مع انتهاء هدنة عيد الاضحى،عادت الاشتباكات من جديد بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة السراج برئاسة فائز السراج.حيث كثف الأول من غاراته الجوية محرزا تقدما ميدانيا جديد وسط حديث عن تراجع قوات الوفاق ومساع لاخراج مليشيات مصراتة من ساحة المواجهات في طرابلس.

وأعلن الجيش الوطني لليوم الثاني على التوالي شن غارات جوية على قوات حكومة الوفاق في طرابلس، ومدينة سرت الساحلية. وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، إن غارات جوية استهدفت الميليشيات في محاور طرابلس، ومنطقة غرفة عمليات تحرير سرت. كما أعلن سيطرة قوات الجيش على مناطق ومواقع جديدة بالمنطقة الغربية، التي تشمل طرابلس، لكنه قال إنه "سيفصح عنها في وقت لاحق".

وبحسب المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة فأن قوات الجيش أجبرت قوات حكومة الوفاق على التراجع في منطقة الكسارات جنوب العاصمة طرابلس.وأوضح المركز الإعلامي أن قوات الجيش كبدت قوات الوفاق بقيادة أسامة الجويلي خسائر كبيرة.مشيرا الى أن شخصية قيادية من قوات الوفاق وصلت إلى مستشفى الزاوية تحت حراسة مشددة بعد إصابتها في المواجهات ضد قوات الجيش.

من جهته أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي أحمد المسماري قصف مواقع في مطار زوارة تستخدمهم الطائرات التركية المسيرة.وقال المسماري في تدوينة له بموقع "فيسبوك" "بعد جمع المعلومات عن حركة الطائرات التركية المسيرة تأكدنا أنها تستعمل هنقرين داخل مطار زوارة فقامت طائرات سلاح الجو العربي الليبي صباح اليوم الخميس ....بضرب الهنقرين وتسويتهم بالأرض وتم تفادي ضرب مهبط وصالة الركاب في المطار".وأوضح المسماري أن "هذه رسالة إنذار لأي مكان يتواجد به أي تهديد لمقدرات شعبنا أو لوحدات قواتنا المسلحة العربية الليبية مضيفا قواتنا الجوية الذراع الطولى لجيشنا".

وتعرض مطار زوارة اليوم لغارة جوية للمرة الأولى، في حين تعرض مطار معيتيقة، المنفذ الجوي الرئيس في مناطق ليبيا الغربية لغارات عدة.وفي وقت لاحق، أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابع لـ "الجيش الوطني الليبي" أن القوات الجوية استهدفت "موقع الطائرات المسيرة وغرفة العمليات التركية بمطار زوارة، الذي يستخدم الآن للأغراض العسكرية ضد قواتنا التي تنفذ واجبها في القضاء على الإرهابيين وتحرير العاصمة وكامل تراب الوطن".

ويتهم الجيش الليبي، دولة تركيا، بقيادة المعارك في المنطقة الغربية لصالح الميليشيات المسلّحة المدعومة من حكومة الوفاق، عن طريق دعمها بالأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك الطائرات المسيّرة، وأكد الجيش الليبي أن تركيا وفّرت غطاءً جوياً لميليشيا الوفاق خلال اقتحام مدينة غريان، وكان نقطة تحوّل أمالت الكفّة لصالح هذه المليشيات.

وقدمت أنقرة للسلطة في طرابلس المدعومة من ميليشيات مسلحة، طائرات مسيرة وشاحنات ومدرعات في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة التي تحظر السلاح عن ليبيا.وأظهرت صور وتسجيلات مصورة نشرتها قوات متحالفة مع حكومة الوفاق وصول عشرات المركبات المدرعة من طراز "بي.إم.سي كيربي" تركية الصنع إلى ميناء طرابلس.وتستمر تركيا في تزويد الجماعات المسلحة وحكومة الوفاق بالمال والسلاح، الأمر الذي يؤجج التوتر بين فرقاء الساحة الليبية وفي دعم من شأنه تقوية الجماعات المتطرفة.

وفي غضون ذلك،حذر الجيش الليبي مدينة مصراتة (غرب) من مغبة الاستمرار في القتال إلى جانب حكومة السراج، واعتبر في بيان لمركزه الإعلامي أن "المدينة تنزلق للهاوية بسرعة الصوت، وقريبا سرعة الضوء". لافتا إلى "تعالي أصوات الرافضين لتجنيد أطفالهم في معركة طرابلس من أهالي مصراتة، وعمليات اعتقال عدد منهم بعد وصول أعداد القتلى لأرقام كبيرة، وانتشار المآتم في أغلب شوارع المدينة"، كما أشار إلى أن "الاحتقان الذي يتزايد قد يتجاوز التعبير إلى أفعال ترقى إلى مظاهرات، وسط مخاوف من أن تحدث مجزرة لأبنائهم".

