شهدت مدينة درنة الواقعة في الشرق الليبي،حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمن بعد أن استوطنتها التنظيمات الارهابية طيلة سنوات تخللتها حروب ومعارك طاحنة.وتتواصل المساعي منذ تحرير المدينة الى اعادة الحياة اليها واستعادة بريقها السابق كاحدى أجمل المدن الليبية فيما تتواصل جهود تأمينها من محاولات من مخلفات الارهاب الذي عايشته طيلة سنوات مضت.

الى ذلك،أطلق الجيش الليبي بالتعاون مع المؤسسات الأمنية بمدينة درنة، حملة لفرض الأمن والقضاء على الجريمة والقبض الخارجين عن القانون.وأعلنت شعبة الاعلام الحربي التابعة للجيش الليبي،في منشور لها على "فيسبوك" توجه قوة عسكرية تابعة للكتيبة 166 مشاة إلى مدينة درنة، وذلك بتكليفٍ مباشر من القيادة العامة للجيش.

وقالت الشعبة إن تحرك هذه القوة يأتي في إطار مساعي القوات المسلحة لضبط الأمن وفرض القانون والقضاء على الجريمة بكافة اشكالها داخل أحياء مدينة درنة بشكل خاص وفي كافة المدن الليبية بصورةٍ عامة ،وأضافت أن القيادة العامة في تكليفها لهذه القوة شددت  على ضرورة الضرب بيدٍ من حديد لكل المتورطين في أي جريمة مؤكدةً أن الجميع مُعرضين للمساءلة ولا أحد فوق القانون.

من جانبه،أكد اللواء خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي، أن القائد العام أمر بإرسال سريتين لدعم القوة الأمنية بمدينة درنة والقضاء على الجريمة وبسيط السيطرة الأمنية.ونقلت "العين الاخبارية" عن المحجوب قوله أن السريتين من الكتيبة 166 التابعة للجيش، مشيرا إلى أن الجيش يسعى بسط السيطرة الأمنية في كافة أرجاء ليبيا.

وعادت الحياة من جديد الى مدينة درنة التي شهدت الأسبوع الماضي، افتتاح معرض درنة للكتاب الذي استمرت فعالياته لمدة أسبوع برعاية مصرف ليبيا المركزي، وبمشاركة عدد من دور النشر والمكاتب من مدن ليبية عدة وضم أكثر من 20 الف كتاب من مختلف التخصصات والمجالات.وحضر الافتتاح محافظ مصرف ليبيا المركزي في البيضاء، علي الحبري، ونائب رئيس الحكومة الليبية ورئيس الهيئة العامة للثقافة والإعلام، وعميد بلدية درنة، ومدير مكتب التوجيه المعنوي، وقيادات من الجيش الوطني، ولفيف من مسؤولي درنة.

وأقيم المعرض بساحة المسجد العتيق الذي شهد تنفيذ تنظيم داعش الإرهابي العديد من جرائم القتل، والذبح، والجلد بساحته دون أن يراعي حرمته أو قدسيته، حيث كان ينفذ جرائم الذبح وقطع الرؤوس والجلد علانية بعد أن يجمع الناس بالقوة ويجبرهم على تقديم الولاء والطاعة في مشهد كان يثير الرعب في النفوس.

ومثل افتتاح المعرض في هذه الساحة رسالة قوية مضمونها أن مدينة درنة التي عُرفت عبر التاريخ أنها منارة للعلم والثقافة والفن قد عادت إلى سابق عهدها بعد تخلصها من ظلام الإرهابيين حيث عادت قبلة للابداع والمبدعين من شتى المناطق،وتم العمل على تنظيم معرض درنة للكتاب بحرص شديد وبتعاون بين كافة الجهات بالمدينة لإظهار المدينة بمظهرها الحضاري المعتاد بعيدا عن الصورة السوداء التي رسمتها التنظيمات الارهابية.

