أدى إعلان المشير خليفة حفتر عن إستئناف ضخ النفط، الى نشوب صراع في غرب البلاد تتزعمه القوى المتحالفة مع الأتراك ضد أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي بسبب توصله الى الاتفاق المعلن مع قيادة الجيش والذي تم بعد مفاوضات سرية جرت برعاية روسيا
وكانت  جلسات حوار تمت مؤخرا في موسكو بين معيتيق ووفدين من قيادة الجيش ومجلس القبائل في موسكو بهدف التوصل الى حل لملف النفط الذي تم إغلاق حقوله وموانيه منذ منتصف يناير الماضي ، الى أن تم الى وضع المبادىء العامة للإتفاق الذي كان من المفترض أن يتم التوقيع عليه أول أمس الجمعة بمدينة سرت ، لكن الميلشيات الموالية لتركيا منعت معيتيق من الذهاب الى سرت
ويمتلك معيتيق علاقات جيدة مع موسكو التي إستقبلته على رأس وفد هام في يونيو الماضي بعد أن اعتذرت عن استقبال رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ، وعندما عاد الى طرابلس كان أول من أنذر الميلشيات من محاولات الإقتراب من مدينة سرت ما عرضه الى إنتقادات واسعة من أمراء الحرب في مصراتة
وأكدت مصادر من داخل العاصمة الليبية طرابلس أن عدد من قيادات المجلس الرئاسي وميلشيات مصراتة المرتبطة بتركيا والتابعة لقوى الإسلام السياسي رأت في الاتفاق الحاصل انتصارا للجيش ومناصريه ، ويقطع أمامها طريق التصرف الكامل في إيرادات النفط التي يطمح النظام التركي الى استغلالها في إنعاش اقتصاده المنهار
ومنعت ميلشيات مسلحة تابعة لمدينة مصراتة أول أمس الجمعة ، أحمد معيتيق الذي ينحدر من نفس المدينة ، من عقد مؤتمر صحفي لعرض مبادئ الاتفاق ، وللحديث عن الأطراف التي منعته من الذهاب الى سرت للإمضاء على وثيقة التفاهمات مع وفد من قيادة الجيش المفوض من قبل مجلس القبائل
وبحسب مصدر أمني من مدينة مصراتة فإن نحو 20 مسلحًا أحاطوا بمكان عقد المؤتمر واقتحم نحو 5 منهم قاعة المؤتمر ودخلوا في نقاش حاد مع مكتب معيتيق وحراساته الشخصية وكذلك النائب معيتيق.
ورفض أسامة الجويلي رئيس المخابرات التابعة لحكومة الوفاق والذي عينه السراج في الأول من سبتمبر الجاري بعد أن كان آمرا للمنطقة العسكرية الغربية ، الاتفاق المبرم بشأن النفط بين الجيش و معيتيق ، وقال من على شاشة قناة « ليبيا الأحرار » الممولة من قطر وتبث برامجها من تركيا : “ننتظر موقفا من أعضاء الرئاسي والنواب بشأن الاتفاق المزعوم”. وأضاف، “نعلن بجلاء للداخل والخارج بأن هذه المهازل لن تمر وأي اتفاق غير معلن سيكون مصيره الفشل.” وفق تعبيره
كما أبدى طه حديد، الناطق باسم ما تسمى “قوة حماية وتأمين سرت” التابعة لحكومة الوفاق، رفضه الاتفاق الذي تم بموجبه استئناف إنتاج وتصدير النفط، معتبرا أن معيتيق ذهب للمفاوضات دون علم فائز السراج والميلشيات
وبدورها ، قالت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان وقعها رئيسها مصطفى صنع الله ، ‏ إن” أمام محاولات البعض إجراء مباحثات توصف بالسرية وبخلاف الثوابت المُعلن عنها ، فإننا نتعهد أن نكون صخرة صماء في وجه هذه الجهود العبثية، والتي لا يمكن وصفها إلا بقفزة في الهواء لا تهدف إلا لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة ولن نسمح مرة أخرى باستخدام النفط “ورقة مساومة ” في أي مباحثات سرية كانت أو علنية دون أن تتضمن شروط واضحة ولمصلحة الحفاظ على المنشآت النفطية”. وفق نص الييان
ويرى المراقبون أن عملية التجييش ضد الإتفاق من قبل القوى المرتبطة بالنظام التركي في غرب البلاد ، تأتي في ظل ما إعتبروه نجاحا لقيادة الجيش وكذلك للنائب الأول للمجلس الرئاسي أحمد معيتيق الذي بدأ يظهر في المشهد كرجل سلام ينافس وزير الداخلية المفوض فتحي باشا على تمثيل مصراتة في السلطة الجديدة المنتظر تشكيلها في أكتوبر القادم
وقال الناطق باسم القائد العام للجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري أن جميع الملفات وضعت على طاولة المفاوضات مع المحاور الليبي الليبي، حيث تم التحاور مع معيتيق بصفته نائبا أول لرئيس المجلس الرئاسي ، وأضاف أن القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية مثلت  إقليمي برقة وفزان، ومثل أحمد معيتق المنطقة الغربية، لافتًا إلى أن الأخير كان إيجابيا وصاحب رؤية وتطلعات حتى للأزمة الليبية بصفة عامة.
