عندما التقينا محمد صديق اشرف  ( twitch)  لأول مرة وكان يؤدي عرضا راقصا لمجموعة اطفال ذهلنا من بديع عمله   فتوقفنا لنسأل كفريق صحفي لبوابة افريقيا الإخبارية عما يفعله هذا الفتى وما هو سر البهجة التي  غمر بها  جمهور الاطفال من متابعيه  .!

بادرنا محمد بعد العرض وسألناه هل ماكنت تؤديه هو (هيب هوب ) اجاب محمد طبعا (لا ).. لكني بدات بالهيب هوب وقبله وفي الطفولة كنت اقلد مايكل جاكسون  ..(كان الفتى خجولا لكنه لم يخفي ضحكته) .

ثم استمر قائلا أما عن ( الهيب هوب ) والذي كانت منه قفزتي الاولى لعالم الفن  الشاسع ، فانا هنا لست اسجل أي نقطة ضده فانا  اعتبره امتداد لموسيقى السود في صراعهم لاجل نيل وثيقة حرية الحقوق في امريكا،   والتي عبرت عنه موسيقى (البلوز) في الخمسينات  بداية وتوج كل ذلك النضال  بميثاق اعلان الحريات،  لكن ظهور( الهيب هوب ) في التسعينيات  كان ضرورة لأن الذين اطلقوه وتعاملوا معه كموسيقى جادة واظهروه للعالم ليسو مثلما  يتوهمهم العالم متمردين ورافضين وضد القانون بل ورجال عصابات.. لا ليس هكذا الامر أو كما تصوره الصحافة الامريكية  ربما حدثت أخطاء احيانا لكن كبارهم وافضل شعراءهم وراقصيهم هم أصحاب رسالة سامية فمن خلال موسيقاهم ورقصاتهم التعبيرية كانوا يوجهون سؤال للسود بامريكا ولكل الحكومات التي تتالت على حكم امريكا منذ اعلان ذاك الميثاق ، سؤال شرعي ويفيد معناه (بأننا هل نحن السود افريكا بامريكا فعلا استكملنا نضالنا وتحررنا من العنصرية ونلنا كافة حقوقنا؟ وهل انتهت العنصرية من امريكا ام لا   ؟؟).. ويواصل محمد: كانت إجابة الحكومات الامريكية قاطعة وهي نعم اعطيناكم حريتكم و(اقفل  الملف)  ولا مزيد   ولهذا جاءت بشاعة ما طرح حول الهيب هوب في عالم الإعلام  لكننا ها نحن نشهد رغم ذلك كل عام ازدياد شعبيته بل واختراقه للمجال الامريكي ليصير موسيقى كل المناضلين في العالم .


-بعد هذا السرد الذي يدل على وعي وثقافة، كان السؤال عن نوع هذا العرض الذي قدمه؟

أجاب (محمد اشرف)  ماقدمته هو عرض لرقص يسمى (بنتومايم) وهو عبارة عن لوحات تعبيرية راقصة بل انه أحيانا يصل بالمستوى ليكون شبه  أداء ممنهج أكثر منه رقص وأداء  لمجموعة   حركات.. واستطرد.. أنا في عروضي أركز علي الفئات  العمريه التي يتكون منها جمهورالعرض فمثلا لو كانوا  اطفال   اختار موسيقى  كوميدية  مرحة أخاطبهم بها  من خلال الرقص والمتابعة  وأجعلها تصل اليهم لوحات مرحة ..للعائلات أختار طرق أخرى سواء نوع الموسيقى أو نوع اللوحة الراقصة ..  للشباب نوع آخر أيضا .. بالنسبة لي همي الحقيقي أن أصل للمتلقي وأجعله  يتفاعل معي جسديا وروحيا  وقدر ما أمكن أصل لتخليصه من الطاقه السلبيه وأعطيه طاقه إيجابيه، وهذا أجمل ما في لوحات ال (بنتومايم) خاصة انها تعطيني الفرصة لابتكار أساليبي الخاصة بالرقص، ومن كل هذا أتحصل شخصيا عما يرضيني عن نفسي وعن عملي .

