بالرغم من الدعوات الاقليمية والدولية لانهاء التدخلات الخارجية في ليبيا،فان النظام التركي مازال مصرا على نكث تعهداته ومواصلة محاولات تأجيج الصراع في هذا البلد الممزق عبر اغراقه بالمرتزقة والارهابيين الذين يشكلون خطرا يتهدد الأراضي الليبية ويتجاوزها ليشكل خطرا اقليميا ودوليا.

في تطور جديد،كشف البنتاغون عن إرسال تركيا عددا يتراوح ما بين 3500 و3800 مقاتل سوري مدفوع الأجر إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.وقال التقرير الخاص بعمليات محاربة الإرهاب في إفريقيا للبنتاغون، الذي نقلت وكالة "أسوشيتد برسمقتطفات منه، إن تركيا قدمت أموالا وعرضت الجنسية على آلاف المقاتلين مقابل المشاركة في النزاع بليبيا إلى جانب القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

وأوضح التقرير أن تركيا عرضت جنسيتها على "آلاف المرتزقة الذين يقاتلون مع ميليشيات طرابلس.وأشار إلى أن الجيش الأميركي لم يجد دليلا على انتماء المرتزقة إلى تنظيمات متطرفة مثل داعش أو القاعدة، موضحا أن الدافع الأكثر ترجيحا لهم كان "الحزم المالية السخية، أكثر من الأيديولجية أو السياسة".

وكانت تقارير سابقة قد كشفت أن عدد المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا أو تستعد لإرسالهم إلى هناك في ارتفاع مستمر في دليل واضح على تمسك أنقرة بمواصلة نهجها في تصعيد التوتر في ليبيا رغم كل الجهود الدولية المبذولة للخروج بحل يجنب البلد المزيد من الحروب والصراعات التي تعمق الأزمة الممتدة منذ العام 2011 عقب العدوان الغربي على البلد العربي.

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة أن ألاف الحاملين للجنسية التونسية دفعت بهم المخابرات التركية ضمن جحافل العناصر الإرهابية والمرتزقة الذين تدججهم تركيا للقتال في ليبيا.وقال المرصد أن المخابرات التركية عمدت إلى نقل مجموعات جهادية وعناصر في تنظيم "الدولة الإسلاميةمن جنسيات أجنبية، من الأراضي السورية نحو الأراضي الليبية على مدار الأشهر القليلة الفائتة.

وأكد أن تركيا نقلت نحو ليبيا أكثر من 2500 عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية من التونسيين المتواجدين ضمن فصائل التنظيم المعسكرين بالأراضي السورية.وتأتي هذه المستجدات بعد أيام قليلة من تقارير مماثلة نشرها المرصد حول المخابرات التركية لدفعة جديدة من المقاتلين نحو ليبيا، على الرغم من التحذيرات الدولية حيال الانتهاكات التي ترتكبها تركيا في ليبيا وتداعياتها على أمن واستقرار الأراضي الليبية والمنطقة ككل.

ويأتي الحديث عن ارسال تركيا لمقاتلين من الجنسية التونسية بالتزامن مع تصاعد المخاوف في تونس من امكانية تسلل المرتزقة والارهابيين الى أراضيها.وقال وزير الدفاع التونسي، عماد الحزقي، في تصريح إعلامي، إن وتيرة محاولات التسلل إلى التراب التونسي تصاعدت، محذراً من خطورتها في ظل الحرب الجارية في ليبيا.

وصرح الوزير لاذاعة موزاييك المحلية، الجمعة: "إن خطورة عمليات تسلل الأجانب إلى تونس تتزامن مع حالة الحرب التي تشهدها ليبيا وتدفق السلاح والمرتزقة".وأكد الوزير "على أن الجيش سيتصدى بكل صرامة وحرفية لكل ما من شأنه أن يهدد سلامة الأمن التونسي عن طريق التسلل إلى المناطق الحدودية العسكرية"، داعياً "المواطنين إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية وتفهم دقة الوضع على الحدود".

وكانت وزارة الدفاع التونسية،قد أعلنت أن التشكيلات العسكرية العاملة بمنطقة "المنزلةبمدينة رمادة بمحافظة تطاوين الحدودية جنوب البلاد، قد رصدت يوم يوليو الجاري تحرّكات مشبوهة لأربع سيارات قادمة من التراب الليبي، وتوغلت داخل المنطقة الحدوديّة العازلة على مستوى الساتر الترابي.كما أفادت الوزارة، أن الوحدات العسكرية قد أطلقت أعيرة ناريّة تحذيريّة في الفضاء لإجبارها على التوقّف لكنّها لم تمتثل، فتمّ في مرحلة ثانية الرمي على مستوى العجلات إلّا أنّها لاذت بالفرار، وفق بيانها الصادر يوم يوليو الجاري.

وتأتي هذه المستجدات بعد أيام قليلة من تقارير مماثلة نشرها المرصد حول المخابرات التركية لدفعة جديدة من المقاتلين نحو ليبيا،في خطوة تعكس مدى تمسك تركيا بتثبيت تواجدها في ليبيا وعينها على ثروات المنطقة، فيما يستمر الرئيس التركي سعيا لتحقيق أطماعه التوسعية في التنكر لتعهداته بمؤتمر برلين، متمردا على القوانين الدولية ومتحديا المجتمع الدولي بأكمله.

