا مطبقا انخلع،

وكذلك لو ظهر خبل في عقله، وعته في رأيه بين، واضطرب نظره اضطرابا لا يخفى دركه، ولا يحتاج في الوقوف عليه إلى فضل نظر، وعسر بهذا السبب استقلاله بالأمور وسقطت نجدته وكفايته، فإنه ينعزل كما ينعزل المجنون، فإن مقصود الإمامة القيام بالمهمات والنهوض بحفظ الحوزة، وضم البشر وحفظ البلاد، الدانية والنائية بالعين الكالية، فإذا تحقق عسر ذلك لم يكن الاتسام بنبز- لقب- الإمام معنى"[1]

فعزل الإمام أو الحاكم معروف في تاريخنا جائز بشروطه عند فقهائنا، ولكن التناقضات عند القرضاوي والتحيزات تجعل الشيخ يناقض نفسه بين فينة وفينة دون مراجعة، كما أنه قد يأتي الخطير من  الاتهام والأمر عبورا لا يلقي له بالا، ولعله لو راجع نفسه لرأى في رأيه الخطأ، كما يمثل الشيخ حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة ورئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر في رده الذي نشير إليه ببعض الأمثلة!

هذا فضلا عن أن ما حدث في ثورة 30 يونيو كان حراكا شعبيا، والرئيس في مصر الآن رئيس مؤقت، وتم تعديل دستور، توافقت عليه مكونات المجتمع الدينية والعرقية، بعد أن أقصاهم الدستور السابق في عهد محمد مرسي ر وانفردت بوضعه جماعة الرئيس وحلفاؤها حينئذ، ولم تتم انتخابات رئاسية بعد، وهكذا كانت كان قدر الواقع وموازين قوته،الناس و أهل الشوكة والعامة في اتجاه والحاكم وحاشيته في اتجاه وحده، أو التحمت قوى الثورة والدولة معا في خارطة طريق رفضها الإخوان ورفضوا المشاركة فيها فانعزلوا عنها! ولكن شيخنا يتجاوز التاريخ ويظل ساكنا في خصومات الواقع وتحيزاته حسب بوصلته الفكرية- الإخوانية- والمكانية- حيث يقيم- وحيث يصدر فتاويه!

الموقف من حزب الله ومسألة التقريب:

ربما لم يتح لفقيه من الفقهاء المعاصرين ما أتيح للشيخ يوسف القرضاوي من شهرة واتساع في التأثير، منذ أول ظهوره في ستينيات القرن الماضي، ثم عبر برامجه المتلفزة والمستمرة منذ تسعينيات القرن الماضي، والمجامع التي شارك فيها أو مؤسسته التي أنشأها عام 2004 وهي اتحاد العلماء المسلمين، ولكن تتالت تناقضات الشيخ وتقلباته، مع أو ضد، وغلبت عليه السياسة والتحزب في الآونة الأخيرة، بشكل واضح، فكان تحيزه لفئه دون فئات، ولنظام دون أنظمة، وكثرت تقلباته ومراجعاته للكثير من آرائه السابقة في الآونة الأخيرة.

في حوار مع جريدة الوفد المصرية بتاريخ 27 يونيو سنة 2007  قال لشيخ يوسف القرضاوي" أن المقاومة اللبنانية جهاد شرعي، وتمثل أشرف مقاومة على الأرض مع شقيقتها بفلسطين، وأن الشيعة جزء من الأمة الإسلامية و"واجب" على كل مسلم نصرة هذه المقاومة ضد العدو الإسرائيلي"[2]  وسبق للشيخ القرضاوي أن فضل حزب الله على سواه من الأنظمة والرموز الإسلامية الأخرى التي وصفها بالقاعدين والمتخاذلين، قائلا" "أؤيد حزب الله في مقاومته... حسن نصر الله متمسك بشيعته ومبادئه، ولا يمكن أن ننكر هذا، ولكنه أفضل من غيره من القاعدين والمتخاذلين"[3] ولكن هذه المواقف تبدلت كلية في عام 2008 قبل الثورات العربية عام 2011 فنجده يقول: " "تمادي الغزو الإيراني الشيعي للمجتمعات الإسلامية السنية" وفي رسالة وجهها القرضاوي بتاريخ 9 أكتوبر سنة 2008  للدكتور أحمد كمال أبو المجد الذي طالبه بإغلاق الملف السني الشيعي دون إبطاء في رسالة سابقة له في 30 سبتمبر من نفس العام نجد القرضاوي " كنتُ أودُّ من الدكتور أبو المجد أن يوجِّه رسالته هذه - أو رسالة مثلها على الأقل - إلى المفتونين بإيران وحزب الله من قومنا، بل من أصدقائه وأصدقائي، الذين يعز عليَّ أن أراهم في موقف يفتقد الشرعية، والذين لم تحدِّثهم أنفسهم بكلمة نقد يوجِّهونها للذين أسفُّوا في خصومتهم معي" وتخلى الشيخ منقلبا كلية على نهج التقريب الذي رفع لواءه منذ زيارته لطهران عام 1988 متهما ل إيران وحزب الله بالمؤامرة على العالم السني، ويقول في تصريح له في 8 أبريل سنة 2013" كنت قديماً من دعاة التقريب (بين المذاهب)، وبقيت سنوات في هذه المسيرة، ولكني في الحقيقة وجدت أن الذين يستفيدون من عملية التقريب هم الشيعة (يقصد إيران)، أما السنة فلا يستفيدون شيئاً. لقد ذهبنا إلى سوريا (مؤتمر)، ودعونا للتقريب، فكانت النتيجة أن فتحوا عشرات الحسينيات في أماكن ليس فيها شيعي واحد، ويقولون نحن سوا سوا"! أضاف: "نحن لا نعلّم (أبناءنا) ما عند الشيعة حتى لا ندخل في الفتنة، لكن أصبح الآن لزاماً أن نعلّم أبناءنا ما عندهم"[4].. وهكذا تحول داعي الوسطية للأجيج الطائفي والسياسي دون مراجعة أو اعتذار عن آرائه السابقة..

 حضور إعلامي وتراجع علمي:

إن أهمية الشيخ القرضاوي اتساع تأثيره، سواء عبر منابره المتعددة الفضائية أو المؤسساتية، وكونه فقيه الحركات الإسلامية الأول، فهو لازال جزءا من خطاب الإخوان المسلمين الذي لم يستطع أن يتجاوزه، وينفلت من قيده كما صنع غيره كالشيخ محمد الغزالي مثلا أو محلقا في رحابة التجديد الإسلامي كما فعل الإمام محمد عبده ورشيد رضا وغيرهم، ظل حبيس الجماعة مرددا لشعاراتها وأفكارها، متصالحها مع منافسيها من الجهاديين والإسلاميين الآخرين، من السودان إلى إيران إلى أفغانستان فترات طويلة دون مراجعة أو نقذ ذاتي!