-نعلم أن ظهورك بالبداية كان بعروض الشارع كيف كان صعودك لركح المسرح؟ كيف كانت البداية؟

طبعا أنا لم اختر هذا نهائيا  بل لم يخطر ببالي حتى، فقد كان خجلي كبير وايضا كانت تتملكني  مشاعر غريبة  وشعور برهبة من هيبة الوقوف على المسرح، لكن شجعني الكثير من اصدقائي، عندما لاحظوا نجاحاتي بالشوارع فوقفوا معي ودعموني في كل عروضي الأولى، ومن على المسرح ومع تلقي أول النجاحات بدأت بالتدريج أظهر على السطح واعرف كأسم. 

وعن العروض قال محمد، إن لم تكن بكثرة فما أقدمه من عروض لم يسبق أن قدمه أحدهم  على أرض ليبية وعلى ركح لكن بدأت تاتيني بعض العروض والحمد لله  وقد أسهم في هذا أن أول عروضي الفردية، كان لي عرض خاص خيري وكان الحضور أغلبهم مخرجين وممثلين وإعلاميين  وأسهم هذا كثيرا في نجاحاتي اللاحقة، فدعم هذه الشريحة لوحده يعد كشهادة تقدير ومفتاح لباب أوسع بمجال الفن .

-وهنا سألنا محمد وماذا عن عالم التقنية كيف استفدت منه  فأجاب محمد؟

في أحد العروض وأذكر كانت على  مسرح (جمال الدين الميلادي) وكان عندي عرض حينها، بعد انتهاء عرضي تقدم للعرض الذي بعدي  شاب كان رائعا ومذهلا في أدائه لفقرته  هو الآخر، وعن لقائنا هذا نتج تشكيلنا لفريق عرض واحد ومباشرة لم نفكر في العروض المباشرة بمقدار عروضنا المصورة، وتقديمها منصة مواقع التواصل الاجتماعي،  وهكذا كان فقد فتحنا  صفحة على الفيس بوك نشرنا خلالها عروضنا التي عملنا تقنيا على تصويرها بافضل صورة والحمد لله فقد لاقت الصفحة إقبالا  كبيرا وحصدت جمهور غفير من المعجبين .


-أخيرا سألنا محمد عن عروض قدمها في تونس، وما ردود الفعل عنها؟

نعم جأني اتصال من المخرج "ابراهيم المرغني"، قال لي بالحرف الواحد (محمد أنا عندي مسرحية خارج ليبيا نبيك فيها) افرحني هذا الاتصال كثيرا فمنذ الانطلاق كنت أرغب أن أقدم عروضي الراقصة ضمن عرض مسرحي درامي أو تراجيدي  وهذا ماحدث فعلا، حيث كانت المسرحية عرض تجريبي لمسرحية (الميت الحي) للمرحوم المخرج الكبير(محمد العلاقي) وكانت من اخراج وروية (ابراهيم المرغني) وعرضت بالمركب الثقافي بــ ( تطاوين) بالجنوب التونسي   وكان دوري عبارة عن ايحاءات تعبيرية   صامتة أو حوار بلغة الجسد (تحديدا دور الميت الحي المكتوب بنص المرحوم محمد العلاقي)  ونال أدائي استحسان الجمهور التونسي وتابعه إعلامه  كما تحصلت بهذا العرض على أول جائزة دولية لي وكان هذا تتويجا لمسيرة بدأتها منذ الطفولة وأكد لي هذا التقدير أن كل  ما فعلته  منذ أن قدمت عروضي الراقصة بالشوارع ولوحدي كان كل هذا عبارة عن خطوات في  الطريق الفني الصحيح.