وتابع أن القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية ذهبت للحوار مع أحمد معيتق، ووصلت للاتفاق الذي تمخض عنه فتح الموانئ وإعادة الإنتاج في الحقول النفطية، مؤكدًا أنه تركيا لم ولن يسمح لها بالتدخل في هذا الملف على الإطلاق.
والجمعة أعلن معيتيق الوصول إلى اتفاق على إعادة فتح النفط وتشكيل لجنة فنية مشتركة تشرف على إيرادات النفط وتوزيعها العادل.
وأوضح معيتيق، في بيان، أن لجنة مشتركة ستنبثق عن الاتفاق وتتولى الإشراف على توزيع الإيرادات النفطية، بالإضافة إلى معالجة الدين العام لكل من الطرفين واستمرار اللجنة في الأعمال المناطة بها إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة البلاد.
كما أعلنت قيادة الجيش  أنها أجرت حوارًا فعالًا داخل ليبيا، وقد تفاعل معه بشكل ايجابي وشارك به أحمد معيتيق، وإعتبرت أن نتيجة الحوار كانت التوافق بين المتحاورين على توزيع عادل لعائدات النفط الليبي بشكل يخدم جميع الليبيين المقيمين في المناطق الشرقية والغربية والجنوبية على حد سواء.
والى ذلك. رحبت بعض الأطراف الرافضة لهيمنة الإخوان والجانب التركي على القرار السياسي بطرابلس بالإتفاق ، وأعرب حسن شابة الناشط السياسي الذي كان ضمن وفد مصراتة الى القاهرة الأسبوع الماضي ، عن دعمه لموقف أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي، من الاتفاق مع القيادة العامة على فتح النفط وفق عدد من الشروط والالتزامات
وقال شابة «حفتر يأمر بفتح النفط رغم ضجيج الإخوان وقنواتهم وأذنابهم وحملات الحمقى ومعدومي التفكير في الوطن، ومأساة المواطن اليومية التي يعيشها » وأضاف : « حفتر يقول لمعيتيق وإن لم تحضر إلى سرت ومنعك الإخوان وأعوانهم، فإننا نفي بالعهد والوعد وعليكم أن تكملوا شروط الاتفاق، وألا يستفيد الإخوان وأعوانهم من دخل الشعب! عاشت ليبيا وانتصرت إرادة المواطن على جنود أردوغان والإخوان »
ورأى القيادي المصراتي أن معيتيق بموقفه هذا أضاع فرصة وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا في تسويق نفسه دوليا،
وإعتبر رئيس تكتل إحياء ليبيا عارف النايض أن الاتفاق شجاع وتم بكامل تفاصيله واشتراطاته وآلياته كما أنه يأتي وليبيا والليبيون في أمس الحاجة إلى تدفق إيرادات الدولة إلى خدمة الوطن والمواطن.
وأكد على أن هذا الاتفاق يعالج الأسباب العميقة للحروب والتوترات، ويفتح صفحة جديدة من الإنصاف لكل المناطق والمدن والقرى والمواطنين ،مشيرا الى أن أول خطوات بناء الدولة الليبية الموحدة هي الإنصاف والتوزيع العادل لمقدرات ليبيا على كل الليبيين، ونبذ الاستكبار والاستحواذ والغلبة والفساد.
وقالت القيادة العامة للجيش الوطني في بيان لها الجمعة، “إنه وفي نهاية المناقشات تم التوافق على صيغة  اتفاق حاز على موافقة جميع الأطراف، وتم التوقيع على هذا الاتفاق وتم طرحه للتصديق، واليوم في الثامن عشر من سبتمبر كان من المقرر إجراء أول لقاء عمل للجنة برئاسة أحمد معيتيق والقيادة العامة للقوات المسلحة أمنت لجميع المشاركين مساحة عمل آمنة في مدينة سرت حيث تتم المفاوضات، ولكن وعلى ضوء هذه الانجازات قامت “ميليشيات الإخوان المسلمين في طرابلس بقيادة خالد المشري” بالضغط على أحمد معيتيق في محاولاتها المتكررة في خرق عمل اللجنة وأجبرته على إلغاء زيارته لمدينة سرت”، بحسب تعبيرها.