وهنا نظن أنه مهما استدعاء ما كتبه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي ت 505 هجرية في الإحياء/ كتاب ذم الغرور، وهو الكتاب العاشر والأخير من ربع المهلكات في الإحياء إلى غرور العلماء وأن منهم " فرقة اقتصروا على علم الفتاوى في الحكومات والخصومات وتفاصيل المعاملات الدنيوية الجارية بين الخلق لمصالح العباد، وخصصوا اسم الفقه بها وسموه الفقه وعلم المذاهب، وربما ضيعوا مع ذلك الأعمال الظاهرة والباطنة فلم يتفقدوا الجوارح ولم يخرسوا اللسان عن الغيبة ولا البطن عن الحرام ولا الرجل عن المشي إلى السلاطين وكذا سائر الجوارح، ولم يحرسوا قلوبهم عن الكبر والحسد والرياء وسائر المهلكات. فهؤلاء مغرورون من وجهين أحدهما من حيث العمل والآخر من حيث العلم" ويقول ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين: " [اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنـزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله ، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله ، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون الفاضلة](3)

لقد صار حضور القرضاوي السياسي والأيديولوجي والمنتصر لجماعات وأنظمة بعينها، أكثر من حضوره الفقهي أو العلمي، وكما يرى العديد من المراقبين أن الإعلام كان صاحب الفضل الأول في ظاهرة الشيخ، الذي لم يتح لسابقين ومعاصرين له-  - ربما كانوا أعمق أثرا منه وأرسخ علما وقدما منه- - نفس المساحات من الحضور والانتشار عبر البرامج التليفزيونية والشبكة العنكبوتية، وهم كثر وليس التمثيل هنا حصرا، ورغم أن القرضاوي يعمل بالجامعة القطرية منذ إنشائها في ستينيات القرن الماضي، وفي كلية الشريعة بها، إلا أنه لم يدرس يوما في قاعات العلم بها، ولم يدرس لأي من برامج الدراسات العليا أو غيرها، فانشغالات الرجل السياسية والحزبية لا زالت تشغله عن استمرار التراكم العلمي والفقهي الذي يبدو أنه يتجنبه رغم ما وجه لكتاباته المختلفة من انتقادات فكرية وسلفية حينا وجهادية حينا!

وقد لاحظنا أن ثلاثة أعوام من عمر الثورات العربية في مسار الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي" المولود في قرية صفط تراب بحافظة المحلة مصر عام 1926 " تؤكد على هذا الزلل، فقد تعددت تناقضاته وتقلباته، معاركه واشتباكاته مع المؤسسة الدينية التاريخية كمؤسسة الأزهر المرجعية الأكبر للسنة في العالم، تجرءا على مشيختها وشيخها وعلمائها، كما تعددت بوجه أنظمة عربية لم توافقه فيما ذهب إليه، كادت أن تسئ للعلاقات بين قطرين، كما تكرر مع دولة الإمارات العربية المتحدة مرتين في مارس سنة 2012 وآخر يناير سنة 2014، توالدت منها أزمات في العلاقات بين دولته حيث يقيم وبين الآخرين، معارك  أخذت شيئا فشيئا تشغل العالم عن العلم والمتدين عن الدين، بعد أن تحول الدين ومنبره وسيلة في أتون السياسة.. نفيرها واستنفارها! أو بلغة أصحاب المنهج الذاتية والتحيز وغياب الموضوعية والإنصاف في حق المخالف!

ما أكثر القضايا التي كان حريا بالشيخ- وفريقه المساعد من الباحثين أن يهتم له، سواء في أبواب التجديد الفقهي والكلامي والإنساني للدين، أو في نقد كثير وجه له من أعلام معروفين راحلين ومعاصرين، وجهوا له سهام نقدهم وفوهات معارفهم وعلومهم لكثير من آرائه بخصوص الآثار أو اعتماد القياس أو الموقف من الشيعة أو الموقف من بعض الأحكام الفقهية في كتابه" الحلال والحرام" أو " الاقتصاد الإسلامي" وانتقادات بعض القطبيين والجهاديين الذين وجهوا له سهام النقد في كتاباته حول التكفير والخروج متهمين له بالإرجاء حينا وبغيره أحيانا أخرى.

بينما لم يكن دور الشيخ القرضاوي كبيرا أو موجها في الثورة المصرية في 25 يناير، إلا أنه قد شبهه البعض القرضاوي حين حضر للخطبة في متظاهري التحرير بعدها يوم الجمعة 17 فبراير بأنه خوميني الثورة المصرية، التي يتوقع له أن يسودها، وهو ما لم يحدث فقد كانت الشهور الأولى من هذا العام التي شهدت انشقاقات كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين، كان في مقدمة المنشقين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي أيده القرضاوي في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، قبل أن يعلن تأييده ل مرسي في الجولة الثانية، ومنذ ذلك الحين حدث تماه كامل مع موقف الجماعة والرئيس المعزول في كل شيء، موقفهم من الحالة المصرية أو الدول العربية ككل.

 طيلة السنوات الثلاث لم تصدر عن القرضاوي الذي يرأس مؤسسة دينية أسسها منذ عام 2004 هي اتحاد العلماء المسلمين أي مبادرة أو وثيقة واحدة في الإصلاح أو ترشيد الثورة أو الحكومة! بينما أصدر الأزهر الذي يهاجمه الشيخ باستمرار في هذه الفترة وثيقتين مهمتين في الوفاق والإصلاح هما وثيقة مستقبل مصر في 19 يونيو 2011 ووثيقة منظومة الحريات الأساسية في 8 يناير سنة 2012، واستمرت مبادراته ووثائقه للترشيد والإصلاح والوفاق بين مكونت المجتمع المصري، التي لم تتوقف حتى بعد عزل محمد مرسي، ففي 2 أغسطس سنة 2013 أطلق شيخ الأزهر مبادرة للإصلاح والحوار والمصالحة، رفضها الإخوان ورد متحدثهم في 10 أغسطس بقوله: " نفرق بين الأزهر و"الطيب" الذي دعم "الانقلاب" وفي تصريح للتحالف الداعم للإخوان ردا على المبادرة لوكالة الأناضول قال متحدثهم: " ترفض أى مبادرة تتم تحت رعاية شيخ الأزهر، أو تتحدث عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مضيفا: "يعود الرئيس (محمد مرسى) أولاً وكل شىء قابل للتفاوض بعد ذلك"، وفي 4 أغسطس رفض شيخ الأزهر طلبا بإقالته من هيئة كبار العلماء..

