تطورات ميدانية حامية ومتسارعة يشهدها الميدان الليبي نجحت خلالها المليشيات المسلحة المدعومة من تركيا في السيطرة على عدد من مدن غرب العاصمة طرابلس، من أبرزها صرمان وصبراته والعجيلات إضافة واحتلالها قاعدة عقبة بن نافع الاستراتيجية.هذا التقدم السريع والمفاجئ جعل الأنظار تتجه نحو المرتزقة السوريين والعناصر الارهابية الذين تواصل تركيا نقلهم منذ عدة اشهر من الشمال السوري إلى ليبيا.

وأكد المرصد السوري لحقوف الانسان أن مرتزقة أردوغان من أبرز أسباب قلب موازين المعارك الليبية،وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن،إن نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، علموا من مصادر داخل الفصائل التي تتواجد في ليبيا، بأن مشاركة المقاتلين السوريين الموالين لأنقرة، في العمليات العسكرية غرب ليبيا، أحد أبرز الأسباب بقلب الموازين وترجيح كفة "حكومة الوفاق" هناك، ولا سيما بالسيطرة على قاعدة "الوطية" الجوية الاستراتيجية، التي قلبت الموازين بشكل كبير جدا.

وأضافت مصادر المرصد السوري، بأن "مرتزقة أردوغان" هم من يقودون المجموعات القتالية على الجبهات وخاصة الغربية، وذلك بعد تلقيهم تدريبات عسكرية في الأراضي التركية قبيل إرسالهم إلى ليبيا.وكان المرصد رصد مؤخرا، وصول دفعة جديدة تضم  مئات المقاتلين من الفصائل السورية الموالية لتركيا إلى ليبيا، وبذلك بلغ تعداد المجندين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، نحو 9600 "مرتزق" بينهم مجموعة غير سورية، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 3300 مجند.

ويثير انتشار المرتزقة في طرابلس مخاوف كبيرة مع تزايد وتيرة الجرائم والتي كان آخرها حادثة اختطاف فتاة لعائلة تقطن بمنطقة الكريمية بالعاصمة طرابلس بعد اقتحام منزلها.وقال مقرّر اللجنة الليبية لحقوق الإنسان أحمد حمزة في تصريح لـ"العربية.نت"، إن مسلحين ملثمين هاجموا يوم الثلاثاء، منزلا لعائلة تقطن بمنطقة الكريمية بالعاصمة طرابلس وقاموا بسرقة مبلغ مالي واختطاف ابنة العائلة البالغة من العمر 27 واقتيادها إلى وجهة غير معلومة، مضيفا إلى أن أخبارها انقطعت ولم يتم معرفة مصيرها إلى حد الآن، بينما كشفت وسائل إعلام محلية هويّة المسلحين وقالت إن من بينهم مرتزقة سوريين.

وأطلق ناشطون وسم #اختطاف_وصال الذي تصدر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، واتهم من خلاله المستخدمون حكومة السراج بالمتاجرة بالليبيات.وعبّر النائب بالبرلمان سعيد أمغيب، عن استغرابه من صمت أهالي طرابلس على الانتهاكات المتكررة للميليشيات والمرتزقة السوريين في العاصمة، وخاصة بعد اختطاف فتاة من داخل بيتها.

وقال أمغيب، في تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعد أن وصل الأمر إلى خطف النساء من البيوت لا أدري ماذا ينتظر أكثر من ذلك أهل وشباب طرابلس لكي يخرجوا على الميليشيات والمرتزقة السوريين".ومن جانبه، اعتبر الإعلامي أحمد المدني في تغريدة على صفحته بموقع "تويتر"، أنّ اختطاف وصال "وصمة عار على كل من يقف مع الأتراك ومرتزقتهم في طرابلس وزوارة والزاوية ومصراتة وغيرها.

في حين حمّل المدوّن محمد الجالي المسؤولية إلى حكومة الوفاق الوطني، قائلا: "وصال هي ضحية من ضحايا السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا الذين جلبوا المرتزق السوري والتركي إلى العاصمة طرابلس، فكم من وصال تم خطفها على أيدي هؤلاء ومن ساندهم مِن مَن اعتقدت بأنهم أبناء بلدها".

وارتكب المرتزقة السوريون القادمين من تركيا جملة من الجرائم أبرزها منتصف أبريل/ نيسان الماضي حيث هاجموا بدعم من الطيران التركي المسير سجونا محتجزا فيها عناصر وقيادات تنظيم داعش في مدينتي صرمان وصبراتة، وأطلقوا سراحهم.وفور دخول صبراتة، أقدمت المليشيات على تدمير المدينة وحرق مؤسساتها وعلى رأسها مراكز الشرطة وغرفة عمليات "محاربة تنظيم داعش".كما انتشرت جرائم الخطف والسرقة وتخريب معالم المدينة الأثرية والتعدي على المال الخاص والعام، وإعدامات ميدانية ضد عناصر الأمن ما يعد وفقا للقوانين الدولية جرائم حرب.

