يواصل الجيش الوطني الليبي معاركه ضد الميليشيات والجماعات الإرهابية على تخوم العاصمة الليبية طرابلس. معركة بات ينتج عنها تضعضع نفوذ المليشيات وتفككها في ظل انشقاقات متواصلة وتصاعد الخلافات،فيما تتواصل وتيرة الدعم المحلي للقوات المسلحة الليبية في معركتها نحو استعادة سلطة الدولة وتحقيق الاستقرار في البلاد.

ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية نجحت القوات المسلحة العربية الليبية في بسط سيطرتها على معسكر النقلية والتقدم باتجاه مركز طرابلس، بحسب وكالة الأنباء الليبية.فيما أكد الجيش الليبي أنه كبد التشكيلات المسلحة في طرابلس خسائر فادحة في الأرواح والعتاد بعد معارك استمرت 6 ساعات خلال الهجوم الفاشل على مطار طرابلس الدولي.وأشارت وكالة الأنباء الليبية إلى أن الهلال الأحمر قام بنقل 40 جثة تابعة للتشكيلات المسلحة إضافة إلى وقوع 15 آخرين في الأسر لدى الجيش الليبي.

وأحبط الجيش الليبي خلال اليومين الماضيين عدة هجمات فيما تحدثت تقارير عن خسائر كبيرة في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق.وتزامن ذلك مع اعلان "الكتيبة 185 مشاة"، التابعة لحكومة السراج، عن انضمامها بكامل الضباط وضباط الصف والجنود والأسلحة والآليات والذخائر إلى قوات الجيش الوطني الليبي.

وقالت الكتيبة 185 مشاة بإمرة عقيد محمد الغدوي، التابعة للواء الثاني مشاة، في بيان مصوّر، نشرته شعبة الإعلام الحربي، أنها تؤيد العملية العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة  بقيادة المشير خليفة حفتر ضد الجماعات المسلحة في طرابلس منذ أفريل الماضي.وأكدت الكتيبة أن جميع منتسبي الكتيبة الموجودة في منطقة النواحي الأربع يعلنون دعمهم للغرفة الأمنية بالمنطقة وإدارة الاستخبارات.

ونشرت شعبة الإعلام الحربي مقطعًا مصورًا لأفراد من الكتيبة يتلون بيان الانضمام لقوات الجيش الليبي وجاء في البيان بأن الكتيبة انضمت بكل أفرادها وعتادها للقيادة العامة.وذكرت تقارير اعلامية ان عدة كتائب مسلحة أخرى ستعلن عن التحاقها بالجيش الليبي قريبا وفك ارتباطها بحكومة الوفاق الليبية.

ويأتي هذا في وقت تصاعدت فيه الخلافات في صفوف قوات حكومة الوفاق حيث هدد القيادي في ميليشيا "ثوار طرابلس" وعضو المجلس البلدي نالوت عاطف بالرقيق، رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بأنه سيفقده هيبته في حال لم يقوم بإقالة عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومته،في مشهد أظهر مدى عجز السراج وارتهانه للمليشيات التي تعتبر الحاكم الفعلي في العاصمة.

وقال بالرقيق في منشور عبر حسابه الشخصي على فيسبوك " إنه بات ضروريا إقالة وزير الخارجية، محمد طاهر سيالة، ووكيل وزارة الصحة، محمد هيثم عيسى، ورئيس مجلس إدارة الليبية القابضة للاتصالات، ونائب رئيس لجنة الأزمة فيصل قرقاب، من مناصبهم".وأضاف الميليشياوي بالرقيق، إنه في حال لم يتم تغيير المسؤولين والوزراء بالإجراءات الروتينية المتبعة، فإنه سيتم تغييرهم بطرق قال إنها "ستفقد رئيس المجلس الرئاسي هيبته".

من جهة أخرى،أعلنت مليشيا الصمود التي يقودها المدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي صلاح بادي المتحالف مع قوات حكومة الوفاق، إن مبادرة السراج لحل لأزمة الليبية لا تساوي الحبر الذي كتبت به.وقال القيادي في المليشيا الإرهابية، أحمد بن عمران،في تصريح لوكالة نوفا الإيطالية إن المبادرة تعد "استجداء" من السراج للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي.

وقد أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج الأحد الماضي عن مبادرة سياسية للخروج من الأزمة الراهنة، تتضمن عقد ملتقى ليبي، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بالتزامن قبيل نهاية العام. الجاري.ورحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالمبادرة التي أعلنها السراج،فيما قوبلت برفض محلي واسع كونها اعتبرت محاولة التفاف جديدة من طرف السراج.

وتشير هذه الأحداث الى أن المليشيات المسلحة هي المسيطر الفعلي على العاصمة وهو مايضع حكومة الوفاق في موقف حرج بعد أن حاول مسؤولوها التأكيد مرار على أن قواتهم نظامية وتخضع للأوامر،فيما كشفت الأوضاع الميدانية تعويل السراج على مليشيات ذات أجندات مختلفة يربطها تحالف مؤقت ناهيك عن عناصر ارهابية ومطلوبين.

