فيما تتكثف الجهود على الصعيدين الاقليمي والدولي منذ أشهر في الملف الليبي بغية الدفع بالمشاورات والاجتماعات بين الفرقاء الى الوصول الى تسوية شاملة تنهي الصراعات والحروب المتجددة منذ سنوات،تواصل تركيا التغريد خارج السرب من خلال محاولاتها المستمرة لتأجيج الأوضاع في ليبيا وزيادة منسوب التوتر بتحركاتها المشبوهة منقادة وراء أطماعها في ثروات البلد النفطي.
فبالتزامن مع الاعلان عن انطلاق توحيد حرس المنشآت النفطية،والذي يعد خطوة هامة في سياق المشاورات العسكرية الأخيرة بين الجيش الوطني الليبي وقوات حكومة الوفاق،تزايد الحديث عن تحرك تركي جديد في الساحة الليبية وهذه المرة من خلال زيارة يؤديها أردوغان الى العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة.
ونقلت وكالة نوفا الإيطالية،عن مصادر سياسية ليبية إن من المتوقع أن يصل الرئيس التركي الثلاثاء إلى العاصمة الليبية طرابلس في زيارة رسمية.وأشارت الوكالة إلى أن الشائعات التي انتشرت مؤخراً عن الزيارة تؤكد أن أردوغان سيزور مدينة مصراتة،"الدولة - المدينة" في غرب ليبيا، وموطن الميليشيات التي تعتبر الأقوى في البلاد".
ونقلت الوكالة عن السفير الليبي السابق في الهند، رمضان البحباح، قوله إن زيارة أردوغان لطرابلس "هي اعتراف بالسيطرة التركية على مفاصل الدولة الليبية وانتصار للمشروع الاستعماري في ليبيا".
وأشار البحباح الى أن "الوضع الليبي اليوم يعكس حجم الانهيار العربي ورد الفعل على مشروع احتلال الشرق الأوسط الذي يهدف إلى تقسيم هذه الكيانات العربية المتشرذمة أصلاً"، مشدداً على أن زيارة أردوغان المحتملة "جاءت بعد فشل الحوار السياسي الليبي في تونس لتأكيد عدم إمكانية إلغاء المعاهدات بينه وبين فايز السراج".
وكانت تقارير اعلامية أكدت في وقت سابق وصول طائرتين عسكريتين محمّلتان بعناصر من القوّات الخاصّة التركية لتأمين زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى طرابلس.وقالت التقارير انه من المتوقّع أن يزور أردوغان القوّات التركية في مدينة مصراتة بغرب البلاد، والموجودة هناك لدعم حكومة الوفاق، خلال الزيارة التي يُجرى الترتيب لها منذ فترة طويلة.
وتتزامن هذه الزيارة مع انطلاق توحيد حرس المنشآت النفطية وهي الخطوة المهمة التي جاءت بعد نجاحات لقاءات اللجنة العسكرية الليبية التي توصلت لوقف إطلاق النار،والذي أسهم في عودة إنتاج النفط في ليبيا بعد توقفه لشهور وبإنتاج يصل لنحو مليون برميل يوميًا،وهو ما يشير الى أن أنقرة تسعى لإفشال هذه التطورات الايجابية حماية لمصالحها غير المشروعة في ليبيا.
وتواصل أنقرة محاولاتها للتغلغل في ليبيا اقتصاديا حيث تتحرك الشركات التركية للحصول على أهم صفقات إعادة الإعمار في ليبيا، خاصة في مجالي البنية التحتية والطاقة، دون إجراء المناقصات، مسنودة بالعلاقات التي تربطها بحكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج.وفق ما أوردت "العربية نت" في تقرير لها.
وأشار التقرير الى أن آخر هذه الصفقات كانت من نصيب شركة مملوكة لعائلة بيرات البيرق، صهر الرئيس التركي رجب طيب أروغان، التي استحوذت على أحد أهم وأكبر مشروعات الإنشاء داخل ليبيا، ويتعلق بإعادة تهيئة وصيانة وتطوير مطار مصراتة الدولي الذي دمرت الحرب والصراعات جزءا منه.
