عاد الحديث مجدداً في ليبيا عن الانتخابات كحلٍّ لانهاء الانقسام السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد، وعاد معه الحديث هذه المرة عن إعلان باريس، الذي صدر نهاية مايو/أيار الماضي، والذي تراجعت درجة الاهتمام به في خضم الأحداث السياسية والعسكرية الساخنة التي وقعت في الآونة الاخيرة.

تواصل ليبي تونسي مستمر

وأكد اللواء المتقاعد خليفة حفتر لوزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، الذي زاره يوم أمس في قاعدته العسكرية شرق البلاد، التزامه بإعلان باريس ومخرجاته المتمثلة في إجراء انتخابات عامة في ليبيا في موعده. وقال حفتر، بحسب إيجاز صحافي نشر اليوم على صفحة قيادة قواته، إنه ملتزم بالحل السياسي وانخراطه في تنفيذ مخرجات اجتماع باريس، مرحباً بالجهود السياسية التونسية الحريصة على عودة الاستقرار للبلاد. وتابع حفتر أنه أول المرحبين والداعين للانتخابات، بشرط أن تكون جهود الوصول إليها ليبية خالصة، دون تدخلات خارجية.

وحث الجهيناوي في ثالث زيارة يقوم بها إلى بنغازي كل الأطراف الليبية على الانخراط في جهود إعادة الإعمار، وحماية الوحدة والسيادة الوطنيين على كامل تراب البلاد، مشيرا إلى «ضرورة التوصل إلى حل ليبي داخلي وتوافقي تحت مظلة الأمم المتحدة»، مشددا على أن أي تسوية سياسية للأزمة الليبية «يجب أن تنبع من الليبيين وذلك تحت إشراف المنظمة الأممية».  كما أكد دعم بلاده لمساعي رئيس بعثة الأمم المتحدة غسان سلامة من أجل تنفيذ خريطة الطريق، التي أقرها مجلس الأمن الدولي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

إهتمام داخلي 

جاءت عودة التعاطي مجدداً من قبل حفتر مع مبادرة باريس، بعد أقل من يوم من إعلان حكومة الوفاق حرصها على إجراء الانتخابات في البلاد في موعدها المحدد، وفق المبادرة الفرنسية. وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس المجلس الرئاسي، محمد السلاك خلال مؤتمر صحافي عقده مساء  الإثنين، إن المسار الانتخابي كان على رأس مختلف القضايا السياسية التي تمت مناقشتها، ومعه إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

وفيما نقل السلاك تأكيد السراج على ضرورة تجاوز الليبيين لخلافاتهم السياسية، والتسامي عن الخصومات والعمل على إنهاء الانقسام السياسي، شدد على أن توحيد المؤسسات السيادية والإيفاء بالاستحقاقات والالتزامات وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية على قاعدة دستورية هو السبيل لإنقاذ البلاد، وأن الانتخابات ستجرى وفق موعدها المحدد في إعلان باريس.

وعلى صعيد مجلسي الدولة والنواب، وبعد إعلان مجلس النواب خلال جلسته أمس عن عزمه التصويت على قانون للاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد نهاية شهر يوليو/تموز الحالي، لتهيئة الوضع القانوني أمام الانتخابات المقبلة، أعلن المجلس الأعلى للدولة في طرابلس عن عقد رئيسه خالد المشري لقاءً ضمّ مختلف لجان المجلس.

وبحسب المكتب الإعلامي للمجلس، فإن المشري حدد مع أعضاء اللجان جدول أعمال الجلسة الرسمية المقبلة لمناقشةآليات اختيار اللجان المشتركة مع مجلس النواب، والمختصة بمناقشة المستجدات المتعلقة بقانون الاستفتاء على الدستور وقانون الانتخابات، وتضمن الإيجاز ترحيباً بالمبادرات الدولية، ومن بينها إعلان باريس. و اعتبر رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح أن مسألة الاستفتاء على الدستور ستكون «سدًا أمام إجراء الانتخابات نظرًا لضيق الوقت»، مشيرًا إلى أن نجاح العملية الانتخابية يتوقف على أربعة شروط أساسية.

وقال عماد السائح  إن "نجاح العملية الانتخابية يتوقف على أربعة شروط أساسية هي الاتفاق السياسي والإطار التشريعي للقوانين الانتخابية والتمويل وتأمين هذه العملية". وأضاف: "جرى تحقيق شرطين من الشروط وهما الاتفاق السياسي المتمثل في لقاء باريس وشرط التمويل". ورأى عماد السائح أن القانون والتشريع الانتخابي مسؤولان عن تأمين العملية الانتخابية بواقع من 70 إلى 80%، فإذا كانت هذه النسبة تخاطب الواقع الليبي والبيئة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فهذا القانون قادر على حماية و تأمين الانتخابات

وأشار  إلى أن المفوضية «تعتزم عقد اجتماع خلال الأسبوع الجاري لتوفير المعلومات التي تحتاج لها الجهات الفنية بغرض رسم خططها اللازمة لتأمين عملية الانتخابات. ولفت السائح إلى أنه في حال وجد خلل بالتشريع الانتخابي أو أثار الشكوك والمخاوف من أي طرف سياسي أو جهة معينة فسوف يكون ذلك مدعاة لإثارة الكثير من العنف وغيره من المساوئ التي من الممكن أن تجاري العملية الانتخابية.

تحركات دولية

دعا مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة المهدي المجربي، المجتمع الدولي إلى ضرورة حث الأطراف الليبية على إيجاد صيغة توافقية، والتأكيد على إجراء انتخابات تسبقها ترتيبات دستورية للخروج من الأزمة. أشار المجربي، إلى تواصل التدخلات الأجنبية السلبية في ليبيا والتي أسهمت في تفاقم الأوضاع وزرع روح الفتنة، مشددا على أن التدخلات الأجنبية مرفوض من قبل الليبيين، لأنهم يريدون التعامل مع العالم بناء على الاحترام المتبادل وفق القانون الدولي.


وعقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة أول أمس الإثنين جلسة لمناقشة الأوضاع في ليبيا، قد خلالها المبعوث الأممي غسان سلامة إحاطة عن الوضع في البلاد، مطالبا الدول الأعضاء بمجلس الأمن بالضغط على مجلس النواب للاضطلاع بمسؤوليته التاريخية وتحقيق هذا الهدف في التوقيت المناسب.