ويأتي هذا التحذير بالتزامن مع تقارير اعلامية تحدثت عن مساعي شخصيات فاعلة في مدينة مصراتة الليبية، من وجهاء اجتماعيين ونشطاء مدنيين، إلى تجنيب المدينة خوض مواجهة مع الجيش الليبي، قد تكون مكلفة لهم إذا ماحدثت، في حال انتهاء حرب طرابلس وتوجه الجيش لمصراته لمطاردة بقايا الميليشيات التي ستلجأ إليها.

ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الناشط والمحلل السياسي، سليمان خليفة الشحومي،قوله بأن ضغط أهالي القتلى من ميليشيات مصراتة أثر بشكل كبير على الرأي العام في المدينة، وتحولت الجنازات إلى ما يشبه المظاهرات والمهرجانات الخطابية التي تطالب بضرورة تجنيب مصراته هذه المآسي.

وأضاف الشحومي ، أن الوجهاء الاجتماعيين تلقوا وعودًا من نظرائهم في بقية المدن الليبية، أنه في حالة ترك محاور القتال وسحب أبنائهم وتسليم أسلحتهم للجيش وقوى الأمن، لن يكون هناك عقاب لمصراتة، إلا للمتسببين في جرائم حرب وفق أحكام القانون.وأكد الشحومي، أن مجلس مصراتة الاجتماعي، تلقى تحذيرًا بأن الجيش الليبي لن يترك مصراتة تواصل العبث في أي مكان في الوطن، فهي مدينة من ليبيا، ويجب أن تكون تحت سلطة الأدوات الشرعية والجيش والأمن الليبي.

وكانت وكالة الأنباء الإيطالية أشارت في تقرير لها مؤخرًا، إلى أن الوضع في طرابلس لم يعد في صالح الميليشيات التي تتكبد خسائر فادحة.ووفقًا للوكالة، فإن تقارير محلية أشارت إلى أن مصراتة تحاول التفاوض مع وسطاء غربيين على سحب ميليشياتها من طرابلس مقابل عدم دخول الجيش الليبي إليها.

وبحسب الوكالة، فإن هذا التغير يعود  إلى هزائم الميليشيات والخسائر الكبيرة التي تلقتها، وكذلك تورطها في عمليات قمع واعتقال ضد شباب مدينة طرابلس، مشيرة إلى أن عدة روايات من شهود عيان أكدت أن الميليشيات اعتقلت 180 شابًا بتهمة تأييدهم للجيش الوطني الليبي في طرابلس.وأضافت الوكالة أن عمليات اعتقال واسعة من قبل ميليشيات مصراتة حدثت في منطقة طريق المجدوب والسدرة، بعد أن احتج العديد من الشباب على مقتل شاب أثناء محاولة إحدى الميليشيات سرقة سيارته.

وأشارت الوكالة، إلى أن ميليشيات مصراتة انسحبت من بعض مناطق طرابلس بعد خروج الشباب إلى الشوارع وإغلاق بعض الطرق وإحراق العديد من الإطارات في شوارع طرابلس، إثر قيام ميليشيات غنيوة بقتل بعض شباب الأحياء في طرابلس.وذكرت الوكالة الإيطالية، أن حالة من العداء بين الميليشيات تظهر بوضوح في طرابلس، فقد تم الإبلاغ عن اشتباكات بين ميليشيات طرابلس وتحديدًا بين الميليشيات الأمازيغية وميليشيا أبو عبيدة الزاوي، بالإضافة إلى اشتباكات أخرى بين مسلحين تابعين لإحدى قبائل كاباو وميليشيا فرسان جنزور.

ووجه الجيش الليبي مؤخرا ضربات قوية استهدفت مراكز المليشيات في مدينة مصراتة وذلك بهدف الحد من شحنات السلاح القادمة من تركيا نحو المتطرفين في المدينة.حيث تصاعدت وتيرة الدعم التركي للمليشيات وتحول مطار الكلية الجوية إلى قاعدة عسكرية خلفية لأنقرة،تنطلق منه الطائرات المسيرة لضرب قوات الجيش الليبي والمدنيين في عدة مناطق على غرار استهدافها لطائرة معدة لنقل الحجاج في قاعدة الجفرة.

واعتبر مراقبون هذا الاستهداف تغيرا كبيرا على صعيد عمليات الجيش الوطني الليبي، كون المدينة الواقعة 200 كم شرق طرابلس،تعتبر معقل أقوى المليشيات المسلحة المناهضة للجيش الليبي وعمود قوات حكومة الوفاق، وقد لعبت دوراً كبيراً وحاسماً في تأخير بسط سيطرة قوات الجيش على العاصمة طرابلس وتحريرها من الميليشيات المسلّحة، بعدما أرسلت آلاف المقاتلين للمشاركة في القتال، وصدّ تقدّم الجيش نحو وسط العاصمة.

وتشير هذه التطورات الى اصرار الجيش الوطني الليبي على تحرير العاصمة طرابلس.ويؤكد مراقبون أن الخناق بدأ يضيق على الجماعات المسلحة في محيط العاصمة الليبية خاصة بعد نجاح الجيش الليبي في التقدم على جميع المحاور والجبهات،وتزايد الخسائر في صفوف المليشيات،وهو ما يؤكد اقتراب الحسم في معركة الدفاع عن سيادة الدولة واستقرار البلاد وأمن المواطن.