وقد بلغ الأمر والنقد أوجه بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في 30 يونيو وعزل الرئيس الذي انفرد بكل الصلاحيات محمد مرسي في 3 يوليو، وتطبيق خارطة طريق جديدة، ورغم أنها كانت ثورة شعبية فاقت جماهيرها الموجة الأولى في 25 يناير التي عزلت مبارك في 11 فبراير، وكان موقف الجيش هو نفس الموقف، وموقف الأزهر هو نفس الموقف، إلا أن الشيخ القرضاوي ناصبها العداء والاتهام بالمعصية والخروج وأن الإمام أسير، رغم أن كل كتابات الفقه السياسي والآداب السلطانية الإسلامية ضد فكرة الخروج والفتنة على المتغلب ومع ولاية الاستيلاء، وهو موقف الأزهر الذي لم يتدخل لمنع ثائر مستولي أو نصرة حاكم ساقط! في كل ثورات مصر التاريخية!

بين استقالة اتحاد العلماء واستقالة هيئة العلماء:

في 9 ديسمبر سنة 2013 قبلت هيئة العلماء بالأزهر الشريف استقالة الشيخ يوسف القرضاوي بغالبية التصويت فيها دون مشاركة من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي امتنع عن التصويت مؤكدا أنه لا يجوز لإمام عادل أن  يشارك في اتخاذ قرار على من سبق وان تعرض له بالتجريح والتعريض في إشارة للقرضاوي الذي توالت تجرءاته على الأزهر وشيخه في العامين الأخيرين، قبل وبعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي!

جاءت استقالة القرضاوي في 2 ديسمبر من هذا العام اتهامية وحادة، تجاهل فيها مقام المشيخة ووجهها للشعب المصري وليس لشيخ الأزهر، الذي توالت اتهاماته له بما لا يليق بين العلماء وهي الاتهامات التي لم تتكرر فقط عقب عزل محمد مرسي ولكن طيلة سني الثورة منذ العام 2011! نزاعا يراه بعض المراقبين تحيزا لجماعة وفصيل لطالما انتمى إليها وان استقل جزئيا عنها كما يقال أو استمرار ارتباط بها، ويراه البعض الآخر طموحا شخصيا لمنصب المشيخة الأزهرية، أنكره الشيخ بعد تواتره في أبريل الماضي! عكس ما فعل الشيخ والعلامة الوسطي عبد الله بن بيه الذي استقال من اتحاد العلماء المسلمين الذي أسسه القرضاوي كمؤسسة دينية جديدة تحاول سحب البساط وملء ما رآه تقصيرا في المؤسسات الدينية التقليدية شأن الأزهر والزيتونة وغيرها في 11 يوليو سنة 2004  حيث جاءت استقالة بن بيه مهذبة ووسطية دون اتهام أو احتداد مع المؤسسة التي سبق وأن انتمى إليها عكس القرضاوي في موقفه من الأزهر الذي تخرج منه ويحمل شهادته وكان صاحب فضل عليه كما يقول

ورغم أنه أسس اتحاد العلماء المسلمين الذي تولى رئاسته عام 2004 ليكون لا مذهبيا وليكون أمميا وليس وطنيا شأن الأزهر أو الزيتونة، إلا أنه اشتعل مذهبيا وبقوة في قضية التبشير الشيعي والمذهبي سنة 2008  انتقادا ل إيران وحزب الله التي طالما احتفظ بعلاقات طيبة معهما، منها انتقاده لهما في خطبته الجمعة آواخر مايو سنة 2013 في حضور خالد مشعل في  وهو ما تحفظت عليه كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس حسبما نشرت جريدة القدس اللندنية في 6 يونيو سنة 2013، وقد ترتب على موقف القرضاوي المتشدد نظريا وعقديا وفقهيا من الشيعة بمختلف طوائفهم أن استقال نائبه الشيعي في اتحاد العلماء المسلمين محمد على تسخيري والأمين العالمي للمجلس العالمي للتقريب بين المذاهب، في 3 يوليو سنة 2010، لما اعتبره تشددا من قبل القرضاوي ضد الشيعة وإيران، والتي كانت على إثر معركته مع الشيعة واتهامه ل إيران بممارسة التبشير المذهبي وما اعتبره منها محاولات غزو للعالم السني عام 2008.

كما استقال مؤخرا اعتراضا على شروخ الوسطية من اتحاد العلماء المسلمين العلامة الموريتاني الشيخ عبد الله بن بيه نائب رئيس الاتحاد اعتراضا مهذبا- وليس على طريقة استقالات الشيخ القرضاوي- على تحيزات الشيخ وبعده عن منهج الإصلاح والمصالحة الذي كان مبرر استقالة بن بيه في 13 سبتمبر سنة 2013 والتي جاء في نصها:" :" إنني أجد من المناسب أن أحيط فضيلتكم علماً بأن ظروفي الخاصة والدور المتواضع الذي أحاول القيام به فى سبيل الاصلاح والمصالحة مما يقتضي خطاباً لايتلائم مع موقعي فى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وبناء عليه فإنني قررت الاستقالة من وظائفي فى الاتحاد راجياً إبلاغ الرئيس الموقر وأعضاء مجلس الأمناء المحترمين بهذا القرار شاكر لكم ولجميع إخواني فى هيئات الاتحاد ولأعضاء الجمعية العامة الثقة الغالية التى أقدرها حق قدرها"[5].

معارك لا تنتهي، عبر منبره الأسبوعي كل أحد في برنامجه التلفزيوني المذاع في قناة الجزيرة القطرية، أو عبر حضوره وحديثه السياسي المستمر في خطبة الجمعة التي تذاع أيضا مباشرة، وكان آخر ما أتى فيها لمزه لدولة الإمارات العربية المتحدة بأنها تحارب الإسلام آواخر يناير سنة 2014! وقد سبق أن تعرض لها كذلك في برنامجه بما لا يليق في مارس سنة 2012، قبل هجرة من هاجر إليها وذكره في الاتهام الأخير! ولهذا الجنوح السياسي الذي صار يلم الشيخ ويلفه يتعرض لمواقف محرجة من بعض المصلين من آن لآخر كما حدث في 25 يناير سنة 2013 حيث توجه له أحد المصلين بالقول: أنت قاتل! وتم طرده من المسجد حينئذ!