وكشف المرصد السوري الأسبوع الماضي عن أن "الأتراك شرعوا في نقل دفعة جديدة من الإرهابيين، من غير السوريين، الموجودين في مناطق الاحتلال التركي بسوريا إلى ليبيا، مثل مناطق درع الفرات".وكان بين هؤلاء جنسيات من دول في شمال إفريقيا، وفقا لمدير المرصد رامي عبد الرحمن.وأشار المرصد إلى أن هؤلاء سيشاركون في القتال إلى جانب الميليشيات ضد الجيش الوطني الليبي، وقال إن إرسال تركيا الإرهابيين إلى ليبيا "أصبح نهجا عاما لدى أنقرة".

وشهدت العاصمة الليبية طرابلس،خلال الساعات الأخيرة، اشتباكات عنيفة بين المرتزقة السوريين بسبب خلافات حول عدم دفع رواتبهم، ما خلّف عددا من القتلى والجرحى في صفوفهم، وسط تصاعد حدة التمرد بينهم بعد التخلي عنهم من قبل حكومة الوفاق.وأكد عضو شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي عقيلة الصابر، في تدوينة على صفحته الرسمية في"فيسبوك"،سقوط قتلى سوريين في اشتباكات بطرابلس بسبب التأخر في دفع مرتباتهم من قبل حكومة السراج.

وسبق أن أكد المرصد السوري أن السلطات التركية تتحايل على المقاتلين السوريين وغيرهم من بقية الجنسيات بتقديم وعود مالية واهية، تخلفت عن دفعها مرارا لآلاف المقاتلين الذين أرسلتهم منذ أواخر العام الماضي.وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن "أنقرة تخدع المرتزقة السوريين بوعود برواتب ومكافآت كبيرة، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي للرئيس التركي، هو السيطرة على مناطق النفط وعلى رأسها سرت وكذلك زعزعة الأمن القومي المصري في محاولة لإعادة جماعة الإخوان إلى الحكم من جديد".

ودفع أردوغان خلال الاشهر المضية بالآلاف من المرتزقة السوريين الى الأراضي الليبية لتحقيق أهدافه والسيطرة على موارد وخيرات ليبيا،مستغلا الدعم الذي قدمه لجماعات إرهابية مسلحة في حربها ضد الحكومة السورية في الضغط عليها لتجنيد المزيد من عناصرها وغيرهم من الشباب والأطفال السوريين في مناطق سيطرتهم، وإرسالهم إلى تركيا للتدريب ومن ثم نقلهم إلى الأراضي الليبية.

ويسعى أردوغان للسيطرة على مدينة سرت واشترط في وقت سابق وقف اطلاق النار في ليبيا بانسحاب الجيش الوطني الليبي من المدينة والحقول الليبية ما كشف بوضوح أطماع الرجل في الثروات النفطية الليبية.لكن هذه الأطماع تصطدم هذه المرة بمصر،الجارة القوية لليبيا والتي سبق أن أكدت أن منطقة سرت-الجفرة خط أحمر.

والخميس، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،خلال لقائه، مشايخ وأعيان القبائل الليبية إن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي تهديد مباشر للأمن القومي المصري والليبي، وذلك بعد أن طالب البرلمان الليبي القاهرة هذا الأسبوع بالتدخل العسكري في الصراع.وأكد السيسي أنه "إذا تدخلت مصر في ليبيا ستغيّر المشهد العسكري بشكل سريعلدينا أقوى الجيوش في المنطقة وأفريقيا".

واعتبر أردوغان إن خطوات مصر في ليبيا ودعمها للجيش الوطني الليبي غير مشروعةوأضاف أردوغان في تصريحات صحفية الجمعة في إسطنبول ونقلتها وكالة انباء الأناضول الرسمية،إن بلاده ستواصل تحمل المسؤولية التي أخذتها على عاتقها في ليبيا، ولن تترك الأشقاء الليبيين لوحدهم.على حد زعمه.

تصريحات ردت عليها وزارة الخارجية المصرية،على لسان المتحدث باسم الوزارة، السفير أحمد حافظ، في بيان صدر عنه السبت،أبدى خلاله "اندهاشه من تصريحات بعض المسؤولين الأتراك عن مدى شرعية مطالبة جهات ليبية منتخبة ومجتمعية بدعم مصري في مواجهة إرهاب وتطرف يتم جلبه إلى ليبيا من سوريا، بعد أن تم نشره في سوريا عبر الحدود التركية السورية، وفي أرجاء مختلفة في المنطقة العربية".

وأكد الدبلوماسي المصري "رفض مصر التدخلات التركية السياسية والعسكرية في الشأن العربي، التي تفتقر إلى أي سند شرعي بل وتنتهك قرارات مجلس الأمن، سواء كان ذلك في العراق أو في سوريا أو في ليبيا"، مشددا على أن "الشعوب العربية تأبى أي مساعٍ أو أطماع لمن يريدون تسيير أمورهم لتحقيق مصالح وأهداف لا علاقة لهم بها".

ويعتمد النظام التركي على حكومة الوفاق لمحاولة شرعنة غزو ليبيا والبقاء فيها بشكل دائم وتثبيت حكم الإخوان والاستيلاء على الثروات الليبية ومنطقة المتوسط الغنية بالمحروقات.وبالرغم من المليارات التي نهبها النظام التركي خلال الأشهر الماضية عبر صفقات أسلحة واتفاقيات مشبوهة،فان الحقول النفطية تبقى المنطقة الأهم في مخططات أردوغان وأطماعه.وتشير التطورات المتسارعة الى امكانية مواجهة قريبة بين مصر وتركيا قد تكون حاسمة في المشهد الليبي خلال الفترة القادمة.