خطر المرتزقة والارهابيين الموالين لتركيا يتعدى حدود ليبيا ليتحول الى خطر اقليمي ودولي،وهو ما أكدته مجلة "دير شبيجل" الألمانية، السبت،حيث حذرت من أن الاحتلال التركي في ليبيا يمثل تهديدا مباشرا لأمن القارى الأوروبية. وأشارت المجلة، إلى أن هذا التسلل التركي لا يحمل في طياته انتهاكا للسيادة الليبية فقط، بل أنه يهدد أوروبا بشكل كبير، محذرة من أن "سيطرة رجب طيب أردوغان على مقاليد الأمور في ليبيا سيكون له تداعيات وخيمة.

وأوضحت أن "ليبيا نقطة انطلاق للاجئين الأفارقة نحو أوروبا، وأن تمكن أردوغان منها سيدفعه لابتزاز أوروبا بملف اللاجئين".وأضافت أن "تهور أردوغان قبل أشهر وفتحه الباب أمام اللاجئين للعبور إلى أوروبا انطلاقا من الأراضي التركية، يجعل سيناريو مماثل في ليبيا محتملا، ما يعد خطرا كبيرا على الأمن الأوروبي.".

المجلة الألمانية لفتت أيضاً إلى أن الأمر "لا يتوقف عن اللاجئين الأفارقة"، موضحة "الأوضاع الحياتية المتدهورة في المناطق الخاضعة لسيطرة فايز السراج، وخاصة العاصمة طرابلس، تفتح الباب أمام سعي الليبيين أنفسهم للهجرة لأوروبا".وتابعت: "مئات الآلاف الليبيين في طرابلس لا يرون أي أفق للمستقبل، حيث تدهورت الظروف المعيشية في الأشهر الأخيرة في ظل وجود الأتراك وحليفهم السراج.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدد أوروبا بأكبر مخاوفها حال سقوط حكومة الوفاق، حيث حذر من اشتعال موجة هجرة غير قانونية من ليبيا.وقال أردوغان في مقال كتبه في صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إن سقوط الوفاق يعني مواجهة أوروبا مجموعة جديدة من التهديدات الأمنية، داعيا الاتحاد الأوروبي للسير على خطاه ودعم حكومة الوفاق.

وتصاعدت وتيرة التحركات لوقف التهور التركي وآخرها التحركات الأمريكية حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، إلى وقف التدخل الأجنبي في ليبيا وضرورة التهدئة السريعة.وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جود دير،"أعرب الرئيس ترمب عن قلقه إزاء تفاقم التدخل الأجنبي في ليبيا وطالب بضرورة التهدئة السريعة.

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو،حث الجمعة، حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا على وقف إطلاق النار، منتقدا تدفق الأسلحة إلى ليبيا. وقالت وزارة الخارجية في بيان، إن بومبيو أجرى اتصالا هاتفيا بالسراج لـ"تأكيد معارضة واشنطن لاستمرار مستوى دخول الأسلحة والذخائر إلى ليبيا".

وفي وقت سابق الجمعة، طالب الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي رئيس البرلمان العربي بوقف فوري لإطلاق النار في ليبيا.وطالب السُّلمي في رسائل وجهها، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس ورئيس مجلس الأمن الدولي بإلزام مجلس الأمن الدولي كافة الأطراف المتصارعة في ليبيا بالوقف الفوري لإطلاق النار.وأشار إلى أن وقف إطلاق النار سيساهم في حماية المدنيين وتهيئة الأوضاع لاستئناف العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في ليبيا.

ويسعى أردوغان بشتى الطرق والوسائل الى مد نفوذ بلاده لنهب ثروات ليبيا،التي لم يتوانى في اعتبارها جزءا من ارث أجداده العثمانيين في مشهد كشف بوضوع الأطماع الاستعمارية البغيضة التي يسعى خلفها أردوغان وجماعته والتي تاتي بمساندة من جماعة "الاخوان" الذراع التخريبي لتركيا في ليبيا والمنطقة والتي تصاعدت اصوات قياداتها مؤخرا بضرورة تسليم ثروات ليبيا لأردوغان ثمنا لعدوانه على البلاد وقتل الليبيين.

ويمكن القول بأن مرتزقة أردوغان باتوا يمثلون خطرا جديدا يتهدد ليبيا ويتجاوزها ليتحول الى تهديد اقليمي ودولي شأنه شأن التنظيمات الارهابية على غرار "داعش" و"القاعدة"،بل ويمكن اعتبار خطرهم أكبر كونهم مدعومين من حكومة الوفاق التي تسيطر على مؤسسات الدولة في طرابلس.ويرى متابعون للشأن الليبي أن توحيد الصف الليبي بات ضروريا لمواجهة التدخلات الخارجية التي جعلت البلاد رهينة للفوضى والعنف منذ العام 2011.