المعركة مع الأزهر قبل 30 يونيو:

 معركة مبكرة مع الأزهر أصر الشيخ القرضاوي على خوضها ربما بدأت في فبراير سنة 2012 اتهم فيها القرضاوي شيخ الأزهر ومقامه بعدد من التهم غير المقبولة تصدى لها بمقال فيما بعد بتاريخ 21 فبراير سنة 2012  الشيخ العلامة الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة ورئيس المكتب الفني للأزهر حينئذ، بمقال طويل فند فيه ما جاء في حديث القرضاوي من اتهامات، رغم أن الشيخ حسن الشافعي ممن تحفظوا على كثير مما حدث بعد 3 يوليو وأصدر بيانا مستنكرا فيه فض اعتصام رابعة والنهضة في 14 أغسطس فيما بعد، إلا أنه يتكلم دائما من منطق الإصلاح والمصالحة لا الفتنة والخروج والاتهامات العشوائية التي لا تصح، يقول في المقدمة:" فى الوقت الذى يتطلع فيه الشعب المصرى إلى مستقبل يبنيه بجهود أبنائه المخلصين، وينهض فيه الأزهر الشريف، كعادته دوما، بدوره الوطنى والعالمى الذى ينتظره المصريون والعرب والمسلمون، وغيرهم من المنصفين فى كل أنحاء العالم، بكل الإعزاز والتقدير، بل بالإعجاب والإجلال ــ يفاجئنا شيخ كبير من أبناء الأزهر وعلمائه المعدودين ــ وهو الدكتور يوسف القرضاوى ــ بما لا يتوقع من مثله، فى علمه وفضله، إذ يورد فى حديثه المنشور بجريدة «الشروق» أمورا غير صحيحة على الإطلاق، نود ــ مع كراهيتنا للجدال والتراشق بالتهم ــ أن نبين فقط وجه الحق فيها" وكانت هذه الوجوه كما يلي:

أولا: ما يعرف ب قضية ميليشيات الأزهر:  اتهم القرضاوي شيخ الأزهر بأنه استدعى رجال الأمن للقبض على طلاب جامعة الأزهر فيما عرف «بقضية المليشيات»، وهو ما يعقب عليه الشيخ حسن الشافعي:" لم يحدث قط، والحقيقة أن فضيلة الإمام ــ عندما كان رئيسا للجامعة ــ لم يَستدْعِ أيا من رجال الأمن لا فى هذه الواقعة ولا فى غيرها على الإطلاق.

بل إن شيخ الأزهر ــ أثناء القبض على هؤلاء الطلاب ــ كان بمكة المكرمة يحضر مؤتمرا فى جامعة أم القرى، عن «الوقف فى الإسلام» وكان يشارك فيه الشيخ يوسف القرضاوى نفسه، وعندما عاد د. أحمد الطيب وجد الطلاب قد اعتقلوا، ولو كان موجودا فلربما حماهم ــ كما فعل مرارا ــ من هذا الاعتقال. فقد سبق له أن بذل جهدا خاصا لدى النائب العام (فى ذلك الوقت) المستشار ماهر عبدالواحد للإفراج عن مجموعة من الطلاب على مسئوليته الشخصية، وأخرجهم من السجن، وكان من بينهم أحد أبناء القيادات الإخوانية بمجلس الشعب آنذاك. وعندما سئل د. أحمد الطيب فى موضوع مليشيات الطلاب قرر فى محضر مسجل أنه كان غائبا عن مصر.

ثم يضيف الشيخ الدكتور حسن الشافعي مخاطبا القرضاوي:" ويمكن للشيخ الذى ردّد الواقعة التى لم يتثبت من صدقها أو كذبها أن يتحقق من هؤلاء الطلاب أو من آبائهم، وكما رجونا الشيخ أن يسأل الطلاب فإننا نرجوه أن يسأل أعضاء هيئة التدريس من الذين يبدى غيرته عليهم الآن، ومنهم من كان عضوا بمكتب الإرشاد حينذاك وهو الأستاذ الدكتور عبدالحى الفرماوى الذى عينه الشيخ الطيب ــ الذى تسمح لنفسك بالخوض فى سيرته ــ وكيلا لكلية أصول الدين بالقاهرة برغم معارضة جهات كثيرة لذلك، لعلك تسأله وسيأتيك الخبر اليقين" ثم يضيف الشيخ حسن الشافعي حفظه الله: " وليسمح لنا الشيخ الكبير ــ والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم ــ أن نذكره بحديث النبى صلى الله عليه وسلم ــ: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع» كما أورده الإمام مسلم فى مقدمة صحيحة. وما روى عن الإمام مالك رضى الله عنه من أن الرجل لا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع".

ثانيا: ومما يذكره الشيخ الدكتور حسن الشافعي في رده على القرضاوي مذكرا له بأدب شيخ الأزهر وإكرامه له، ما كان حين" دعاه فضيلة الإمام الأكبر ــ أيام رئاسته الجامعة ــ للمشاركة فى الاجتماع الأول للرابطة العالمية لخريجى الأزهر على مسئوليته الشخصية، واصطحب معه أحد ضباط أمن الدولة إلى المطار، لتأمين استقبال الشيخ هو وزوجته الكريمة وسكرتيره الخاص، وفى أثناء انعقاد المؤتمر وانطلاق فاعلياته، جاء إلى القاعة أحد الضباط يطلب اصطحاب الدكتور القرضاوى فى مقابلة بـ«لاظوغلى» فرفض د. أحمد الطيب ذلك رفضا حاسما، وقال للضابط: سأدخل إلى قاعة المؤتمر ــ لو فعلتم ذلك ــ وأعلن استقالتى من الجامعة، وأذكر السبب للحاضرين، فتراجع الرجل، بعد مراجعة رؤسائه، وهكذا وضع فضيلة الإمام استقالته فى كفة وأى مساس بضيفه الدكتور يوسف القرضاوى فى كفة أخرى، ولم يشأ أن يذكر ذلك للشيخ القرضاوى أبدا، وقد حمله على ذكره اليوم ما يقوله الدكتور القرضاوى ويردده ــ للأسف الشديد ــ عن الرجال الذين عاملوه بكل تقدير ومروءة، وهو يرد لهم الجميل على النحو الذى يراه الجميع ويقرءونه ــ اليوم ــ على صفحات الجرائد".

