تشهد ليبيا منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي، معارك عنيفة بعد اطلاق الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عملية "طوفان الكرامة" بهدف تحرير العاصمة من سطوة المليشيات وانهاء سنوات من الفوضي العارمة والانفلات الأمني التي أدت إلي تردى الأوضاع المعيشية وتنامي الجماعات المسلحة، خاصة مع غياب دولة مركزية قوية من شانها بسط نفوذها والخروج بالبلاد من منعطفات خطيرة كبدت البلاد خسائر كبيرة طيلة السنوات الماضية.

وفي ظل اشتداد المعارك على تخوم العاصمة الليبية، ومحاولة المليشيات المسلحة التمركز داخل أحياء المدينة هربا من المواجهة المباشرة، باتت المنشآت الرئيسية في مرمى النيران بهدف تدميرها أوالسيطرة عليها، وهو ما يهدد بخسائر كبيرة تندرج جميعا في اطار الخسائر التي لحقت بالمواطن الليبي منذ بداية الازمة.

الى ذلك، قالت سلطات مطار معيتيقة الليبي على صفحتها على فيسبوك إنها علقت حركة الملاحة الجوية، الإثنين، بعدما تعرض المطار للقصف العشوائي. قال شهود بحسب وكالة "رويترز" إن صواريخ أصابت مطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس الاثنين ليستمر توقف حركة الملاحة الجوية، الأمر الذي أثار حالة من الفوضى والذعر بين الركاب.

ونقلت الوكالة عن شاهد قوله إنه بعد دقائق قليلة من استئناف حركة الملاحة في المطار الاثنين، تعين إعادة ركاب كانوا يستعدون للصعود إلى طائرة متجهة لتونس إلى المطار عندما سقطت ثلاثة صواريخ على مقربة.وأضاف الشاهد "سقط صاروخ في منطقة مفتوحة وتسبب في تصاعد دخان أسود".

ويتوجه الليبيون إلى تونس بشكل أساسي للحصول على خدمات طبية أفضل.واضطر الكثير من الركاب للعودة إلى طرابلس مع إلغاء الرحلات بسبب المخاوف الأمنية بينما وقف آخرون في طوابير أمام وكالات شركات الطيران في مسعى للحصول على معلومات.وشوهد الكثيرون وهم يهرعون لملاقاة أقربائهم الذين كانوا من المقرر أن يسافروا فيما ذكر موظفون في المطار أن من المرجح أن تستأنف حركة الملاحة الجوية صباح يوم الأربعاء.

وتم الاثنين توقيف الرحلات مرتين، كما ذكرت صفحة المطار على فيسبوك. وقد حصل التوقف الأول طوال ساعات في فترة بعد الظهر، وتم توجيه عدد من الرحلات نحو مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) بعد سقوط قذائف قرب المدرج.وفي المساء، أقفل المجال الجوي "من جديد، ونزل الركاب الموجودون على متن الطائرات، بسبب سقوط سلسلة جديدة من الصواريخ في مطار معيتيقة" في حين لم يعرف مصدر القصف.

وجاء استهداف المطار في أعقاب حديث المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، خلال إحاطته لمجلس الأمن التي تطرق خلالها "إلى تزايد وتيرة الهجمات على مطار معيتيقة".واضاف أن "العديد من هذه الهجمات كاد يصيب طائرات مدنية على متنها ركاب"، معربا عن القلق من "هذا القصف الذي يشن بشكل يومي تقريبا".ودعا السلطات في طرابلس الى "التوقف عن استخدام المطار لأغراض عسكرية كما أدعو القوات المهاجمة إلى التوقف فورا عن استهدافه".

وتعرض مطار معيتيقة منذ اندلاع المعارك في أبريل الماضي لعدة ضربات تارة تكون مجهولة المصدر وتارة من سلاح الجو الذي يستهدف أهدافا عسكرية بالمطار، بحسب تصريحات الناطق باسم الجيش اللواء أحمد المسماري.ففي حزيران/يونيو أعلن الجيش الليبي أن الطيران التابع له استهداف طائرة مسيرة تركية الصنع في مطار معيتيقة دون تسجيل ضحايا أو تأثر حركة الملاحة الجوية.

ووجه الجيش الليبي التهم للنظام التركي بالتورط في دعم حكومة الوفاق والميليشات الداعمة لها بالسلاح بما فيها الطائرات المسيرة واستغلال الموانئ والمطارات الليبية لإيصال تلك المعدات.وقدمت أنقرة للسلطة في طرابلس المدعومة من ميليشيات مسلحة، طائرات مسيرة وشاحنات ومدرعات في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة التي تحظر السلاح عن ليبيا.

ومثل مطار معيتيقة ساحة للصراع بين المليشيات التي ارتكبت الكثير من الجرائم والفضائع، على غرار ما حدث في يناير من العام 2018، حين شنت ميليشيا "البقرة" هجوما على المطار أسفر عن مقتل أكثر من عشرين شخصا وجرح حوالي ثلاثين آخرين وتسبب في ايقاف الملاحة الجوية من والى المطار.

وجاء الهجوم حينها بحسب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بهدف إطلاق سراح إرهابيين محتجزين في سجن، ينتمون إلى تنظيم "داعش" و"القاعدة".حيث يطالب قادة الكتيبة 33 التي تدين بالولاء لمفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني والجماعة الليبية المقاتلة، بإطلاق سراح أشخاص مقبوض في سجن معيتيقة بتهم الاٍرهاب.