وتسعى تركيا جاهدة خلف أطماعها في الثروات الليبية حيث قالت صحيفة "أوك دياريو" الإسبانية،إن تركيا تحاول السيطرة على موارد الاقتصاد الليبى، وبالتالى تتيح لشركائها بالأمر المباشر الاستحواذ على مشاريع فى الدولة الواقعة فى شمال إفريقيا. وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس لجنة السيولة فى البنك المركزى الليبى فى بنغازى، رمزى الأغا، كشف عن تفاصيل كيف تستغل حكومة رجب طيب أردوغان الاحتياطات النقدية الليبية فى بنوكها للتعامل مع أزماتها، ما يمنع استخدامها من طرابلس فى أى مشروع متعلق بها أو إعادتها الى البلاد لتوفير الدينار الليبى.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها،بأن تركيا لا تخفى أطماعها فى النفط الليبى وتسخر كل إمكانياتها للحصول عليه، سواء فى البحر أو الحقول البرية، حيث يسعى أردوعان بشكل واضح لعمليات تنقيب عن النفط داخل الحدود البحرية التى تم تحديدها بموجب اتفاق مع حكومة الوفاق غير الشرعية.وقد كشف مكتب المدعى العام الليبى قبل أيام عن إنفاق أكثر من 800 مليون دولار على استثمارات وهمية غير مدرجة فى الخارج.
وحذر العديد من الخبراء من خطة أردوغان لنهب احتياطيات النقد الأجنبي الليبي في البنك المركزي التركي واستخدامها لإنقاذ بلاده من الأزمة الاقتصادية "الخانقة" التي تعيشها.
وكان رئيس تركيا ورئيس حكومة طرابلس فائز السراج، قد أبرما  العام الماضى مذكرتي تفاهم، إحداهما بشأن ترسيم الحدود البحرية، والأخرى أمنية تتيح إرسال قوات تركية إلى ليبيا، وبعد التوقيع، بدأ أردوغان بإرسال مرتزقة من سوريا إلى ليبيا لدعم الميليشيات في معارك ضد الجيش الوطني الليبي، بالإضافة إلى الأسلحة والخبراء العسكريين.ولقيت المذكرتان رفضا إقليميا ودوليا لكونهما تتجاوزان صلاحيات السراج، كما أن الاتفاق البحري ينتهك قانون البحار، وذلك بسبب عدم وجود حدود بحرية بين الدولتين.
من جهة أخرى،تأتي زيارة أردوغان في أعقاب فشل الفرقاء الليبيين في الاتفاق على الحكومة الانتقالية الجديدة، بعد أسبوع من الجلسات في تونس.وشهد اليومان الأخيران من اجتماعات تونس خلافات حادة من قبل المشاركين المنتمين لتنظيم "الإخوان" الموالي لتركيا، وفشل الملتقى الذي انعقد في مدينة قمرت التونسية في تمرير شرط ينص على منع من تقلدوا مناصب تشريعية وتنفيذية من الترشح للسلطة التنفيذية الجديدة.
ويرى الكثيرون أن فشل الحوار السياسي في تونس كان بسبب المناورات التي قام بها "الاخوان" بهدف فرض شروطهم والسيطرة على مقاليد الحكم في ليبيا في المرحلة القادمة.وتحدثت تقارير اعلامية عن عمليات شراء أصوات في اجتماعات تونس وهو ما حدا بالمبعوثة الأممية بالانابة ستيفاني ويليامز للتعهد بالتحقيق في الأمر ومحاسبة المتورطين.
 وبالرغم من التزان الأطراف الليبية بوقف إطلاق النار حتى اليوم، إلا أنّ النظام التركي لن يسمح باستمرار هذا الوضع، خاصة مع استمرار الحديث عن تحركات عسكرية تركية في ليبيا تحت غطاء "تدريب قوات حكومة الوفاق".ويرى مراقبون أن أنقرة ستواصل مساعيه لتسميم الأجواء الايجابية في ليبيا بعد التوافقات الماضية،وذلك بهدف تأجيج الصراعات مجددا بما يخدم أجنداتها وأطماعها.