ويضيف الشيخ العلامة حسن الشافعي مستشهدا بواقعة أخرى مع القرضاوي وإكرامه من الشيخ وشجاعته في الدفاع عن استقلال الأزهر وكرامة علمائه: " قد يتصل بالواقعة السابقة أو يشبهها ما كان فى أثناء شغل الدكتور أحمد الطيب لمنصب الإفتاء، إذ دُعى الشيخ يوسف القرضاوى للمشاركة فى مؤتمر «السلام» الذى أقامه الأزهر، وذهب د. الطيب مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور طنطاوى ــ رحمه الله ــ لاستقبال الشيخ القرضاوى فى المطار، وفى هذه الزيارة تدخل رجال الأمن وطلبوا مقابلة الدكتور القرضاوى لبعض القيادات الأمنية فى مكان ما، فما كان من الشيخ طنطاوى رحمه الله إلا أن رفض رفضا قاطعا، وبقى فضيلة الشيخ القرضاوى فى المؤتمر والفندق حتى عاد إلى قطر.. معززا مكرما"

ثالثا: دفاع عن الأزهر وعلمائه: يلمح الشيخ العلامة حسن الشافعي لنكران القرضاوي لجميل الأزهر عليه، قائلا: سامحه الله وهو الأزهرى الذى منحه الأزهر شهادة العالمية «الدكتوراه» ــ فى أثناء إمامة الدكتور عبدالحليم محمود ــ ونال ما ناله من مكانة بفضل الأزهر الذى يشهد له الجميع من علماء المسلمين فى كل بلادهم، بالفضل والتقدم والمرجعية، وقد عيِّن الشيخ «بالدرجة الأكاديمية» التى نالها من الأزهر أستاذا فى جامعة قطر، دون أن يتدرج فى الدرجات الجامعية المعروفة من مدرس إلى أستاذ مساعد ثم إلى أستاذ. وربما جاز لنا أن نذكِّر الدكتور القرضاوى ــ الذى يبدو أنه نسى دينه نحو معهده العريق، ورجاله الذين كرموه ووقفوا بجانبه فى الموطن الخشن ــ بما قاله فى الملتقى الذى تم بالمشيخة يوم 24 يناير 2011 ، قبل الثورة المصرية بيوم واحد، والذى ضم علماء من كل الاتجاهات والأطياف، ومنهم علماء خليجيون بارزون، فأشاد الدكتور يوسف بالأزهر وقيادته، وبدوره التاريخى، ومكانته العالمية،

والآن يسمح لنفسه بلمز الأزهر ودوره العالمى، كأن مؤسسة الشيخ القرضاوى التى يرأسها «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين» هى وحدها المؤهلة للأعمال ذات الصبغة العالمية، وكأنَّ على الأزهر أن يتنحى عن دوره العالمى على مدى قرون متطاولة تزيد على ألف عام لكى يقوم «الاتحاد المذكور» الذى لجأ فى مؤتمره الأخير بالقاهرة حول «الخطاب الإسلامى» إلى الأزهر ليرعاه ويشاركه، وكان لإسهام علماء الأزهر فى مصر ــ مع ضيوف كرام أزهريين أيضا ــ النصيب الأكبر من أنشطة هذا المؤتمر الذى أشار إليه هو نفسه فى حديثه.. بل إن أحد كبار المسئولين بالاتحاد المذكور طلب من الشيخ الطيب أيام رئاسته للجامعة أن يزود الاتحاد بمجموعة من أساتذة الأزهر ليحموه من الاختطاف والذوبان. فهل يكون الأزهر عاجزا عن إدارة شئون نفسه ــ كما يزعم الشيخ الآن؟ وهل يعجز الأزهر عن الأعمال ذات الصبغة العالمية، فليشرح لنا الشيخ كيف يكون «الاتحاد»، الذى قام منذ عقد واحد من السنين، مؤهلا للأعمال ذات الصبغة العالمية، ورئيسه أزهرى وأمينه العام أزهرى أيضا، أم أن هذه القيادات «الأزهرية» قد اكتسبت الصبغة العالمية والقدرة على الأعمال العالمية لمجرد أنها تحمل جنسية غير مصرية؟!

ويضيف الشيخ الدكتور حسن الشافعي: " هل نذكر الشيخ الذى يتحدث عن الأعمال ذات الصبغة العالمية بمجلة «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين» التى أسندها الاتحاد إلى أحد المفكرين العرب، الذى اعتذر بعد فترة عن رئاسة تحريرها؛ لهبوط مستوى البحوث التى قُدمت وعدم ارتقائها إلى المستوى العلمى، وهل نذكر الشيخ الذى حرم الاتحاد من بعض الكفاءات المصرية، بأن الاتحاد سينهار لو تخلى عنه العلماء المصريون والعلماء الأزهريون، وهذا ما لا نحبه ولا نقبله، لأننا جميعا نعمل ــ دون منافسة ــ لغاية سامية، وهى خدمة العلم والدين."

وختم الشيخ العلامة حسن الشافعي رئيس المجمع اللغوي بالقاهرة ورئيس المكتب الفني للأزهر رده على القرضاوي بقوله:" أخيرا ــ ليس للشيخ الذى قضى ما يزيد على نصف قرن فى نعيم الخليج أن يزايد ــ كما سمح لنفسه ــ على الأزهر وشيخه وعلمائه، وهم الذين يكابدون مصاعب الحياة راضين، ويقيمون بميدان التحرير محتسبين، ويقاومون الظلم دون طموحات إلى زعامة أو بروز أو جاه أو مال، ويرحم الله شيخنا الغزالى الذى خرج من مصر مضطرا، لفترة قصيرة، عاد بعدها إلى عرينه فى القاهرة وبقى حتى مضى إلى جوار ربه".