وفي أبريل من نفس العام، تعرض المطار لقصف صاروخي أصاب طائرة "إيرباص 320"، بالإضافة إلى صالة الوصول بالمطار الرئيس بالبلاد.وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي تلفيّات بالمدرج وثقوباً في جناح وهيكل الطائرة.ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق، التي تدير المطار، أن الصواريخ أطلقها موالون لزعيم جماعة مسلّحة يُعرف باسم بشير "البقرة".

وفي سبتمبر من نفس العام، تعرض مطار معيتيقة الدولي تعرض إلى هجوم عنيف بمختلف أنواع الأسلحة، ما أدى إلى توقف جميع الرحلات الجوية المحلية والدولية.وقال المبعوث الأممي غسان سلامة في مؤتمر صحافي عقب ذلك:"نحن نعلم تمامًا من قام بقصف مطار معيتيقة مرتين، مضيفا نحن نعلم بهذا الطرف وهو يعلم أننا نعلم. ولذلك أستفيد من هذه اللحظة لأقول له: "المرة المقبلة سنسميه بالاسم".

ومر حوالي العام على تصريح المبعوث الأممي دون أن يتحرك ضد المليشيات رغم تعرض مطار معيتيقة لعشرات الهجمات المباشرة، والتي تسببت في إصابة مهندسين إضافة إلى أضرار طالت بعض الطائرات والبنية التحتية للمطار وهو ما ينضاف الى الخسائر الكبيرة التي تعرضت لهل ليبيا على يد المليشيات المسلحة تحت أنظار البعثة الأممية.

ويشير متابعون للشأن الليبي الى أن حكومة الوفاق عاجزة عن توجيه اصابع الاتهام للمليشيات بتدمير العديد من المنشٍآت وذلك لأنها تعول على هذه المليشيات وتعيش تحت سلطتها.فحكومة السراج باتت منذ دخولها رهينة لمليشيات تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة الاخوان التي تمثل ذراع تركيا التخريبي في ليبيا وهو ما دفع نظام أردوغان لتعزيز تدخله في البلاد لحماية المليشيات الموالية له.

ورغم الحظر الدولي استمرت تركيا في تزويد المليشيات المسلحة وحكومة الوفاق بالمال والسلاح، الأمر الذي يؤجج التوتر بين فرقاء الساحة الليبية وفي دعم من شأنه تقوية الجماعات المتطرفة.ففي مايو/ايار أعلنت حكومة الوفاق الوطني أنها عززت قواتها المدافعة عن طرابلس بعشرات المدرعات لصد قوات الجيش الليبي التي تحاول السيطرة على العاصمة..

وأظهرت صور وتسجيلات مصورة نشرتها مليشيات متحالفة مع حكومة الوفاق وصول عشرات المركبات المدرعة من طراز "بي.إم.سي كيربي" تركية الصنع إلى ميناء طرابلس.كما كشف الجيش الليبي قد كشف خطط تركيا بتزويد الوفاق طائرات مسيرة وذلك بعد ان تمكن في يونيو/حزيران من استهداف طائرة تركية مسيرة كانت رابضة في مطار معيتيقة شاركت في الإغارة على القوات الليبية.

يشار إلى أن مطار معيتيقة، هو مطار دولي وقاعدة جوية عسكرية على بعد 11 كم باتجاه الشرق من قلب العاصمة الليبية طرابلس.وبعد إغلاق مطار طرابلس الدولي في يوليو 2014، بسبب الحرب الأهلية الليبية، أصبح مطار معيتيقة هو المطار الوحيد الذي يخدم طرابلس.حيث تم تحويل الرحلات التي كانت تسير من مطار طرابلس ونقلها لتنطلق من مطار معيتيقة وقد اصبحت أغلب هذه الرحلات تشمل فقط رحلات لشركات طيران ليبية بعد انسحاب الشركات الاجنبية بالكامل بسبب الأوضاع الأمنية الغير مستقرة.

وتسببت الصراعات المسلحة بين الميليشيات في العاصمة الليبية طرابلس، في تدمير طائرات مدنية من أنواع مختلفة، وذلك بسبب الهجوم على المطارات الليبية خاصة مطار معتيقة الدولي.وتضرّر قطاع الطيران في ليبيا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بسبب الاشتباكات والنزاعات المسلحة والفوضى الأمنية، حيث توقفت الرحلات الجوية بين ليبيا وعدة دول خاصة في أوروبا.

وفي أبريل 2018، أكدت الشركة الليبية الأفريقية للطيران القابضة، أن شركات الطيران في ليبيا قد تكبدت أضرار بالغة نتيجة للأعمال العسكرية التي طالت الطائرات المطارات ومرافقيها وأن مثل هذه الأعمال تؤثر بكل بالغ على تقديم الخدمة وإرباك المسافرين وإلغاء الرحلات.وطالبت الشركة من خلال بيان لها، المؤسسات الرسمية للدولة بتحمل المسؤولية باتخاذ الخطوات الضرورية واللازمة لتأمين المطارات ومرافقيها.

ويسعى الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الى دخول العاصمة الليبية طرابلس وانهاء نفوذ المليشيات المسلحة بما يضمن اعادة سلطة الدولة وتحقيق الاستقرار والأمن في البلاد.ويرى مراقبون بأن حكومة السراج أوقعت نفسها في مأزق بعد وقوفها في صف المليشيات وارتهانها لاجندات تركية وقطرية تهدف لتمكين تيار الاسلام السياسي الموالي لهم من السيطرة على البلاد بما يضمن نهب ثرواتها.ويحضى الجيش الليبي بدعم شعبي واسع خاصة بعد نجاحاته في شرق وجنوب البلاد وبات يمثل بحسب الكثيرين بوابة الاستقرار في ليبيا.