شهدت ليبيا منذ بداية العام 2017 وحتى الآن عدة اغتيالات كان لها صدى واسعا في المجتمع ووسائل الإعلام، وكان أشدها وطأة تلك التي طالت شخصيات من تيارات مختلفة و ذات توجهات متباينة.وقد أبدت أوساط عديدة في ليبيا مخاوفها من عودة الاغتيالات أو محاولات الاغتيال السياسية، وغيرها من عمليات القتل التي ترتكب لأسباب أخرى، ومن أثرها المُدمّر على الأمن والحياة السياسية بالنظر إلى الاستقواء بـلغة القتل لتصفية الحسابات بعيدا عن سلطة الدولة.

تصفية الحنكورة


لقي القيادي في إحدى المجموعات المسلحة بطرابلس التابعة لجهاز الأمن المركزي في وزارة داخلية الوفاق خيري حنكورة مصرعه على يد مجهولين في إطلاق نار أمام بوابة فندق المهاري وسط طرابلس. وكشفت مصادر أمنية بأن حنكورة لقي مصرعه صباح الاثنين على الفور مصاباً بعدة أعيرة نارية أثناء الرماية التي تعرض لها فيما تضاربت الأنباء الأولية حول هوية الجهة المنفذة للعملية ما بين قوة الردع الخاصة، ومجموعة أخرى.

وقتل القيادي أمام فندق المهاري وهو مقر ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري حالياً، حيث أكد شهود عيان أن ملثمين فتحوا النار عليه عندما كان واقفاً أمام فندق المهاري خارج سيارته التي طالتها النيران وأصيب بداخلها شخص لم تُعرف بعد هويته أو حالته الصحية. وأكدت مصادر مطلعة أن خلافا دب بين حنكورة وآمر قوة الردع والتدخل السريع أبو سليم التي يأمرها عبدالغني الككلي المكنى بــ"غنيوة" وكلاهما من مدينة ككلة وقد انشق على إثره الأول وترك منطقة أبوسليم واتجه للعمل في شرق العاصمة حيث تواجد نفوذ قوات كتيبة ثوار طرابلس التي نسج معها علاقة متينة وقاتل في صفوفها بالحرب الأخيرة التي دارت بين شهري أغسطس وسبتمبر في مناطق خلة الفرجان وعين زارة ووادي الربيع.

وتشير صورة تناقلها نشطاء على موقع فيسبوك لجثة الحنكورة بأن الإصابة كانت في الجهة الخلفية من رأسه في الغالب، حيث تظهر بقعة دم كبيرة تحت الرأس، فيما تبين أن بقية الجسم لم يصب بالرصاص من الجهة الأمامية على وجه الخصوص، ما يشير إلى أن الهجوم قد تم من الخلف وبشكل مباغت ومن مسافة قريبة.

مأساة متواصلة


29سبتمبر 2017: دعت لجان المصالحة في ليبيا الشيخين عبدالله انطاط، وخميس اسباقة، أعضاء المجلس الاجتماعي بني وليد، واثنين من مرافقيهما بعد عودتهم من مهمة تصالحية، بعد تعرضهم لإطلاق نار وهم في طريق عودتهم إلى مدينتهم8 يوليو، 2017: أقدم مجهولون على اغتيال العقيد الرزاق الصادق عميش، مدير أمن غريان، رميا بالرصاص، أثناء عودته إلى منزله.

يناير 2018: اغتيال مدير مكتب الخدمات التعليمية الأبيار صلاح اقليوان القطراني، على يد مجموعة مسلحة، بعد أن قاومها لكنه أصيب بجروح بليغة، وفارق على إثرها الحياة في المستشفى.

مع غياب المعطيات الرسمية يصعب إحصاء كل عمليات الإغتيال لكن وثّقت البعثة الأممية لوحدها 201 عملية قتل غير قانونية في 2017.

بعد مصرع خيري الككلي الشهير بـالحنكورة بعد نحو يومين فقط، من مقتل صالح قبقوب آمر معسكر النعام، إضافة إلى اختفاء محمد البكباك، ومقتل محمد بوعزة يقول مراقبون  إن العديد من المجموعات المسلحة ستشهد خلال المرحلة المقبلة تصفيات وانشقاقات في مشهد دموي يحاول كثيرون ربطه، ولو جزئياً، بتعاظم التهديدات الدولية بملاحقة وضرب المجموعات المسلحة في ليبيا.

الليبيون في حيرة


تتباين وجهات نظر الليبيين في مسائل عديدة لكن يجمع بينهم الحزن و الألم حول فقدان الشباب الليبي كل يوم الذي يُشكّل نحو 60% من المجتمع، إن في صراعات عبثية مريرة، أو في انخراطهم في تنظيمات مسلحة ومتطرفة أحياناً، لتصبح مهنتهم الوحيدة إما  قاتلا أو مقتولا عدا عن الشباب الذي يطحنه اليأس والإحباط فيموت بـصمت وبطء، بحثا عن فرصة مثالية للموت الحقيقي، لكن مراقبين يقولون بلا تردد إنَّ  قصة قتل شباب ليبيا تفاقمت مع الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد.

ويقول ليبيون إنه من الضروري العمل عبر مبادرات وقرارات دولية تدمج قوة الشباب في أعمال مفيدة ونافعة، وأن يُعاد تشكيل قوة عسكرية وقوى أخرى مدنية للإعمار والبناء للمحافظ على شباب ليبيا والانتقال سريعا، وفق خريطة طريق شاملة للسياسة والأمن والجيش والاقتصاد والتعليم والقضاء، إلى المستقبل دون تردد.