كما يذكره العلامة الشيخ حسن الشافعي بموقف الأزهر من الثورة في 25 يناير وبياناته المتكررة قبل تنحي مبارك عن الحكم، ويدعوه لمراجعتها، ويضيف:" وما صدر من شيخ الأزهر من نداء لعدم الخروج للتحرير كان ظهر يوم الجمعة قبل رحيل مبارك بساعات، وبعد أن تأكد رحيل النظام للكبير والصغير، ولكن خوف شيخ الأزهر وإشفاقه من صدام مسلح بين الثوار والجيش هو الذى دفعه إلى ذلك.. وهو اجتهاد يعصم دماء المسلمين.. وشيخ الأزهر أول من وصف ضحايا الثورة بـ«الشهداء» وقدم لأهاليهم العزاء، ومبارك باق فى منصبه، وهو الذى بعث ببعض الأزهريين إلى الميدان ــ الذى لم تره فضيلتك إلا قليلا ــ الذى كان مليئا بالعمائم بحمد الله وأنا ممن فوضهم شيخ الأزهر فى الحديث باسمه، وتأييد الثورة والثوار، منذ الثامن والعشرين من يناير، ومبارك لايزال فى منصبه، وحديث المزايدات يا شيخنا بغيض فدعك منه؛ ودعنا نتعرف على تضحياتك فى «الربيع العربى» الذى يمتد الآن إلى الفضاء العربى الكبير ومرة أخرى سامحك الله"[6] وأدبا معهودا من العلامة الأزهري حسن الشافعي وهو رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة أيضا يعتذر عن القرضاوي بأه" أنه غريب عن مصر غائب عن الأزهر لمدة نصف قرن، ويجب أن يعلم أن مصر والأزهر قد تغيرا، وأنه لا يعرف من شئونه إلا ما يتناهى إليه من أخبار بعضها غير صحيح، وحكايات توقعه فى الحرج، كاتهامه للشيخ باستدعاء الشرطة للقبض على الطلاب بينما كان معه وبصحبته فى مؤتمر واحد بمكة المكرمة" ثم يضيف:" والشاهد على هذا الغياب وتلك الغربة أن الدكتور القرضاوى يعترف بعدم اطلاعه على ما سمى «بقانون الأزهر، وهو فى الحقيقة مجرد تعديل لقانون 103 لسنة 1961 المشهور بقانون التطوير» فى حدود مادتين اثنتين: إحداهما لتقرير استقلال الأزهر، بحيث لا يكون مجرد إدارة فى الجهاز التنفيذى بل يكون أحد مرافق الدولة وأركانها. والأخرى عن قيام هيئة كبار العلماء، ولو كان الدكتور القرضاوى يعيش فى مصر مع الأزهريين لعلم أنهما يمثلان مطلبا شعبيا عاما ومطلبا أزهريا كذلك" ثم يختم الشيخ العلامة حسن الشافعي رده بالقول: " ما كنا نود أن نتعرض لما تعرضنا له لولا ما انخرط فيه الشيخ من تهم غريبة لإخوانه، وجحود لما قدموه من تكريم ورعاية، ولأزهره العريق الذى يتلقى منه اليوم الطعنات والسهام فهل نقول لك يا شيخنا سامحك الله"، وكانت آخر الجسور بينه وبين الأزهر خطبته في جامعه يوم 27 ديسمبر سنة 2012 ودعوته للإصلاح بين المسلمين، ثم تهنئته للمفتي الجديد الدكتور شوقي علام في 2 فبراير سنة 2013.

ويبدو أنه بعد هذا الحديث هدأ القرضاوي فأعلن في تصريحات له لوكالة الأناضول بتاريخ 6 أبريل سنة 2013 أنه لا ينوي الترشح لمشيخة الأزهر وأن علاقته بالشيخ الطيب متينة، وندد «القرضاوي» بما تناولته بعض وسائل الإعلام التي وصفها بـ«المغرضة»، وقال إنها «دأبت على بث الإشاعات والأراجيف التي لا تحمل على عاتقها رؤية للبناء أكثر من محاولات الهدم لما هو قائم، والتشويه المتعمد لكل من يحاول البناء، وتكدير العلاقة بين الأصدقاء» في إشارة لعلاقته بشيخ الأزهر، متجاهلا الحديث عما أثير عن حادث تسمم طلاب المدينة الجامعية في الأزهر حينئذ.

القرضاوي والأزهر بعد 30 يونيو:

توالت طعنات واتهام القرضاوي للأزهر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو والذي سارع بوصفه بأنه انقلاب، فعقب عزل مرسي أصدر القرضاوي بيانا ذكر فيه "إن ما حدث انقلاب عسكرى استعانَ فيه الفريق السيسى بمَن لا يمثلون الشعب المصرى- وذلك بحسَب تعبيره- ذاكرًا من بينهم فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف" وهو ما رد عليه الأزهر الشريف ببيان في 9 يوليو جاءت مقدمته مؤكدة على تعسف القرضاوي في الحكم" ومجازفة فى النَّظَر؛ باعتبارِه خروجَ الملايين من شعبِ مصر فى الثلاثين من يونيو بهذه الصورة التى لم يسبقْ لها مثيلٌ انقلابًا عسكريًّا" واختتمه بأن فتوى القرضاوي" إنما تعكس فقط رأى من يؤيدهم، وأكثر ما كان وما زال تقاتُل الناس حول الحكم والسياسة باسم الدين" وأضاف البيان مؤكدا على وسطية وحياد الأزهر بقوله:" والإمام الأكبر أكبرُ من أن يقفَ مع طائفةٍ ضد طائفةٍ، والجميع يعلم كم سعى وكم جاهد للحَيْلولة دون الوصول إلى هذه النُّقطة الحرجة التى لطالما حذَّر منها" ومما أشار إليه البيان أنه" لم يكن لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ليتخلف عن دعوة دُعِى لها كل القوى الوطنية والرموز السياسية والدينيَّة بما فيها حزب الحرية والعدالة نفسه فى لحظة تاريخية بلغت فيها القلوب الحناجر، وفى موقف وطنى يُعَدُّ فيه التخلُّف خيانة للواجب المفروض بحكم المسؤولية، وذلك استجابةً لصوت الشعب الذى عبَّر عن نفسه بهذه الصورة السلمية الحضارية، والتى لم تفترق عن الخامس والعشرين من يناير فى شيء".

وفي 27 يوليو سنة 2013 بعث القرضاوي رسالة مصورة طالب فيها الأزهر وعلماءه بمراجعة شيخ الأزهر والوقوف وقفة واحدة لإعادة الرئيس المعزول، وكال عددا من الاتهامات للأزهر والإهانات للجيش والشرطة وللرئيس المؤقت عدلي منصور، وخاطب اعتصام رابعة الذي كان قائما حينئذ بقوله" واختتم بقوله: «أدعوكم للوقوف مع الأحرار الذين يُقتلون بغير حق»، داعيًا الله أن «يأخذ المجرمين أخذًا شديدًا»، وأضاف: «يا إخواني في رابعة العدوية، ثقوا أن الله معكم، والله سينصر ". وعقب فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس دعى القرضاوي المسلمين للجهاد في مصر فقال في خطبته للجمعة قناة "الجزيرة" المصرية عقب قمع الجيش لاعتصام «الإخوان» في القاهرة، تلك الأعمال التي أودت بحياة المئات من نشطاء «الجماعة». وقد كان مهتزاً بشكل لا تخطئه العين، وناشد المصريين بحماسة قائلاً "انزلوا إلى الشوارع" وواجهوا الجيش، ووصف ذلك بأنه "فرض عين على كل مسلم مصري قادر ومؤمن بأن يترك منزله".