وبالرغم من حديث حكومة الوفاق عن تحقيقها لانتصارات ميدانية فان المؤشرات على الأرض تأتي خلاف ذلك مع تواصل انهيار القوات الموالية لها وسط أنباء عن هروب قيادات مليشياوية وهو ما أكده  القيادي السابق في كتيبة ثوار طرابلس محمد البكباك،الذي أشار الى مغادرة هيثم التاجوري وبعض من رفاقه المقربين العاصمة طرابلس إلى وجهة خارجية غير معلومة.

واتهم البكباك - الذي يقيم منذ أكثر من عام في إحدى الدول الأوروبية - حليفه السابق هيثم التاجوري ورفاقه بالهروب على دفعات من الحرب الدائرة في طرابلس، وطالبه بالعوده إلى ليبيا وإنهاء الحرب.

ومن جهته قال آمر غرفة عمليات الكرامة بالمنطقة الغربية، اللواء عبد السلام الحاسي، إن معركة طرابلس دخلت مرحلتها الأخيرة، وأن الجيش في طريقه لحسم المعركة، لاسيما وأن الكثير من عناصر الميليشيات المسلحة خاصة الشباب المغرر بهم بدؤوا في مغادرة ساحة القتال، وبأنه لم يتبق سوى عناصر الجماعات الإرهابية المرتبطة بالإخوان والقاعدة وداعش، التي تصر على القتال حتى الرمق الأخير.

وأوضح الحاسي في تصريح صحفي امس أن الجيش الوطني أعد كل ما يلزم للحظة اقتحام العاصمة، ولديه من الإمكانيات البشرية والتسليحية والتقنية واللوجستية ما يؤمن طرابلس، ويعيد إليها الأمن والاستقرار بعد سنوات الرعب التي عاشتها في ظل حكم الميليشيات، وأن الانتصار ودحر الميليشيات بات وشيكا.

وبالتزامن مع تقدمه الميداني،يتزايد الدعم المحلي للجيش الوطني الليبي حيث أعلن ممثلو القوى الوطنية الليبية خلال اجتماعهم في القاهرة، الاثنين، أن المعركة التي يخوضها الجيش الوطني من أجل الحفاظ على البلاد وسلامتها واستقرارها هي ليست معركة على السلطة، وأنه لا يمكن المساواة بين السلطة والميليشيات.

وأضافوا أن "هناك أكاذيب تحاك يجب مواجهتها وأن هذه المعركة يخوضها الشعب الليبي ضد أعدائه والميليشيات والعصابات التي تسيطر على مناحي الحياة".وأكد المشاركون في الاجتماع أن المعركة "لإعادة تأسيس الدولة الليبية الحديثة على أسس مدنية، وفهم طبيعة الدولة المدنية التي لا تسيطر عليها العصابات والميليشيات التي لا تتحكم سوى في10 في المئة فقط".

وتكمن أهمية مؤتمر القاهرة،الذي حضره أكثر من 200 شخصية ليبية تمثل نخبة من القوى الوطنية الليبية والرموز السياسية وشيوخ وأعيان القبائل والحقوقيين وخبراء سياسيين صحفيين ليبيين لتأكيد دعم الليبيين لجهود القوات المسلحة في محاربة الإرهاب والتطرف والمليشيات،في حمله رسائل سياسية تتجاوز مسألة دعم المؤسسة العسكرية والتي لم تعد محل خلاف بين القوى الوطنية.

وظهرت شخصيات كثيرة محسوبة على قوى متنوعة تؤيد الحل الوطني في مؤتمر القاهرة، بجوار شخصيات وازنة من تيارات سياسية واجتماعية أخرى مؤثرة، الأمر الذي يشير إلى وجود دوائر واسعة تؤيد تحركات الجيش في عملية تحرير طرابلس، وأنه يملك ظهيرا شعبيا كبيرا يعمل ضمن منظومة فاعلة على الساحة الليبية، من المستحيل تجاهلها أو القفز عليها لحساب تيار يريد إشاعة الفوضى ويصر على رفع أسهم الميلشيات.

ويرى مراقبون أن ارتفاع مستوى الاصطفاف السياسي خلف الجيش الليبي،سيؤدي إلى اسكات الأصوات التي شككت فيه، ويحرج حكومة الوفاق التي يعتبرها كثيرون واجهة للمليشيات ذات الأجندات المشبوهة. وقدم مؤتمر القاهرة،إشارة قوية أن مكونات الحل الصحيح عند الجهات الوطنية التي تمثل الشعب تمثيلا حقيقيا، ومن يريد تسوية الأزمة عليه ألا يخطيء العنوان مرة أخرى، وتجنب المتآمرين وأصحاب المصالح الضيقة.