من جهة أخرى،أعلنت الشركة العامة للكهرباء،الاثنين الماضي، عودة الوحدة البخارية الخامسة بمحطة درنة البخارية إلى الشبكة بعد توقف زاد عن خمس سنوات.وقال مدير عام الشركة العامة للكهرباء إبراهيم  سالم الفلاح إن العاملين بمحطة درنة البخارية أرجعوا الوحدة البخارية الخامسة داخل محطة درنه البخارية إلى الشبكة والتي دام توقفها مدة تجاوزت 5 سنوات.

وتسعى السلطات لإعادة احياء المدينة،حيث استقبل في وقت سابق رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنف بمقر إقامته الموقتة بمدينة طبرق وفداً من مؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشبابية والرياضية في مدينة درنة.وحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، ناقش الوفد مع المنفي أهم المشاكل داخل مدينة درنة، واضعاً آلية الحلول لها وفي أسرع وقت ممكن.

وانتخب ملتقى الحوار السياسي الليبي، المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي الجديد، وعبدالله اللافي وموسى الكوني عضوين بالمجلس. كما انتخب عبدالحميد دبيبة رئيسًا للحكومة في السلطة التنفيذية الموحدة الموقتة، التي من المقرر أن تدير شؤون البلاد وتسيير مؤسساتها حتى إجراء الانتخابات العامة في 24 ديسمبر المقبل.

وتعتبر مدينة درنة الواقعة في الشرق الليبي،من أجمل المناطق السياحية في ليبيا بسبب المناظر الخلابة التي تتمتع بها وشلالات المياه التي تزينها، وكانت وجهة مفضلة للسائحين بسبب المراكز الترفيهية والسياحية التي تزخر بها.وقد لقبها أهاليها بـ"درة المتوسط"،قبل أن تقع في فخ التنظيمات الارهابية التى إستغلت حالتي الفراغ السياسي والأمني لتجعل من المدينة مركزا رئيسيا لتجميع وتدريب العشرات من الإرهابيين الذين شكلوا تهديدا أمنيا في ليبيا والمنطقة بصفة عامة.

وظلت مدينة درنة خلال السنوات الماضية، ورقة مهمة في أيدي المتطرفين الذين جعلوا منها مركزا لتجمع عناصرهم ومنطلقا لشن العمليات الإرهابية داخل وخارج ليبيا. وقد خضعت المدينة الساحلية، التي تبعد بألف كيلومتر عن العاصمة طرابلس، لسيطرة "مجلس شورى مجاهدي درنة"، ويضم ميليشيات إسلامية متشددة،والذي نجح في السيطرة عليها،منذ يوليو 2015، بعد معارك دموية مع تنظيم داعش،الذي سارع حينها بتعويض خسارته لدرنة بالسيطرة على سرت لأكثر من سنة.

وشهدت المدينة منذ مايو/أيار 2019،معركة عسكرية،تتالت فيها إنتصارات الجيش الوطني الليبي،وإنتهت بإعلان التحرير،الذي فتح الباب أمام عودة الحياة الطبيعية للسكان، في أعقاب طرد المجموعات الإرهابية ودك معاقلها في أغلب مناطق المدينة الساحلية الواقعة شرقي البلاد.وأشار مراقبون إلى أن نجاح العمليات في درنة أفقد التنظيمات الإرهابية موقعاً استراتيجياً مهماً.

ويأمل سكان درنة التي كانت مركزاً للأدب والثقافة والفنون والحياة بأن ترجع أفضل من السابق علها تمحو سنوات الظلام العجاف،وهي ذاتها الآمال التي تتوق اليها كل المدن والمناطق الليبية،حيث يأمل الليبيون في انتهاء الصراعات والانقسامات بين الفرقاء السياسيين وتوحيد الصفوف من أجل تطهير كامل الأراضي الليبية واستعادة سلطة الدولة بما يضمن ارساء الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات القائمة.