وفي 26 أغسطس سنة 2013 هاجم القرضاوي - من برنامجه" وعبر بيان "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" - مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة لإصداره فتوى تدعم الإطاحة بمرسي، ومواجهة من يتجرء على الجيش بالسلاح، حيث عكست مشاركة الملايين من المتظاهرين المناهضين لمرسي تفويضاً شعبياً من أجل التغيير. ومع ذلك، فبالنسبة للقرضاوي، كان جمعة بمثابة "متحدثا باسم الجيش"، و "عبداً للشرطة والمسؤولين في السلطة"، ومتعهد الفتاوى "الشاذة". وفي خطوة أبعد من ذلك، وصف القرضاوي أيضاً أنصار الانقلاب من الجيش والمصريين كـ "خوارج". وحتى أنه لقب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بأنه خائن "سيعاقبه الله في الدنيا قبل الآخرة". وحذر من أن هؤلاء [السيسي ورئيس الجمهورية المؤقت ووزير الداخلية] هم "قتلة سيقتلهم الله".

من جانبها دعت هيئة كبار العلماء للاجتماع العاجل للرد على إهاناته لشيخ الأزهر في 28 يوليو سنة 2013 وفي 2 سبتمبر 2013 خاطب القرضاوي الأزهر وشيخه قائلا:" «كان ينبغي ألا تلوث عمامة الأزهر.. والخروج على مرسي معصية " لكن ظل شيخ الأزهر يحتفظ بكل الشكاوى والمطالبات بفصله أو معاقبته حتى تقدم هو من نفسه باستقالته من هيئة كبار العلماء في 2ديسمبر سنة 2013 وقبلتها الهيئة في التاسع منه،  حيث اتهم شيخ الأزهر فيها بأنه انقلب على الرئيس الشرعي المنتخب، متجاهلا عشرات المبادرات والوثائق التي أطلقها الأزهر في الفترة السابقة على خلع المعزول، ورغم أن الترحيب بثورة 30 يونيو لم يتمايز فيه الأزهر عن حزب مصر القوية ورئيسه عبد المنعم أبو الفتوح الذي لم يرها انقلابا وشهد بالملايينظ، بل شارك حزب مصر القوية- كما يؤكد ممثلوه دائما- في مظاهرات 30 يونيو، ولكن لم يتوجه له الشيخ القرضاوي بنقد وهو من سبق أن أيده القرضاوي أثناء ترشحه في الانتخابات الرئاسية السابقة، قبل أن يتحول لتأييد محمد مرسي في الجولة الثانية، وسبق أن انتقد الإخوان كثيرا بسبب تعصب الجماعة واستئثارها وطردها للشباب ول أبو الفتوح وغيره من صفوفها في أبريل ومايو سنة 2011.

جه القرضاوي رسالة ل شيخ الأزهر بتاريخ 4 سبتمبر سنة 2013 قال له فيها" لقد كان خطابك للشعب المصري، بعد كلمة السيسي الانقلابية، مؤيدة لجرمه، معضدة لفعلته، داعمة لسعيه، ممهدة للقبول الشعبي لها، فهل ما قمتم به من الموافقة على عزل الرئيس محمد مرسي: عزل شرعي يا شيخ الأزهر؟ وأنت تعلم أن الدكتور مرسي رئيس شرعي منتخب انتخابا حرا، وأن طاعته لا تزال واجبة عليك، وعلى السيسي، وعلى كل من تطاول عليه. وأن هذا ما فرضه الله ورسوله، وما أوجبته قواعد الشرع وأحكامه، وما توجبه المصالح الوطنية العامة" ويضيف في نقد مشيخة الأزهر:"  وللأسف الشديد، فوجئت بموقف شيخ الأزهر، وهو موقف أنكره علماء الإسلام، وأنكرته معهم.. ومما قاله أن الخروج على مرسي معصية!!"

ويتناول الشيخ القرضاوي الذي غدا سياسيا- أكثر منه فقيها عالما ومعلما- لجوانب شخصية في حياة من ينتقدهم كما حدث مع الشيخ على جمعة حيث عايره بأنه وصل لمنصب الإفتاء بمساعدة عناصر وأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين الذين أبرزوه حتى تولى منصب الإفتاء فأفتى بفتاوى غير دقيقة- حسب وصف القرضاوي- وهو ما رد عليه جمعة فيما سبق بأنه شيخ أًصابه الخرف!

وقد دخل على الخط في معارك القرضاوي الشيخ السلفي أبو إسحاق الجويني في 17 يناير سنة 2014 حيث شن الأخير عليه هجوما معتبراً أن فتاويه متناقضة، داعياً تلاميذه إلى عدم الأخذ منه فقهاً، لأن كلامه ليس له قيمة، وقال الحويني في فيديو بثه موقع العربية نت قال فيه: "علم الحديث لا يؤخذ إلا عن أهله، وإذا كان أحدكم يريد أن يأخذ عن القرضاوي الفقه مثلاً لا مانع.. مع أنك لو سألتني فأنا أرى ألا تأخذ عنه لا فقهاً ولا حديثاً"[7].

وفي مقال له بتاريخ 20 يوليو سنة 2013 كتب الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر مخاطبا أمثال القرضاوي بقوله:" وعذرًا لمن هم خارج البلاد من المشايخ والدعاة: لم يكن لكم أن تتورطوا في الإفتاء على واقع لا تعلمونه اعتمادًا على نقل من توالونه ولم تسمعوا ممن خالفه! فعسى أن تعيدوا النظر، وهل يكفي الاعتماد على وسائل الإعلام المسماة بالإسلامية التي صار الكذب -وهو على ما أعلم يجوز في الحرب- هو السلاح الأول المستعمل لتشويه الحقائق ولي الوقائع لتصل في النهاية إلى استخراج البيانات بهذه الصورة. " وعن أن مرسي كان حاكما شرعيا له بيعة هل الانتخابات بيعة، وهل لو تولى أحمد شفيق كانت له بيعة، ثم يطرح عددا من الأسئلة يقول منها:" هل استطاع د."مرسي" أن يقيم الدين أو أن يسوس الدنيا بالدين أم أحسن أحواله أن يكون عاجزًا، بل ما استطاع أن يسوس دنيا الناس ويوفر حاجياتهم؛ ولو بغير الدين، ولو بالربا ومنح التصاريح للخمارات؟!الكل يعلم أن جزءًا من المشاكل مفتعل وهذا دليل على أنه لم يكن ممكَّنًا؛ إذ عجز عن حل المشاكل إلى درجة سخط شعبي عارم"[8] ويستدعي برهامي تراث السلفي السني في اشتراط البيعة في طاعة وأهل الشوكة وتحريم الخروج على الحاكم المسلم، ويسرد بعض مواقف الإخوان الذين نصحهم بعدم ترشيح أحد للرئاسة والاكتفاء بما سبق من مكاسب ولكن لم يستجيبوا، وأن حزب النور لم يشارك في التظاهرات ولكن قبل وتعامل مع الأمر الواقع، ويؤكد على شرعية مظاهرات 30 يونيو فيقول:" أن الذين خرجوا في "30 /6" لم يكونوا كلهم من العلمانيين والنصارى والفلول وأطفال الشوارع، بل كانت ملايين حقيقية تطالب بلقمة عيشها التي حرمت منها بمؤامرات أو غير مؤامرات، فـ"المطلوب من القيادة أن تقود رغم المؤامرات وإلا فإذا عجزت فلترحل" ثم يوجه نقده للقرضاوي في فتوى سابقة له أجاز فيها للجنود الأفغان مشاركة الأمريكان حربهم ضد طالبان قائلا: يوم أن أفتى د."يوسف القرضاوي" بأنه "يجوز" للمجند الأمريكي أن يقاتل مع الجيش الأمريكي ضد دولة أفغانستان المسلمة لم ينعقد اتحاد علماء المسلمين ليبين حرمة موالاة الكفار، ولم تنطلق الألسنة مكفرة ومضللـة وحاكمة بالنفاق مع أن القتال والنصرة أعظم صور الموالاة ظهورًا، ودولة أفغانستان كانت تطبق الحدود وتعلن مرجعية الإسلام، أما الآن فقد انطلقت الألسنة تقول في إشارة يفهمها الجميع: (... فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (التوبة:74)، مع أن صدر الآية: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا... )، فهل رأيتم "حزب النور" قال كلمة الكفر وكفر بعد إسلامه؟! ولكن هذه الدعوة نفى نسبتها للشيخ أحد حوارييه وربما لم يقف الشيخ ياسر على هذا النفي!

هجوم تال على الإمارات العربية المتحدة:

رغم أنه جاء عابرا في خطبته للجمعة يوم 31 يناير سنة 2014 إلا أنه جاء خطيرا واتهاما اختزاليا كعادته حيث قال القرضاوي:" الإمارات تقف ضد أي حكم إسلامي، وتسجن المتعاطفين معه". وهو ما آثار الغضب الوطني في الإمارات على المستوى الشعبي وفي المواقع التواصلية، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي يتحدث خلالها القرضاوي بهذا الشكل المسيء إلى الإمارات، فقد سبق له توجّيه إساءات إلى الإمارات في 4 مارس سنة 2012 متهما إياها بالتحيز ضد الإخوان واتهام محاكمات الإخوان فيها بأنها غير عادلة رغم أنه لم يحضر ولم يتابع عن قرب تحقيقاتها، وقد صرح الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي "من المعيب أن نترك يوسف القرضاوي يستمر في إساءته إلى الإمارات وإلى الروابط والعلاقات في الخليج العربي" واستدعت دولة الإمارات السفير القطري لدىها وأبلغته استياءها واحتجاجها الشديد على النقد القرضاوي الحاد والعشوائي عليها أثناء خطبته! بينما تبرأ وزير الخارجية القطري من تصريحات القرضاوي وأنها لا تعبر عن الموقف القطري الرسمي الذي يجب أن يؤخذ من منابره الرسمية! كما استدعت مصر القائم بالأعمال القطري في 4 فبراير وطالبته بتسليم المتهمين في قضايا في مصر وأبلغته استياءها، وهكذا تؤدي فتاوى غير مسئولة لأزمات بين دول وأنظمة، فتحول أحد دعاة التقريب من أجل الوحدة الإسلامية في السابق إلى سبب للتفرق والقطيعة على ما يبدو!

وتبارى الإماراتيون والمصريون والعرب معا في المعركة الأولى والثانية، في نقد الشيخ وتذكيره بإنكاره ما كان من دولة الإمارات تجاهه حيث سبق أن حصل على جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في دورتها عام -1421 – 2001 كما حصل على جائزة سلطان العويس الثقافية سنة 1999وكان محل رعاية من الدولة الإماراتية  ومؤسساتها الإعلامية فترة طويلة من الوقت، كداعية اسلامي وسطي، لم تكن خدمة له ولكن خدمة للإسلام الذي يمثله في شخصه أو بعض أفكاره القديمة، فكيف تحارب هذه الدولة الآن كل ما هو إسلامي! كما كان كذلك حصوله على جائزة فيصل لخدمة الإسلام بالاشتراك سنة 1415 ميلادية، غياب العمل التطوعي والخدمي عن الشيخ، فليس يذكر له المصريون أثرا من تبرع أو عمل خيري معروف، سوى النقد المستمر الذي يكون حينا مقبولا وغير مقبول أحيانا لتظل تحيزاته لشخصه ضد معارضيه الأفراد ولولاءات دولته والنظام الذي يحتضنه منذ ستينيات القرن الماضي ضد غيرها من الأنظمة ولجماعة ارتبط بها دون كل الجماعات التي تنتقد الكثير منها أطروحاته ومنهجيته وضد مؤسسته" اتحاد العلماء المسلمين" التي يريدها بديلا للأزهر وللمؤسسات الدينية التقليدية، على ما يبدو كما تأتي إشارة الشيخ الدكتور حسن الشافعي السابقة، بينما هي تتصدع ويستقيل ويخرج عنها عدد من أبرز أعضائها يوما بعد يوم وتحولت من الدعوة للوسطية للدعوة للعنف وللكراهية والتمييز، وكذلك يظل هجومه على كل الآخرين دافعا لهجوم الخصوم وهجران الأًصدقاء.. ليظل الرجل واحدا منشغلا عن العلم والفقه بالتحيز السياسي والفكري فقط!

المصادر

[1]  الجويني، غياث الأمم والتياث الظلم، ص 103.

[2]  من حوار مع جريدة الوفد المصرية بتاريخ 27 يونيو سنة 2007.

[3]  من تصريح للقرضاوي على موقعه بتاريخ 2 سبتمبر سنة 2006.

[4]  انظر في ذلك فادي شامية، ما بين نصر الله والقرضاوي تغير الزمن، جريدة المستقبل اللبنانية في 9 مايو/ أيار سنة 2013.

 (3) اعلام الموقعين 2/452.

[5]  نص الاستقالة منشور على موقع الشيخ عبد الله بن بيه على الرابط التالي: الرابط

[6]  رد الشيخ حسن الشافعي منشور في جريدة الشروق بتاريخ 21 فبراير سنة 2012.

[7]  يمكن مشاهدة الفيديو على موقع العربية نت على الرابط التالي: الرابط

[8] ياسر برهامي، عتاب هادئ للإخوة المخالفين في الداخل والخارج، منشور في 20 يوليو سنة 2013

[9]  حصل القرضاوي على الجائزة بهذا التاريخ يمكن مراجعة موقعها على الرابط التالي: الرابط

*نقلاً عن معهد العربية للدراسات 

  •